لقاء افتراضى مع السيد السفير/ ماجد عبد الفتاح الممثل الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة بنيويورك، حول معالجة الأمم المتحدة لملف الحرب في أوكرانيا، والتحرك الفلسطيني للحصول على العضوية الكاملة للأمم المتحدة
November 15, 2022ينعى المجلس بمزيد من الحزن والأسى وفاة السيد السفير / سيد ابو زيد عمر عضو مجلس الادارة
November 27, 2022
بتاريخ 21 نوفمبر 2022، نظم المجلس حوار مائدة مستديرة حول النتائج المحتملة لانتخابات التجديد النصفى للكونجرس الأمريكى التى جرت فى 8 نوفمبر 2022 على توجهات إدارة بايدن تجاه منطقة الشرق الأوسط ومصر، تحدث فيه السفير/ محمد توفيق، وأ./ محمد قاسم، عضوا المجلس، فيما شارك في النقاش السفراء/ منير زهران رئيس المجلس، عزت سعد مدير المجلس، جيلان علام، رخا حسن، يوسف الشرقاوى، علاء الحديدى، عبد الرحمن صلاح، محمد منير، عادل السالوسى، ود./ يسرى أبو شادى، د./ أحمد عبد الحافظ، وأ./ أحمد أبو شادى.
وقد تطرق اللقاء إلى ما يلى بصفة خاصة:
-
فى إطار عرضه لبعض الملاحظات العامة حول الانتخابات الأمريكية والإطار العام الذى تدور فيه، وكذا تداعياتها المختلفة، استهل السفير/ محمد توفيق حديثه بالقول بأن النظام الحزبى فى الولايات المتحدة متوازن جدًا، ويهيمن عليه – مع ذلك – حزبان كبيران (الديموقراطى والجمهورى)، رغم وجود أحزاب أخرى، حيث تتم صياغة القواعد وتقسيم الدوائر الانتخابية بشكل مقصود لإثبات هيمنة هذين الحزبين واستمرارها، ومنع دخول أو هيمنة الأحزاب الأخرى. فى سياقٍ متصل، تلعب الآلة الإعلامية الأمريكية دورًا كبيرًا فى هذه العملية، فيما يُعرَف باسم “التأطير – Framing”، أى وضع المتلقى فى إطار ذهنى معين لتوصيله لنتيجة معينة. وبينما خسر الديموقراطيون مجلس النواب فى هذه الانتخابات، إلا أن الإعلام الخاص بهم أعطى انطباعًا بأنهم حققوا مكاسب جيدة، وأن الجمهوريين لم يحققوا نتائج كبيرة، وفشلوا فى تحقيق الموجة الحمراء التى كانوا يروِّجون لها بشدة قبيل العملية الانتخابية. هذا، ويمكن القول بأن كوْن أغلب قضاة المحكمة العليا الفيدرالية ديموقراطيين، من شأنه تحقيق نوع من التوازن فى الداخل الأمريكى، خاصة وأن دور المحكمة يُحدِث فارقًا كبيرًا، لاسيَّما فى القضايا الاجتماعية التى تشغل شرائح واسعة من المجتمع الأمريكى.
-
لا بد من الإشارة فى هذا السياق إلى تأثير قضية “الإجهاض” فى انتخابات التجديد النصفى، باعتبارها إحدى اهم القضايا المطروحة حاليًا على الساحة الأمريكية. فرغم وجود عوامل مؤثرة على موازين القوى في الانتخابات الأخيرة، مثل أداء إدارة بايدن، والتضخم المالي والركود الاقتصادي، إلا أنه لم تكن هناك قضية قلبت المعركة على الكونجرس بشكل مفاجئ مثل “الإجهاض”. بل وبعد أشهر من توقعات بخسائر كبيرة، امتلأ الحزب الديموقراطي بالتفاؤل بأن انتخابات التجديد النصفي يمكن أن تسفر عن معركة أكثر تنافسية، من خلال تسليط الضوء على تهديد الحزب الجمهوري لحق الإجهاض في الولايات المتحدة. بل إن استطلاعات الرأي قد أظهرت أن فجوة الحماس بين الناخبين الديمقراطيين والجمهوريين، تقلّصت منذ حكم المحكمة العليا الأمريكية في يونيو الماضي بإلغاء ذلك الحق. الأمر الذى ظهر بشدة فى الانتخابات الأخيرة، حيث أن قرار المحكمة أسفر عن عملية تحفيز للقاعدة الديموقراطية للمشاركة فى العملية الانتخابية.
-
يمكن اختصار نتائج تلك الانتخابات فى نقطتين:
الأولى: أن ترامب لم يستطع بسط سيطرته على الحزب الجمهورى، نظرًا لأشخاص المرشحين الجمهوريين الذين أيَّدهم ترامب فى العملية الانتخابية، إلى حد القول بأن الانتخابات الرئاسية القادمة ستشهد صراعًا حقيقيًا ضد ترامب داخل الحزب الجمهورى.
الثانية: أن الحزبين الديموقراطى والجمهورى سيكونان متواجدين بقوة فى انتخابات الرئاسة المقبلة، وأن الحملة الانتخابية الخاصة بها بدأت منذ إعلان ترامب الترشح لها، هذا مع ملاحظة أن المشكلات الصحية التى تعترى بايدن ترجَّح أنه لن يترشح لولاية ثانية، وأن الأسابيع المقبلة ربما ستشهد الدفع بنائبة الرئيس كامالا هاريس لخوض تلك الانتخابات.
-
من جهةٍ أخرى، وبشأن التداعيات الدولية لتلك الانتخابات، وفى إطار التفريق بين السياسات المرتبطة بإدارة الرئيس الأمريكى، أيًا كان، وتلك المرتبطة بالمؤسسة الأمريكية إجمالاً، يتبيَّن وجود سياسات مؤسسية ظهرت بوضوح فى استراتيجية الأمن القومى التى أعلنها الرئيس بايدن فى أكتوبر 2022، وتردَّد صداها بقوة على مدى العِقد الماضى. وتتضمَّن هذه الاستراتيجية عناصر أهمها: أن النظام الدولى الذى بدأ بعد الحرب العالمية الثانية انتهى تقريبًا، وأنه سيتم تشكيل نظام دولى جديد خلال السنوات القادمة، تلعب فيه الصين دورًا كبيرًا. حيث تُعد الصين، حسب الوثيقة، المنافس الوحيد على المستوى الدولى الذى ينوى إعادة رسم النظام الدولى كليًا، ولديه القدرات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، للقيام بذلك. ويزيد من تهديد ذلك امتلاك بكين طموحات كبيرة فى مناطق النفوذ التقليدية للولايات المتحدة، وتحديدًا المحيطين الهادئ والهندى. ومع ذلك، لابد من الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لن تفصل بين الصين وروسيا، حيث تنظر إليهما على أنهما كتلة واحدة يجب إضعافها. فى سياق متصل، تشير الاستراتيجية إلى أن الصراع الراهن ليس على المصالح الاقتصادية فحسب، لكنه صراع أيديولوجى بالأساس؛ بين الديموقراطية والسلطوية. وبالتالى، سيحدث تأطير لذلك، فى سياق محاولة واشنطن إيجاد نظام دولى جديد ذى شكلٍ جديد للعولمة، قد يكون على غرار نظام الاحتواء أو نظام الحرب الباردة أو غيرهما. والمهم فى هذا الصدد التأكيد على أن الاستراتيجية تقر صراحةً أو ضمنًا بأن النظام الأحادى القطب قد انتهى، وأننا تجاه قطبية متعددة الأطراف. بالمثل، تنطوى الاستراتيجية على إشارة ضمنية إلى نهاية توجه الولايات المتحدة لتغيير أنظمة سياسية بهدف فرض الديموقراطية، وذلك بتمييزها بين الدول السلطوية التى تحترم القواعد الديموقراطية العامة، وغيرها من الدول السلطوية. وهو تمييز وُضِع للحفاظ على علاقات واشنطن بدول الخليج تحديدًا.
-
بشأن منطقة الشرق الأوسط، يُلاحَظ أن الاستراتيجية الأمريكية تدور بالأساس حول إيران، باعتبارها هى التى تهدد مصالح واشنطن فى المنطقة. ومع ذلك، يجوز الادعاء بأنه ليس لدى كلٍ من واشنطن وطهران استعجال فى استئناف المفاوضات، بفعل القضايا الدولية الحرجة التى تحوز الأولوية مثل أزمة الطاقة، والأزمة الأوكرانية، ناهيك عن المظاهرات الجارية التى تجتاح المدن الإيرانية. من جهة أخرى، فإن سياسات واشنطن تجاه سوريا والعراق واليمن لا تعدو أن تكون سياسات تهدئة وتسكين، ولن يتغير موقفها إزائها إلا إذا حاولت روسيا والصين تعزيز انخراطهما فيها.
-
بالنسبة لمصر، أشار السفير/ توفيق إلى أن بنية العلاقات المصرية / الأمريكية تعانى من إشكالية حاليًا، نتيجة التغيرات الحادة التى اعترت البيئة الدولية، فضلاً عن اتساع دوائر الاهتمام المصرية، حتى أصبح التعاون العسكرى الذى يُعد أساس العلاقات الثنائية محدودًا برؤية مختلفة تمامًا عمَّا مضى، بحيث أنها لا تستطيع الاعتماد الكامل على احتياجاتها الدفاعية من الولايات المتحدة، خاصة وأن نوعية الأسلحة التى أصبحت مصر فى حاجة إليها اليوم لن توفرها لها واشنطن. وهذه مسألة تمثل فى حد ذاتها إشكالية بالنسبة لمصر فى النظام الدولى الجديد، من حيث أنه يجب عليها تعزيز التنوع والانفتاح على كافة الدول التى توفر لها ما يؤمن مصالحها، بينما تضمن فى ذات الوقت ألا تضعها واشنطن فى خانة “مع أو ضد”. فى سياقٍ متصل، وارتباطًا بالنظام الدولى الجديد، يجب على الدولة المصرية صياغة رؤية مستقبلية لتعظيم الاستفادة من عملية إعادة التشكيل الاقتصادى فى شكل جديد للعولمة، وذلك على غرار الاستفادة التى حققتها مصر فى مجال الطاقة، عبر الاستراتيجية التى وضعتها لهذا الغرض على مدى السنوات الماضية.
-
من جهةٍ أخرى، تجدر الإشارة إلى ما يمكن تسميته بـ “الكتلة الممتنعة”، التى ظهرت بشدة مؤخرًا فى سياق التصويت على قرارات الأمم المتحدة، ارتباطًا بالأزمة الأوكرانية، وهى كتلة تبرُز الهند كقائدة لها، سواء كان ذلك بشكل مؤسسى أو براجماتى، والتى من المتوقع أن تلعب دورًا مستقبلاً، لأن الثقل الاقتصادى لهذه الدول مختلف تمامًا عن أيام الحرب الباردة. ومن ثمَّ، على مصر النظر فى كيفية التعامل مستقبلاً مع مثل هذه الكيانات، خاصة فى ظل التحديات المتواترة التى تضرب البيئة الدولية باستمرار.
-
من جانبه، أشار أ./ محمد قاسم رجل الأعمال إلى أن الحزبين الديموقراطى والجمهورى فشلا فى تحقيق ما يمكن اعتباره انتصاراً ساحقًا فى عملية الانتخابات الأخيرة، مؤكدًا فشل عملية التأطير السابق الإشارة إليها. وأضاف أن هذا الفشل يأتى فى مرحلة تاريخية فاصلة، ينهار فيها نظام عالمى، لصالح آخر لم تظهر ملامحه بعد. كما أشار إلى قضية “تغوُّل اليمين”، ارتباطًا بتواجد القوى المؤثرة للتيارات اليمينية فى أوروبا والأمريكتين، متسائلاً عن مدى استمراريتها، وعن أسباب اختفاء اليسار. فعلى الرغم من زيادة نسب الفقر والتفاوتات فى الدخول فى المجتمعات حاليًا، والتى تعطى فرصًا منطقية لصعود اليسار، إلا أن هذا لم يحدث، وربما يمكن تبرير ذلك بأن اليسار باع نفسه لليمين أيام بيل كلينتون وتونى بلير، اللذَيْن تبنَّيا التوجهات الاقتصادية اليمينية، محدثين بذلك انفصامًا عن التوجهات اليسارية الحقيقية، ما كان له صداه اليوم.
-
بالتركيز على الشق الاقتصادى، فمن الجدير بالملاحظة هو “جاذبية النماذج غير الليبرالية” لكثيرٍ من البلدان فى الوقت الراهن، وذلك بعد الطفرات الاقتصادية الهائلة التى حققتها أنظمة لا تُوصَف بالديموقراطية، ليس أقلها الصين، بما يهدد سياسات النظم الليبرالية الغربية فى الساحة الدولية، خاصة وأن نظام “بريتون وودز” القائم منذ الحرب العالمية الثانية لم يعد كافيًا لاحتواء مثل تلك التطورات. أضف إلى ذلك أنه فى السابق سادت سردية الشرق والغرب ودول عدم الانحياز، أمَّا الآن فهناك دول الشمال والجنوب، وما حدث فى قمة المناخ الأخيرة فى شرم الشيخ دليل على ذلك؛ حيث ثارت الخلافات حول فرص تعويض بلدان الجنوب عن الأضرار المناخية التى أسهمت سياسات الدول الشمالية المتقدمة بنصيبٍ وافر فيها. من جهةٍ أخرى، أكَّد أ./ قاسم أن لـ “الكتلة الممتنعة” السالف ذكرها دورًا كبيرًا فى المستقبل، خاصة وأنها تحت قيادة الهند، إحدى البلدان المؤسسة لتجمع “بريكس” الذى يمثل نسبة كبيرة من الاقتصاد العالمى، ونسبة أكبر من الديموجرافيا العالمية، والذى يسعى حاليًا إلى توسيع العضوية لضم بلدان أخرى لصالحه. كما أشار إلى أنه من بين الأفكار المطروحة لإنقاذ العالم والخروج من الأزمات الراهنة، ما أشار إليه كاتب يابانى بـ “Degrowth”، أى وجوب التخلى عن هدف الاستمرار فى البحث عن الرخاء، الذى أدى إلى تدمير البيئة، ووضع “كوابح” على النمو الاقتصادى والسكانى، للحفاظ على حياة العالم.
المناقشات:
-
د./ يسرى أبو شادى: أشار إلى أن شعبية الولايات المتحدة حاليًا فى المجتمع الدولى فى انحدار، وأن التغيرات الحزبية فيها ليست بذات القيمة الخاصة بالسياسات والاستراتيجيات العامة التى تنفذها المؤسسات الأمريكية. ومن ثمَّ، فإن على الدول النامية الاعتماد على نفسها بشكل أكبر، والانفتاح على دول أخرى مثل الهند والصين، والتى حققت قفزات اقتصادية وتكنولوجية هائلة، يمكن للبلدان النامية الاستفادة الكبيرة منها.
-
السفيرة/ جيلان علام: أشارت إلى أن فكرة الديموقراطية فى مواجهة الأتوقراطية بدأت تأخذ منحىً اقتصاديًا أكثر من المعنى السياسى، بما يتطلبه ذلك من إعادة النظر جدِّيًا فى الارتباط الأبوى بين مصر والولايات المتحدة، لأن سياسات الأخيرة أفرزت عقبات كبرى على الساحة الدولية، مع مراعاة عدم إحداث قطيعة معها لدورها العالمى المهم. من جهة أخرى، يجب العمل على إعادة صياغة العلاقات المصرية / الأوروبية، بحكم القرب الجغرافى والحاجة الأوروبية الماسة جرَّاء أزمات الطاقة والهجرة التى تعانى منها حاليًا، ناهيك عن ظهور حالة من التفسخ الأوروبى / الأمريكى، وأصبحت أوروبا تشهد حربًا فى ظل مساندتها لأوكرانيا ضد روسيا، بخطة أمريكية ذكية؛ فأوروبا تواجه الآن مشكلات سياسية واقتصادية وعسكرية حقيقية.
-
السفير/ عزت سعد: أكَّد أن فرص ترامب بالفوز فى الانتخابات الرئاسية القادمة أضحت محل شك كبير، وأن بايدن غالبًا لن يترشح لولاية ثانية، منوِّهًا إلى أهمية الاهتمام بمستقبل السياسة الخارجية الأمريكية وتأثيرها على مصر اقتصاديًا وسياسيًا. إلى جانب ذلك، تساءل عن الدلالات التى ينطوى عليها اللقاء الحميمى بين بايدن والرئيس السيسى على هامش قمة المناخ فى شرم الشيخ، وكذلك مع وفدَيْن أمريكيَيْن حضرا القمة أحدهما برئاسة بيلوسى والآخر من الكونجرس، وعمَّا إذا كانت واشنطن تخطط لاستثمار أكبر فى العلاقات مع مصر على حساب السعودية فى السنوات القادمة.
من جهةٍ أخرى، أشار السفير/ سعد إلى أنه من المفيد استثمار وثيقة الأولويات التى وُقِّعَت بين مصر والاتحاد الأوروبى للفترة من 2021 حتى 2027، ووضع ما اتُفِق عليه موضع التنفيذ، وهو ما سيكون له عوائد كبيرة تفوق فى حجمها المساعدات الأمريكية لمصر.
-
السفير د./ عبد الرحمن صلاح: أشار إلى أنه حتى عند الحديث عن مسألة أفول النظام الدولى الراهن، لصالح نظام جديد، فإن مصر لا تزال فى حاجة ماسة لنظام بريتون وودز لتعزيز الثقة الدولية فى اقتصادها، فضلاً عن احتياجها لمساعدة البنك والصندوق فى هذا المضمار. وبالنسبة للعلاقات المصرية / الأمريكية، فيمكن التأكيد على أن واشنطن لن تتخلى عن علاقاتها بالقاهرة، خاصة وأنها قدَّمت لمصر مساعدات بعشرات المليارات على مدى الأربعين عامًا الماضية.
ومن جانبها، تحرص القاهرة بالمثل على تقوية روابطها بواشنطن؛ إذ إن الولايات المتحدة هى أحد شركاء التجارة الرئيسيين لمصر، بنحو 9 مليار دولار، كما أن مصر فى حاجة إلى مزيد من الانخراط الأمريكى، فى عهد الإدارة الحالية، فى أزمة السد الإثيوبى، وكذا لتفهم أمريكى اكبر فى الملف الليبى، وشرح خطورة ما تفعله تركيا فى ليبيا، بما فى ذلك مساعدة مصر على الوصول إلى الغاز الليبى الذى من العسير استثماره حتى الآن. من جهةٍ أخرى، يمكن مساومة واشنطن على تقديم بديل لشبكة الجيل الخامس الصينية، بما فى ذلك تعزيز المشاورات بين أجهزة الدفاع والاستخبارات فى كلا البلدين بشأن القضايا الأمنية الحساسة والمُلِحَّة، بما فيها القضية الفلسطينية فى ظل عودة نتيناهو على رأس تشكيل حكومى متطرف للغاية.
وفى هذا السياق، اقترح السفير/ صلاح تشكيل وفد من المجلس لزيارة الولايات المتحدة، فى مارس القادم، للتباحث مع نظيره الأمريكى، ومختلف المراكز البحثية الأمريكية المؤثرة، لاستقراء اتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية مستقبلاً، وتأثيرها على مصر، بما يمكن معه صياغة استراتيجية مصرية للتعاطى معها، وبما يعزز الروابط والتشاورات المصرية / الأمريكية فى ضوء الأهمية الثنائية المتبادلة على نحو ما سلف ذكره.
-
السفير د./ علاء الحديدى: تساءل عن أهمية انتخابات الولايات الأمريكية، على ضوء الاهتمام الإعلامى بها، وكذا اهتمام الرئيس السابق ترامب بمرشحيها، وانعكاس ذلك بشكل مباشر وغير مباشر فى الداخل الأمريكى وخارجه، وكيفية الاستفادة منه. من جهةٍ أخرى، أشار إلى أن موقف الحزبين الديموقراطى والجمهورى موحَّد تجاه الصين، فهل موقفهما موحَّد كذلك تجاه الملف الاقتصادى المصرى أم متباين؟
-
أ./ أحمد أبو شادى: أشار إلى أنه رغم انقضاء الانتخابات النصفية، إلا أن الانقسامات لم تزل قائمة فيما بين المجتمع الأمريكى وحزبيه الرئيسيين. مؤكِّدًا أنه من المهم فى ظل هذا المناخ تعزيز روابط مصر بالبنتاجون؛ خاصة وأن الجانب الأمنى والعسكرى يشغل مرتبة متقدمة فى العلاقات المصرية / الأمريكية، وأن البنتاجون حريص على تعزيز مشاوراته مع مصر، والأخيرة لها موطئ قدم جيد فى هذا الصدد، حتى أن إسرائيل لا تستطيع التأثير عليه. من جهةٍ أخرى، أشار إلى أنه بخلاف الجمهوريين، فإن بعض الديموقراطيين لديهم عدم ارتياح إزاء نائبة الرئيس الأمريكى كامالا هاريس. ومع ذلك، فإنه يجب إيلاء الاهتمام إلى تعزيز التواصل معها، فى ظل ازدياد التكهنات بشأن عدم قدرة الرئيس بايدن على استكمال فترة ولايته الحالية، أو حتى فى حال تم تقديم هاريس لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة.
-
السفير/ رخا حسن: أشار إلى أن نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية خلال العقد الأخير على الأقل غالبًا ما تكون فى غير صالح الحزب الحاكم، لكن المميز فى الانتخابات الأخيرة هو الضجة التى أحدثها ترامب، مشيرًا إلى أن الديموقراطيين فى أزمة حقيقية، بالنظر إلى أن الرئيس بايدن لن يستكمل ولايته الحالية غالبًا، فيما لا يرحب عددٌ لا يُستهان به من الديموقراطيين بنائبة الرئيس كامالا هاريس.
-
السفير د./ منير زهران: أشار إلى أن العقوبات الغربية على روسيا قد أثرت بشدة على الداخل الأمريكى ذاته، وأن البلدان الأوروبية غير مستقلة بقراراتها عن واشنطن، وهذا فى حد ذاته مشكلة بالنسبة لأوروبا، وله تداعياته فى ظل التحول الدولى الراهن. كما أشار، من جهةٍ أخرى، إلى أنه يجب إعادة النظر فى العلاقات المصرية / الأوروبية، ارتباطًا بقطاع الصناعة، واتفاقية المشاركة الثنائية؛ نظرًا للآثار السلبية الهائلة التى أسفرت عنها هذه الاتفاقية على القطاع الصناعى المصرى، بما فى ذلك دورها فى انهيار التنافسية الصناعية داخل مصر.
-
هذا، وقد أشار السفير/ محمد توفيق فى ردوده إلى ما يلى بصفة خاصة:
-
أن الدور الذى يمكن أن تلعبه مصر، فى نظر متخذ القرار الأمريكى، يتضاءل باستمرار، لأن قدرة مصر على التأثير الإقليمى ليست بقدر دول أخرى فى الإقليم، نتيجة وجود محددات معينة من شأنها تقييد حركته ذات الصلة. ومن ثمَّ، لا يمكن فى هذا السياق استبعاد أن تفكر الولايات المتحدة فى اتخاذ بديل لمصر، كالسعودية مثلاً، التى ترى فيها واشنطن قوة ديناميكية فى الإقليم، خاصة فى ظل أزمة الطاقة التى يعانى منها العالم حاليًا. وحرىٌ بالذكر الإشارة إلى أن تفكير الغرب فى الوقت الحالى ليس استراتيجيًا بقدر ما هو متعلق بمحاولة معالجة القضايا المُلحَّة التى أسفرت عنها الحرب الروسية / الأوكرانية، والتى من أهمها قضية الطاقة كما لا يخفى، ما يعنى أن البلدان ذات موارد الطاقة الهائلة، بما فيها السعودية، ستزداد قدرتها على المناورة أكثر فأكثر، حتى أن أوروبا اليوم تحاول التواصل مع إيران وفنزويلا لأجل إمدادت النفط.
-
بالنسبة للدولة المصرية، فليس لها بديل عن الولايات المتحدة على الإطلاق فى الوقت الحالى، ولا حتى الاتحاد الأوروبى الذى تزداد حاجته إلى مصر، ارتباطًا بقضايا الطاقة والمهاجرين. ومن ثمَّ، يجب على مصر الحفاظ على الوضع الراهن من الروابط مع واشنطن، فيما تسعى – من جهةٍ أخرى – إلى تعزيز انفتاحها المتوازن مع القوى الدولية الأخرى، ارتباطًا بتحولات النظام الدولى القائم.
-
وبشأن التأثيرات المباشرة لنتائج الانتخابات النصفية على مصر، فيمكن الحديث بشكل أساسى عن برنامج المساعدات الأمريكية لمصر، إذ يُلاحَظ أن الأخيرة خسرت نحو 130 مليون دولار من تلك المساعدات خلال العام الماضى، فيما يوجد نحو 75 مليون دولار مجمَّدين بسبب السيناتور الديموقراطى باتريك ليهى، نتيجة توظيف هذه المساعدات لأغراض سياسية بعيدًا عن النظاق الاستراتيجى المعتاد. وفى حين يتم التأكيد على دعم البنتاجون لمصر، فى ظل الخدمات الكبيرة التى تقدمها الأخيرة للولايات المتحدة فى المجال الأمنى، إلا أن نظام المساعدات العسكرية الأمريكى قد خضع لتعديل منذ إدارة أوباما، بحيث أصبح من العسير استقدام معدات عسكرية أمريكية فى ظل برنامج المساعدات بالحجم الذى كانت عليه من قبل.
-
بالنسبة لطبيعة الانتخابات النصفية الأمريكية، ارتباطًا بالولايات، فجديرٌ بالذكر أن البطاقة الانتخابية التى يصوِّت عليها المشاركون تختلف من دائرة لدائرة داخل الولاية الواحدة. وقد حاول ترامب بالفعل التأثير على هذه العملية فى مختلف الولايات، بغرض إحكام سيطرته على الحزب الجمهورى، بشكلٍ متفرد، وأيضًا التأثير لصالحه فى الانتخابات الرئاسية القادمة، بحكم ما يدعيه من وجود تزوير فى العملية الانتخابية السابقة.
-
بالنسبة لكامالا هاريس، ورغم اختلاف الآراء حولها، فمن المفيد للقيادات المصرية التواصل معها فى مختلف المناسبات المستقبلية، نظرًا لدورها المرجَّح فى الفترة المتبقية من ولاية بايدن، وربما بعد الانتخابات الرئاسية القادمة.
-
من جانبه، أشار أ./ محمد قاسم فى ردوده إلى ما يلى:
-
أن الحديث عن التحولات الكبرى فى النظام الدولى القائم لا يعنى بالضرورة أنها ستحدث بين ليلة وضحاها، وإنما تحدث ببطء وعلى مدى عقود، نتيجة تداخل الاقتصاد العالمى ومجالات عمل آليات بريتون وودز، فضلاً عن الصعود المتنامى للقوى غير الغربية، التى من أهمها الصين؛ ففى
ظل التحول العالمى تجاه الطاقة النظيفة، فإن الصين وحدها تنتج نحو 85 % من الألواح الشمسية على مستوى العالم، ويتصوَّر أنه كلما حاولت الولايات المتحدة إيقاف أو تحجيم النمو الصينى، ازداد الأخير طموحًا ورسوخًا، حتى أصبح العالم الآن يرى استحواذًا صينيًا على بعض الشركات الغربية بالكامل، كما حدث مع أكبر شركة ألمانية منتجة للـ “روبوتس” فى العالم. كما أصبحت الصين نفسها تحتل المرتبة الأولى عالميًا فى صناعة القطارات فائقة السرعة، مع الإشارة إلى أن بكين فتحت أذرعها لشركة “سيمنز” الألمانية كذلك فى صناعة مثل هذه القطارات، وسهَّلت لها الامتيازات، على النقيض من القيود الألمانية فى هذا السياق، ارتباطًا بالبيئة وغيرها.
-
فيما يتعلق بالتأثيرات الاقتصادية التى يمكن أن تترتب على الانتخابات النصفية الأمريكية ارتباطًا بمصر، فيمكن القول بأنها ضئيلة للغاية، وتكاد تكون منعدمة، بالنظر إلى أن الولايات المتحدة شريك تجارى مهم لمصر، والميزان التجارى يميل بشدة لصالحها، فضلاً عن استفادة الحليف الإسرائيلى عبر آلية المناطق الصناعية المؤهلة (QIZ)، التى تدعمها واشنطن. وبالتالى، فمن غير المرجح حدوث تباينات فيما بين الحزبين الديموقراطى والجمهورى إزاء العلاقات التجارية مع مصر.
-
من جهةٍ أخرى، وارتباطًا بمفهوم القوة الشاملة، فإن القطاع الصناعى شهد انكماشًا لا يُستهان به خلال العقد الماضى، وانخفضت نسبته فى الدخل القومى، رغم العديد من المشروعات الصناعية التى تم إنشاؤها. ومن ثمَّ، يجب إعادة النظر فى كيفية تعزيز قطاعات الصناعة والزراعة والاستثمار فى مصر بما يحقق الأهداف القومية المنشودة.