لقاء مع السفير / محمد الشاذلى – عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية 22-9-2016
سبتمبر 22, 2016زيارة وفد المجلس للصين
أكتوبر 19, 2016
في الفترة مابين من 28 إلى 30 سبتمبر 2016، شارك السفير/ حسين الكامل ممثلاً عن المجلس المصري للشؤون الخارجية، في القمة الثالثة لمراكز الفكر العالمية بمدينة مونتريال، كما شارك في المؤتمر حوالي 100 من رؤساء وقيادات ومراكز الفكر الدولية كان أكثرهم عدداً كندا وأمريكا والصين واليابان وكوريا الجنوبية وألمانيا وبلجيكا ثم المملكة المتحدة وإسبانيا وإسرائيل والهند والمكسيك والأرجنتين ثم البرازيل، فرنسا، إيطاليا، سنغافورة، أذربيجان، كازاخستان، منغوليا، أستراليا، تونس، أوكرانيا، ميانمار، المغرب، كينيا، إثيوبيا، فيتنام، بنجلاديش، زامبيا، بولندا، ليبيا، هولندا، ماليزيا، الدنمارك، جنوب إفريقيا، روسيا، بيرو، هونج كونج، جواتيمالا، مصر.
كانت مناقشات المؤتمر تحت شعار “العولمة ودور مراكز الفكر الدولية”. وقد شملت في عمومها آثار العولمة ورد الفعل بظهور النعرات الوطنية، والسياسية الحمائية، والحاجة إلى توسيع استعمال التكنولوجيا، ووسائل الاتصال الاستراتيجية لتسهيل الاتصال بين صانعي القرار والجمهور. كما تمت مناقشة موضوعات الهجرة، هذا إلي جانب موضوع العلاقات الاقتصادية الدولية، وكذا كيفية محافظة مراكز الفكر على دورها ونوعيه إنتاجها الفكري.
وحول مراكز الفكر أعلن بروفيسور/“ James McGann” الأب الروحي لبرنامج مراكز الفكر علي مستوى العالم،أنه وبرنامجه يعملان على مبادرة بحثية لبناء أساس لسد الفجوة بين المعرفة والسياسة، ومثالها نوعية مراكز الفكر المشاركة في المؤتمر، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يهدُف إلى إقامة شبكات إقليمية ودولية لتنمية دعم صناعة القرار في العالم.
وفي هذا الإطار، تحدث كل من السيد/”Andrew Selee”،نائب رئيسWilson Center، و”Thomas Gomart”، نائب رئيس مركز الفكر الفرنسي (IFRI)، في تقديم الجلسة التي ناقشت آثار العولمة وبناء الفجوة بين مراكز الفكر وصانعي السياسة والجمهور في نقاط أثارت الاهتمام منها:
-
أن معظم مراكز الفكر لم تتوقع أو تتفهم القضايا التي دفعت المملكة المتحدة للتصويت والحصول علي أغلبية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
-
أن مراكز الفكر ورجال الإعلام والسياسيين فشلوا في توقع ظهور كل من”Donald Trump”، “Berni Sanders”، بقوة في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأن ذلك يُشّكل تحديًا للتفكير المنتظم، وتهديدًا للمؤسسات والمواطنة الدولية. وما هو ليس واضحًا هو رد فعل مراكز الفكر نحو ذلك، وكيف ستتعامل هذه التوجهات بتحديها للمواطنة وللمؤسسات والتوجهات الدولية المستقرة. وقد دارت مناقشات حول مدي وضوح الرؤية من جانب مراكز الفكر وتوقعاتها المستقبلية بظهور النعرات الوطنية واليمنية.
-
وبالنسبة لاستعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تركزت المناقشات على أهمية استفادة مراكز الفكر من هذا التطور، لأنه بالاستفادة من المناخ الإلكتروني فإن أي مركز فكر يستطيع أن يشكِل رأيًا في أي قضية، وإنتاج أبحاث ودراسات جديرة بالاستفادة منها.
-
أيضًا تمت مناقشة مسألة عدم مساواة الدخول في الاقتصاديات المتقدمة، والتأثير الاجتماعي والاقتصادي على الأجيال النامية في حالة فقر أكثر من الأجيال السابقة. وقد ارتكزت المناقشات في هذه المسألة حول اختلاف وجهات النظر بين مفهوم عدم مساواة الدخول –هي أوضح في الاقتصاديات النامية –عندما توجه الفوارق بين الأغنياء والفقراء، وأن ما يُحدد الوضع هو نسبة الفقر في الدولة.
وارتباطًا بما تقدم، جاءت مداخلة السفير/ حسين الكامل على النحو التالي:
أكد سيادته أن بروز هذه الظواهر السابقة جاء نتيجة عدة تطورات في الأوضاع الدولية كان سببها الرئيسي هو الانقلابات، والفوضى، وتدخل قوي خارجية ذات مصلحة في سوريا وليبيا واليمن والعراق،والتي أفرزت بدورها مشكلة اللاجئين، الذين تدفقوا عبر الحدود إلى مختلف بلاد العالم، مما أدى إلى التوجهات الوطنية المتعصبة ضد المهاجرين، والسياسة الحمائية في العديد من الدول التي نزح لها اللاجئون، وأصبحت أهم المشاكل الناتجة عن ذلك إلى جانب الهجرة هي الإرهاب والفقر والأزمات الاقتصادية.
وأشار سيادته أن الظاهرة برزت أيضًا في أوروبا حيث أن دولاً كـ(فنلندا والمجر ولاتفيا وليتوانيا والنرويج وسويسرا) قد ارتفعت فيها أصوات الأجنحة اليمنية المتعصبة في مواجهة الأنظمة القائمة، وحصلت أحزاب يمينية متعصبة وجبهات خاصة في فرنسا وألمانيا وإنجلترا على شعبية حتى مع عدم وصولها للحكم حتى الآن. مؤكدًا في هذا الصدد أن ظهور الاتجاهات الوطنية المنغلقة، وتفضيل عناصرها عن عناصر المهاجرين، والسياسة الحمائية يرجع لسببين رئيسيين هما: تحديات الهجرة، والأزمات الأوروبية.
وفيما يتعلق بالمرشح الجمهوري “Trump”، أوضح سيادتهأن السبب في ظهوره غير متوقع في الانتخابات الأمريكية ليس فقط مراكز الفكر وأعضاء حملته فقط، بل أيضًا خطبه وشخصيته الاندفاعية التي على قدر ما لاقت نقدًا شديدًا من البعض إلا أن أرقام الاستطلاعات جعلته مصدر تهديد لمنافسته “هيلاري كلينتون”.
وأضاف بأنه كقاعدة أساسية، من الحيوي لأي مركز فكر أن يرتبط بكل من الشعب وبصناع القرار، لأن هذه هي عناصر قوة مركز الفكر، وبدون هذا التوجه لن يستطيع التأثير بنجاح في كل من صانع القرار والرأي العام.
ونوّه بأن الموضوعات والأبحاث التي يختارها مركز الفكر لابد أن تكون محل اهتمام الشعب، وصانع القرار، ويرى أنها تركز على مجالين أساسيين: الأول، أن تركز الدراسات على حلول لمشاكل أو صراعات قائمة، والثاني، علي مجالات تحسين الأداء،مبيّنًا أنه إذا ركزت مراكز الفكر في دراستها علي هذه الجوانب، فإنها ستدفع الرأي العام على الضغط على صانع القرار لتبني هذه السياسات.
وفي هذا الإطار، تطرق سيادته إلىتجربة المجلس المصري للشؤون الخارجية في الاختيار الدقيق لأعضائه من سفراء، ووزراء سابقين، ورجال إعلام، وكتاب متميزين، وأساتذة جامعات، ومفكرين، مما جعل مُتخذي القرار والرأي العام مستقبلينجيدين لنشاطاته وإنتاجه البحثي.
كما أوضح سيادته أنه بعد ما شهدته السنين الأخيرة من قفزة كبيرة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والسوشيال ميديا، أصبح من المحتم على مراكز الفكر أن تتبنى هذا المجال حتى تُحقق هدفها من جذب مُتخذي القرار والجمهور. ودلل على ذلك بأنه يُلاحظ مع تأثير هذا التحول التكنولوجي أن كثيرًا من مُتخذي القرار أصبحوا لا يُفضلون الأبحاث والدراسات الأكاديمية، بل اللغة المباشرة للهدف باستخدام تكنولوجيا المعلومات، والتي تصل للقارئ بشكل سهل.
كما تحدث سيادته أيضًا عن التحول الكبير في هذا المجال في كثير من دول إفريقيا، وحيث انعكس ذلك علي توصياتها في كل من قمة 2014 “ببرتوريا”، وقمة 2015 “بأديس أبابا”، و2016 “بزمبابوي”، بإقامة شبكة معلومات إلكترونية بمراكز الفكر الإفريقية، وشبكة معلومات لوسائل الإعلام، بالإضافة إلى برامج التدريب التي تقوم بها الوكالة المصرية للتنمية في إفريقيا، وأيضًا المؤسسة الإفريقية لبناء القدرات في زمبابوي.
وفي معرض آخر من الحديث، أبرز سيادته الصلة المباشرة بين مشكلة اللاجئين والإرهاب، خاصة في بعض دول أوروبا، رغم إنفاق الملايين على استيعاب اللاجئين، وأكد أن الحل يكمُن في علاج السبب الرئيسي وهو الإرهاب، وتضارب المصالح لبعض الدول المتدخلة في الأزمة خاصة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، وأنه بدون حل قاطع للأزمة في هذه الدول فسيستمر تدفق اللاجئين، وسيستمر الإرهاب، وأن أي حل جزئي لهذه الأزمات هو مثل تناول مسكن لآلام السرطان دون القضاء عليه.
وأشار في هذا الإطار إلى وقوف مصر وحدها بقوة في مواجهة الإرهاب بسيناء، وعلي حدودها، وأيضًا أشار إلى الموقف النموذجي المصري من استيعاب اللاجئين لديها لإدماجهم في المجتمع، وتمتعهم بنفس خدمات الدولة لمواطنيها. وأيّد كل من الممثل الإيطالي والألماني حديثه، وأشاد كل منهما بموقف دولتيهما من اللاجئين ودعمهما لهم.
كما أكد على عدم كفاية الحل العسكري في مواجهة الإرهاب، بل أيضًا ضرورة اللجوء إلى الحل الاقتصادي، والتعليمي، والديني، والإعلامي، في الدول التي تُعاني من الإرهاب.
وانتقد ما يجري في سوريا الآن من تطبيق كل دولة لأجندة خاصة بها دون النية في إنهاء حل سلمي للازمة. كما انتقد مجزرة حلب التي تُمارسها جهات حطمت فيها المدينة، وقُتل فيها الآلاف المواطنين، وفي هذا السياق أبرز سيادته موقف مصر الذي يهدُف إلى المحافظة على وحدة دولة سوريا وليبيا.
وختامًا، أكد سيادته على أهمية الابتكار والمبادرات في مراكز الفكر، ولكن مع أهمية توفر الدعم المالي، ومواجهة المنافسة، وقدرات المكاتب الاستشارية وقوة الميديا. بالإضافة إلى الاختيار الجيد للعناصر القادرة من المفكرين والخبراء إلى جانب مجموعة من الباحثين، وهذا كله من شأنه دعم مبادرات مراكز الفكر.