لقاء أعضاء مجلس الإدارة بالسيد وزير الخارجية
ديسمبر 13, 2020ندوة السيد/ نصر الدين المفرح أحمد وزير الشئون الدينية والأوقاف بالسودان
ديسمبر 23, 2020
سفير د صلاح حليمه
نائب رئيس المجلس المصرى للشئون الافريقية
ليس من قبيل المبالغة ، أن يعد يوم الرابع عشر من ديسمبر 2020 يوما مشهودا فى تاريخ شعب ودولة السودان الشقيق ، وهو اليوم الذى تم فيه إعلان الولايات المتحدة الامريكية رسميا رفع أو سحب أسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، وهى الخطوة التى لقيت ترحيبا كبيرا سواء محليا بالسودان على المستويين الشعبى والرسمى ، سواء إقليميا ودوليا من جانب دول ومنظمات بالمجتمع الدولى ، من أبرزها مصر ودول عربية وشركاء إقليميين ودوليين أسهمت جميعا فى دعم حكومة السودان التى تشكلت عقب ثورته المجيدة المباركة فى تحركها النشط والفاعل لتحقيق هذا الهدف فى إطار الثلاثية المبدئية للثورة حرية سلام عدالة .
كان قد تم إدراج السودان منذ عام 1993 على تلك القائمة ، أى إلى ما يقرب من ثلاثة عقود الا قليلا ، شهد السودان خلالها وعانى بشدة على المستوى الداخلى من اوضاع سياسية متأزمة ، وإقتصادية متدهورة ، وأمنية سيئة ، وعلى المستوى الخارجى علاقات خارجية خاصة مع دول بالجوار متوترة ، عقوبات إقتصادية مرهقة ، وديون خارجية متراكمة بلغت 60 مليار دولار ، وحقوق إنسانية مهدرة بملف متضخم بجنيف ، وحروب أهلية منتشره فى ولايات عديدة بالسودان ، وذلك كله كميراث ثقيل ، هو فى الاصل نتاج نظام سياسى ديكتاتورى إستبدادى فرض على البلاد منذ عام 1989 بانقلاب عسكرى ، يستند لحكم فرد أو قلة ذو توجهات سياسية اسلامية متطرفة فى إرتباط وثيق بالحركة الاسلامية وفى مرحلة لاحقة بالمحور الثلاثى السئ السمعة ( ايران / تركيا / قطر ) من حيث دعمه للارهاب والتنظيمات الارهابية ، والتدخل فى الشئون الداخلية ، مع السعى نحو الهيمنة والسيطرة إقليميا على دول المنطقة مهددا الامن والاستقرار بهم .
جاء قرار إدراج السودان على قائمة الدول الراعية للارهاب فى الاطار المتقدم ، على خلفية فتح البشير ابواب السودان فى التسعينات وتحديدا عام 1991 لاسامة بن لادن الذى اقام آنذاك مركزا باسمه فى الخرطوم ومعسكرات تدريب ، ومنه إمتد نشاطه للصومال وإنتقل اليها لفتره ، كما كان للسودان عام 1998 دور فى تفجير سفاراتى الولايات المتحدة فى كل من كينيا وتانزانيا فى توقيت واحد ، وايضا فى عملية تخريبية إنتحارية للمدمرة الامريكية يو اس اس كول عام 2000 بميناء عدن ، وفضلا عن ذلك كله هناك شكوك غير مؤكده بعد ، حول دور للسودان فى هجمات الحادى عشر من سبتمبر، كما يؤكد الجانبان الامريكى والاسرائيلى أن السودان فى عهد البشير كان بمثابة قناة لامداد منظمات متطرفة بالاسلحة الايرانية خاصة فى قطاع غزة ، وهو الامر الذى قد نجد تفسيره فى تدمير مصنع قرب الخرطوم قيل آنذاك أنه مصنع أدوية بينما تردد أنه مصنع إيرانى للاسلحة ، وأيضا ما تردد عن استهداف إسرائيل لسيارات أو أرتال لعربيات دفع رباعى بصواريخ من البحر الاحمر أوطائرات مسيرة تحمل اسلحة ومعدات عسكرية لتلك التنظيمات .
وتشير التقديرات أن السودان قد تكبد خسائر فادحة فى ظل نظام البشير من جراء توجهاته وممارساته التى وضعته على قائمة الدول الراعية للارهاب ، والتى تقدر بحوالى 300 مليار دولار ، بجانب خسائر تقدر أيضا بحوالى 300 مليار دولار بسبب الحرب الاهلية التى جرت مع جنوب السودان حتى تم انفصاله واستقلاله عام 2011 .كما تحمل السودان حاليا 335 مليون دولار تعويضات لاسر ضحايا تفجير سفارتى الولايات المتحدة الامريكية فى كينيا وتانزانيا .هذا وإذا كان قد تم رفع السودان من القائمة بشكل رسمى على نحو ستتغير معه وضعيته على المستوى الداخلى والاقليمى والدولى كما سنرى ، تبقى مشكلة منح الكونجرس الحصانه القانونية الكامله ( الحصانة السيادية ) للسودان ضد أى هجمات إرهابية فى الماضى يمكن أن تكون محل تقاضى على نحو تفرض معه قيودا على مدى إستجابة الجهات الاستثمارية التوجه نحو السودان .
لقد جاءت خطوة رفع السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب بعد مراجعة بالكونجرس استمرت 45 يوما من تاريخ اعلان ترامب أنه ينوى إتخاذ هذه الخطوة ،وهو الامر الذى تواكب معه وربما كمقابل سياسى الاعلان عن إعتزام اسرائيل والسودان تطبيع العلاقات بينهما ، إذ أن ادراج السودان على القائمة ـ كما فى العرض السابق ـ إرتبط بدور للسودان فى أنشطة إرهابية فى إتصال بدورمحورى إيرانى بتلك الانشطة موجه ضد أسرائيل الولايات المتحدة .
لا شك أن رفع السودان من القائمة وتوفير الحصانه القانونية له ، سيدعم فرص التحول الديمقراطى فى السودان ويؤكد على غحترام حقوق الانسان وصيانتها عبر المرحلة الانتقالية السلمية ، وسيجعل من السودان دولة تنشد تعزيز الامن والاستقرار داخليا وفى محيطها الاقليمى والدولى للبناء على ما تحقق حتى الآن ، وسيفتح آفاقا رحبة لعملية الاصلاح الاقتصادى والتطوير والتحديث ، ولاسقاط الديون المتراكمة ، ورفع العقوبات بشكل نهائى ، وتوفير مساعدات ودعم المؤسسات المالية الاقليمية والدولية للاقتصاد السودانى ، فضلا عن اقبال القطاع الخاص المحلى والاقليمى والدولى للاستثمار فى القطاعات الانتاجية السودانية الغنية بالموارد والثروات الطبيعية العديدة .
وغنى عن البيان أن دور مصرى متعاظم ومتنامى فى السودان فى هذه المرحلة منشود ومطلوب ، وذلك بتواصل دعم السودان فى جميع المجالات وخاصة عبرتنشيط الحركة التجارية بين الجانبين وإنشاء مناطق لوجيستية ، ومضاعفة حجم الاستثمارات المصرية فى قطاعات إنتاجية حيوية بما فى ذلك تشجيع القطاع الخاص المصرى على زيادة أنشطته الاستثمارية فى تلك القطاعات ، خاصة وأن ما تم إنجازه فى مجال البنية التحتية بين البلدين يعزز من فرص هذا الدور لما فيه المصالح المشتركة للجانبين ، خاصة إذا تم تفعيل الحريات الاربع على النحو المنشود ، وإستثمار إنطلاق المنطقة الحرة القارية الافريقية بما تحقق فى مجال البنية التحتية والقطاعات الانتاجية .