المواجهة| السفير عزت سعد يوضح أهم النقاط خلال كلمة الرئيس السيسي أمام مجلس الفيدرالية الروسية
أكتوبر 17, 2018مائدة مستديرة لمناقشة الأوضاع الراهنة في شبه الجزيرة الكورية
أكتوبر 23, 2018
استضاف المجلس المصرى للشئون الخارجية، يوم الإثنين 22 أكتوبر 2018، السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية السيد/ أحمد أبو الغيط، لإلقاء محاضرة عن “التطورات الدولية وانعكاساتها على الوطن العربى”. وقد حضر اللقاء نخبة من السفراء والباحثين، وافتتحها السفير/ د. منير زهران، رئيس المجلس.
وفى كلمته الافتتاحية، أعرب السفير زهران عن ترحيبه البالغ بمعالي الأمين العام، واستعرض دوره المتميز في إحاطة المسئولين بتطورات عدوان 1967، وعمله مع مستشار الأمن القومي حافظ إسماعيل قبل وأثناء وبعد حرب أكتوبر 1973. كما بيَّن أن أبو الغيط عمل في مكتب وزير الخارجية عدة مرات إلى أن صار مديراً للمكتب، عندما كان السيد عمرو موسى وزيراً، ثم صار وزيراً بعد ذلك فى الفترة من 2004 حتى 2011. كما عمل سيادته – بالإضافة إلى مناصب مرموقة أخرى – ثلاث مرات في وفد مصر لدى الأمم المتحدة بنيويورك إلى أن صار مندوباً دائماً.
وعن علاقته بالمجلس المصري للشئون الخارجية، ذكر السفير زهران أن أبو الغيط كان له دوراً لا يُنسى في دعم المجلس عندما كان وزيراً للخارجية، حيث أعاد مساهمة الوزارة للمجلس بعد انقطاعها، كما يُذكَر له تقديره للمجلس عندما قررت القمة العربية في نواكشوط في يوليو 2016 تشكيل لجنة من الحكماء لتقديم تقييم ومقترحات لتفعيل القرارات الدولية بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل – حيث اختار أبو الغيط ثمانية أعضاء من عددٍ من الدول العربية، كان منهم ثلاثة من المجلس المصري للشئون الخارجية.
وفيما يتعلق بموضوع المحاضرة، أشار معالي الأمين العام إلى ما يلى:
-
أن أسوأ وضع رُؤِي فيه العرب هو الوضع الحالي نظراً لسيولته البالغة وتفتته وانعدام اليقين بشأن التنبؤ بتحولات الأحداث وتفاعلاتها ونتائجها. لقد كان مصطلح الربيع العربي خدَّاعاً، ومن الأحرى مراجعة تسميته ليكون التدمير العربي.
-
مثل الوضع العربي، تشهد الأحداث الدولية ذات القدر من الغموض والضبابية، فعلى العكس من تجارب الحرب العالمية الثانية والحرب الباردة والستار الحديدي والعولمة وسقوط الاتحاد السوفييتي وانهياره –والتي يمكن فيها جميعاً الحديث عن أسبابها وتطوراتها ومآلاتها – لا يوجد نسق أو تفسير مفهوم للأحداث الراهنة، ومن ثَمَّ افتقاد القدرة على التنبؤ بما سوف يحدث.
-
فى خطابه الثاني أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر 2018، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الإنجازات التي حققها منذ توليه الحكم في يناير 2017 هي تقويض وهدم ما فعله معظم رؤساء الولايات المتحدة تقريباً، نظراً لأنها لا تروقه من وجهة نظره، وأنه مصمم على الدولة الوطنية الشوفينية التي لا تسعى إلا لتحقيق مصالحها فقط. وقبل خطابه في الواقع، كان ترامب قد عيَّن مستشاراً جديداً للأمن القومي هو جون بولتون، ذلك الشخص الذي ذكر من قبل أنه على استعداد لقص مبني الأمم المتحدة في نيويورك إلى النصف. وهذه دلائل على أن الإدارة الأمريكية الحالية تسير عكس تيار العولمة قلباً وقالباً، لا يهمها على الإطلاق ما تفعله الأمم المتحدة، ولا مواقف الدول من بعض القضايا، والتي من أهمها قضية القدس، كما يدل على ذلك أيضاً انسحابها من اتفاقياتٍ عديدة، لاسيَّما اتفاقية المناخ واتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادىء والاتفاقية الثنائية مع روسيا بشأن الصواريخ النووية متوسطة المدى.
-
بذات القدر من الأهمية المُعطاة لخطاب ترامب المذكور أعلاه، يُشَار إلى خطاب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس كذلك، والذى حذر فيه البشرية من عدة تهديدات فى غاية الخطورة. إذ ذكر أنه يحذرها من مصيدة ثيوديديس (Theodides’ Trap) التي ظهرت مع التاريخ خلال حرب البلوبونيز (403-401 ق.م) بين إسبرطة وأثينا. ويفيد المصطلح بأن القوة الصاعدة تدفع القوة الراهنة إلى الصدام معها، في إشارة إلى كلٍ من الصين والولايات المتحدة الأمريكية حالياً، فهو يحذر أن يؤدي الصعود الصيني المخيف إلى دفع الولايات المتحدة والعالم الغربي المنزويين إلى صدامٍ معها. وهذا الصدام ربما يكون بارداً في البداية، كان يتخذ شكل الخلافات التجارية التي قد تنتهي بخطأ في الحساب، وبالتالي الدخول في حروب مسلحة تقليدية وغير تقليدية.
-
كذلك، حذر غوتيريس من تدهور المناخ وزيادة درجة الحرارة درجتين خلال الأربعين سنة القادمة نتيجة انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية المناخ. الأمر الذي سيعقبه ظهور أوضاع بالغة الصعوبة إذا لم يتم التجاوب معه ومعالجته بأقصى سرعة.
-
تُضَاف إلى ذلك إشارته إلى ضرورة التدقيق فى تأثيرات التكنولوجيا على البشرية، فيما يُعرَف بـ”الذكاء الاصطناعى”. وقد دعا غوتيريس إلى عدم تسليم الإرادة البشرية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، لاسيَّما فى الحرب، وعدم إعطاءه القرار في علاقتها مع البشر، إذ من الممكن أن تقتل هذه التطبيقات شخصاً ما من واقع كتاباته على الفيسبوك مثلاً.
-
على ما يبدو، فإن ملامح العولمة تتراجع بصورة متسارعة في العالم الغربي الذي ظهرت فيه. حيث ظهرت على الساحة الغربية الكثير من نماذج اليمين الشعبوي المتطرف، وحتى في الولايات المتحدة نفسها. وهذه النماذج تدعو إلى إعلاء المفاهيم والمصالح الوطنية على ما عداها، ونبذ الآخر، لاسيَّما من المهاجرين واللاجئين، ومحاربة أعمدة العولمة كالأسواق المفتوحة والاعتماد المتبادل والليبرالية الاقتصادية والسياسية. وكل العجب في أن هذه الأعمدة والمفاهيم قد أنشأها ودعا إليها العالم الغربي من قبل.
-
في مؤتمر دافوس الاقتصادي الذي أُقِيم في يناير 2018، جاء البيانان الصيني والأمريكي متعارضان تماماً. وللمفارقة، حوى البيان الأمريكي تأكيد الإدارة الأمريكية على شعار “أمريكا أولاً” والذي بموجبه يتم إعلاء المصالح الأمريكية وفرض الرسوم الجمركية الحمائية وغيرها، بينما دعا البيان الصينى – الصادر عن دولة من المتصوَّر أنها ديكتاتورية وسلطوية – إلى ضرورة تعظيم التعاون بين الدول وفتح الأسواق وزيادة الاعتماد المتبادل. وهكذا، بينما رُؤيَت الولايات المتحدة تفرض الرسوم الحماية وتنسحب من المعاهدات الدولية، أخذت الصين فى استكمال مبادرة الحزام والطريق العملاقة.
-
على الرغم من اتسام السياسات الأمريكية بالسيولة وعدم التنبؤ، إلا أن هناك اعتقاد بأن الولايات المتحدة تريد توطيد موضع قدمها فى منطقة جنوب شرق آسيا، وأنها ترغب فى إعادة استخدام الإمكانات الأمريكية من منطقة الشرق الأوسط إلى هذه المنطقة الجديدة التى فيها الصين، وهذا ما قد يثبت نظرية (Theodides’ Trap) بأن الولايات المتحدة – القوة الراهنة – ستصدم بالقوة الصاعدة، وهي الصين.
-
على مدار الشهور القليلة الماضية، امتلكت الصين عدداً من حاملات الطائرات، وأخذت تبني جزراً في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، وما كان من الولايات المتحدة إلا أن سيَّرت طائراتها فوق هذه الجزر فقط لاستفزاز الصين.
-
يشهد العالم الغربي حالياً انقساماً غير مسبوق، وكانت قمة الناتو في يوليو الماضي دليلاً على ذلك، وشاهداً على أن التحالف قد أصابه شيء من التململ. يرغب التحالف في الحفاظ على أصوله المادية والعسكرية لمواجهة القوة الصينية الصاعدة، ومع أن ترامب يرغب في ذات الشيء، إلا أنه يحاول التنصل من الأعباء التي يفرضها الحلف عليه، ويصمم بدلاً من ذلك على مطالبة دول الحلف بزيادة إنفاقاتها الدفاعية.
-
على الجانب الآخر، وإلى جانب الصين، توجد روسيا الراغبة في استعادة مجد الاتحاد السوفييتى، والتي تتحدى الولايات المتحدة والعالم الغربي فى مناطق متفرقة من العالم، من أهمها أوكرانيا وسوريا. ومما يجذب الأنظار أنه لأول مرة منذ 15 عاماً تقرر روسيا إعطاء الصين طائرات سوخوي 35، وصواريخ S-400، علماً بأن روسيا لا يغيب عنها الاهتمام الصيني بمنطقة سيبريا الروسية، وأن هناك تهديداً صينياً إزائها. ولكن رغم ذلك، يبدو أن الطرفان يتعاونان على تقوية الجبهة المضادة للغرب المنقسم.
-
فى مقابلة حديثة معه فى يوليو 2018، ذكر هنرى كيسنجر أنه يتوقع مواجهة قادمة بين الولايات المتحدة والصين، وأن على الأولى أن تتحالف مع روسيا ضد الثانية، ولكن يبدو أن الأوان قد فات على ذلك. جديرٌ بالذكر أن كسينجر نفسه منذ عدة أعوام قد أصدر كتاباً بعنوان (On China) نفى فيه تماماً وقوع مثل هذه المواجهة بين القوة الصاعدة والقوة الراهنة.
-
فى الواقع، وعلى الرغم من الجهود الروسية لإعادة إحياء قوة الاتحاد السوفييتي السابق، إلا أنها لا زالت متأخرة عن العالم الغربي؛ فالآن لا يتجاوز إجمالي الناتج المحلي الروسي (1/6) أو (1/7) إجمالي الناتج المحلي الأمريكي، وليس الغربي.
-
إن الوضع العربي مأساوي، ليس فقط بسبب التغيرات السياسية والتفتتات التي يعانيها، وإنما يُضَاف إليها مخاطر التغير المناخي وانتشار الجدب وزيادة الملوحة وندرة المياه، إلى جانب وقوع منابع أنهار المنطقة كلها خارج أراضيها. في سوريا على سبيل المثال، بيَّنت دراسات أن من الأسباب الرئيسية للثورة هناك هو انتقال الأفراد من المناطق الريفية نتيجة للجدب وندرة المياه إلى الحضر، ممَّا شكَّل ضغطاً على سكان المدن وخدماتها. وعموماً هناك ضغوط اجتماعية واقتصادية كثيرة في الدول العربية كفيلة بتأزم الأوضاع أكثر ممَّا هي عليه الآن، ناهيك عن كون العالم العربي متلقياً فقط وعاجزاً عن اتخاذ أي مبادرات للتجاوب مع تطورات الأحداث في المنطقة.
-
بالنسبة للقضية الفلسطينية، فإنها تعاني موتاً إكلينيكياً، وتم وقف التقدم فيها بحكم الأمر الواقع.
-
ليبيا واليمن لا يُعرَف لهم حلول.
-
مقارنة بوضعه بعد عامَي 2003 و2011، يمكن القول أن العراق بدأ يستعيد عافيته مرة أخرى.
-
وفيما يتعلق بسوريا، فإنه على ما يبدو ستأخذ فترة ما بين عامين لثلاثة أعوام لإنهاء ما هو حاصل فيها تماماً.
-
إن الدولة الوطنية في هذه البلدان قد تعرَّضت للانهيار إلى حدٍ كبير، وستعاني الكثير في الفترات القادمة. يتوقع الخبراء بأنه في عام 2040 سيصل عدد اليمنيين المحرومين من المياه إلى 70 مليون فرداً. وفي ليبيا، هناك فريقان يبيعان النفط الليبي، وبينما يصرف أحدهما عوائد النفط على خدمات المواطنين، ينفق الآخر نصيبه على تسليح المليشيات والجماعات المارقة. وفي سوريا، تم إنشاء حصن للإرهابيين والمرتزقة.
-
إن مجمل المسألة في المنطقة العربية هو انعدام الوعي والمعرفة. فالشعوب العربية لو تدرك مدى الأخطار التي ستقع فيها، لما كانت انقادت وراء الأماني الغربية. حصل الثوار العرب على وعود غربية بالدعم، وبعد أن انقلبت عليهم الأنظمة العربية، وانتشرت في الكثير من الدول محل الثورات الصراعات العسكرية والأمراض، توجهوا إلى الدول الغربية، ليجدوا الأخيرة قد أوصدت الأبواب أمامهم… فهل هذا من العدل، وهل هذا موافق لمباديء حقوق الإنسان؟!!
-
للأسف، لم تحصل الجامعة العربية سوى على 44 % فقط من مساهمات الدول الأعضاء لميزانيتها فى عام 2018، ممَّا يعوِّق من إمكانات تنفيذ برامجها في كافة المجالات الحياتية في ربوع المنطقة العربية.
-
إن على الدول العربية الآن نبذ خلافاتهم وتوحيد جبهتهم، والدخول في المشروعات التعليمية والثقافية التي تعيد لأمتهم وعيها وتوسع مداركها وإمكاناتها. إن عليهم التفكير فيما يجب عليهم فعله تجاه السياسة الانسحابية الأمريكية، وبحث دورهم فى ملء الفراغ الناتج، وتحديد موقفهم من الرأي العام الأمريكي الذى يدعم ترامب. كما يجب عليهم بحث موقفهم من مبادرة الحزام والطريق الصينية ودراسة أبعادها، وموقفهم تجاه السياسات الروسية والتدخلات الإيرانية والتركية في المنطقة. إن على العرب ضرورة التفكير في الكيفية التي يستطيعون من خلالها التأثير في البناء العالمى، والتفكير أولاً في كيفية بناء أنفسهم. في الواقع، لقد أخطأت دول عربية عديدة في حق أنفسها، وفي حق العرب عموماً.
-
المناقشة:
د. أميرة الشنوانى:أشارت سيادتها إلى أنه من علامات المواجهة الأخرى بين الولايات المتحدة والصين هو انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقها مع روسيا بشأن الأسلحة النووية متوسطة المدى، بما يمكنها من إنتاج المزيد من هذه الأسلحة لتقوِّى شوكتها أمام الصعود الصيني. كما أشارت إلى الجامعة العربية بسؤالها هل الجامعة أصبحت تحت سيطرة السعودية والإمارات وقطر؟ بدليل أن الجامعة لم تستطع الاستفادة من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر بأغلبية 128 دولة ضد مشروع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وللأسف روجت بعض الدول العربية مثل السعودية والإمارات بأن هذا القرار استشاري وليس ملزماً مثل باقي قرارات الجمعية العامة، رغم أن هذا القرار قد صدر فى سياق “الاتحاد من أجل السلام”، وبالتالي يكون ملزماً وله قوة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ومع العلم بأنه لا يمكن ممارسة القوة ضد أكبر دولة في العالم، إلا أن هذا القرار يمكن استخدامه لتحقيق أكبر قدر ممكن من الضغط عليها عبر تهييج الرأي العام الأمريكي والعالمي، ويمنع في النهاية من تحقيق المآرب الأمريكية بشأن القضية الفلسطينية بشكلٍ عام.
كما أشارت إلى التحالف الاستراتيجى الشرق أوسطي والذى يضم الدول العربية الخليجية وكلاً من مصر والأردن، وتساءلت عن فرص نجاحه في ظل اختلاف أجندات الدول الأطراف وتصادم مصالحها. وقد ذكرت سيادتها أن تشكيل مثل هذا التحالف هو جزء من مخطط صهيوني أمريكي لبث المزيد من التوتر والانقسام فى المنطقة.
السفير عبد الرؤوف الريدى: أشار سيادته إلى مسألة تدخل الناتو فى ليبيا، وكيف جاء ذلك وفقاً لدعوة من جامعة الدول العربية. ثم تحول إلى توقيت اندلاع الثورات العربية، مشيراً إلى أنه جاء بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. من جهةٍ أخرى، أكَّد على ضرورة الاهتمام بمراكز الفكر وأخذ جهودها في الاعتبار، والعمل على دعمها وتشجيعها، وإشراك الجامعة العربية في هذا الدور.
السفير/ د. محمود كارم: أشار سيادته إلى لجنة الحكماء التى شكَّلها معالي الأمين العام لإعداد تقرير حول موضوعات نزع السلاح النووي فى المنطقة العربية، وذكر أن اللجنة قد انتهت من تقريرها للعرض على معالي الأمين العام، علماً بأن التوصيات التى يحويها التقرير تواكب عامل زمني مهم هو قرب انعقاد مؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار فى عام 2020. وأشار إلى أن بعض هذه التوصيات يتعلق بإنشاء آليات مختلفة للاستفادة من دورة الوقود النووي العربي في الاستخدامات السلمية، إلى جانب التعامل مع هيئة الطاقة الذرية العربية في تونس لتنفيذ هذه التوصيات… فما هو مصير هذا التقرير وهذه التوصيات؟
أ. د. محمد كمال: ذكر سيادته أنه إلى جانب خطابَي ترامب وغوتيريس اللذين يحذران من الصعود الصينى المخيف، يوجد خطاب آخر مهم صادر عن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس أمام (Hudson Institute)، ذكر فيه وبشكلٍ صريح أن الصين هي العدو الرئيسي للولايات المتحدة، ليس عسكرياً فقط، وإنما على كافة الأصعدة الأخرى.
كما أشار د. كمال إلى وجود ثلاثة آراء بشأن التوقعات عن مآلات الأوضاع العالمية الراهنة وفقاً لمحاولات تفسير ظاهرة ترامب، الرأي الأول يعتقد بأن إدارة ترامب تمثل فترة انتقالية على الصعيدين الأمريكي والعالمي. والثاني يقول بأن العالم سيكون هجيناً بين الأفكار القومية ومبادىء العولمة، فيما يعتقد الثالث بأن العالم سيتجه نحو المنحى السلطوي غير الليبرالي، تحت قيادة روسيا والصين.
هذا، وقد تساءل سيادته عن صحة إنشاء تحالف الشرق الأوسط، وعن صحة صفقة القرن الأمريكية، كما طرح سؤالاً حول إمكانية استغلال المجالات الوظيفية كالتعليم والصحة والثقافة لتكون عاملاً للتنسيق والتفاهم بين الدول العربية وتوحيد مواقفها السياسية، في ظل وجود قيود عديدة على إقامة قوة عسكرية عربية… والتي من الممكن أن تكون بداية لقاطرة عربية مشابهة لما حدث في الاتحاد الأوروبي.
معالى الأمين العام: أوضح أن الاتهام الموجه إلى بعض الدول العربية بشأن قضية القدس غير صحيح، وأشار إلى أن قرارات الجمعية العامة لا تعدو أن تكون توصيات، وقرار الاتحاد من أجل السلام يجب أن تكون وراءه قوة لتنفيذ أهدافه، وقرار القدس لم يحظَ بوجود قوة عسكرية تعمل على تنفيذه. وينبغى التأكيد إلى أن قرار القدس قد مثل نجاحاً عربياً قوياً جداً فى مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، التي ذكرت مندوبتها فى الأمم المتحدة نيكي هايلي أنها ستأخذ أسماء الدول التى لا يوافق تصويتها رغبة الولايات المتحدة. هذا، وينبغي كذلك التأكيد على أن قرار الاتحاد من أجل السلام لا يدخل تحت الفصل السابع إطلاقاً إلا إذا تبنَّاه مجلس الأمن، وبالتالي فهو توصية وليس ملزماً.
-
كان التدخل في ليبيا نتيجة ضغوط متعددة، ولم تجد الجامعة العربية بداً من هذا التدخل.
-
بالنسبة لمراكز الفكر، فهناك اتفاق تام على ضرورة توسيع مجال عملها والأخذ بآرائها التى عادة ما تأتي نتيجة لمناقشات مثمرة في الندوات والمؤتمرات، ولكن للأسف لا توجد إمكانيات لذلك. من الجدير بالذكر أن هناك بعض الدول العربية التي تبذل جهوداً متميزة في هذا المضمار الفكري، فالإمارات والبحرين على وجه الخصوص قاما بدور رائع في تسهيل البحث حول مستقبل الإقليم العربي ككل، والخليج بصفةٍ خاصة. هناك برنامج “حوار المنامة” الذى تطلقه البحرين، وحوار “سيربينياس” الإماراتي الذى يُدعَى إليه 120 شخصية عامة متميزة من مختلف دول العالم، للتباحث بشكلٍ مغلق حول القضايا الدولية المتعددة، هناك أيضاً مؤسسة الفكر العربي في دبي (خالد الفيصل)، ومركز الدراسات العربية… رغم أن الأخير قد بدأ يفقد هذه الميزة إثر تحوله إلى معهد للدراسات العليا.
-
بالنسبة للجنة الحكماء، فإن تقريرها قد عُرِض على قمة البحر الميت بالأردن، وقد تمت الموافقة عليه، كُلِّفَت الأمانة العامة بالمتابعة مع الدول الأعضاء، التي بدأت العمل على بعض القطاعات المذكورة فيه. لكن وضع توصية لدورة الوقود، وعلى الرغم من أنها متميزة على المستوى النظري، إلا أن تنفيذها صعب، فهل سنُمكَّن فعلاً من دورة الوقود؟ هل سيُسمَح لمنظمة الطاقة الذرية العربية بالتمكين والقيام بمهامها؟ … بشكلٍ عام التوصيات جذابة وطموحة جداً، ولكن هل سيتمكن العرب من تنفيذها؟.
-
لقد ذهبت الدول العربية إلى الأمم المتحدة وطلبت منها عقد مؤتمر للنظر في إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط في عام 2019، وعندما طلبوا اللقاء مع المندوب الأمريكي للتحدث في هذا الموضوع رفض وهذا من المفارقات، فالولايات المتحدة قد انسحبت من الاتفاق النووي الإيراني وتدعو إلى القضاء عليه نهائياً، فلماذا لا تشجع على إقامة مثل هذه المنطقة؟ … قد يكون السر في رغبتها في الحفاظ على القدرات النووية الإسرائيلية لتكون متفوقة على الدول العربية.
-
وبشأن التوقعات المستقبلية بخصوص النظام العالمي، ذكر سيادته أن العالم سيعود إلى العولمة والتوازن مرة أخرى وقريباً لأن منطق الأمور هو التوازن، وبيَّن أن العولمة كانت موجودة في عام 1910 قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، ولكن رغم ذلك ستكون التكلفة مرتفعة جداً للعودة إلى التوازن مرة أخرى.
-
بخصوص تحالف الشرق الأوسط، آثر سيادته عدم التعليق عليها لأنها غير واضحة المعالم بعد، وهل سيتم فعلاً تنفيذها أم لا. وأشار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التى تجتمع فيها الأطراف المعنية وتتفق على إنشاء مثل هذا التحالف، فقد كانت هناك اجتماعات سابقة فى القاهرة ونيويورك وغيرهما، وكانت أهدافها نفس الأهداف المطروحة حديثاً، وكان هدف مصر هو زيادة التأثير المصري وتعميق علاقاتها مع الخليج، وكان هدف الأطراف ككل هو مكافحة التدخلات الإيرانية وإقناع الولايات المتحدة بتحجيم إسرائيل.
-
بالنسبة لصفقة القرن والقضية الفلسطينية، ذكر سيادته أن رئيس مجلس إدارة معهد السلام العالمي (International Peace Institute) كيفين روود يعقد دائماً حفل عشاء قبل بدء أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر. وكان عنوان حفل العشاء لهذا العام يحمل عنوان “البحث في مناهج جديدة لتسوية الوضع الفلسطيني”، بهدف الاتفاق على مجموعة من التوصيات لإرسالها إلى اجتماع دافوس، الذي يقوم بدوره بتشكيل لجنة إقليمية بدراسة موضوعات مكافحة الإرهاب والتنمية الاقتصادية وإقامة برامج تعليمية وصحية في الإقليم الفلسطيني. ومع قراءة الورقة المفاهيمية الخاصة بموضوع الحفل، اتضح أنه لا توجد أي إشارة إلى موضوع التسوية الفلسطينية. وقد تبين لاحقاً أن من بين الحضور 25 وزيراً للخارجية فى مناصبهم، و20 أستاذاً من الجامعات الأمريكية. وأعلن ممثل البنك الدولي استعداده لتمويل المشروعات التي تباحثوا بشأنها، وذلك دون أدنى بحث لسبل تسوية القضية الفلسطينية. أشار معالي الأمين العام باعتباره كان أحد المدعوين لهذا الحفل إلى أن هؤلاء يريدون الترويج لما يُسمَّى بالمسار الاقتصادي لكى ينسى الفلسطينيون قضيتهم. ومن ثَمَّ، أبدى اعتراضه على ما تم طرحه خلال الحفل.
السفيرة وفاء بسيم: ذكرت أن أحداث المنطقة العربية كانت نتيجة طبيعية لعوامل متراكمة منذ عدة عقود، وأنها ليست أحداثاً مُفاجِئة. كما أشارت إلى أن هناك ظاهرة غاية في الأهمية، ألا وهي ظاهرة توارث الحكومات لأجيال لا تتسم بالتقليدية في الدول العربية، ومن أهمها الجيل الحالي في قطر والسعودية، وما يتضمنه ذلك من تغير في الأفكار والرؤى، بما يستتبع البحث عن استراتيجيات جديدة للتعامل معها والاستفادة منها. أخيراً، أكَّدت على أن أحد محاور الخلافات اليوم بين الولايات المتحدة وأوروبا هو كيف يمكن التعامل مع إيران، وفى ضوء ذلك دعت إلى محاولة الاستفادة من هذا الموقف، وتكوين رؤية عربية واضحة تجاهه، ومحاولة استشفاف ما يلي ذلك من نتائج وتداعيات.
السفير د. محمد أنيس سالم: تساءل سيادته عن التداعيات أو السيناريوهات الإقليمية المحتملَة عن حادث خاشقجى، وكيف يمكن الاستعداد لها. كما أشار إلى أنه سوف تُعقَد قمة عربية – أوروبية فى فبراير 2019، غير أن هناك 10 دول على الأقل من الدول المعنية لن تحضر القمة، فهل توقيت القمة محسوب سياسياً أم يحتاج إلى مراجعة؟
السفير/ د. السيد أمين شلبى: أشار إلى أن (Theodides’ Trap) لها سوابق تاريخية متعددة، غير أن الدولة الصينية الصاعدة، والتي من المفترض – وفقاً لنظرية ثيوديديس – أن تتصادم مع الولايات المتحدة (القوة القائمة) تحوى متغيراً جديداً ومختلفاً ألا وهو متغير القيادة، والتي تصر فى كل تصريحاتها على أن تكذب تطبيق هذه النظرية في علاقاتها الدولية، لاسيَّما مع الولايات المتحدة، مؤكدة على أن هدفها الرئيسي هو تحقيق التنمية الاقتصادية والازدهار، والذى لا يتحقق إلا فى بيئة عالمية سلمية. وهذا قد يفسر الانخراط الصيني في النظام الدولي على مدار العشرين عاماً الماضية، والذي كان من أهم ملامحه انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.
هذا، وتعتقد الصين أنها لن تكون قوة عظمى إلا بحلول عام 2050. ومن ثمَّ، يمكن القول أن الصين ستحاول تجنب الدخول فى صدامات مع القوى الدولية القائمة حالياً، على الأقل حتى العام المذكور، لاسيَّما وأنها لا تريد تكرار تجارب سابقة لدولٍ سعت إلى تحقيق الهيمنة إقليمياً ودولياً، وفشلت في ذلك، وكان من أشهرها ألمانيا النازية.
السفير/ د. محمد حجازى: أشار إلى ظاهرة اليمين المتطرف في أوروبا والمخاطر التي تنطوي عليها، وإلى السياسات التى تجريها إدارة ترامب تجاه العالم وانسحاباتها من الاتفاقيات الدولية، وأشار إلى تداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي، بيد أنه تساءل عن المحاولات العربية للتعامل معها.
د. محمد عبد الله: لا ريب في أن هناك ثمناً اقتصادياً لقضية خاشقجي، وسيتم دفعه، لكن الخشية من استغلال هذه القضية للحصول على ثمن سياسي، إذ سيكون كبيراً ومكلفاً للغاية. وفيما يتعلق بالصراع العربي – الإيراني، أشار إلى أنه ليس صراعاً دينياً بين السنة والشيعة، وإنما يتعلق ببواعث حضارية، فإيران تحاول استعادة مجدها وحضارتها الفارسية التي قضى عليها العرب، وذات الأمر ينطبق على تركيا التى تأمل فى إعادة إحياء الإمبراطورية العثمانية، وإسرائيل كذلك، وبالتالي فإن التحديات التي يواجهها العرب كثيرة ومتعددة وتتطلب جهوداً كبرى لمعالجتها.
السفير/ د. محمد بدر الدين زايد: أكَّد على أن هناك دولة أمريكية آخذة فى الانزواء تحاول عرقلة قواعد النظام الدولي القائم. غير أنه استبعد نشوب حرب عسكرية أو نووية، إذ كل ما تفعله الولايات المتحدة هو استنزاف ثروات الدول الأخرى كروسيا والصين للحفاظ على القوة الأمريكية بعض الشيء، وكل القضية هي كيفية تعظيم الأرباح والمكاسب الأمريكية وتأجيل فترة الانهيار الأمريكي إلى أطول فترة ممكنة.
السفير/ د. منير زهران: أعاد سيادته التأكيد على وعد معالي الأمين العام بدعوة منظمات المجتمع المدني ومراكز الفكر العربية تحت مظلة الجامعة العربية، وأمل في أن يأخذ هذا الأمر طريقه إلى التنفيذ في أقرب وقتٍ ممكن.
معالى الأمين العام: إن المشكلة أو الفكرة الأساسية في العلاقة بين الصين والولايات المتحدة هي الاستفزاز، حتى أن الرئيس الصينى السابق تشاو بنج قد حذر الصينيين بقوله “إياكم وأنْ يستفزوكم”، ومن هنا تمكَّنت الصين من تحقيق طفرتها الاقتصادية على مدار السنوات الثلاثين الماضية.
في أعقاب نجاحه فى الانتخابات الأمريكية، فرض ترامب رسوم جمركية تبلغ 200 مليار دولار على الواردات الصينية، كما فرض قيوداً على قدرة اختراق الشركات الصينية للسوق الأمريكية. وهذا يعني أن القدرة الصينية للتصدير ستنخفض، بما يستتبع انخفاضاً مماثلاً في القدرة الصناعية للصين، وما يؤدي إليه ذلك من انخفاضٍ في العمالة، الأمر الذي يترتب عليه اندلاع الكثير من الإضرابات الشعبية. وهذا أمر لا يمكن تحمله على المديين المتوسط أو الطويل، ففي الوقت الحاضر، قد يصل المعدل الطبيعي لهذه الإضرابات إلى أكثر من ألف إضراباً في اليوم الواحد. وبالتالى، سيؤدى الاستفزاز الأمريكي في نهاية المطاف إلى تضييق الخناق على الصينيين. الأمر الذى يمكن معه القول أن الصدام محتمل إلى حدٍ كبير. وما يرجح ذلك وجود سابقة تاريخية لصدامٍ نتج عن ذات التصرف، ألا وهى صدام ألمانيا القيصرية ببريطانيا.
ذكر سيادته أنه خلال إحدى زياراته الحديثة إلى الصين، عبَّر عن إعجابه الشديد بالتطور الهائل الحاصل فيها لأحد المسئولين الصينيين، فذكر له المسئول أن الاشتراكية الصينية لا تعنى الفقر، بل الثروة، لقد فهم ماوتسي تونج الاشتراكية خطأ، والثروة ليست عيبا، إنها هي سر الإنجازات الصينية الحالية والمستقبلية. والتي لا يمكن التهاون في عرقلتها من جانب أىٍ من دول العالم.
-
بالنسبة لصعود اليمين المتطرف في العالم الغربي، أكَّد الأمين العام على خطورته والتهديد الذي يمثله، وأكَّد كذلك على أن الجامعة العربية تبذل العديد من الجهود لصياغة أفكار واستراتيجيات للتعامل مع الأزمات الإقليمية والدولية المتنوعة، غير أنها لا تدخل موضع التنفيذ نظراً لضعف التمويل الذي تحصل عليه. فمشروع الربط الكهربائي العربي القائم منذ عام 2002 لم يكتمل نتيجة نقص التمويل، وذات الأمر مع مشروع سكك الحديد العربية، ومشروع المنطقة العربية التجارية الكبرى الذى يواجه صعوبة أخرى تتمثل في صعوبة التوافق على شهادات المنشأ، وذلك رغم مرور 10 سنوات على بدء مفاوضاتها. هناك الكثير من الدراسات المطروحة لتوطيد العلاقات العربية، ولكن المشكلة الأساسية التي تواجهها تكمن فى الإرادة السياسية وفي التمويل.