لقاء السفير الأفغاني بمقر المجلس
يناير 2, 2019حول زيارة سفير اليابان للمجلس المصرى للشئون الخارجية
يناير 27, 2019
بتاريخ 16 يناير2019، نظم المجلس حلقة نقاشية حول تداعيات قرار الرئيس الأمريكي ترامب بالانسحاب من سوريا وردود الفعل الإقليمية والدولية والسيناريوهات المستقبلية. وأدار الحلقة – التي افتتحها السيد السفير منير زهران رئيس المجلس- السفير/ إيهاب وهبة منسق اللجنة الدائمة للشؤون العربية، وبمشاركة عدد من السفراء والخبراء والأكاديميين هم السفراء: عبد الرؤوف الريدي الرئيس الشرفي للمجلس، وسيد أبو زيد، وعزت سعد، ومحمد توفيق، ومحمد مصطفى كمال، ومحمد بدر الدين زايد، وأ.د. محمد السعيد إدريس، وأ.د. أحمد يوسف أحمد.
*بدأت أعمال الندوة بترحيب السفير/د. منير زهران رئيس المجلس، بالحضور منوهاً عن أن الحلقة النقاشية عقدت باقتراح من السفير عبد الرؤوف الريدي، مشيراً إلى بعض ردود الفعل الإقليمية والدولية على قرار الانسحاب، والترتيبات الأمريكية/ التركية لإقامة منطقة عازلة في الشمال السوري، فضلاً عن جولة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو للمنطقة وتصريحاته الداعية للإسراع في إنشاء تحالف أمني لدول منطقة الشرق الأوسط أو مايعرف إعلامياً بـ”الناتو العربي”.
*وتحدث السفير/ عبد الرؤوف الريدي الرئيس الشرفي للمجلس ، الذي أكد أن دعوته لتنظيم هذه الحلقة النقاشية كان بهدف فهم التطورات المتلاحقة التي تشهدها الأزمة السورية لمعرفة إلى أين تتجه الأزمة، خاصة وأنها أزمة شديدة التعقيد تتشارك فيها قوى إقليمية ودولية وصراع مابين الولايات المتحدة وروسيا وخلاف مع القوى الغربية، وعلى رأسها فرنسا صاحبة الاهتمام التاريخي بمنطقة الشام، حول عملية تسوية الأزمة، فضلاً عن التدخلات الاقليمية من دول الجوار تركيا وإيران وإسرائيل، التي تريد من الولايات المتحدة إقرار شرعية ضم الجولان المحتل عبر موافقة الكونغرس تمهيداً لإجبار العالم على القبول بوضعية جديدة لها ، وهو مايعني أن النظام الدولي القائم على ميثاق الأمم المتحدة في طريقه للانهيار. وأضاف أنه على الصعيد العربي لا يوجد قرار واضح يرحب بعودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية ، متسائلاً عن الدور المصري في ظل هذه التطورات.
*عقب ذلك كانت كلمة السفير/ إيهاب وهبة منسق اللجنة الدائمة للشؤون العربية، ورئيس الجلسة، الذي أكد أن سوريا كانت جزءاً من الجمهورية العربية المتحدة وتتمتع بوضع خاص في قلب العروبة ، وأن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الدولة المصرية إزاء سوريا، طارحاً في هذا الصدد عدد من النقاط التي مثلت محور المناقشات والمداخلات:
– الأسباب وراء الانسحاب الأمريكي من سوريا، وردود الفعل الداخلية والدولية عليه.
– يعد الانسحاب الامريكي من سوريا بمثابة ضربة قاصمة للأكراد، خاصة في ظل التهديدات التركية باحتلال الشمال السوري والحديث عن عودة العلاقات بين النظام السوري والأكراد لمواجهة التهديدات التركية ، وحديث آخر عن صفقة أمريكية/ تركية بإنشاء منطقة عازلة في الشمال السوري على الحدود مع تركيا .
– التمدد الروسي في سوريا ليكون نقطة الانطلاق والفرصة الحقيقية لعودة روسيا للعب دور أكبر في منطقة الشرق الأوسط.
– ماهو دور الدول العربية في ظل هذه التطورات، خاصة وأن بعضها بدأ في فتح سفاراته في دمشق كما فعلت الإمارات والبحرين، وحقيقة الدعم العربي لعودة سوريا للجامعة العربية.
– الدور الايراني خاصة وأنها المستفيد الأكبر من هذا الانسحاب، وكذا الدور الاسرائيلي في أعقاب الانسحاب.
مختتماً حديثه بالتساؤل عمًا إذا كان نظام الأسد يستحق العودة مجدداً لتمثيل سوريا داخل جامعة الدول العربية بعد ما اقترفه من جرائم؟.
*عقب ذلك طرح الأستاذ/د.أحمد يوسف أحمد أستاذ العلوم السياسية، عدداً من الافكار بهدف وضع قرار الانسحاب الأمريكي في سياق أعم، هو سياسة الرئيس ترامب الخارجية، مشيراً في ذلك إلى مايلي بصفة خاصة:
– تتسم سياسة ترامب الخارجية بالارتباك والتغير المستمر ، والقرار سلط الضوء على هذا التغير فبعد أن كان انسحاب سريع أصبح له جدول زمني .
– سياسة عدائية ونموذج الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل والموقف من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والحديث عن صفقة القرن خير دليل على ذلك، وهي مهزلة، خاصة وأن الأمر يتعلق بصفقة هلامية ليست لها أي سمات واضحة، فضلاً عن أنها ليست نقطة نقاش بين واشنطن ودول المنطقة.
– أنها سياسة ذات أولويات مختلفة وتعيد للأذهان فترة الخمسينات من القرن الماضي حينما كانت أولوية السياسة الأمريكية هي طرد الاتحاد السوفيتي من المنطقة وكان الهدف العربي هو الاستقلال ، واليوم مواجهة إيران وتحجيم دورها هي أولوية واشنطن، في حين أن العرب غير مرغمين على الدخول في صراع ومواجهات مع إيران.
– أنها سياسة تتسم بالهيمنة وفرض الأمر الواقع دون التنسيق مع الحلفاء وحتى الحلفاء الغربيين وعلى رأسهم فرنسا وبريطانيا.
– أنه لو تم التعامل مع ترامب على أنه سياسي رشيد، سنجد للقرار أسبابه، خاصة وأنه يعكس موقفه الذي عبر عنه خلال فترة ترشحه وحتى قبل خوضه في معترك السياسة، وتحديداً في 2013 كان ترامب قد طالب الادارة السابقة بعدم التورط والتدخل في الصراع السوري والتركيز على بناء الولايات المتحدة . أما لو تم النظر للقرار من منظور صانع القرار نجد أن التحرك هنا يتم في إطار داخلي وخارجي ، ويلاحظ في هذا السياق أن البيئة الداخلية غير مواتية لهذا القرار وبالتالي جرى تفريغه من مضمونه ليصبح لغواً.
– أن الصراع في سوريا يتسم بالتعقيد الشديد، وفي تحليل النظم فإن دراسة أي متغير جديد يمكن دراسته وتحليله بشكل واضح لو كان الصراع بسيطاً، لكن في القضية السورية فهذا التعقيد والتعدد للفاعلين يجعل دراسة أي متغير فيها بما في ذلك قرار الانسحاب، وماسيترتب عليه من تزايد نفوذ داعش، يحتاج لتحليل أكثر عمقاً.
– آن الأوان ليكون هناك بديل عربي يمكنه الرد على أية قرارت تتعلق بالوضع السوري ودراسته ومعرفة كيف يمكن الرد أو مايمكن فعله، حتى لوكان البديل صعباً، على نحو مااتضح في صعوبة عودة سوريا للجامعة العربية والتي لاتعني تأييد النظام، كما لايمكن تجاهل أن سوريا لاتزال عضواً في الأمم المتحدة ، وحقيقة خروجها من الجامعة كان بإصرار خليجي في الأساس ، ورغم ماأنفقته دول كبرى في المنطقة على إسقاط نظام الأسد فهي لم تتمكن من تحقيق ذلك ، ويشهد الوضع اليوم افتتاح عدد من الدول سفاراتها كما فعلت الامارات والبحرين وزيارة مسؤولين سوريين لمصر، الا أن الدولتين صاحبتا أكبر سياسة خاطئة في المنطقة، وهما السعودية وقطر، أعلنتا ان الوقت غير ملائم لعودة سوريا للجامعة.
وأضاف د.أحمد يوسف أن الملاحظات السابقة تلقي على عاتق مصر ضرورة تبني موقف مناسب وقوي للم الشتات العربي من خلال مايلي:
– ضرورة تبني موقفاً واضحاً من الأزمة السورية، خاصة وان مصر حافظت على علاقتها مع النظام السوري ورفضت التدخل العسكري الخليجي في سوريا، وهو مايلقي على مصر مسؤولية طرح مبادرة للحل.
– على مصر تجنب الالتزام بأي التزامات مريبة في سوريا، خاصة وأن هناك أنباء تتحدث عن إمكانية تدخل قوات عسكرية مصرية وإماراتية بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا ، وإن كان على مصر الدخول في أي مشاركات عسكرية فلا تكون إلا في إطار أممي وفي شكل قوات حفظ السلام.
– رفض مصر القاطع لما يتردد عن تشكيل “ناتو عربي” تكون إسرائيل جزءاً منه ، خاصة وأن مصر رفضت، منذ الخمسينات، أن تكون جزءاً في أي تحالفات عسكرية تديرها قوى غربية في المنطقة العربية ، ويجب أن تحافظ مصرعلى سياستها الحالية التي تقوم على أن مصر ملتزمة بحماية الأمن القومي الخليجي متى وجدت تهديدات مباشرة، ولابد من التفكير في الحوار مع إيران وعدم الانجرار إلى أية استقطابات للمنطقة العربية، أو أي مبادرات تستهدف استدراج المنطقة للدخول في تحالفات مضادة لإيران يصعد الوضع معها.
– يجب إيلاء المزيد من الاهتمام بالقضية الفلسطينية ، وهذا الأمر ليس تصدُقاً من الدول العربية، خاصة وأن القضية الفلسطينية بالنسبة لمصر هي قضية أمن قومي مصري وعربي، وعدم الانجرار لمزيد من تطوير العلاقات مع إسرائيل، كما وأن والتنسيق مع إسرائيل لايعني التغافل عن فكرة أن إسرائيل عدو ولم تكن أبداً حليفة، بل هي مصدر التهديد الرئيسي للأمن القومي العربي والمصري.
*تلى ذلك حديث السفير سيد أبو زيد عضو المجلس عن الأزمة السورية ، الذي أكد أنه كثيراً مايتم الانجراف وراء مصطلحات ابتدعها الغرب ، وفي الملف السوري لايمكن تجاهل أن نظام الحزب الواحد الحاكم لسوريا وسمة الديكتاتورية هي سمة عامة مشتركة بين الدول العربية، وعندما بدأ الرئيس بشارالأسد في استخدام القوة كان ذلك لحماية الأرض السورية من العملاء المخربين والممولين من عدد من العواصم العربية الفاشلة في سياساتها بالأساس وبتنسيق غربي ، ولم يكن أمام الأسد أي خيارات لمواجهة القرار السعودي والقطري، بتمويل مجموعة من المليشيات لإسقاط النظام بالقوة العسكرية، سوى القوة المماثلة ، وانتهى الأمر بتحول الساحة السورية إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية .
وأضاف أن الواقع الراهن يفرض على الدول العربية دعم وتكريم الشعب السوري والرئيس الذي تمكن من الصمود أمام هذا العدوان، خاصة وأن تلك الدولة العظيمة كانت دوماً داعمة للقومية العربية ، ولطالما ظلت سوريا حليفاً تاريخاً لمصر منذ عهد الفراعنة، بل إن حروب مصر على مدار تاريخها كانت تلعب سوريا فيها دوراً بارزاً لمساعدة مصر لتحقيق النصر، وهو مايؤكد ارتباط أمن مصر بأمن منطقة الشام .
وخلص السفير/ سيد أبو زيد إلى أن ماأشار إليه يلقي على عاتق مصر مسؤولية كبيرة لوضع وصياغة مبادرة لتسوية الأزمة ودعم العودة السورية للجامعة العربية، ولو وجدت شروط يمكن التفاوض بشأنها فلا يجب أن تكون مصر إحدى الدول التي تعيق عودة سوريا للجامعة العربية.
*أكد السفير د. محمد بدر الدين زايد عضو المجلس، أن القرار الأمريكي بالانسحاب هو قرار متسق مع ماأعلنه ترامب خلال حملته الانتخابية، ولكنه يتعارض مع رغبة الحلفاء وحتى مع بعض المسؤولين الأمريكيين. والتساؤل المطروح ماالسيناريو المتوقع بعد الانسحاب؟، خاصة وأن هذا الأخير يعني أن الفيتو الأمريكي، والمقرون بوجود نحو 2000 جندي أمريكي والذي مثل عائقاً لسنوات أمام أية تسويات للأزمة، قد انتهى ، كما أن الانسحاب سيسمح بمزيد من التمدد التركي في المرحلة المقبلة ، لكن التعامل السوري مع تركيا سيكون سهلاً، خاصة وأن سوريا عضو في الأمم المتحدة وبموجب الميثاق ستتمكن من رفض الاحتلال التركي للشمال السوري، وبالتالي لن يكون التواجد التركي أبدياً، بينما لايمكن التغافل عن حقيقة أن التواجد الروسي والإيراني تم بموافقة الدولة السورية ، ولابد من التنبه إلى أنه كلما اقتربت التسوية زادت الأوضاع تعقيداً ، وهنا يكون دور مصر بإطلاق مبادرات مع ضرورة تجاهل جرائم بشار الأسد في المرحلة الراهنة، خاصة وأنها لم تعد محوراً أساسياً في الخطاب الأمريكي والغربي لاسيما وأن الجماعات الإرهابية أكثر إجراماً ، كما أن الدول الخليجية لم تعد تتحدث بذات الحماس عن انتهاكات بشار الأسد لحقوق الإنسان، وهو مايتعين على صانع القرار المصري أخذه في الاعتبار. وعلى مصر البحث عن آلية للعودة للعب دور في المشهد السوري وطرح نفسها في آية تسويات مستقبلية والمساعدة في إعادة سوريا للجامعة العربية. وفي هذا الصدد، لايمكن تجاهل حقيقة العداء الايراني للدول العربية وسعيها للتمدد والهيمنة ومايحدث في اليمن خير دليل على ذلك، وعلى الدول العربية ان تضع استراتيجيتها الخاصة لمواجهة هذا الدور وتأخذ في الاعتبار الاستراتيجية الأمريكية التي تقوم على الأداة الاقتصادية (الجزاءات) وليست العسكرية سبيلاً لمواجهة أي تمدد إيراني أو تركي.
كما شدد د.زايد على أن الدور المصري الواجب تنشيطه وتفعيله يجب أن يتحرر من المواقف السعودية، خاصة وأن هذه الاخيرة كانت تتخذ دوماً قرارات في غير صالح مصر، بل ومخذلة للمواقف المصرية.
*نوه الدكتور محمد السعيد إدريس عضو المجلس، إلى عدد من النقاط الواجب أخذها في الاعتبار عند الحديث عن قرار الإنسحاب:
– أن قرار الانسحاب الأمريكي هو إعادة انتشار عسكري للولايات المتحدة، وهناك تراجع في تنفيذ القرار بعد التحرك التركي في الشمال السوري والضغوط الإسرائيلية على واشنطن، وسط حديث عن خذلان أمريكي للأكراد.
– في إطار القرار تردد أن القوات الأمريكية ستنسحب من سوريا لقواعدها في العراق وأن الولايات المتحدة مستعدة لضرب سوريا من هذه القواعد إذا استجوب الأمر ذلك، وهو مايؤكد أن مايحدث هو تنظيم للأوراق والصراع في الواقع، لكي يقترب من المحيط الإيراني مباشرة في العراق. وقد سبق زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو للعراق زيارة وزير الطاقة الأمريكي للتباحث حول إمكانية الاستغناء عن الجهود الإيرانية في استخراج النفط العراقي والاستعانة بذلك بالجهود الأمريكية، وبعد التحرك التركي في الشمال السوري تغير الموقف الأمريكي وهو مابرز في تصريحات جون بولتون (مستشار الأمن القومي) الذي تحدث عن ضرورة حماية الحلفاء الأكراد.
– تمثل إسرائيل جوهر السياسة الأمريكية في المنطقة، وقد اعترضت على قرار الانسحاب مطالبة الولايات المتحدة بالا نسحاب واستمرار التواجد الأمريكي في قاعدة “التنف” العسكرية المتواجدة في مثلث الحدود الأردنية السورية العراقية ، واستمرار دعم الحلفاء الأكراد ومطالبة الولايات المتحدة بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان لارتباطها بالأمن الإسرائيلي ، وإنشاء مايسمى بـ” الناتو العربي” ليكون بمثابة درع الحماية العربية لإسرائيل من أية تهديدات إيرانية مستقبلية بعد الانسحاب الأمريكي .
– تشهد السياسة الأمريكية، على مدار تاريخها، فترات من التمدد والإنكماش وهي حالياً في فترة إنكماش نتيجة لضغوط داخلية وتحولات اقتصادية وإجتماعية وأخرى في النظام الرأسمالي العالمي ومفهوم العدالة في المجتمعات الغربية.
– لابد من وجود إستراتيجية مصرية ، تبنيها الدولة المصرية وفقاً لمصالحها الاستراتيجية وأهدافها الوطنية وليس وفقاً لمصالح الآخرين، ولايمكن تجاهل أن الاستراتيجية المصرية اليوم مبنية على مبادئ حماية مصالح الآخرين ( السعودية والإمارات ودول الخليج) ، خاصة وأن مصر بما تمتلكه من قوة عسكرية كبيرة لاتحتاج للتنسيق مع إسرائيل لهزيمة الجماعات الارهابية ، وبدلاً من محاربة إسرائيل صانعة الإرهاب في المنطقة يتم التنسيق معها والتجاوز عن فكرة أنها العدو الاستراتيجي للأمن القومي المصري.
-على مصر وضع استراتيجية لحماية مصالحها الوطنية وليس مصالح الآخرين، خاصة وأنها تمكنت من الخروج من الأزمة الاقتصادية الصعبة التي مرت بها في المراحل السابقة ، وعليها أن تولي مزيداً من الاهتمام بالعالم العربي وعدم قصر اهتمامها بدول الخليج.
– على سوريا محاسبة كل من موًل الارهاب وكل من ساهم في تدميرها من أشقائها العرب، والواقع أن الاسد لم يقتل شعبه بل حارب الإرهاب وجوهر الأزمة كان العلاقات السورية الايرانية والعداء السوري لإسرائيل. وقبل 2005 كانت هناك محاولات أمريكية، بالتعاون مع مصر والسعودية، لإقناع الاسد بفك التحالف مع ايران مقابل مليارات الدولارات وعندما رفض بدأ التضييق عليه بدءاً من الحرب الإسرائيلية على لبنان في 2006 ، وفي 2008 و2009 وبعد العدوان الاسرائيلي على غزة توقفت المفاوضات السورية الإسرائيلية حول الوضع في الجولان، وتلى ذلك الحديث عن تأسيس نظام إسلامي ديمقراطي في سوريا وبناء تحالف أمريكي مع الأنظمة الإسلامية الجديدة على غرار النموذج المتواجد فعلياً في تركيا وامتداده ممثلاً في جماعة الاخوان المسلمين ، وكل ذلك بهدف تحجيم إيران وميليشياتها في المنطقة لتأمين إسرائيل.
– على مصر أن تضع على عاتقها ضرورة عودتها للعب دور قوي والمساهمة في ترتيب الأوراق الإقليمية فلو كانت إيران وتركيا أعداء للدولة المصرية، فلايمكن تجاهل العداء التاريخي لإسرائيل. وعلى مصر أن تعمل على حشد القوى العربية وألا ترتبط استراتيجياتها بما يقدم لها من دعم مالي من بعض الدول، والتفكير بشكل أكثر جدية في تسوية الخلافات مع إيران وتركيا، حيث لايعني الخلاف مع الحكومات العداء مع الشعوب خاصة وأن الدول الثلاث تتمتع بإرث حضاري وتاريخي كبير ولابد من التعايش فيما بينها.
– على مصر، وباقي الدول العربية، أن تترك لسوريا المساحة لتقرر مصيرها بنفسها ، خاصة وأن هناك تفاهمات تتم، ومؤخراً تحدث وزير الخارجية السوري عن ضرورة استعادة الجيش السوري السيطرة على كافة الأراضي المحررة ورفض أي تواجد للقوات غير الشرعية على الأراضي السورية بعد استعادة إدلب وانتهاء معارك شرق الفرات، والمقصود بذلك القوات التركية، أما القوات الايرانية والروسية فتتعاون مع القوات السورية في تلك المعارك.
– على مصر قيادة موقف، بالتعاون مع كافة الدول العربية، وعدم الاكتفاء بدول الخليج العربي، لتهيئة وضع عربي جديد يسمح لسوريا بالاستقرار ، وذات الموقف بالنسبة للشعب الفلسطيني وعدم الانجرار للدخول في أي تحالفات لحماية أمن الولايات المتحدة وإسرائيل.
*أكد السفير/ محمد مصطفى كمال عضو المجلس، أنه منذ قيام الثورة السورية كانت مصر تؤكد أهمية الحفاظ على وحدة الدولة السورية وليس النظام السوري ، وأن الشعب السوري حر في اختيار من يحكمه . وللأسف شهدت أروقة الجامعة العربية مؤامرة للتخلص من النظام السوري، رغم العلاقات الجيدة التي كانت تجمع سوريا بكل من قطر والسعودية بالأساس والخلافات التي كانت بين النظامين المصري والسوري نتيجة للخلافات الخليجية السورية والتي تجاوزتها دول الخليج بمبادرة من الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود حينها، دون التنسيق المسبق مع مصر، وظلت الخلافات بين مصر وسوريا، وبعد قيام الثورة السورية لم يأخذ قرار تعليق عضوية سوريا من الجامعة أي جهد أو مفاوضات، ولم تعقد حتى إجتماعات على مستوى القمة أو تفرض شروط، وكان القرار الذي تلاه حمد بن جاسم وزر الخارجية القطري. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لم لايتم عودة عضوية سوريا للجامعة بذات الطريقة التي علقت بها دون فرض أية شروط على هذه العودة؟.
– بعد الثورة تم تشكيل مجموعة من المراقبين العرب بمبادرة من الدول الخليجية الثلاث( السعودية والإمارات وقطر)، كآلية لفض الاشتباك. ورغم رفض سوريا لتلك الآلية، لكنها قبلت بها بضغوط مصرية وكان ضمن المراقبين سفراء مصريين وطالب رئيس وفد المراقبين العرب بعدم تدخل قنوات قطرية وأنه سيتم حل الأزمة السورية خلال أيام ، غير أنه لم تمر أيام حتى أعلنت الدول الخليجية الثلاث سحب مراقبيها وكافة الإمكانات اللوجيستية الموفرة لهم لتنتهي بذلك هذه الآلية ، وعليه ليس من المستغرب أن ترفض سوريا اليوم العودة للجامعة.
– على مصر أن تبذل جهداً للعب دور لتسوية الازمة وليس فقط التوقف عند مسألة عودتها للجامعة خاصة وأن هذه الأخيرة لن تتمكن من لعب دور ملموس إزاء الازمة السورية اليوم، علماً بأن مصر كانت قد لعبت دوراً هاماً في تسوية أزمة خطيرة بين سوريا وتركيا إرتباطاً بإيواء الأولى لعبد الله أوجلان.
– أن المتعامل مع الأزمة السورية اليوم لابد أن يأخذ في اعتباره تركيبة الشعب السوري الذي عاش فترات من الانقلابات وعدم الاستقرار إلى أن تولى نظام الأسد الحكم وسادت حالة من الاستقرار لمدة 30 عاماً كانت رخاء للمواطنين بكافة طوائفهم وكذا لرجال الاعمال ، ليكون نظام الأسد بمثابة خيار يوفر الاستقرار للشعب السوري مقارنة بأنظمة سابقة عليه.
-أما فيما يتعلق بالتواجد الايراني في سوريا فهو تواجد تاريخي ولم يرتبط بالفترة الراهنة، سواء فكرياً أو ثقافياً أو دينياً، حتى قبل تواجدها العسكري الحالي كما هو الحال في تواجدها في منطقة البقاع أو حي السيدة زينب.
– وبالنسبة للتواجد التركي فهو تواجد ملحوظ لايمكن إغفاله، وكان الموقف التركي الذي اتخذ ضد نظام الأسد خطاً استراتيجياً تداركته تركيا لاحقاً، خاصة وأنها أدركت أنه بحربها على نظام الاسد فإنها تدعم الفصائل والأقليات في سوريا، وهو مايعني الدعم أيضاً للأكراد، وأنه بعد استقرار الاوضاع في سوريا لن يقبل الأكراد دوراً أقل من الأكراد في العراق .
*حول الموقف الأمريكي أشار السفير/د.محمد توفيق عضو المجلس إلى مايلي:
– تقوم الرؤية الأمريكية للمنطقة على التفاعل بين بعدين أحدهما يتعلق برؤية واشنطن الخارجية للمنطقة، والآخر يرتبط بشدة بتفاعلات السياسة الداخلية.
– أن تصرفات الرئيس ترامب تجاه المنطقة ليست عشوائية بل متسقة مع نفسها ، فالسياسة الأمريكية مبنية على أن الولايات المتحدة تعتقد أنها تدفع ثمن أكبر من اللازم في هذه المنطقة، في حين أن مصالحها الاستراتيجية تستوجب تحويل مواردها نحو الصين، وهذا ماأشارت إليه استراتيجية الأمن القومي الأمريكي وكذا استراتيجية الدفاع الوطني. على أن ذلك لايعني التنازل عن أهدافها ومصالحها في المنطقة بل الحفاظ عليها ولكن بتكلفة أقل. والسؤال هنا هل ستتمكن الولايات المتحدة من تحقيق أهدافها دون دفع هذا الثمن؟.
– في عام 2013، وبعد اتهام نظام الاسد باستخدام السلاح الكيماوي، حدث تحول هام في موقف الولايات المتحدة من الأزمة حيث تدخلت حينها فيها ولكن ليس بهدف إسقاط النظام خاصة وأن أوباما رفض أي محاولات في هذا الشأن وأيده الحزب الجمهوري في ذلك، حيث رأى أن سقوط الأسد يعني ترك السلطة للجماعات الاسلامية المتطرفة، وهي الأداة التي كانت تستخدمها الولايات المتحدة لمواجهة إيران والتي أدركت لاحقاً أنه لم يعد من الممكن إستخدامها، خاصة وأنها أصبحت أداة لتهديد الولايات المتحدة نفسها بعدما أظهرت قدرتها على التجنيد والنفاذ للداخل الأمريكي لتنفيذ هجمات إرهابية.
– أدركت الولايات المتحدة أن الاتفاق النووي الايراني أطلق يد إيران في المنطقة وزاد من مواردها وقدراتها، وهو ماخالف فلسفة الاتفاق وأهدافه المبنية على تجنب ضرب ايران قبل إنتاجها للسلاح النووي، وتحقيق توازن في المنطقة لمنع هيمنة إيران على المشرق العربي واليمن. وبسبب الفشل في تحقيق هذا التوازن وجدت إدارة ترامب أن الانسحاب من الاتفاق هو الحل الأمثل والضروري لإعادة صياغة المعادلة.
– في ظل فشل أداة الاسلام المتطرف لمواجهة ايران، سيتم البحث عن ترتيبات أمنية تمكن الولايات المتحدة من مواجهة التمدد الايراني بتكلفة أقل مهما اختلفت مسمياتها سواء ناتو عربي أو تحالف أمني عربي.
– كان لافتاً تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن الانسحاب الأمريكي من سوريا واليمن والعراق ولبنان هو بهدف تخفيض تكلفة التواجد الأمريكي ، ولكنه لن يكون على حساب المصالح الأمريكية، وعليه فالانسحاب لن يكون بأسس الماضي بل بتحالفات وأسس تتفق والواقع المعاصر.
– فيما يتعلق بصفقة القرن وعملية السلام، فقد انتهى المفهوم القديم الذي ساد منذ 1979، أي الدخول في مفاوضات طويلة في كامب ديفيد ثم التوصل لاتفاق يكون في نسبة 90% منه لصالح اسرائيل و10% لصالح فلسطين فإسرائيل لم تعد اليوم مستعدة لتقديم آية تنازلات ولو بنسبة 1% ، وقد يكون هناك اعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان كما كان الحال بالنسبة للقدس والتنازل عن فكرة حدود 1967، وعليه فالإستراتيجية تقوم على فرض إسرائيل لأمر واقع تدعمه الولايات المتحدة.
وفي إطار صفقة القرن أيضاً، وفيما يتعلق بالفلسطينيين المتواجدين في المستوطنات الاسرائيلية ستكون هناك ترتيبات اقتصادية وترتيبات حقوقية، ولتحقيق ذلك قد يتم اللجوء للدول العربية المجاورة لاحتضانهم.
– تعتمد إدارة ترامب، في تنفيذ سياستها في المنطقة وفرض رؤيتها، على وزارة الدفاع (البنتاغون) بدلاً من وزارة الخارجية الامريكية. غير أن قرار الانسحاب أدى إلى خلاف مع البنتاغون، وهو مايعني أن قرار الانسحاب ليس قراراً مؤسسياً بل هو قرار من الإدارة. غير أن هذه الأخيرة تعبر في الواقع عن رغبة الشعب الأمريكي الرافض والكاره لتحمل أي نفقات إضافية للسلام في المنطقة العربية، وبالتالي يحظى بقبول داخلي رغم الانتقادات التي يواجهها.
– يسعى ترامب إلى الوصول لترتيبات بديلة، قد تكون مع اطراف عربية، للقوات الأمريكية وتم العرض مسبقاً على مصر إرسال قوات مصرية لكنها رفضت.
– فيما يتعلق بدور القوات الأمريكية في سوريا، فهو دور ثنائي يقوم على التأكد من عدم سيطرة داعش على جزء من الأراضي السورية، وهو مايتم عبر القوات الكردية وبعض القوات الغربية المتواجدة هناك ، وعليه فالانسحاب الامريكي يهدد أمن هذه القوات، وهو ماتسعى إدارة ترامب إلى اتخاذ تدابير لتجنبه، بينما يتعلق الدور الثاني للقوات الأمريكية في سوريا بمراقبة الطريق البري بين إيران وسوريا ولبنان. ومع ذلك لاتوجد تقديرات حول مدى إمكانية نجاح الولايات المتحدة في تنفيذ إرادتها.
– أن مصر ليست في وضع سهل، فعلى الرغم من تمسكها برؤيتها القائمة على السلامة الإقليمية للدول العربية بما فيها سوريا والعراق وإقامة علاقات جيدة مع دول الخليج ، إلا أنه يجب الحذرمن التأييد المطلق لرؤية الدول الخليجية لسبل تسوية أزمات المنطقة بما فيها الأزمة السورية، كما أن على الدولة المصرية التمسك بمبدأ رفض إرسال قوات عسكرية لمناطق النزاع، وألا تؤثر الضغوط الاقتصادية الداخلية على سياسة ورؤية مصر المستقلة حيال الأوضاع في المنطقة.
*نوه السفير د. عزت سعد مدير المجلس، إلى أن ردود الفعل على قرار الانسحاب اتسمت بالمبالغة، وأن هناك توافق حول أسباب القرار وسياقه بأنه مبني على أسباب داخلية وحسابات انتخابية، حتى لو بدا وكأنه عقيدة استراتيجية جديدة تقوم على مفهوم ترامب الرافض لتولي الولايات المتحدة مسؤولية حماية الآخرين أو خدمة مصالحهم بدون مقابل. وأضاف أن أطرافاً كثيرة دولية وإقليمية متداخلة تسعى لتحقيق مصالح متناقضة ومتضاربة في الملف السوري ، وبالتالي لايمكن الجزم في هذه المرحلة إلى أين ستسير الامور ولصالح من، خاصة وأن الكل يسعى لتحقيق أهدافه ولابد في النهاية من وجود رابح وخاسر، والخاسر لن يستسلم بسهولة.
أيضا فإن العديد من المحللين، والمسؤولين الأمريكيين أنفسهم، يرون بأن الولايات المتحدة ليس لها مصالح استراتيجية كبيرة في سوريا كما كان الحال في العراق، كما أن علاقتهم مع أكراد سوريا ليست بالكبيرة كما هو الحال مع أكراد العراق الذين يشكلون مكوناً كبيراً من السكان ويتمتعون برعاية ودعم أمريكيين منذ عقود نتيجة لمواجهة واشنطن الطويلة مع صدام حسين، ومن المنطقي أن تسعى الإدارة الامريكية إلى تأمين حياة قوات سوريا الديمقراطية إذا ماتم الانسحاب بالفعل، وفي هذا السياق هناك أحاديث عن ترتيبات مع تركيا وروسيا عبر تفاهمات مع النظام السوري سواء لإنشاء منطقة عازلة أو دخول قوات غير تركية، وعموماً الترتيبات في هذا الشأن لم تتبلور حتى هذه اللحظة.
– هناك ردود فعل إسرائيلية واسعة على الإعلان عن الانسحاب الأمريكي ارتباطاً بالوجود الإيراني في سوريا والتحالف بين طهران ودمشق. وقد جرى الحديث مؤخراً عن كيفية التعامل مع هذا الوضع بعد انسحاب القوات الأمريكية والمسألة ليست بهذه البساطة فليس من السهل القضاء على النفوذ الايراني في سوريا، خاصة وأنه وجود في نسيج الشعب السوري نفسه ، والعلاقة بين النظامين السوري والإيراني أقوى وأعمق من علاقة دمشق بموسكو. بل إن التواجد الروسي في سوريا يعتمد على محور المقاومة الإيراني/السوري.
وفيما يتعلق بالدور المصري فمصر تحتاج للعب دور يعكس تحسن أوضاعها الداخلية، وإلا تكون علاقتها مع السعودية قيداً على السياسة الخارجية المصرية خاصة في الملف السوري.
تعليقات ختامية:
– أكد السفير إيهاب وهبة على ماأسماه بالدور الروسي الكبير في سوريا، والذي سيجعلها ترفض أية تسويات مستقبلية للأزمة لاتكون في صالحها، وستعمل على تحجيم الدور والتدخلات الاسرائيلية هناك، والسؤال هنا هل سيتم إبرام صفقة بين روسيا والولايات المتحدة، خاصة وأن الوجود الأمريكي في المنطقة مستمر، ولايمكن إغفال امتلاكها لأكبر قاعدة جوية في قطر وقواعد في البحرين والعراق ، كما أنه لايمكن تجاهل الوجود الاسرائيلي والذي هو في الحقيقة تعبيراً عن الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط ؟.
وفي سياق ماذكره المتحدثون، نوًه إلى ضرورة عدم المبالغة في حجم الدور الذي يمكن لمصر أن تلعبه ، خاصة وأن الاوضاع على الأرض في غاية التعقيد، والأهم أن تدرس كيف يمكنها أن تتعامل مع تلك التغيرات المواتية.
– من جانبه، دعا السفير/د. منير زهران، في كلمة ختامية، الى أهمية العودة للحوار مع إيران وتركيا وتفعيل دبلوماسية المسار الثاني ، ودخول مصر لمعترك الأزمة السورية وطرح مبادرات للتسوية تتوافق مع كافة الأطراف ، وتصحيح الصورة المأخوذة عنها بأنها تابع للغرب أو للخليج، بأن لها دور منوط بها.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، طالب باستضافة المجلس لحلقة نقاشية تسلط الضوء على مخرجات تلك السياسة وجولة وزيرة الخارجية الامريكي للمنطقة وكذا مايتردد عن الرغبة في تأسيس ناتو عربي، والرفض المصري التقليدي للدخول في أية تحالفات عسكرية برعاية غربية.