زيارة وفد المجلس للهند
يناير 6, 2017مشاركة عدد من أعضاء المجلس في الاجتماع الثالث للجنة حكماء جامعة الدول العربية المعنية بقضايا ضبط التسلح وعدم الانتشار النووي
يناير 26, 2017
بتاريخ 22 يناير 2017، نظم المجلس المصري للشئون الخارجية نقاش مائدة مستديرة حول “سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة في الشرق الأوسط ، وآفاق العلاقات المصرية الأمريكية” وذلك عقب فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية التي أجريت عام 2016 وشهد 20 يناير تنصيبه رسمياً .
وقد ألقت الندوة الضوء على الملامح المستقبلية للعلاقات المصرية الأمريكية، فضلاً عن ملامح توجهات السياسة الخارجية الأمريكية في ضوء تصريحات ووعود ترامب خلال حملته الانتخابية واختياره لأركان إدارته ومستشاريه ثم خطاب تنصيبه في 20 يناير الجاري، مع التركيز بصفة خاصة على قضايا الشرق الأوسط لا سيما مكافحة الإرهاب وعملية السلام في المنطقة ووعوده بنقل السفارة الأمريكية للقدس وإلغاء الاتفاق النووي الإيراني . وشارك في النقاش عدد من الخبراء في الشؤون الأمريكية بينهم دبلوماسيون وأكاديميون متخصصين. وافتتح النقاش السفير د. منير زهران رئيس المجلس وإدارة السفير د. حسين حسونة منسق لجنة الشؤون الأمريكية بالمجلس.
وقد استضاف المجلس، على غذاء عمل ظهر 31 يناير الماضي، كلاً من السفير فرانك ويزنر سفير الولايات المتحدة الأسبق لدى مصر، وشبلي تلحمي أستاذ العلوم السياسية والباحث بمركز سياسات الشرق الأوسط ومدير برنامج دراسات الشرق الأدنى (كلاهما من الحزب الديمقراطي)، ضم عدد من أعضاء المجلس بما فيهم السيدين نبيل فهمي ومحمد العرابي وزيرا الخارجية السابقين، حيث نوقش الموضوع مرة أخرى في ضوء مشاركة بعض أعضاء المجلس في حلقة نقاش حول الموضوع ذاته، نظمتها الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتعاون مع معهد الشرق الأوسط بواشنطن.
1- افتتح السفير منير زهران أعمال الندوة بالتأكيد على أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة اتسمت بالعنف الكلامي بين المرشحين والافتقار لاحترام الخصوصيات، وهو ما عكسته التصريحات التي أعلنت من كلا المرشحين، مؤكداً أن ترامب حرص في تصريحاته خلال الانتخابات أو في خطاب تنصيبه على التركيز بشكل أساسي على القضايا الأساسية التي تمس مصلحة المواطن الأمريكي بدءاً من تحقيق العدالة والاهتمام بتوفير الوظائف والنهوض بمستوى العمالة الأمريكية وإعادة هيكلة البنية التحتية للاقتصاد الأمريكي ، ولكنه في الواقع لم يركز على القضايا الأساسية المتعلقة بالصفقة النووية الايرانية والعلاقة مع الصين ، ومستقبل العلاقة مع روسيا في ظل التوتر بين البلدين حول قضايا إقليمية ودولية عديدة، وأضاف أن المائة يوم الاولى ستكون محددة بشكل كبير لمعالم السياسة الأمريكية الجديدة عقب اكتمال أركان الادارة الجديدة ومؤسساتها وبدء ممارستها مهامها.
2- عقب ذلك تولى السفير حسين حسونة- منسق لجنة الشؤون الأمريكية بالمجلس إدارة أعمال الندوة ، منوها في البداية إلى مايلي لأغراض إثراء النقاش:
– أن فوز ترامب بالانتخابات كانت مفاجأة كبرى وأنه من المتوقع تبني سياسات جديدة تغير النظرة العالمية للولايات المتحدة الأمريكية.
– أن العالم الآن ينظر بترقب للمرحلة الجديدة التي ستبرز بشكل واضح عقب اكتمال الاطار التنفيذي والمؤسسي للإدارة الجديدة ، خاصة وأن خطاب التنصيب أبرز تراجع ترامب عن بعض التصريحات التي أعلنها خلال حملته الانتخابية.
– سبق لترامب أن أعلن نيته تعزيز العلاقات مع الدول التي تحارب الإرهاب وعلى رأسها مصر، معلناً عدم التمييز بين جماعات الاسلام المتطرف وعزمه محاربة التطرف بكافة صوره وأشكاله ، والابقاء على نظام الأسد خوفا من صعود الجماعات المتطرفة للسلطة ، وإعلانه عزمه الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني ، ونقل السفارة الامريكية للقدس.
– أن الموقف المصري يتبلور في التطلع لإعادة تدعيم العلاقات مع الولايات المتحدة وبخاصة في القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب والتوصل لتسوية سلمية لأزمات المنطقة، وفي هذا السياق أشار السفير حسونة إلى أن أولويات مصر تتمثل في الحفاظ على استمرار المساعدات العسكرية الأمريكية والبالغة 1.3 مليار دولار، وخاصة في الوقت الذي تتصاعد فيه التحديات الداخلية والخارجية ، وأهمية عدم ربط تلك المساعدات بشروط والنظر في إمكانية زيادة حجمها. كذلك أكد أهمية مساندة واشنطن لبرنامج الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي الذي تتبناه الدولة المصرية وتكثيف الزيارات المتبادلة بين الجانبين، وبخاصة من القطاع الخاص والذي يلعب دوراً هاماً في تحقيق التنمية .
– ضرورة تعزيز التعاون والتنسيق المصري الامريكي وبلورة رؤية مشتركة حول سبل التوصل لتحقيق التسوية السلمية تجاه قضايا وأزمات المنطقة، خاصة وأن الإدارة الجديدة تؤمن بأهمية الدور المصري في حلحلة هذه الأزمات .
– تعزيز العمل المشترك الرامي إلى دفع عملية السلام من خلال استئناف المفاوضات الفلسطينية/الإسرائيلية، والتحذير من خطورة تنفيذ ما وعد به ترامب خلال حملته الانتخابية وما بدأ البيت الابيض في دراسته حول مدى إمكانية نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل للقدس بالمخالفة لكافة قرارات الشرعية الدولية، والتي تحظر على أية دولة إقامة تمثيل دبلوماسي لها في القدس. وموقف ترامب من هذه القرارات بعد تبني مجلس الأمن القرار 2334 في 23 ديسمبر 2016 الخاص بإدانة المستوطنات الإسرائيلية ومطالبة إسرائيل بوقف بنائها، وتعهده بالرد على ذلك بوقف المساعدات الأمريكية للحكومة الفلسطينية وللمنظمات الأممية العاملة في الضفة وغزة.
– ترحيب مصر بما ردده بعض أركان الإدارة الجديدة بإدراج الإخوان جماعة إرهابية .
– معارضة مصر لمشروع القانون الأمريكي المقدم للكونجرس بعنوان: “قانون المساءلة المتعلق بالكنائس القبطية “، والذي تقدم به النائب الجمهوري “ديف تروت” و الذي يطالب فيه وزير الخارجية الأمريكي بتقديم تقرير سنوي إلى الكونجرس بشأن الجهود المتعلقة بترميم وإصلاح الممتلكات المسيحية، التي تعرضت للإتلاف من قبل العناصر المتطرفة في 2013 .
وقد فتح النقاش حيث دار على النحو التالي:
3- في مداخلته حول حدود التغير المتوقع في ظل إدارة ترامب ، أكد د. عاطف الغمري – عضو المجلس – على ضرورة التوقف عند ما ذكره ترامب خلال خطاب تنصيبه ” بأنه حان الوقت لانتقال السلطة من واشنطن للشعب الامريكي”، وهو ما ارتبط بشكل أو باخر بتصريحاته خلال حملته الانتخابية وهجومه على النخبة السياسية الأمريكية، وهو ذات الموقف الذي تبناه مؤيدوه . منوهاً إلى أن العديد من استطلاعات الرأي الأمريكية أوضحت أن أحد أسباب تأييد الناخب الأمريكي لترامب هو البحث عن رئيس من خارج دائرة النخبة السياسية التي تتحكم في صنع السياسة الأمريكية. وقد بلغت نسبة من أيدوا ذلك نحو 61% مقابل 33%.
وشدد الغمري على أن الحركة المؤيدة لترامب ليست وليدة اللحظة بل هي نتاج لحالة من التململ بدأت في ثمانينات القرن الماضي وتبلورت لتتحول لحركة تمرد عام 2016 خاصة في ظل تنامي الشعور لدى المواطن الامريكي بأنه لا يملك تأثيراً أو نفوذاً في صناعة القرار الأمريكي وأن جماعات المصالح وقوى الضغط هي صاحبة السطوة في هذا الشأن، وفقا لاستطلاعات الرأي .
فيما يتعلق بما أثاره الرئيس ترامب حول نقل السفارة الأمريكية للقدس ، أوضح أنه في عام 1996 قدم السيناتور “بوب دول” زعيم الأغلبية للحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ مشروع قانون لنقل السفارة الأمريكية وصدر قرار بذلك، لكنه لم ينفذ نظراً لتعليق الرؤساء السابقين تنفيذ القانون بدءاً من الرئيس الأسبق كلينتون حتى من أعلنوا تأييدهم للقانون لم يقوموا بتنفيذه، – مشدداً على أن نقل السفارة يترتب عليه فقدان الولايات المتحدة لما تردده باستمرار بأنها “الوسيط النزيه “الضامن للحل النهائي، كما سيؤدي ذلك لفقدان الولايات المتحدة مصداقية موقفها النابع من أن القدس لا تحل من جانب واحد بل من خلال مفاوضات الوضع النهائي.
4- أكد السفير رخا حسن – عضو المجلس – إلى أن الفترة القادمة ستشهد العديد من التغييرات الجوهرية والتي قد تتضح بشكل أساسي في خطاب الاتحاد 17 فبراير المقبل، خاصة وأن التغيير مطلوب ، حتى ولو لم يتمكن ترامب من تنفيذ كل ما وعد به، وهو ما يتوقع أن يتجلى في النواحي السياسية والاقتصادية ، فمثلا على الصعيد الاقتصادي ستشهد الولايات المتحدة إعادة هيكلة للاقتصاد وتحديث البنية التحتية خاصة في ظل ارتفاع الديون الأمريكية لنحو 1.6تريليون دولار وانخفاض الدخل السنوي للأسرة الأمريكية من 54 ألفا لنحو 53 ألف. هذه الهيكلة قد تؤثر على الالتزامات الأمريكية خاصة وأنها تشكل عبئا على الموازنة مع الانتشار العسكري المكثف من خلال انشاء قواعد عسكرية أمريكية في العديد من المناطق سواء في كوريا الجنوبية وأوروبا ودول الخليج، منوهاً أن زيارة رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي المرتقبة للولايات المتحدة هي للاستفسار عن كيفية تحقيق ذلك، هل سيكون بفك الارتباط بشكل كامل أم تخفيض التواجد الأمريكي ، خاصة وأن تلك المسألة أثارت انزعاج السلطات الألمانية كونها ستلقي عبء حماية القارة العجوز على عاتقها.
واستطرد السفير حسن فذكر أن هذا التحرك ينبع من رؤية ترامب بأن الولايات المتحدة ليست مسؤولة عن تغيير الأنظمة واستمرار تقديم الدعم بلا مقابل ، وهو مايطرح استفساراً هاماً حول مدى تأثر المعونة العسكرية المقدمة لمصر بهذا النهج القائم على ضرورة تقديم مقابل لهذه المعونة من جانب مصر.
وحول مسألة نقل السفارة، نوًه السفير حسن إلى أن الولايات المتحدة حصلت على قطعة ارض كانت وقفاً لأسرة عربية داخل القدس الشرقية– بهدف بناء مباني دبلوماسية وبالفعل شيدت قنصلية أمريكية، وقد يتم تجهيزها مستقبلاً لنقل السفارة ، ولكن الحسابات المنطقية تؤكد عكس ذلك خاصة وأن الولايات المتحدة كانت من الدول التي صدقت على قرار لمجلس الأمن صدر عام 1980 بعدم نقل السفارات للقدس . ولكن قد يتم نقل مقر إقامة السفير للقدس كما فعلت الهند ولم يعترض أحد حينها.
فيما يتعلق بمسألة مكافحة الإرهاب، أوضح ان هناك تساؤلات كثيرة حول كيفية تنفيذ ذلك ومدى تأثيرها على العلاقة مع المملكة العربية السعودية، التي تتبنى المذهب الوهابي والمتهم بأنه الأساس الفكري للإرهاب والفكر المتطرف في المنطقة والعالم .
– اختتم حديثه بالتأكيد على أن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي سيمثل خسارة كبيرة للولايات المتحدة، خاصة وأنه ساهم في بدء انفتاح ايران اقتصادياً على المنتج الأمريكي ، وهو ما برز مؤخراً من خلال صفقة شراء طائرات البوينج بنحو 18 مليار دولار.
5- في مداخلته أشار د. محمد كمال – أستاذ العلوم السياسية – إلى عدد من المحاور الأساسية حول سياسة ترامب بشكل عام ، وتجاه منطقة الشرق الأوسط، وأخيراً العلاقات المصرية الأمريكية:
-
حول إدارة و توجهات ترامب:
– تحفظ د. كمال عن ما يتردد من امكانية حدوث إعتدال أو تغير في رؤية ترامب كرئيس عن رؤيته كمرشح، خاصة وأن ترامب يؤمن بأن سبب فوزه في الانتخابات هو اختلاف رؤيته عن الساسة الأمريكيين وسوف يحافظ على هذا الاختلاف. وعليه هناك تساؤلات حقيقية حول مدى قدرة المؤسسات الأمريكية على تغيير رؤيته، خاصة وأن القيادات المقربة من دائرة صنع القرار تتشابه معه في خلفيتها. ويلاحظ أن الصف الأول والثاني من الادارة يتكون بشكل أساسي من عسكريين سابقين أو رجال أعمال ناجحين. ويلاحظ أيضا عدم استعانة ترامب بالخبراء من مراكز الأبحاث ومعاقل الفكر، مما دفع بعض الصحف الأمريكية كواشنطن بوست إلى التنبؤ بأن عهد ترامب قد ينهي أهمية ودور هذه المراكز.
– أشار إلى عدم صحة الحديث القائل بأن سياسة ترامب هي تكرار لسياسة بوش وعودة لتوجهات المحافظين الجدد ، خاصة أن الواقع يؤكد أن توجهاته ورؤيته مختلفة عن رؤية بوش التي تمحورت في مبدأ (الخروج للعالم وتغييره بالقوة)،إلى تبني سياسة أقرب للاهتمام بالشأن الداخلي والحفاظ على الحلفاء وفقا للمصالح المتبادلة. وأشار أيضا الى أنه غير صحيح القول بأن إدارة ترامب سوف تتبنى خيار العزلة.
– أشار إلى أن العديد من الباحثين يرون أن سياسة ترامب أقرب للرئيس أندرو جاكسون (1829-1837) والذي تولى الحكم في ظل موجة شعبوية ضد المؤسسات والنخبة السياسية ، وتبنى رؤية تقوم على عدم التدخل بالخروج للعالم إلا في حالة حدوث تهديد للولايات المتحدة، ففي هذه الحالة تقاتل العدو بلا رحمة أينما كان، وفي حالة غياب التهديد لا مجال للتدخل. وتبنى مبدأ “دعنا نعش و نترك الاخرون يعيشون أيضا”.
– أن خلفية ترامب كرجل أعمال ستؤثر في سلوكه الدولي والذى يقوم على المساومة وخلق وضع يجعل الخصم في حالة عدم توازن تفقده القدرة على التنبؤ، مع الاستمرار في تصعيد المطالب حتى يمكن في النهاية اخضاعه للقبول بقدر أكبر من المطالب الامريكية.
– أن مركز صنع القرار واتخاذ القرار السياسي الخارجي سيكون في البيت الابيض بشكل رئيسي (الرئيس و نائب الرئيس و مستشار الأمن القومي، بالإضافة لباقي مستشاري ترامب في البيت الابيض)، بينما سيقتصر دور وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي على تنفيذ تلك السياسات. وأضاف أن سيطرة الجمهوريين على الكونجرس ستجعله داعماً أساسياً لكافة التوجهات التي سيتبناها ترامب. ورغم أن الكثير من أعضاء الحزب كانوا ضد توجهاته إلا أنهم يعتقدون الان بأن فوزهم بالأغلبية في الكونجرس كان نتيجة لدعم الناخب الأمريكي لترامب المنتمي للحزب الجمهوري، وبالتالي يدينون لترامب بالأغلبية في الكونجرس.
-
وحول رؤية ترامب ومنطقة الشرق الأوسط أشار الدكتور كمال إلى الآتي:
– من المبكر الحديث عن رؤية متكاملة للمنطقة، إلا أنه توجد شواهد تحدد تلك الرؤية:
– أن سياسة ترامب تجاه منطقة الشرق الأوسط لن تختلف كثيراً عن رؤية أوباما فيما يتعلق بدرجة الالتزام و الانخراط في شئون المنطقة. وفيما عدا قضية الارهاب، فلن تحتل منطقة الشرق الأوسط جزءاً أساسياً من الاهتمام الأمريكي و لن تلعب واشنطن دور قيادياً إزاء القضايا الأساسية بها وخاصة عملية السلام العربي الإسرائيلي، وقد تركز هنا على إجراءات بناء الثقة بين الطرفين بدلا من التوصل لحل للقضية.
– وحول مسألة مكافحة الإرهاب نوًه الى أن رؤية ترامب لم تتضح بشكل كامل، خاصة وأن الإرهاب في الأصل هو نتيجة لتطور الفكر المتطرف، مؤكداً أن الدلائل تشير الى أن الأداة العسكرية ستكون عاملاً أساسياً في القضاء على الإرهاب لدى إدارة ترامب، وليست الأداة الفكرية والسياسية التي تبناها أوباما، خاصة وأن معظم مستشاريه ينتمون إلى خلفية عسكرية.
– سيكون التحالف مع الإدارة الأمريكية الجديدة على أساس مبدأ المصالح والمنافع المتبادلة.
– أن إيران ستكون قضية أساسية بالنسبة لترامب، مشدداً على أن الدلائل تشير الى صعوبة الغاء الاتفاق النووي 5+1 ، وإن كان من المتوقع وجود تصعيد في لغة الخطاب وفرض عقوبات جديدة على طهران، وهذا من شأنه أن يفرض على مصر بلورة رؤية مستقبلية حول كيفية التعامل مع إيران في ظل هذه المعطيات الجديدة.
– أوضح د. كمال أن عملية السلام لن تشهد تحسناً ملحوظاً في الوقت الراهن، خاصة وأن ترامب يمتلك وجهة نظر متقاربة مع نتانياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو مابرز في اختياراته للسفير الأمريكي في إسرائيل ، وتعيين صهره جاريد كوشنر وسيطاً لعملية السلام في المنطقة. وأضاف أنه يتعين على العرب إدراك أن ما أثير حول نقل السفارة ليست مجرد تصريحات انتخابية بل لابد من أخذها على محمل الجد، وهو ما يستدعي سرعة التحرك العربي والإسلامي وتوجيه تحذيرات للإدارة الأمريكية الجديدة حول العواقب الوخيمة من هذا التحرك.
-
وحول مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية:
– أكد د. كمال أن إدارة ترامب تمثل فرصة أساسية لتحسين العلاقات الثنائية مع مصر ، خاصة في ظل وجود رؤية مشتركة حول أولوية قضية مكافحة الإرهاب وربط الإرهاب بالإسلام المتشدد وهو ماأكده وزير خارجيته ريكس تيلرسون،حينما أكد أن أمريكا ستعطي أولوية لمحاربة داعش ثم الإسلام الراديكالي والذي ضم إليه جماعة الإخوان المسلمين، وهو مايحدث لأول مرة فى الخطاب الرسمى الامريكى.
– أنه بجانب مسألة مكافحة الإرهاب، يتفق البلدان في المسائل المتعلقة برفض سياسات تغيير النظم وفرض الديمقراطية من الخارج لأن ذلك قد يؤدي لإحداث فراغ سياسي يملؤه الإرهاب، و يتفق البلدان على أهمية وجود حكومات قوية مستقرة بغض النظر عن توجهاتها السياسية الداخلية.
– يضاف لذلك العلاقة الودية و المباشرة التى تطورت منذ لقاء الرئيس السيسي مع المرشح الجمهوري ترامب في 19 سبتمبر 2016 على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة وخلال الأحاديث الهاتفية المتبادلة بين الرئيسين، والتي أظهرت تقدير الرئيسين لقوة بعضهما ونظرتهما المشتركة للكثير من القضايا، وهو الأمر الذي يوفر فرصة لإيصال وجهة النظر المصرية، والتي لم تتمكن من إيصالها خلال عهد الرئيس السابق أوباما، ومن المهم هنا أيضا استثمار سيطرة الحزب الجمهوري على الكونجرس خاصة وأن الحزب أكثر تعاطفا مع مصر في العديد من القضايا وعلى رأسها مكافحة الإرهاب ، مع ضرورة العمل على وضع رؤية مصرية استراتيجية حول ما يمكن تقديمه في هذا المجال سواء في المجال، الاستخباراتي أم العسكري أم في مجال تجديد الخطاب الديني.
– أوضح د. كمال أن الملف العسكري يمثل فرصة كبيرة للتعاون، خاصة وأن وزير الدفاع الجنرال المتقاعد “جيمس ماتيس” أكد في تصريحاته أهمية استعادة مناورات النجم الساطع ، والتعاون العسكري في مجال مكافحة الإرهاب، وقد يمثل ذلك فرصة للمطالبة بإلغاء القيود على المساعدات العسكرية سواء النقدية Cash Flow أو القيود الأربعة التي حددتها إدارة أوباما كمعايير لبيع الأسلحة لمصر والتي من المفترض أن تطبق بدءا من عام 2018 .
– وحول الملف الاقتصادي، شدد د. كمال على ضرورة التخلي في الوقت الحالي عن فكرة إقامة منطقة التجارة الحرة مع الولايات المتحدة ، خاصة وأن ترامب يقف معارضا لمبدأ تحرير التجارة ، والعمل بدلا من ذلك على الاستفادة من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين كاتفاقية الكويز والمطالبة بزيادة عدد مناطق الكويز وربما المطالبة بزيادة نسبة المساعدات الاقتصادية ، وتسهيل الإجراءات أمام الاستثمارات الأمريكية، والارتقاء بمستوى الحوار الاستراتيجي ليشمل البعد الاقتصادي كما فعلت الهند.
– رغم عدم وجود اهتمام في رؤية ترامب بملف حقوق الإنسان والحريات، إلا أن هذا لا يعني التخلي عن الملف حيث سوف تستمر مؤسسات أمريكية أخرى في الاهتمام به مثل الكونجرس و مراكز الأبحاث و جماعات حقوق الانسان. وأضاف أن قضايا الأقباط ستظل مطروحة خاصة وأنها أولوية لدى الجمهوريين بالكونجرس وللتيار الديني المسيحي .
– الحاجة لتكثيف الجهد وتوفير المعلومات الكاملة والموثقة للطرف الأمريكي سواء في الادارة أو الكونجرس حول جماعة الإخوان ، بهدف لعب دور في الاسراع بإدراجها كجماعة إرهابية في الولايات المتحدة.
– نوًه د. كمال الى أن بعض الملفات الإقليمية خاصة الملف السوري والليبي يمكن أن يشكل مساحة كبيرة للتعاون مع إدارة ترامب وفي إطار التعاون مع روسيا، وبما يعزز الدور الإقليمي لمصر. وأشاد بالتحركات المصرية الأخيرة بشأن الملف الليبي.
واختتم د. كمال مداخلته بالتأكيد على أن هناك فرصة لتطوير العلاقات المصرية الأمريكية فى عهد ترامب، ولكن ذلك يرتبط بصياغة رؤية مصرية متكاملة حول كيفية تعزيز التعاون والارتقاء بالعلاقات بين البلدين، سواء على صعيد مؤسسات الدولة الرسمية أو على مستوى منظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية ، بما في ذلك الإعداد الجيد لزيارة الرئيس السيسي القادمة، خاصة وأن تلك العلاقات ستظل تواجه تحديات تتعلق بكيفية التعامل مع ترامب في ظل عدم وضوح رؤيته، وأكد على أهمية الاستعداد وإعداد خطط مستقبلية حول الإجراءات المثيرة للجدل التي قد يتبناها ترامب نقل السفارة الأمريكية للقدس، وماهي المطالب المتوقعة لترامب من مصر في إطار جهود مكافحة الارهاب.
6- في مداخلتها اوضحت د. منى مكرم عبيد – عضو المجلس- أن عدم اهتمام ترامب بمسألة حقوق الإنسان والحريات والمجتمع المدني لا يعني إهمال الملف، خاصة وأن مؤسسات الدولة الأمريكية المؤثرة في صناعة القرار وعلى رأسها الكونجرس تهتم بذلك، كما أن العديد من أعضائه أثار الملف مسبقاً كما هو الحال مع السيناتور جون ماكين وليندسي جراهام. وأضافت:
-
نوًهت أن الهيمنة الأمريكية سقطت من خلال التعامل مع الأزمة السورية التي ظهر فيها لاعبين جدد أنهوا الهيمنة الأحادية والقيام بإعادة التوازن الأمني للعالم. وقد اعترف ترامب بذلك ضمناً عندما أعلن ضرورة التعاون مع روسيا في حلحلة قضايا المنطقة. والواقع أن السياسة الأمريكية تجاه روسيا- والتي تواجه مأزقاً ناتج عن العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما على روسيا قبيل أيام من رحيلها- ستكون بمثابة محدد أساسي لكيفية نظر الإدارة الأمريكية الجديدة للعديد من القضايا.
-
تساءلت عبيد حول الرؤية التي سيتبناها ترامب في مكافحته للإرهاب؛ هل ستكون امتداداً لرؤية سلفه أم ستكون رؤية جديدة بمحددات أخرى وحلفاء جدد، مشددة على ضرورة تعاون مصر مع إدارة ترامب في صياغة رؤية وسياسة جديدة لمكافحة الإرهاب يعبر عن الموقف المصري في رفض التفاوض مع الجماعات المسلحة، والتي أصرت إدارة أوباما على أهمية إدماجها في أية مفاوضات سواء خلال الأزمة السورية أو الليبية. وأضافت أن هذه الرؤية ستساهم في ظهور مصر بشكل قوي على الساحة الإقليمية والمساهمة في حلحلة أزمات المنطقة في ظل تراجع فاعلية الدور المصري نتيجة لظهور لاعبين جدد كروسيا قطر والسعودية وإيران وتركيا .
-
اختتمت حديثها بالتساؤل حول ما يمكن أن تقدمه مصر لترامب، وهو ما يستلزم وضع عناصر وترتيب أفكار محددة تراعي كافة القضايا محل الانتقاد في مصر حتى تتمكن من لعب دور أكثر فاعلية.
-
دعت د. منى إلى ضرورة قيام المجلس المصري بلعب دور حيوي في مجال الدبلوماسية الشعبية من خلال استقبال وفود أمريكية ودعوة شخصيات قريبة من دوائر صنع القرار لمعرفة كيف يفكر صانع القرار الأمريكي، داعية لتبني المجلس حوار مشترك مع الأزهر للخروج بوثيقة استراتيجية توضح مجال التحرك في قضية مكافحة الإرهاب من خلال تغيير الخطاب الديني.
7- في مداخلته أوضح السفير د. عزت سعد – مدير المجلس- أنه وإن كانت الشواهد تشير، حتى الآن، إلى إمكانية أن تشهد العلاقات الأمريكية / الروسية تحسناً ملحوظاً قد ينعكس إيجاباً على تسوية بعض مشكلات المنطقة، كما أن كلاً من موسكو وواشنطن تعتبران مكافحة الإرهاب والتطرف الديني أولوية لسياساتهما في المنطقة، إلا انه لايجب تجاهل دور المؤسسات الأخرى داخل الولايات المتحدة التي لا تتحمس كثيراً لتطبيع العلاقات مع روسيا والتعاون معها مثل الكونجرس ووزارة الدفاع مثلاً. وأضاف:
-
أن تراجع الولايات المتحدة الأمريكية عن مشكلات المنطقة، والمنتظر أن يستمر في عهد الإدارة الجديدة، لا يعني أن روسيا ستكون مستعدة للعب دور كبير في هذا الشأن، كما لن يكون هذا الدور بديل عن الدور الأمريكي في المنطقة، والذي سيظل أساسياً سواء لاعتبارات تتعلق بالقيود على دور موسكو ، أبرزها عدم قدرة الإقتصاد الروسي على تحمل أعباء دور فاعل في المنطقة، أو لاعتبارات أخرى تتعلق بأولوية علاقات روسيا بالغرب، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية ، على ما عداها. وهو مايدفع روسيا الى السعي للتنسيق مع الأمريكيين في قضايا ذات أهمية استراتيجية في المنطقة مثل مكافحة الإرهاب ومنع الإنتشار.
-
في السياق عاليه أشار السفير عزت سعد الى علاقات روسيا بإيران، والتي قد تبدو ذات خصوصية بالنسبة لروسيا إلا أنها في الواقع ليست كذلك. فقد التزمت موسكو تماماً بالعقوبات التي فرضها مجلس الأمن على إيران ارتباطاً بملفها النووي ( قبل التوصل إلى الصفقة مع مجموعة الـ5+1 في 14 يوليو 2015)، كما حرصت منذ البداية على انخراط الولايات المتحدة في الأزمة السورية بدءاً باقتراح التخلص من السلاح الكيماوي السوري عام 2013 لنزع فتيل الحرب وانتهاء بالحرص على مشاركة الولايات المتحدة في إجتماع أستانا بين الحكومة والمعارضة السورية في 23 / 24 يناير الجاري برعاية كل من روسيا وتركيا وإيران، وذلك رغم معارضة هذه الأخيرة.
-
أن ما يهم روسيا من الناحية الاستراتيجية هو الحفاظ على نفوذها في جوارها المباشر. وقد جاء تدخلها العسكري في سوريا كرد فعل على استمرار الموقف الغربي من الأزمة الأوكرانية ومحاولاته فرض عزلة دولية على روسيا من خلال عقوبات اقتصادية ومالية.
-
ارتباطاً بما تقدم، أشار السفير سعد إلى أنه لا يتوقع دوراً روسياً ذا بال في الملف الفلسطيني، حيث شهدت علاقات موسكو بتل أبيب تقدماً كبيراً خلال السنوات القليلة الماضية ولا يوجد بديل للدور الأمريكي في هذا الشأن.
-
أبدى السفير عزت سعد تحفظاً على مسألة ” الحوار الاستراتيجي” أو ” العلاقات الاستراتيجية” التي تسعى إليها مصر في علاقاتها مع القوى الكبرى في العالم ، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، مشيراً إلى أن مثل هذا الحوار يستوجب بالضرورة مستوى معين من العلاقات تتشابك فيه المصالح السياسية والأمنية على قاعدة كبيرة من التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية الضخمة، وهو ما يدفع طرفي الحوار أو العلاقة إلى وصفها بالاستراتيجية والحرص على ذلك.
وذكر أن خلال زيارة وفد المجلس لنظيره الهندي، مطلع يناير الجاري، لم يتحمس الجانب الهندي لفكرة إبرام اتفاق شراكة استراتيجية شاملة مع مصر على غرار الاتفاق مع الصين. وبالنسبة لحالة روسيا، فإنه بالرغم من مبادرة الجانب المصري باقتراح إبرام هذا الاتفاق وتماشي الروس معه بعد تردد، وتوقيعه في القاهرة إبان زيارة الرئيس السابق ميدفيديف لمصر في يونيو 2009، إلا أنه لم يفعل إلا بمبادرة من روسيا بعيد ثورة 30 يونيو وسقوط نظام الإخوان، وفي ظروف شهدت تراجعاً في العلاقات المصرية الأمريكية.
8- تساءل السفير رضا شحاتة – عضو المجلس- حول التوقعات وردود الفعل المنتظرة في حال تم نقل السفارة، وتداعيات ذلك على الأوضاع في المنطقة بصفة عامة وعلى الرأي العام العربي والفلسطيني خاصة، وأن أي ردة فعل ستؤثر على الأمن القومي المصري بحكم الجغرافيا والتاريخ، متوقعاً إمكانية حدوث ردود فعل بعيدة المدى قد تصل لانتفاضة ثالثة وردود فعل فلسطينية وعربية مطالبة بإلغاء اتفاقية أوسلو ونسف مبدأ حل الدولتين. وأضاف أن هذا من شأنه أن يلقي على عاتق مصر مسؤولية التحرك مبكراً في استراتيجية عربية وإسلامية تحدد سبل التعامل المستقبلي مع تداعيات ذلك خاصة في ضوء تبني الإدارة الجديدة سياسة أقرب لدعم المستوطنات والتغلغل الإسرائيلي، وهو ما لوحظ في اختيارات ترامب لمستشاريه وسفيره الجديد في إسرائيل. مشددا على أن تلك القضية ستشكل منحنى خطيراً في العلاقات المصرية / الأمريكية في ظل حالة الانشقاق العربي وضعف القدرة المصرية على حشد موقف عربي لتبني رؤية موحدة.
– أوضح أن التوافق الروسي / الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب يؤكد أن المرحلة القادمة تمثل خطوة جديدة من التعاون بين الجانبين ، مبدياً قلقه من تبني ترامب للاستراتيجية الأسهل في مجال مكافحة الإرهاب والقائمة على استخدام القوة العسكرية بدلا من المواجهة الأيديولوجية والفكرية. ويفرض ذلك على مصر بحث سبل تعزيز دور الأزهر في إطار من الدبلوماسية للقيام بالمواجهة الفكرية. وفي هذا الصدد اقترح سيادته قيام المجلس بالتعاون والتنسيق مع الأزهر في إعداد ورقة مشتركة حول كيفية التعامل سياسيا مع تلك الأيدولوجية وتوضيح صورة الإسلام الوسطي.
-
واختتم السفير د. رضا شحاتة مداخلته بالتأكيد على ضرورة توقف مصر عن رهانها كثيراً على الإدارة الجديدة وان تهتم بصورة أكبر برعاية مصالحها.
9- أكد السفير إيهاب وهبة- منسق لجنة الشؤون العربية بالمجلس- أن ترامب رجل يفتقر للخبرة والحنكة السياسية، لذا يتبنى منهج تصادمي في كافة مواقفه المعلنة وهو ما اتضح خلال محاولة قيامه بإلغاء Obama Care واصطدامه بشرائح واسعة من المجتمع الأمريكي ، وبالمكسيك من خلال إعلانه بناء جدار عازل معها ، واصطدامه بالغرب بسبب تصريحاته التي أعلن فيها أن حلف الناتو عفى عليه الزمن، مرحباً بخطوة بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي ، وتصادمه مع الصين من خلال إعلان رفضه لسياسة الصين الواحدة وإجرائه اتصال مع رئيسة تايوان وإعلانه عن أن الجزر في بحر الصين الجنوبي لا تخضع لسيادة الصين، وهو ما قوبل برد عنيف من الخارجية الصينية التي أكدت أنها لن تسمح لأحد بالاعتداء أو حتى التشكيك في سيادتها على تلك الجزر.
-
وحول قضية نقل السفارة، أكد السفير وهبة أن ذلك، فيما لو تم، يضرب بكافة قرارات الشرعية الدولية عرض الحائط بدءاً من اتفاق أوسلو مروراً بكامب ديفيد ومبدأ عدم وجود تمثيل دبلوماسي لا في القدس الشرقية ولا الغربية ، إلا أنه يمكن تجاوز ذلك من خلال قرار مجلس الأمن رقم 2334 الخاص بإدانة المستوطنات، ونتائج مؤتمر باريس للسلام من التمسك بمبدأ حل الدولتين.
-
واختتم السفير وهبة مداخلته بالتأكيد على أهمية وجود تحرك عربي إسلامي في إطار الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي بالتعاون مع الأمم المتحدة وحركة عدم الإنحياز والتنسيق مع الدول الأوروبية في ذلك، خاصة في ظل وجود تحركات غربية منذ عام 2015 مناهضة للاستيطان الإسرائيلي “والمعروفة بـالـBDS” لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية فضلاً عن أن قيام دول الخليج بالتلويح بسحب أو تقليص استثماراتها في الأوراق المالية الأمريكية من شأنه أن يمثل ضغطاً عليه.
10- بدأ السفير محمد توفيق –سفير مصر السابق لدى واشنطن- مداخلته بتناول العلاقات المصرية الأمريكية والأوضاع في الإقليم، مشيراً في ذلك إلى ما يلي بصفة خاصة:
-
تسير العلاقات الثنائية بالقصور الذاتي وبنفس الآليات المعتمدة منذ الثمانينات، رغم تغير الأوضاع الداخلية والمحيطة بالدولتين، ونظرا لأن مجالات الحوار والمصالح المشتركة تتشابك فإن تحديات المرحلة الراهنة تفرض الحاجة لإعادة بناء علاقات البلدين على أسس أكثر متانة بما يخدم مصالح الطرفين ، وأن العلاقة الطيبة التي تربط بين رئيسي البلدين من شأنها أن تعطي دفعة قوية لهذا التوجه ، مع أهمية مراعاة التوازن في علاقاتنا مع المؤسسات والنخب الأمريكية المختلفة لتنوع مراكز اتخاذ القرار في الولايات المتحدة ولأن العلاقات المصرية الأمريكية تتعدى في منظورها الزمني ولاية أي رئيس أمريكي بعينه .
-
وخلال حديثه ذكر أن الأوضاع الداخلية عادة ما تؤثر في السياسة الخارجية الأمريكية إلا أن الصراع المحتدم بين الإدارة الجديدة والنخبة بجناحيها الديمقراطي والجمهوري من شأنه أن يضاعف من هذا التأثير ، وعلينا أن نراقب عملية التحول التي تمر بها الولايات المتحدة للتحسب من تأثيراتها المحتملة علينا .
-
وحول الانتقادات الموجهة لمصر من قبل إدارة أوباما في مجال حقوق الإنسان والحريات ومدى توقع استمرارها مع الإدارة الجديدة ، أشار السفير توفيق الى ضرورة التفرقة بين التناول الداخلي لاحترام حقوق الإنسان، وهو من علامات الدولة الناجحة، وتناول آخر يتعلق بعنصر حقوق الإنسان في السياسات الدولية التي تتبناها الدول لتحقيق أهداف سياساتها الخارجية، وهي أدوات لا يمكن للدول الغربية أن تتنازل عنها. وعليه فالإدارة الجديدة لن تتخلى عن هذه الأدوات إلا أنها قد تؤجل إستخدامها أو تستخدمها بشكل انتقائي ، وهو الأمر الذي يعني عدم التعويل على أن هذا الملف لن يوظف ضدنا مستقبلا ، وفي حين أن الدبلوماسية المصرية قادرة على التصدي لمحاولات تسييس حقوق الإنسان على المستوى الدولي ، فإن الاهتمام باحترام حقوق الإنسان كخيار وطني يترتب عليه تحقيق النجاح والاستقرار الداخلي.
-
وفيما يتعلق بالتعاون العسكري حدثت تطورات حقيقية على أرض الواقع. وهناك ثبات في حجم المساعدات العسكرية (1.3 مليار دولار) رغم أن قوتها الشرائية قلت كثيراً منذ الثمانينات، وهذه المساعدات العسكرية توجه لشراء وصيانة وتحديث الأسلحة والذخائر والتدريب وتنمية مهارات أفراد القوات المسلحة ، إلا أنه مع زيادة حجم التسليح المصري من المعدات الأمريكية تزداد تكاليف الصيانة والتطوير في ظل ظهور تكنولوجيا جديدة. وأضاف أنه من الناحية الفعلية تغطي قيمة المساعدات استمرار برامج الصيانة والتطوير والتدريب لكن هذه القيمة لم تعد تغطي شراء مصر لأنظمة أسلحة رئيسية جديدة مثل الطائرات المقاتلة بالكميات المطلوبة ووفقا للتكنولوجيا الحديثة في ظل تصاعد التحديات في مصر والإقليم، وهو مايتطلب رؤية وفكر جديد لمستقبل برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية.
-
ذكر أن هذه الرؤية تمثل عنصراً ملحاً في ضوء إعلان الإدارة السابقة عن وقف العمل بنظام التمويل اللاحق لشراء الأسلحة cash flow financing اعتباراً من موازنة عام 2018 والتي سيتم الاعداد لها خلال الفترة المقبلة ، وهو الأمر الذي يتعين إثارته بشكل عاجل لإيجاد حل له ضمن نظرة شاملة لمنظومة المساعدات.
-
ومن ناحية أخرى نوه إلى توجه مصر لسياسة أكثر انفتاحاً تقوم على تنويع مصادر تسليحها خاصة بعد قيام الولايات المتحدة بوقف تلك المساعدات لمدة 6 أشهر عقب ثورة 30 من يونيو و3 يوليو وفض إعتصامي رابعة والنهضة. وكان ذلك نتيجة لمحاولة أوباما الموازنة بين وجهتي نظر داخل الإدارة أحداهما ترغب في ممارسة مزيد من الضغوط على مصر وأخرى تميل إلى تبني سياسة واقعية ، وعليه قام أوباما باتخاذ قرار بعدم توصيف ما حدث في مصر على أنه انقلاب أو غيره، مع استمرار حجم المساعدات كما هي ، أما وقف تسليم منظومة التسليح لمدة 6 أشهر فقد جاء بعد ذلك بعدة أشهر وتم إعادتها بعد ذلك بعدما تبين عدم جدوى سياسة الضغوط على مصر ونجاح الجناح المؤيد لمصر في فرض وجهة نظره ، وقام أوباما بموازنة ذلك بتحديد مجالات أربعة أساسية لهذه المساعدات وهي ( تخصيصها لأغراض مكافحة الإرهاب وأمن سيناء والأمن الحدودي والبحري) ، مضيفاً أن هذه المحددات يمكن تضمينها كل أنظمة التسليح التي نحتاجها من الناحية العملية ، منوهاً إلى أن هذه الشروط تتعلق في الواقع باعتبارات السياسة الداخلية الأمريكية.
-
بالاضافة لذلك قام أحد أعضاء الكونجرس (السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي) بتعليق المساعدات المخصصة لمكافحة الإرهاب في سيناء، حتى تسمح الحكومة المصرية لمنظمات حقوق الإنسان الأمريكية بحرية الحركة والمراقبة في شمال سيناء وكذلك السفارة الأمريكية والإعلام الدولي ، وهو أمر كان لا يمكن القبول به للظروف الأمنية ولتعارضه مع السيادة المصرية. وخلص السفير توفيق إلى أن هذه المواقف حتمت على مصر أن تعتمد استراتيجية تقوم على تنويع مصادر التسليح وعدم الاعتماد على الولايات المتحدة كمصدر وحيد للتسليح مع الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة .
-
فيما يخص المساعدات الاقتصادية– والتي انخفضت من 815 مليون دولار في الثمانينات إلى 150 مليون دولار في الوقت الحالي –فإنها لا تمثل ثقلاً كبيرا بالنسبة لحجم الاقتصاد المصري، خاصة وأن جزء منها غير مفعَّل لحين اتفاق الطرفين على مجالات تخصيصه وجزء آخر معطل لأسباب إجرائية وبيروقراطية، وجزء ثالث مخصص لصندوق الأعمال المصري الأمريكي وهو كيان يدار بمنطق القطاع الخاص ويهدف لخلق الوظائف من خلال تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة ، ومن الصعب زيادة حجم المساعدات بشكل مؤثر في ظل عجز الموازنة الأمريكية ، والتي تسببت في عجز الكونجرس عن إقرار موازنة لمدة ست سنوات حتى عام 2015، اكتفى خلالها باعتماد موازنات الأعوام السابقة مع تخفيض كافة البرامج بنسبة محددة مسبقاً لتقليص عجز الموازنة.
-
وأكد السفير توفيق أن الأهم من تلك المساعدات هو ضرورة سعي الحكومة المصرية لجذب الاستثمارات الأمريكية ، مع مراقبة حديث الإدارة الجديدة عن تقديم حوافز إيجابية وسلبية للشركات الأمريكية حتى توجه استثماراتها للداخل الأمريكي ، وما يتردد حول لجوء الإدارة لتخصيص الكثير من المشروعات في مجال البنية التحتية وتبنيها سياسة لخفض الضرائب من أجل جذب الاستثمارات، وهو ما يؤذن بتحول السوق الأمريكية لسوق كبيرة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي ، كما أنه قد يؤثر على فرص مصر في الاقتراض من الأسواق العالمية بتكلفة غير باهظة.
-
أكد سيادته أن إعادة إحياء الحوار الاستراتيجي المصري/الأمريكي في صيغته الأخيرة تم بغرض إعادة بناء العلاقات بشكل أشمل بما يضم مجالات عديدة للتعاون، وإننا قد درسنا نموذج الحوار الاستراتيجي الأمريكي مع كل من الصين والهند لهيكلة هذا الحوار بالشكل الذي يحقق أفضل النتائج العملية وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي ، إلا أن عدم تحقيق نتائج مشابهة لما تم في الحالتين الصينية والهندية يعود لافتقار الحوار المصري لآليات تنفيذية فعالة ترتكز على متابعة نتائج الحوار وتفعيله، وبخاصة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري، مشدداً على أن إقامة علاقات ثنائية ناجحة في ظل الإدارة الجديدة يكون بالتعاون والعمل مع كافة المؤسسات بما فيها الكونجرس وقطاع المال والأعمال ومراكز البحث ومنظمات المجتمع المدني مع عدم الإقتصار على الإدارة.
-
فيما يتعلق بإدراج جماعة الإخوان جماعة إرهابية، أكد السفير توفيق أن هذا التوجه بدأ منذ عمله سفيراً لمصر في الولايات المتحدة خاصة مع زيارة أول وفد إخواني للولايات المتحدة عقب ثورة 30 من يونيو، في ظل محاولاتهم بناء مؤسسات موازية لمؤسسات الدولة في المنفى، وهو ما كانت تراه الدبلوماسية المصرية خطراً كبيرا،ً خاصة عقب تشكيل ما أطلق عليه برلمان في المنفى ومجلس ثوري بقيادة مها عزام، ومحاولة هذا الوفد التواصل مع عدد من دوائر صنع القرار الأمريكية. إلا أن توزيع مشروع قرار في مجلس النواب باعتبار الإخوان جماعة إرهابية مثل نوعاً من الردع لقيادات الكونجرس والنخبة السياسية الأمريكية في تعاملها مع الإخوان، حتى ولو لم يصدر قانونا باعتبارها جماعة إرهابية.
-
وأشار إلى ضرورة أن تفرق الإدارة بين الجماعات المتطرفة ومنها الإخوان وبين الإسلام بصفة عامة ، حيث أن حالة التوغل الإخواني في الجمعيات الإسلامية في الولايات المتحدة تعاظمت في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2011 في ظل شعور المسلمين الأمريكيين بالإضطهاد والخطر، وعليه فتكرار هذه السياسات في عهد ترامب قد يمثل طوق نجاة للإخوان بعد تراجع نفوذهم خلال الثلاث السنوات الماضية.
-
حول الأوضاع الإقليمية أكد سيادته أن السياسة الأمريكية تجاه طهران ستكون محدداً أساسياً للسياسة الأمريكية تجاه أزمات المنطقة ، وعلى الرغم من توجه ترامب بشكل أساسي للقضاء على داعش فإنه لم يعلن موقفا صريحا حول بقاء الأسد في السلطة من عدمه ، مما يفتح الباب أمام احتمال تبنيها لخطوط العريضة لسياسة أوباما البراجماتية القائمة على استمرار النزاع في سوريا نظرا لعدم تقبل فكرة انتصار الأسد وبقائه في السلطة بما يعزز من استقرار الهلال الشيعي الإيراني من جهة أو انتصار المعارضة الإسلامية المتطرفة ووصولها للسلطة من جهة أخرى ، أخذا في الاعتبار أن الموقف على الأرض قد تغير نظرا للتحرك الروسي عسكريا وسياسيا ، إلا أن الدور الأمريكي لا يزال محوريا لتحديد مستقبل النزاع السوري.
-
حول ليبيا ، قدرت الإدارة الأمريكية السابقة، والتي يتوافق معها الموقف الأممي والغربي، أن تتم مشاركة التيارات الإسلامية في السلطة، وهو توجه أيدولوجي تمت صياغته على أساس وجود نموذجين للتحول في شمال إفريقيا هما: مصر وتونس. ورأت إدارة أوباما أن يتم تبني النموذج التونسي ، وهو ما يرجع أيضا لتقديرها البراجماتي بعدم استطاعة الجيش الليبي أن يفرض إرادته على الأطراف الليبية الأخرى ، وهناك فرصة لأن تتبنى إدارة ترامب مواقف أقرب للرؤية المصرية المعتمدة على المدخل البراجماتي لحل النزاع الليبي بما يحافظ على كيان الدولة وسيطرة قواتها المسلحة على كافة أراضيها .
-
شدد على أن قضية نقل السفارة الأمريكية للقدس تشكل في الواقع تهديداً حقيقياً لمبدأ حل الدولتين، وهو المبدأ الذي أصبح مهدداً نتيجة للسياسات الإسرائيلية الإستيطانية وهو ما أكده جون كيري في خطابه الأخير، وأن ذلك من شأنه أن يفقد السياسة الأمريكية أي رؤية أو فاعلية في عملية السلام ، فضلا عن أنه لا يخدم إسرائيل لأن انهيار حل الدولتين لا يعني إلا العودة لحل الدولة الواحدة .
-
قد تؤدي حالة الضعف العربي المزمنة إلى تقسيم المشرق العربي إلى مناطق نفوذ تركية وإيرانية واسرائيلية ، وسوف يكون الشعور القومي للأكراد هو محور النزاع القادم ، والطريقة الوحيدة لتجنب هذا السيناريو تكمن في تنقية أجواء العلاقات المصرية السعودية كنواة لإيجاد موقف عربي متماسك ، ومن المهم إضفاء منظور إستراتيجي للعلاقات بين الدولتين العربيتين المحوريتين بما يضع أي خلافات جزئية محتملة في إطار أوسع يسهل احتوائه .
-
حول مكافحة الإرهاب، اختتم سيادته الحديث بالتأكيد على أن الولايات المتحدة تفرق بين الإرهاب المحلي البعيد عن أراضيها الذي لا يهددها، وهو إرهاب تدينه علنياً لكن لا تحاربه، والدولي الذي يهدد أمريكا والغرب ورعاياهم وهو الإرهاب الذي تحاربه الولايات المتحدة لأنه يمس مصالحها على نحو ما أكده أوباما في خطابه الأخير بالتأكيد على “أن كل من يمس أمريكا فهو ملاحق للأبد”.
أبرز السفير توفيق أن الخلاف الفكري ليس حول سبل محاربة الإرهاب ولكن في كيفية منع تفريخ الإرهابيين الجدد ، والذي رأت الولايات المتحدة أنه يرجع لغياب الديمقراطية والحكم الرشيد ، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ا
اعتبر القادة الأمريكيون أنه بات من الضروري أن تعمل الولايات المتحدة على إحداث تحولات ديمقراطية في الدول العربية ، وهو ما بدأه بوش بالتدخل العسكري المباشر واستكمل أوباما بشكل أقل كلفة . ومنذ ظهور حديث مغاير تبناه الرئيس السيسي أكد فيه أن الإرهاب لا يرتبط بالديمقراطية بل بالثقافة ، تبدأ بظهور فكر تتبناه الجماعات المتطرفة تنقله لعامة الشعب، الأمر الذي يستدعي القيام بثورة دينية من جهة وتفكيك شبكات جماعات الإسلام السياسي من جهة أخرى للتغلب عليه. هذه النظرية هي ذاتها التي تبناها اليمين الأمريكي مؤخراً والذي أكد على أهمية الحفاظ على الاستقرار السياسي والاقتصادي للدول حيث أن مناخ الفوضى يتيح فرصة سانحة تستغلها الجماعات الإرهابية للانتشار وفرض هيمنتها.
11- أكد السفير سيد شلبي- عضو المجلس- أن مواقف وأفكار ترامب تجاه العالم ستلعب دوراً هاماً في تشكيل النظام الدولي، الذي سينعكس بدوره على مصر والمنطقة ، خاصة وأن كلا من مصر والأردن حازت على دعم وتأييد من قبل الإدارة الجديدة ، منوهاً أن التعاون المصري الأمريكي يلقي على عاتق مصر مسؤولية تحديد الدور الذي يمكن أن تلعبه في ظل إمكانياتها، وما يمكن أن تقدمه للإدارة الجديدة من نصائح حول التعامل مع دول المنطقة.
وحول الحوار الاستراتيجي المصري / الأمريكي ، أكد سيادته أن أول حوار نظم في الثمانينات وعقدت دورته في القاهرة لمدة 3-4 أيام والأخرى في واشنطن ولم تجدد تلك الحوارات إلا في منتصف التسعينات . ومنذ عامين جددت جولات هذا الحوار حيث تم الاتفاق على عقدها كل عامين ، إلا أن ذلك لا يرقى لما تأمله مصر مستقبلاً من إدارة ترامب وعليه فهذا الحوار يمثل ضرورة أكثر من أي وقت مضى شريطة أن يتم تنظيمه وجدولته وفقا لقواعد محددة، وعلى كافة المستويات، لمناقشة كافة القضايا الإقليمية والثنائية وعلى رأسها مكافحة الإرهاب ، منوهاً إلى ان التطورات في هذا الملف في ظل إدارة ترامب لن تختلف كثيرا عن إدارة أوباما، الذي شكل تحالفاً دولياً لمكافحة الإرهاب تشارك فيه الولايات المتحدة بطائرات عسكرية وتعاون استخباري دون إرسال قوات برية، خاصة وأن ترامب يمثل تياراً كبيراً داخل واشنطن يرى أن مشاكل المنطقة تخص شعوبها. وفي هذا الصدد فيجب على مصر التمسك بموقفها بعدم إرسال قوات برية لأي منطقة من مناطق الصراع ، وعدم إهمال الملف الحقوقي والحريات خاصة وانه كما ذكر فإن أمريكا لا تدار من جانب شخص، وإنما من خلال مؤسسات تتشارك عملية صنع القرار، فضلا عن أن نجاح مصر في إدارة هذا الملف يعني نجاح الدولة المصرية في تحقيق الإستقرار والتغلب على معضلة الموازنة بين الأمن والحريات .
12- أكدت السفيرة هاجر الاسلامبولي- عضو المجلس- أن مصر في ظل الفوضى التي تجتاح المنطقة في حاجة لصياغة دور وظيفي أكثر فاعلية تتمكن من تقديمه في حدود تصوراتها ورؤيتها لتلك الأزمات، مشيرة إلى أهمية تعزيز التعاون بين الأزهر الشريف ومراكز الفكر الإسلامية في الولايات المتحدة، وأن المملكة العربية السعودية ظلت تزاحم الدور المصري في تلك المراكز، وأن المطلوب هو تبني خطاب أكثر اعتدالاً يوجه للجاليات الإسلامية هناك وبخاصة الآسيوية التي تشكل الأغلبية .
وقد خلصت المناقشات إلى توافق المشاركين حول الاستخلاصات والأفكار التالية :
أولاً: إدارة وتوجهات ترامب:
-
هناك اقتناع بصعوبة تحول نحو الإعتدال أو تغير في رؤية ترامب كرئيس عن رؤيته كمرشح، خاصة وأن ترامب يؤمن بأن سبب فوزه في الانتخابات هو اختلاف رؤيته عن باقي الساسة الأمريكيين وأنه لن يحيد عن هذا الاختلاف.
-
هناك تساؤلات حقيقية حول مدى قدرة المؤسسات الأمريكية على تغيير رؤيته، خاصة وأن القيادات المقربة من دائرة صنع القرار تتشابه معه في خلفيتها. ويلاحظ أن الصف الأول والثاني من الادارة يتكون بشكل أساسي من عسكريين سابقين أو رجال أعمال ناجحين. ويلاحظ أيضا عدم استعانة ترامب بالخبراء من مراكز الأبحاث ومعاقل الفكر، مما دفع بعض الصحف الأمريكية كواشنطن بوست إلى التنبؤ بأن عهد ترامب قد ينهي أهمية ودور تلك المراكز.
-
عدم صحة الحديث القائل بأن سياسة ترامب هي تكرار لسياسة بوش وعودة لتوجهات المحافظين الجدد ، خاصة أن الواقع يؤكد أن توجهاته ورؤيته مختلفة عن رؤية بوش الإبن التي تمحورت حول مبدأ (الخروج للعالم وتغييره بالقوة)،إلى تبني سياسة أقرب للإهتمام بالشأن الداخلي والحفاظ على الحلفاء وفقا للمصالح المتبادلة. وأشار أيضا الا أنه غير صحيح القول بأن إدارة ترامب سوف تتبنى خيار العزلة.
-
يرى العديد من الباحثين أن سياسة ترامب أقرب ما تكون للرئيس أندرو جاكسون (1829-1837) والذي تولى الحكم في ظل موجة شعبوية ضد المؤسسات والنخبة السياسية ، وتبنى رؤية تقوم على عدم الخروج للعالم الا في حالة حدوث تهديد للولايات المتحدة، هنا يلزم التدخل بدون تردد، وفي حالة غياب التهديد لا مجال للتدخل. وتتبنى مبدأ “دعنا نعش و نترك الاخرون يعيشون أيضا”.
-
أن خلفية ترامب كرجل أعمال ستؤثر في سلوكه الدولي والذى يقوم على المساومة وخلق وضع يجعل الخصم في حالة عدم توازن تفقده القدرة على التنبؤ مع الاستمرار في تصعيد المطالب حتى يمكن في النهاية اخضاعه للقبول بقدر أكبر من المطالب الامريكية.
-
أن أغلبية الجمهوريين في الكونجرس ستجعله داعماً أساسياً للتوجهات التي سيتبناها ترامب. رغم أن كثير من أعضاء الحزب كانوا ضد توجهاته إلا أن فوزهم بالأغلبية في الكونجرس كان نتيجة لدعم الناخب الأمريكي لترامب المنتمي للحزب الجمهوري، وبالتالي سوف يدينون لترامب بالأغلبية في الكونجرس.
ثانياً: رؤية ترامب تجاه المنطقة:
من المبكر الحديث عن رؤية متكاملة لدى الإدارة الأمريكية الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط، إلا أن هناك بعض الشواهد التي تحدد هذه الرؤية:
-
أن سياسة ترامب لن تختلف كثيراً عن رؤية أوباما فيما يتعلق بدرجة الالتزام والانخراط في شؤون المنطقة، وفيما عدا قضية الإرهاب لن تكون منطقة الشرق الأوسط جزءاً أساسياً من الاهتمام الأمريكي، أو لن تلعب دوراً قيادياً إزاء القضايا الأساسية بها، خاصة عملية السلام العربي الإسرائيلي. وقد تركز هنا على تدابير لبناء الثقة بين الطرفين بدلاً من التوصل لحل القضية.
-
سيكون التعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة على أساس مبدأ المصالح والمنافع المتبادلة.
ونشير بصفة خاصة إلى بعض القضايا ذات الأهمية الخاصة لمصر:
-
أن حالة الضعف العربي المزمنة قد تؤدي إلى تقسيم المشرق العربي إلى مناطق نفوذ تركية وإيرانية واسرائيلية ، وسوف يكون الشعور القومي للأكراد هو محور النزاع القادم ، والطريقة الوحيدة لتجنب هذا السيناريو تكمن في تنقية أجواء العلاقات المصرية السعودية كنواة لإيجاد موقف عربي متماسك ، ومن المهم إضفاء منظور إستراتيجي للعلاقات بين الدولتين العربيتين المحوريتين بما يضع أي خلافات جزئية محتملة في إطار أوسع يسهل احتوائه .
-
فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط:
التحسب للمواقف المتقاربة بين ترامب من ناحية ونتانياهو واليمين الإسرائيلي المتطرف من ناحية اخرى، وهو ما برز في اختيارات الرئيس الأمريكي الجديد للسفير الأمريكي في إسرائيل وتعيين صهره جاريد كوشنر وسيطاً لعملية السلام في المنطقة، بما ينبئ بعدم تحسن مواقف ترامب من القضية في القريب. ومع ذلك، فمن المستحسن أن يثير الجانب المصري ملف عملية السلام ، مع مراعاة العناصر الرئيسية التالية:
-
أن استمرار القضية الفلسطينية بدون حل يشكل ذريعة للمنظمات الإرهابية في المنطقة والعالم، والتي عادة ماتبرر أعمالها باستمرار الظلم الواقع على الفلسطينيين وحرمانهم من حق تقرير المصير وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
-
أن نقل السفارة الأمريكية للقدس سيثير ردود فعل سلبية واسعة ضد الولايات المتحدة وترامب شخصياً ويزيد من احتمالات المزيد من التوتر والاحتقان في الشارع العربي والإسرائيلي.
-
أنه يجب على القادة الإسرائيليين وكذلك الجانب الأمريكي إدراك أن تحقيق حل الدولتين هو مصلحة استراتيجية مؤكدة لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل على السواء، وأن استمرار الممارسات الإسرائيلية الحالية يعوق فرص توسيع عملية السلام التي بدأتها مصر لتشمل الأطراف العربية الأخرى، وكذلك فرص تطبيع العلاقات مع إسرائيل ويصادر على المبادرة بتدابير لبناء الثقة معها.
-
أن مصر على استعداد للاستمرار في بذل الجهود لتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط، التي شهدت تراجعاً كبيراً إبان فترتي ولاية الإدارة السابقة، والبناء على دعوة الرئيس للفلسطينيين والإسرائيليين لاستئناف المفاوضات حول قضايا الحل النهائي.
-
فيما يتعلق بالملف الليبي:
أن الإدارة الأمريكية السابقة، والتي يتوافق معها الموقف الأممي والغربي، قدرت أن تتم مشاركة التيارات الإسلامية في السلطة، وهو توجه أيديولوجي تمت صياغته على أساس وجود نموذجين للتحول في شمال إفريقيا هما: مصر وتونس. ورأت إدارة أوباما أن يتم تبني النموذج التونسي ، وهو ما يرجع أيضا لتقديرها البراجماتي بعدم استطاعة الجيش الليبي أن يفرض إرادته على الأطراف الليبية الأخرى . وهناك فرصة لأن تتبنى إدارة ترامب مواقف أقرب للرؤية المصرية المعتمدة على المدخل البراجماتي لحل النزاع الليبي بما يحافظ على كيان الدولة وسيطرة قواتها المسلحة على كافة أراضيها .
-
حول الملف السوري:
أكد المشاركون أنه بالرغم من توجه ترامب بشكل أساسي للقضاء على داعش، فإنه لم يعلن موقفا صريحا حول بقاء الأسد في السلطة من عدمه ، مما يفتح الباب أمام احتمال تبنيه الخطوط العريضة لسياسة أوباما البراجماتية القائمة على استمرار النزاع في سوريا نظرا لعدم تقبل فكرة انتصار الأسد وبقائه في السلطة بما يعزز من استقرار الهلال الشيعي الإيراني من جهة أو انتصار المعارضة الإسلامية المتطرفة ووصولها للسلطة من جهة أخرى ، أخذا في الاعتبار أن الموقف على الأرض قد تغير نظرا للتحرك الروسي عسكريا وسياسيا ، إلا أن الدور الأمريكي لا يزال محوريا لتحديد مستقبل النزاع السوري.
ستكون إيران قضية أساسية بالنسبة لترامب، وستكون سياسته في هذا الشأن محدداً أساسياً للسياسة الأمريكية تجاه أزمات المنطقة، وتشير الدلائل إلى صعوبة إلغاء الصفقة النووية الإيرانية مع مجموعة الـ 1+5، وإن كان من المتوقع تصعيداً أمريكياً في لهجة الخطاب وفرض عقوبات جديدة على طهران ( وهو ما تم بالفعل مؤخراً رداً على التجربة الصاروخية الإيرانية).
ويفرض كل ذلك على مصر بلورة رؤية مستقبلية حول كيفية التعامل مع إيران في ظل هذه المعطيات الجديدة.
ثالثاً: مستقبل العلاقات المصرية / الأمريكية في عهد ترامب
-
القضايا ذات الإهتمام المشترك:
-
تعتبر إدارة ترامب فرصة حقيقية لتطوير العلاقات المصرية / الأمريكية في مختلف مجالاتها وإعادة بنائها على أسس أكثر متانة بما يخدم مصالح الطرفين، على ضوء العلاقة الطيبة التي ربطت رئيسي البلدين ، مع أهمية مراعاة التوازن في علاقات مصر بالمؤسسات والنخب الأمريكية المختلفة مع تنوع مراكز اتخاذ القرار في الولايات المتحدة، ولأن العلاقات المصرية الأمريكية تتعدى في منظورها الزمني ولاية أي رئيس أمريكي بعينه.
-
أهمية استثمار سيطرة الحزب الجمهوري على الكونجرس الذي هو أكثر تعاطفاً مع مصر في العديد من القضايا، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب.
-
ضرورة إعداد رؤية استراتيجية مصرية بشأن ما يمكن تقديمه للجانب الأمريكي في مجال مكافحة الإرهاب سواء أكان في شكل تعاون استخباراتي أم عسكري، او في مجال تجديد الخطاب الديني. مع اتفاق البلدين على مبادئ أخرى هامة أبرزها رفض سياسات تغيير النظم وفرض الديمقراطية من الخارج، لتفادي حدوث فراغ سياسي يملؤه الإرهاب. و أهمية وجود حكومات قوية مستقرة بغض النظر عن توجهاتها السياسية الداخلية.
-
ارتباطاً بما تقدم، هناك رؤية مشتركة بين البلدين حول أولوية قضية مكافحة الإرهاب وربطه بالإسلام المتشدد، وهو عامل هام لتطوير علاقات القاهرة بواشنطن، فيما لو أحسن استخدام هذا الملف. وفي هذا السياق، نستخلص الآتي:
-
أن المدخل هو محاربة الإرهاب في كل من سيناء وليبيا كقضية ذات أولوية للأمن القومي المصري ولمصلحة مكافحة الإرهاب الدولي كتهديد للسلم والأمن الدوليين.
-
الدور التخريبي للإخوان المسلمين وتمددهم في العديد من الدول العربية بما يهدد استقرار هذه الدول، واقتناع مصر بأن الحل الأمني وحده لن يكون مجدياً، ومن ثم يلزم ترشيد وإصلاح الخطاب الديني، خاصة وأن جميع المنظمات المتطرفة، أياً كان المسمى بما فيها الإخوان وداعش وجبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) وغيرها، ترتكز في سلوكها المتطرف والإرهابي على تفسير مغلوط لأحكام الشريعة الإسلامية.
-
ضرورة تعزيز الجهود وتوفير المعلومات الكاملة حول جماعة الإخوان ، بهدف لعب دور في الاسراع بإدراجها كجماعة إرهابية في الولايات المتحدة، خاصة وأن هذا التوجه بدأ مع زيارة أول وفد إخواني للولايات المتحدة عقب ثورة 30 من يونيو، في ظل محاولاتهم بناء مؤسسات موازية لمؤسسات الدولة في المنفى، وهو ما كانت تراه الدبلوماسية المصرية خطراً كبيرا،ً خاصة عقب تشكيل ما أطلق عليه برلمان المنفى ومجلس ثوري بقيادة السيدة مها عزام، ومحاولة هذا الوفد التواصل مع عدد من دوائر صنع القرار الأمريكية، إلا أن توزيع مشروع قرار في مجلس النواب باعتبار الإخوان جماعة إرهابية أعتبر إنذاراً مبكراً لقيادات الكونجرس والنخبة السياسية الأمريكية لصرفها عن تعاملها مع الإخوان، حتى ولو لم يصدر مثل هذا القانون.
-
لفت انتباه الجانب الأمريكي بضرورة تمييز الإدارة الجديدة بين الجماعات المتطرفة، ومنها الإخوان المسلمين، وبين الإسلام بصفة عامة ، حيث أن حالة التوغل الإخواني في الجمعيات الإسلامية في الولايات المتحدة تعاظمت في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 2011 في ظل شعور المسلمين الأمريكيين بالإضطهاد والخطر، وعليه فتكرار هذه السياسات في عهد ترامب قد يمثل طوق نجاة للإخوان بعد تراجع نفوذهم خلال الثلاث السنوات الماضية.
-
فيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي
-
يعد تطوير ودعم علاقات مصر بدول حوض النيل أحد أهم محاور سياستها الخارجية لاسيما أن دول حوض النيل توفر 97% من موارد مصر المائية، وتسعى مصر لتأمين احتياجاتها المائية الحالية والمستقبلية بما يضمن حقها في الحياة والتنمية الاقتصادية والإجتماعية، ودون أن يخل ذلك بحق دول حوض النيل الأخرى في التنمية، وهو ما تسمح به وفرة مياه النيل إذا ما أحسن التعاون والتنسيق في استقطابها واستخدامها لصالح الجميع.
-
ولذلك تتابع مصر باهتمام خطط إثيوبيا الطموحة لبناء عدد من السدود أهمها سد النهضة على نهر النيل، بما قد يخل بهذه المعادلة الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى زيادة التوتر وعدم
الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من القارة الإفريقية. وإننا نتطلع إلى أن تواصل الإدارة الأمريكية اهتمامها بهذا الموضوع، واستغلال علاقاتها بإثيوبيا لإقناعها بأهمية التعاون والتنسيق في هذه القضية الحيوية مع مصر وتجنب أية إجراءات أحادية في هذا الشأن.
-
المساعدات الإقتصادية والتعاون الإقتصادي مع مصر
-
لم تعد المساعدات الاقتصادية، والتي انخفضت من 815 مليون دولار في الثمانينات إلى 150 مليون دولار في الوقت الحالي، تمثل ثقلاً كبيرا بالنسبة لحجم الاقتصاد المصري، خاصة وأن جزءاً منها غير مفعَّل لحين اتفاق الطرفين على مجالات تخصيصه وجزءاً آخر معطل لأسباب إجرائية وبيروقراطية، وجزءاً ثالثاً مخصص لصندوق الأعمال المصري الأمريكي، وهو كيان يدار بمنطق القطاع الخاص ويهدف لخلق الوظائف من خلال تشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة.
-
من صالح مصر التخلي في الوقت الحالي عن فكرة إقامة منطقة تجارة حرة مع الولايات المتحدة ، خاصة وأن ترامب يعارض مبدأ تحرير التجارة، والعمل كبديل على الاستفادة من الاتفاقيات السارية بين البلدين وتحديداً اتفاقية الكويز ( المناطق الصناعية المؤهلة)، على أن يكون تركيز مصر على تخفيض المكون الإسرائيلي، ولن تمانع واشنطن متى توصلت الحكومة المصرية لتفاهم في هذا الشأن مع الجانب الإسرائيلي. هذا التخفيض سيعطي رسالة إيجابية لمجتمع الأعمال الأمريكي بمتانة العلاقات بين الأطراف الثلاثة .
-
أهمية استفادة مصر من قانون Africa Growth and Opportunity Act (AGOA) من حيث اعتبار الخامات القادمة من مصر إفريقية المنشأ، وبالتالي يتم اعتمادها بهذا الوصف وفقاً للقانون الأمريكي، وبما يخلق فرصة طيبة لإقامة قاعدة صناعية هامة للغزل والنسيج في مصر.
-
صعوبة زيادة حجم المساعدات الثنائية بشكل مؤثر في ظل عجز الموازنة الأمريكية ، والتي تسببت في عجز الكونجرس عن إقرار الموازنة لمدة ست سنوات حتى عام 2015، و تخفيض جميع البرامج بنسبة محددة مسبقاً لتقليص عجز الموازنة.
-
أن الأهم من تلك المساعدات هو ضرورة سعي الحكومة المصرية لجذب الإستثمارات الأمريكية ، مع مراقبة توجه الادارة الجديدة لتقديم حوافز إيجابية وسلبية للشركات الأمريكية حتى توجه استثماراتها للداخل الأمريكي ، وما يتردد حول لجوء الإدارة لتخصيص الكثير من المشروعات في مجال البنية التحتية وتبنيها سياسة لخفض الضرائب من أجل جذب الاستثمارات للداخل، وهو ما يؤذن بتحول السوق الأمريكية لسوق كبيرة جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي ، كما أنه قد يؤثر على فرص مصر في الاقتراض من الأسواق العالمية بتكلفة مناسبة.
-
أن إحياء الحوار الاستراتيجي المصري/الأمريكي في صيغته الأخيرة تم بغرض إعادة بناء العلاقات بشكل أشمل ليضم مجالات عديدة للتعاون، على ضوء نموذج الحوار الاستراتيجي الأمريكي مع كل من الصين والهند لهيكلة هذا الحوار بالشكل الذي يحقق أفضل النتائج العملية وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي ، إلا أن عدم تحقيق نتائج مشابهة لما تم في الحالتين الصينية والهندية يعود لافتقار الحوار المصري لآليات تنفيذية فعالة ترتكز على متابعة نتائج الحوار وتفعيله، وبخاصة على الصعيدين الاقتصادي والتجاري. خاصة وأن إقامة علاقات ثنائية ناجحة في ظل الإدارة الجديدة يكون بالتعاون والعمل مع جميع المؤسسات بما فيها الكونجرس وقطاع المال والأعمال ومراكز البحث ومنظمات المجتمع المدني و عدم الإقتصار على الإدارة الأمريكية.
-
فيما يتعلق بالتعاون العسكري
مع الأخذ بعين الاعتبار أن رأي القوات المسلحة هو القول الفصل في هذا الملف فإننا نرى الآتي:
-
هناك فرصة كبيرة لتطوير هذا التعاون، خاصة وأن حجم المساعدات العسكرية الأمريكية ثابت (1.3 مليار دولار) منذ عقود رغم تراجع القوة الشرائية لهذا المبلغ ، والذي يوجه لشراء وصيانة وتحديث الأسلحة والذخائر والتدريب وتنمية مهارات أفراد القوات المسلحة ، إلا أنه مع زيادة حجم التسليح المصري من المعدات الأمريكية تزداد تكاليف الصيانة والتطوير في ظل ظهور تكنولوجيا جديدة. هذا المبلغ (1.3 مليار دولار) لم يعد يغطي شراء مصر لأنظمة أسلحة رئيسية جديدة في ظل تصاعد التحديات في مصر والإقليم، وهو ما يتطلب رؤية وفكر جديد لمستقبل برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية وهي مسألة ذات أهمية خاصة.
أن وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لمدة 6 أشهر عقب ثورة 30 من يونيو و3 يوليو وفض إعتصامي رابعة والنهضة أدى إلى تبني مصر سياسة أكثر انفتاحاً تقوم على تنويع مصادر تسليحها. وفي سياق ملف التعاون العسكري مع واشنطن، تجدر الإشارة إلى تصريحات وزير الدفاع “جيمس ماتيس” حول أهمية استعادة مناورات النجم الساطع ، والتعاون العسكري مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما قد يمثل فرصة للمطالبة بإلغاء القيود على المساعدات العسكرية لمصر، فإذا طرح الجانب الأمريكي ذلك، فمن المتصور أن يطالب الجانب المصري مقابل ذلك بالضغط لحجم المساعدات العسكرية أكثر من حيث الكم والنوع.