اجتماع مائدة مستديرة حول المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط
يونيو 27, 2016زيارة وفد من الطلاب المتدربين بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية
يوليو 20, 2016
عقد بتاريخ 3 يوليو 2016، مائدة مستديرة حول “انعكاسات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على مصر”، بمقر المجلس، حضر الاجتماع كلاً من، السفير/ د. منير زهران، رئيس المجلس، السفير/ رؤوف سعد، عضو المجلس، ورئيس وحدة المشاركة المصرية- الأوروبية بوزارة الخارجية، والسفير/ محمود كارم، والسفير/ مجدى راضي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية، والسفير/ جمال بيومي، ومن أعضاء المجلس حضر كلاً من، السفيرة/ أنيسة حسونة، والسفير/ السيد شلبي، والدكتورة/ يمن الحماقي، والسفير/ السيد فوزى، والسفير/ رخا حسن، والدكتور/ الشرقاوي حفني، والسفير/ د. محمد حجازي، والسفير/ محمد أنيس سالم، والسفير/ د. محمد شاكر.
افتتح السفير/ د. منير زهران، رئيس المجلس، المائدة المستديرة بكلمة عرض فيها خلفية نتيجة الاستفتاء الذى جرى في المملكة المتحدة يوم 23 يونيو 2016، حول استمرارها في الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه، موضحًا أن رئيس الوزراء “ديفيد كاميرون”، في إطار الحملة الانتخابية السابقة، والتي طالبت قوى معارضة من حزب المحافظين بالخروج من الاتحاد الأوروبي، ووعد بأنه حال نجاح حزبه، فإنه سيقوم بإجراء استفتاء حول هذا الموضوع، وهو ما نفذه بالفعل.
كما أضاف بأن استطلاعات الرأي السابقة على الاستفتاء، بما في ذلك حملة “ديفيد كاميرون” حينئذ، كانت تُشير إلى الاتجاه الغالب للبقاء في الاتحاد الأوروبي، بينما كانت المفاجأة له و لجميع المهتمين والمتابعين للموضوع بأن النتيجة الإجمالية كانت في صالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، بنسبة تقترب من 52%، مشيرًا إلى أن هذه النتيجة كانت صدمة لرئيس الوزراء الذى كان يُقامر على البقاء في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لم يكن أمامه من خيار إلا إعلان استقالته من رئاسة الوزراء، وبقاءه في منصبه إلى حين عقد مؤتمر حزب المحافظين في أكتوبر القادم (عاد وقدم الموعدإلى9 سبتمبر القادم في ضوء ضغوط الدول الرئيسية في الاتحاد الأوروبي، التي دعت إلى إسراع بريطانيا بإجراءات خروجها من الاتحاد وفقًا للمادة (50) من معاهدة لشبونة)، وذلك حتى يُقرر الحزب خليفته لتولي رئاسة الوزراء. (وهو ما تم بالفعل حيث انتخبت “تريزا ماي” رئيسة للوزراء في 13 يوليو 2016).
وقد أحدثت نتيجة الاستفتاء البريطاني زلزالاً ضخمًا ليس فقط في بريطانيا، وإنما كانت له أصداءه الخارجية، حيث أعربت حكومة إسكتلندا وإيرلندا الشمالية عن رغبتهما البقاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما أعرب عنه أيضًا سكان العاصمة لندن، وكان لذلك انعكاسات أُخرى في دول الاتحاد الأوروبي، إذ ارتفعت أصوات أحزاب اليمين في عدد من تلك الدول مطالبة باستفتاءات مماثلة.
كما كان لهذا الزلزال تبعات على بورصات العالم، وأسعار العملات، والتي وصلت إلى طوكيو شرقًا، وسان فرانسيسكو غربًا، وكذلك نصف الكرة الجنوبي من الأرجنتين إلى جنوب أفريقيا، إضافة إلى أستراليا ونيوزيلندا.
وخلُصَ السفير/ د. زهران، إلى القول بأن ما يهمنا بصفة خاصة معرفة مدى تأثر مصر بقرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، سواء إيجابًا أو سلبًا. وذلك من خلال استعراض آراء ذوى الخبرة والتجربة من الزملاء الذين خدموا في الاتحاد الأوروبي أو تعاملوا معه عن قرب.
وفي هذا السياق، أعطى السفير/ د. منير، الكلمة لكل من السادة السفراء/ رؤوف سعد، ومحمود كارم، ومجدى راضي، بصفته مساعد وزير الخارجية للشؤون الاقتصادية، وجمال بيومي، الذى قاد عملية المفاوضات لعقد اتفاقية المشاركة بين مصر و الاتحاد الأوروبي منذ التسعينيات، والتي دخلت حيز النفاذ في عام 2004.
وقد جاءت المداخلات على النحو التالي:
أشار السفير/ رؤوف سعد، إلى أن التركيز فيما يتعلق بنتيجة الاستفتاء بخروج بريطانيا المحتمل من الاتحاد الأوروبي، يمكن مناقشته من جانبين، أولهما، هو تأثير هذا الخروج على الاتحاد الأوروبي ككل، ثانيهما،تأثير هذا الخروج على العلاقات المصرية – البريطانية؛ وفي هذا الصدد، أكد على عدة نقاط، أهمها:
-
ذكر أن الخروج هو أمر غير مسبوق، ويتم طبقًا للمادة (50) من اتفاقية لشبونة، والتي بموجبها تقوم الدولة الطرف بإخطار المجلس الأوروبي بقرار خروجها، على أن يتم الخروج في غضون سنتين من تاريخ الإخطار، إلا إذا وافق أعضاء المجلس الأوروبي بالإجماع على تمديد هذه المدة. مشيرًا إلى أنه خلال تلك الفترة، يقوم المجلس الأوروبي بإصدار قواعد استرشاديه تحدد موقف الاتحاد من المفاوضات، وبالتالي فإن خروج بريطانيا لا يعني انقطاع كل علاقاتها بالاتحاد الأوروبي، ولكن سيتم صياغة أساس قانوني جديد، وخاصة للاتفاقيات التجارية، والقواعد المنظمة للتصدير والاستيراد، وكذا الإجراءات الجمركية، وحركات المسافرين من الجانبين، بالإضافة إلى المعايير التقليدية المتعلقة بالبيئة والصحة وغيرها.
-
أوضح أن المجلس الأوروبي سيقوم بعرض مشروع الاتفاق، الذي سيتم التفاوض حوله مع بريطانيا، على البرلمان الأوروبي للتصويت عليه، يعقبه تصويت البرلمانات الوطنية للدول الأعضاء. وأنه إلى حين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تظل قوانين هذا الأخير سارية على الأولى، ولكنها لن تشارك في المناقشات الداخلية، ولا حتى في القرارات التي تتعلق بخروجها من الاتحاد الأوروبي.
-
أكد أن خروج بريطانيا ستكون له تداعياته على الاتحاد الأوروبي، خصوصًا وأن بريطانيا تساهم بـ 1/5 ميزانية الاتحاد الأوروبي، وهي تأتي في المرتبة الثانية بعد ألمانيا. ويصنف الاقتصاد البريطاني بأنه الاقتصاد الخامس عالميًا. وأن كل السيناريوهات تظل في حيز النظريات المتوقعة، وهذا يرجع إلى أنه لا توجد سوابق لمثل هذا الخروج يمكن القياس عليها.
-
أشار إلى أن الخبراء وكل التقديرات تقطع بأن السبب الرئيسي لخروج الاستفتاء بهذه النتيجة هو قضية الهجرة واللجوء، حيث كان لها تأثير مباشر في هذا الشأن، مضيفاً أن لبريطانيا وضعية خاصة داخل الاتحاد الأوروبي، فهي ليست عضوًا في منطقة اليورو، ولا في منطقة الشنجين.
-
فيما يتعلق بالتأثيرات المباشرة لخروج بريطانيا على علاقات مصر بالاتحاد الأوروبي، أكد أنه من المتوقع أن يتراجع دور بريطانيا في التأثير على قرارات الاتحاد الأوروبي، باعتبار أن عضويتها باتت مؤقتة، ولكن هناك تأثيرات على العلاقات التجارية بين مصر والاتحاد الأوروبي، موضحًا أنه طبقًا لاتفاقية المشاركة بين مصر والاتحاد الأوروبي، التي دخلت حيز النفاذ في 2004،أصبح الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأول لمصر، حيث بلغ حجم التجارة بين مصر، والاتحاد الأوروبي في 2015نحو 25 مليار يورو بما يمثل 35% من إجمالي تجارة مصر الخارجية.
-
في الوقت ذاته تواجه العلاقات التجارية بين الجانبين صعوبات كبيرة، فهناك عجز في الميزان التجاري في غير صالح مصر، إذ بينما تبلغ صادرات الاتحاد الأوروبي لمصر نحو 20 مليار يورو في 2014، لا تتجاوز الصادرات المصرية 7 مليار يورو، والسبب المباشر لهذا الخلل هو تآكل الميزات التفضيلية للصادرات المصرية، ولا يجب تجاهل حقيقة أن عدد دول الاتحاد الأوروبي وقت توقيع الاتفاقية كان 15 دولة، ووصلت إلى28 دولة مع توسيع عضوية الاتحاد.
-
كما أشار إلى أن الاتحاد الأوروبي طرح مؤخرًا فكرة إبرام اتفاقية “تجارة حرة عميقة وشاملة” مع كلاً من المغرب وتونس، وفيما يتعلق بمصر فهي ليست جاهزة الآن، حيث أوضح أن هذه الاتفاقية لا تحقق مزايا لمصر على المدى القصير، ولا تساعد على تجاوز عجز الميزان التجاري.
-
توقع أن يؤدي خروج بريطانيا إلى إحداث ارتباك بين مصر والاتحاد الأوروبي على مستوى العلاقات التجارية، نظرًا للتعقيدات الفنية المتعلقة بقواعد المنشأ، وخاصة المكون ذا المنشأ البريطاني في المنتجات الأوروبية.
-
أضاف بأن خروج بريطانيا قد يؤدى أيضًا إلى تراجع حجم التجارة العالمية، مما قد يؤثر على حركة الملاحة في قناة السويس، كما أن حجم المساعدات التنموية المقدمة من الاتحاد الأوروبي إلى مصر قد تتأثر أيضًا.
-
كما أوضح أن سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر”جيمس موران”، قد صرح بأنه لا يتوقع أن تقل حجم المساعدات المقدمة لمصر، ولكن هناك توقعات بأن تتأثر هذه المساعدات، خاصة وأن ميزانية الاتحاد الأوروبي ستُخّفض بنسبة حوالي 20%، ولكن يتوقع أن يزيد حجم التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر، فيما يتعلق بقضايا الهجرة لمعالجة المشكلة من جذورها، باعتبارها السبب الرئيسي في خروج بريطانيا.
-
من ناحية أخرى أوضح السفير/ رؤوف، أن هناك محور آخر يتعلق بعلاقات مصر بالاتحاد الأوروبي، وهو مجال الأمن، ويتوقع أن يزداد الاهتمام بدول الجوار المتوسطي، خاصة فيما يتعلق بتسوية الصراعات في كلاً من ليبيا وسوريا واليمن، وبشكل خاص الملف الليبي، وتأثير ذلك على تزايد موجات المهاجرين. وأضاف إنه لا يتوقع حدوث تغيير أساسي في السياسات الأمنية للاتحاد الأوروبي، ولكن يتوقع حدوث نوع من عدم التناسق في العلاقات بين حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.
-
كما أضاف بأنه على المستوى الثنائي تقوم الحكومة البريطانية بدعم مصر في تنفيذ دورة لتدريب المعلمين، وتطوير المناهج الدراسية، ورفع القدرات المصرية في مراقبة الحدود، والحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية. ويتوقع ألا تتأثر العلاقات الثنائية بخروج بريطانيا، خاصة وأنها أكبر مركز مالي في أوروبا، وبالتالي ستسعى للحفاظ على مكانتها والاهتمام بعلاقاتها بالدول خارج الاتحاد ومنها مصر، وكذلك في قطاع الخدمات.
-
ارتباطًا بما تقدم، أوضح السفير/ سعد، أن هناك تطورات مهمة حدثت في مصر تمثل بعد استراتيجي لا خلاف عليه، وذلك في مجالين رئيسين هما الطاقة ومشروع قناة السويس.
مشيرًا إلى أن اكتشافات الغاز الطبيعي تمثل رصيد مهم للاتحاد الأوروبي ليس فقط في مجال التصدير، ولكن في أن جميعها يقع داخل المياه الإقليمية لمصر، وبالتالي لا تقع في مناطق خلافية على عكس الدول المجاورة.
وبالنسبة لمشروع قناة السويس، فالاتحاد الأوروبي هو الذي طرح استخدام المنطقة كـ (Regional Hub) لتكون مركزًا للتجارة والتوزيع والتصنيع في منطقة الشرق الأوسط ومنها لأوروبا وآسيا وأفريقيا. وتشير التقديرات فيما يتعلق بالسياحة البريطانية لمصر أن يؤجل الموضوع في ظل المرحلة الحالية.
-
كما أشار السفير/ سعد، إلى أن السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي هي أكبر نقاط الضعف، وقد يؤدي خروج بريطانيا إلى تبنيها سياسة خارجية أكثر جرأة وواقعية، ورغم ذلك يظل الاتحاد الأوروبي هو الشريك التجاري الأهم لمصر.
في مداخلة لها، أشارت السيدة الأستاذة/ أنيسة حسونة، إلى أن الدعوة لعقد هذه الندوة تزامن مع استقبال مجلس النواب المصري عدد من الوزراء بالحكومة المصرية مثل وزراء التعاون الدولي والصناعة والتجارة وغيرهم، من جانبها، طرحت عدة تساؤلات على النحو التالي:
-
هل أعدت الحكومة المصرية سيناريوهات محتملة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟
-
هل تعتبر تأثيرات خروج بريطانيا بالنسبة للاقتصاد المصري إيجابية أم سلبية؟
-
هل يعد ذلك بداية لتفكك الاتحاد الأوروبي والكيانات المشابهة له؟
-
ما الذي يجب على المجلس فعله للاستفادة من هذا الخروج؟
من جانبه، دعا السفير/ د. محمود كارم، إلى ضرورة الخروج بمجموعة من التوصيات نستطيع أن نقدمها لصانع القرار، مشيرًا إلى أن خروج بريطانيا له تأثيرات سياسية واقتصادية واجتماعية، وتبعات على المجالات الأخرى، وأن مصر تستطيع أن تقوم بدور مهم جدًا في موضوع الهجرة مع الأطراف المعنية، كما أن الأحزاب اليمينية المتطرفة تمثل خطرًا خاصة على الجاليات المصرية بالخارج.
وأضاف أن المملكة المتحدة شريك مهم ورئيسي لمصر، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار الموضوعات الشائكة مثل انقطاع السياحة البريطانية عن مصر.
في حين بدأ السفير د. مجدي راضي، حديثه بالرد على تساؤلات النائبة الأستاذة/ أنيسة حسونة، عضو المجلس، بأن وزارة الخارجية والسفارات المصرية في الدول الأوروبية استعدت لتأثيرات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على العالم وعلى الاتحاد ثم على مصر، وأن وزارة الخارجية تتابع الأمر باهتمام كبير منذ فترة.
كما تحدث عن سبب الانقسام البريطاني حول الخروج من الاتحاد وتأثيره على أوروبا، مشيرًا إلى أن الاتحاد سيجعل من هذا الانفصال مسألة صعبة إن لم تكن مستحيلة، حتى لا تفتح شهية الآخرين للانفصال، خاصة في ظل صعود اليمين المتطرف ودعوات النزعة العرقية.
وأضاف السفير/ راضي، أن هذا الانقسام سيؤثر على حلف الأطلنطي, حيث ستحرر بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وسياساته .أما على الجانب الاقتصادي، فيعتبر الاتحاد الأوروبي هو الشريك الأول لمصر في التجارة الدولية، كما تعتبر بريطانيا هي الشريك التجاري الأول لمصر الآن، وليس إيطاليا التي تأتي اليوم في المرتبة الثانية.
وفيما يتعلق بالسياسة الزراعية المشتركة(common agriculture policy) “CAP”، أوضح أن بريطانيا ضد هذه السياسة، و بناءً عليه فإن التفاوض بين مصر وبريطانيا في هذا الملف سيكون سهلاً، فبريطانيا اقرب فكريًا إلى أمريكا.
وبالنسبة لحركة التبادل التجاري، أشار إلى أن الأمر سيكون في غاية الصعوبة، بينما تأتي بريطانيا على رأس القائمة بالنسبة للاستثمار الأجنبي في مصر، خاصة في مجالات البترول والطاقة وشركات الاتصالات. وأن كل التأثيرات السلبية لن تدوم طويلاً و أن الهبوط في البورصات و العملات لم يدم سوى بضعة أيام، بعدها بدأ التعافي في الظهور.
وفيما يتعلق بمسألة تأثير خروج بريطانيا على الجانب الأوروبي، وعلاقتنا بالاتحاد الأوروبي، أكد السفير/ راضي، أن علاقاتنا لن تتأثر تأثرًا ملحوظًا. وفي هذا الصدد أشار إلى تصريح سفير الاتحاد الأوروبي/”جيمس موران”،”أن المساعدات الأوروبية ستظل كما هي”، لكنه يرى التصريح سياسي و ليس فنى، وبالتالي من الضروري فتح حوار سياسي مع لندن.
وفي معرض آخر للنقاش، أكد السفير/ جمال بيومي، على مسألة التردد البريطاني في الانضمام للاتحاد منذ نشأة السوق الأوروبية سنة 1967، خاصة وأن المجتمع البريطاني – لأسباب جغرافية بريطانيا جزيرة منفصلة– يشعر بالاستقلالية والاستعلاء، بجانب العداء التقليدي بين بريطانيا وكلاً من فرنسا وإسبانيا وألمانيا.
مشيرًا إلى أنه في ذات الوقت الذى حصل فيه الاتحاد الأوروبي على جائزة نوبل للسلام للمحافظة على 70 عام من السلام، انقسمت بريطانيا إلى حزبين منفصلين يصوت كلاً منهما عكس رغبة الآخر، منوّهًا أن هذه ليست الدعوة الأولى للانفصال.
وحول العلاقة بين مصر و الاتحاد الأوروبي، أوضح أنها ليست ثنائية لأن الاتفاق تم بين مصر والاتحاد الأوروبي كطرف، وبين مصر وكل من دول الاتحاد الأوروبي فرادى كطرف آخر، حيث تم التصديق على الاتفاقية في17 برلمان.
كما اقترح السفير/ جمال بيومي، أن يتم إعداد خطاب متبادل بين وزير التجارة المصري ونظيره البريطاني باستمرار العمل ببنود اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بشكل ثنائي، وتجنب التفاوض على اتفاقية جديدة.
كما أكد أن مصر في موقف قوة في المفاوضات مع الجانب الأوروبي لأن المساعدات يقابلها الصادرات الأوروبية الهائلة للسوق المصري الذي يبلغ قوامه 90 مليون مستهلك.
وقد تخلل النقاش عدد من مداخلات الأعضاء، جاءت على النحو التالـي:
أكد السفير/ السيد شلبي، أن خروج بريطانيا سيؤثر على مستقبل بريطانيا والمجلس الأوروبي، مشيرًا إلى أن ما يستحق مناقشته هو تأثير هذا الخروج على السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، ومدى اهتمام الاتحاد بأزمات الشرق الأوسط، وكذا ضرورة التفكير في مدى فاعلية سياسة الاتحاد الأوروبي.
بالإضافة إلى أهمية دراسة مدى تأثير هذا الخروج على العلاقات الأمريكية– البريطانية، خاصة وأن بريطانيا هي الحصان الذي روضته أمريكا للدفاع عن المصالح الأمريكية. وتطرق سيادته لمشكلة الهجرة الناتجة عن الأزمات التي تضرب المنطقة وموقف اليمين الأوروبي المتشدد من اللاجئين وربطهم بالإسلام الراديكالي.
في حين أكدت الدكتورة/ يمن الحماقي، على ضرورة الإسراع في إعداد سيناريوهات سريعة لوضع بريطانيا خارج الاتحاد، والتنبؤ بالتغيرات التي ستضرب الاتحاد، خاصة في ظل الركود الذي يشهده الاقتصاد العالمي والذي يتوقع استمراره، ولكن بصورة أكبر بعد خروج بريطانيا.
وبالنسبة لمصر أشارت إلى ضرورة الاستفادة من الإيجابيات الناتجة عن خروج بريطانيا والعمل على الاستفادة خلال المرحلة القادمة من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتعزيز صادراتها لدول الاتحاد، بدلاً من الاكتفاء بالتفكير في السلبيات.
من جانبه، أشار السفير/ السيد فوزى، إلى أن دخول بريطانيا كان لتحقيق مصالح ذاتية بها، مع رفض أعضاء في الاتحاد لدخولها مثل فرنسا. مشيرًا إلى أن بريطانيا ترتبط بعلاقات وثيقة مع أكثر من 53 دولة (أعضاء في الكومنولث)، مشددًا على ضرورة أن تستفاد مصر من الآثار الإيجابية لانفصال بريطانيا، وإن كان من الصعب جدًا التنبؤ بتأثيرات الخروج في المرحلة الحالية.
بينما ذكر السفير/ رخا حسن، أن بريطانيا ستظل عضوًا في حلف شمال الأطلنطي، وعضوًا في الكومنولث، منوّهًا أنه يمكن لمصر تنمية علاقاتها التجارية مع بريطانيا، مشيرًا إلى إنه سيساعدها في ذلك الانخفاض النسبي في قيمة الجنيه الإسترليني، الأمر الذي سيساعد بدوره الصادرات المصرية.
في حين أكد الدكتور/ الشرقاوي حفني، أن البرلمان الأوروبي يجب أن يوافق أولاً على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي, وحتى في حال خروجها ستظل عضو في حلف الناتو، مشيرًا إلى أن علاقات بريطانيا بدول الكومنولث تغني عن علاقاتها بالاتحاد الأوروبي, مؤكدًا أن بريطانيا ستحاول تقوية علاقاتها بالأولى أو معالجة المشكلات التي أدت إلى الهجرة ومشكلة الإرهاب.
وفي ذات الشأن أشار السفير/ د. محمد حجازي، إلى أن الهجرة قادمة أساسًا من داخل أوروبا وليست من الشرق الأوسط، وهى السبب في دعوة الانفصال، مضيفًا بأن هناك أكثر من 3 مليون أوروبي من أوروبا الوسطى والشرقية هاجر إلى بريطانيا، وأن كوادر حزب العمال –في جزء منهم على الأقل – صوتوا لصالح الخروج. ومن ناحية أخرى رحب “بوتين” بانفصال بريطانيا لوقف نفوذ الاتحاد الأوروبي الممتد داخل أوروبا والذى يصل إلى أوكرانيا.
وفي شأن متصل توقع السفير/ محمد أنيس سالم، إمكانية أن يؤدي خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي إلي تداعيات في موازين القوي الدولية. مشيرًا إلى أنه من الأرجح أن تقترب لندن من واشنطن وتنشط علاقاتها بالدول المتحدثة بالإنجليزية (كندا– أستراليا – الهند… إلخ). كما أوضح أن هناك تقرير للمجلس الملكي للعلاقات الدولية (تشاتهام هاوس) يُشير إلي توقع تركيز السياسة الخارجية البريطانية علي توسيع فرص التجارة الخارجية، مع الاستمرار في تراجع النفوذ البريطاني في الشرق الأوسط، وتقلص الاهتمام بدول شمال أفريقيا، وإهمال عملية السلام في الشرق الأوسط، مقابل الاحتفاظ بدور بريطانيا في الدفاع عن الخليج.
كما أضاف أن الصحف الإسرائيلية عبرت عن قلقها من تداعيات الخروج حيث أن بريطانيا هي الشريك التجاري الأول لإسرائيل، كانت تلعب دورًا داخل مجالس الاتحاد الأوروبي في شرح وجهة النظر الإسرائيلية والتخفيف من الاتجاهات المعادية.
وتبقى النظرة إلى قرار إجراء الاستفتاء علي عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي باعتبارها أحد أكبر الأخطاء السياسية، مشيرًا إلى أن آلية الاستفتاء لا تناسب الموضوعات المعقدة، وتشجع الاتجاهات الشعبوية، بالإضافة إلى إنها تخلق عدم اتزان دستوري (معظم أعضاء البرلمان يؤيدون الاستمرار في الاتحاد الأوروبي). وهو ما دفع مصر للحذير من الاستفتاء في موضوع تيران– صنافير.
من جانبه أكد السفير/ د. محمد شاكر، على ضرورة التحرك السريع, لأن بعض الدول تسعى إلى “طلاق سريع” (Quick Divorce), وأنه في حالة الخروج ستظل التداعيات لفترة كبيرة.
التوصــيات:
في ختام المناقشات خلُص السفير/ د. منير زهران، رئيس المجلس، إلى التوصيات التالية والمستخلصة من مداخلات المشاركين:
-
بالنسبة لمصر يترتب على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عدم استفادة مصر من الإعفاء الكامل للرسوم الجمركية للمنتجات البريطانية وفقاً لاتفاقية المشاركة، التي سوف تخضع بعد خروج بريطانيا الكامل إلى الرسوم الجمركية المصرية المقررة، و هو ما يعتبر مكسبًا لمصر إزاء حصيلة الجمارك الإضافية، خاصة مع تأثر الصناعة المصرية كثيرًا نتيجة المشاركة والتي ترتب عليها عدم قدرة المنتجات المصرية الصناعية على منافسة المنتجات المصرية حتى في السوق المصري.
-
أنه يلزم إعادة النظر في التخفيضات الجمركية التي التزمت بها مصر مع دول المجموعة الاقتصادية الأوروبية في “جولة أورجواي” في بداية تسعينيات القرن الماضي، حيث كانت مصر تتفاوض حينئذ مع المفوضية الأوروبية، بصفتها ممثلاً لدول الجماعة الاقتصادية الأوروبية (12) دولة عام 1994، قبل توسيع عضوية المجموعة وتحولها فيما بعد إلى الاتحاد الأوروبي والذى ضم 28 دولة فيما بعد.
-
يلزم ترقب مواقف تلك الدولة السياسية بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث ستكون محررة من القيود التي تفرضها عليها المشاورات المسبقة مع باقي دول الاتحاد الأوروبي والتي تقيد من حرية حركتها، وبالتالي من المتوقع أن تكون السياسة الخارجية البريطانية أكثر تحررًا ونشاطًا، وسوف تكون أكثر تقاربًا مع الولايات المتحدة.
-
ربما يعاد النظر بالنسبة لمشكلة الشرق الأوسط فيما يطلق عليها بالرباعية الدولية، وهى في الواقع ثلاثية إذا أخذنا بعين الاعتبار أن مشاركة الأمم المتحدة فيها شكلية بحتة ولم تكن أكثر من سكرتارية، مع توقع أن تكون بريطانيا أحد أطراف الرباعية بصفة مستقلة عن الاتحاد الأوروبي نظرًا لدورها السابق في قيام دولة إسرائيل منذ “إعلان بلفور” عام 1917.
-
في جميع الأحوال من المهم متابعة عملية التفاوض التي سوف تعالج بها بريطانيا مسألة خروجها من الاتحاد الأوروبي تطبيقاً لنص المادة (50) من معاهدة لشبونة، وإلى أي مدى سوف تتأثر مصالح مصر الاقتصادية والتجارية والسياسية من جراء هذا الخروج. وقد يستوجب كل ذلك عقد مائدة مستديرة أخرى بعد تولي رئيس وزراء جديد في بريطانيا، والمنتظر أن تتولى حكومته إعداد استراتيجية الخروج.
-
سيقوم المجلس بإعداد كتيب عن هذا الموضوع يوجز فيه خلاصة المناقشات والمداولات، وسوف نتشاور مع المشاركين في المائدة المستديرة حول صياغته قبل إصداره.