مشاركة السفير/ د. محمود كارم في الإجتماع الرابع لمجموعة الخبراء البارزين لإعداد دراسة حول سبل دفع جهود نزع السلاح النووي
مارس 20, 2019بيان بإدانة قرار الرئيس الامريكى بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل
مارس 26, 2019بمناسبة مرور 40 عاماً على معاهدة السلام، نظم المجلس يوم الإثنين الموافق 25 مارس 2019، ندوة للحديث عن المعاهدة.
شهدت الندوة كلمة افتتاحية للسفير د.منير زهران، رئيس المجلس. ثم قراءة في معاهدة السلام المصرية/الإسرائيلية، للسفير/ د.نبيل العربي، وزير الخارجية السابق، وأمين عام جامعة الدول العربية السابق. وجلسة أخرى ترأسها السفير د.عزت سعد، المدير التنفيذي للمجلس. تحدث فيها كلاً من السفير حازم خيرت، سفير مصر السابق لدي إسرائيل، وتناول معاهدة السلام من وجهة النظر الإسرائيلية وما الذي حققته لها؟. ثم كلمة للدكتور محمد كمال، أستاذ العلوم السياسة بجامعة القاهرة، تناول فيها الرؤية الأمريكية لعملية السلام. ثم أعقبها كلمة للأستاذ محمد قاسم، رجل أعمال، تناول فيها اّفاق العلاقات الاقتصادية المصرية – الإسرائيلية. ثم شهدت الجلسة تعقيباً من اللواء محمد إبراهيم، عضو المجلس. ومجموعة من المداخلات من السيدات والسادة الحضور.
كلمة السفير د . منير زهران
نجتمع بمناسبة مرور أربعين عاماً على إبرام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل يوم 26 مارس 1979. تلك المعاهدة التى وضعت حداً للصراع بين مصر وإسرائيل منذ حرب فلسطين عام 1948، رغم أنها لم تحقق سلاماً شاملاً وكاملاً للنزاع العربى – الإسرائيلى؛ إذ لم تؤدِّ إلى إزالة آثار عدوان يونيو عام 1967 بالكامل نظراً لاستمرار احتلال الضفة الغربية لنهر الأردن، بما فيها القدس الشرقية والجولان السورى المحتل، رغم إبرام معاهدة سلام أخرى بين إسرائيل والمملكة الأردنية الهاشمية عام 1994. كما لم تتوصل مفاوضات المعاهدة الى الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني واقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس او انهاء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لسنة 1948 الذي نص علي حق العودة والتعويض للاجئين الفلسطينيين.
ومن جميل الصدف أن هذا الشهر يتواكب أيضاً مع مرور ثلاثين عاماً على استرداد مصر لشريط طابا عن طريق التحكيم الدولى الذى كان الدكتور نبيل العربى يقود الوفد المصرى خلاله، حيث تم رفع العلم المصرى على طابا فى 19 مارس 1989. وهكذا، استعادت مصر كامل ترابها الوطنى الذى تعرَّض للاحتلال الإسرائيلى فى عدوان 5 يونيو 1967 بالحرب ثم بالسلام، منذ حرب الاستنزاف التى ضحَّت فيها مصر بالغالى والنفيس، وكافحت من خلال دبلوماسيتها وقواتها المسلحة منذ صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 فى نوفمبر 1967، ومساعى ممثل السكرتير العام للأمم المتحدة جونار يارنج لتنفيذ ذلك القرار، وباءت جهوده بالفشل.
وقد عرقلت إسرائيل تنفيذ أحكام ذلك القرار الذى نصَّ على عدم جواز احتلال الأراضى بالقوة، وضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضى التى احتلتها فى تلك الحرب، واستمرت فى المراوغة، بل وأدَّعت اسرائيل أن حدودها الجنوبية التى يمكن الدفاع عنها هى قناة السويس.
وبالتوازى مع ذلك، كانت حرب الاستنزاف التى كبَّدت مصر تكاليف باهظة وسقط فيها شهداء من القوات المسلحة ومن السكان المدنيين مع تدمير للمرافق الحيوية فى مصر. وإزاء فشل الجهود الدبلوماسية فى إزالة آثار العدوان من خلال الأمم المتحدة ومن خلال المساعى الدبلوماسية كانت حرب أكتوبر 1973 وعبور الجيش المصرى الظافر لقناة السويس ثم تدخل مجلس الامن فى 22 اكتوبر 1973 باصدار قراره رقم 338 الذى قرر وقف اطلاق النار والدخول فى مباحثات للتوصل الى تسوية سلمية استناداً الى قرار المجلس 242 وبناءً عليه عُقد مؤتمر جنيف للسلام فى ديسمبر 1973 ولم يصدر عنه أي تقدم فيما يتعلق بعملية التسوية واعقب ذلك فضّ الاشتباك الأول ثم الثانى فى شبه جزيرة سيناء.
ومع استمرار مراوغة إسرائيل فى تنفيذ قرارات مجلس الأمن، كانت مبادرة الرئيس السادات بالذهاب إلى القدس وخطابه التاريخى أمام الكنيست فى نوفمبر 1977 الذى فتح الطريق إلى مفاوضات كامب ديفيد عام 1978 التى أسفرت عن الاتفاق الإطارى الذى أفسح المجال لمفاوضات الحكم الذاتى التى حرصت فيها مصر على الدفاع عن حقوق الفلسطينيين الوطنية بالتنسيق مع منظمة التحرير الفلسطينية، فى جولاتٍ عديدة من المفاوضات المباشرة بين الجانبين التى أبلى فيها المفاوض المصرى، بلاءً حسناً، وبمشاركة من جانب وفد أمريكى. ولكن تعنت الجانب الإسرائيلى وتصلب مواقفه أدى إلى فشل مفاوضات الحكم الذاتى للفلسطينيين. وهكذا جاءت مفاوضات جولة ثانية من مفاوضات كامب ديفيد، انتهت فى 26 مارس 1979 بتوقيع معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية فى واشنطن .
وأرحب بمشاركة الدكتور نبيل العربى فى هذا الاجتماع، وهو غنى عن التقديم، وتاريخه الحافل فى الدبلوماسية المصرية يتحدث عن نفسه، حتى صار وزيراً للخارجية وأميناً عاماً لجامعة الدول العربية، وقبل ذلك وبعده إسهاماته المرموقة فى مجال القانون الدولى والمحاماة والتحكيم الدولى، كما كان عضواً منتخباً فى لجنة القانون الدولى وعضواً فى محكمة العدل الدولية.
كلمة السفير د . نبيل العربي ” قراءة في معاهدة السلام”
قام بتحليل نصوص المعاهدة وأبعادها ونتائجها، وألقي نظرة سريعة علي الأسس التي قامت عليها المعاهدة والتي أدت إلي إبرامها علي هذا النحو يوم 26 مارس 1979. ثم تابع سيادته قائلاً والتحليل السليم في نظري لابد أن يبدأ من النهاية بأن نقرر أنه أياً كانت المثالب فالمعاهدة أدت إلي انسحاب إسرئايل إلي “حدود مصر الدولية مع فلسطين تحت الانتداب” وهو التطبيق السليم لمبدأ عدم جواز اكتساب الأراضي عن طريق الحرب الذي ورد في ديباجة قرار مجلس الأمن رقم 242 (1967) والذي يعتبر تطبيقاً سليماً لقاعدة قانونية أساسية وهي عدم جواز اكتساب الأرض بواسطة القوة العسكرية والذي كانت إسرائيل تناور بنشاط بعدم انطباقه بناء علي تفسير مغلوط لقرار مجلس الأمن كانت تروج له في ذلك الوقت.
والتحليل السليم لمعاهدة السلام، أبعادها ونتائجها يقتضي البدء بإلقاء نظرة علي الأسس التي قامت عليها المعاهدة وأدت غلي ابرامها علي هذا النحو.
أولاً: القرار 242 الذي صدر من مجلس الأمن في 22 نوفمبر 1967 وحدد أبعاد التسوية المطلوبة بأن الهدف منها هو تأكيد عدم جواز الاستيلاء علي أراضي عن طريق الحرب ( أراضي + عدم تحديد موعد للتنفيذ + عدم الإشارة إلي الفلسطينيين).
ثانياً: اتفاقية كامب ديفيد الإطارية في 17 سبتمبر 1978 التي ركزت علي تغيير طبيعة العلاقات في المنطقة.
ولا شك أن معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 تمثل نقطة تحول رئيسية في منطقة الشرق الأوسط وأدت إلي تغيرات جوهرية في طبيعة العلاقات بين دول المنطقة.
وفُرضت علي مصر عزلة من أغلب الدول العربية التي قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع القاهرة ( الاستثناء كان السودان وعمان والصومال) وأدت إلي نقل جامعة الدول العربية من القاهرة إلي مقر مؤقت في تونس لمدة عشر سنوات. هذه الخطوات مثلت زلزالاً في المنطقة ولكنها انتهت وزالت اّثارها تماماً وان كانت تتردد احياناً في وسائل الاعلام علي انها كانت فاتحة اضعاف النظام العربي. وأن الكسر الذي حدث في النظام العربي وقع بداية واثناء المؤتمر الذي انعقد في جنيف بناء علي قرار مجلس الأمن رقم 338 ( 1973) الذي كان مكلفاً بتنفيذ القرار 242 بكل اجزائه ومعالجة اّثار العدوان وإزالته وإعادة الأوضاع إلي ما كانت عليه قبل 5 يونيو 1967. وتسائل لماذا لم يشارك الوفد السوري في المؤتمر بالرغم من أنه أجريت مباحثات في القاهرة مع وفد سوري برئاسة معاون الوزير أديب الداوودي. واتفق علي أغلب المسائل الرئيسية. هذا سؤال مُحيّر واستفسرت من وزير الخارجية السوري السابق وليد المعلم دون الحصول علي أي جواب شاف عن ذلك.
وقد عاصرت هذه المرحلة كمستشار لوزير الخارجية إسماعيل فهمي، وأعتقد أنه كانت هناك فرصة حقيقية في مؤتمر جنيف لاتخاذ خطوات نحو تنفيذ القرار تنفيذاَ شاملاً in a comprehensive manner وكان الوزير إسماعيل فهمي قد دعا وزير الخارجية السوري عبدالحليم خدام للحضور إلي القاهرة لإجراء محادثات مكثفة والاتفاق علي موقف موحد للعرب في مواجهة إسرائيل في مؤتمر جنيف. وبالنسبة للأردن فلم تشارك في حرب 1973 ولذلك لم تدع للمشاركة في الاجتماع، ولكن فوجئنا أن عبدالحليم خدام وزير خارجية سوريا لم يحضر وأناب عنه أديب الداوودي معاون الوزير وهو بلا شك دبلوماسي مخضرم ولكن لم يكن صلاحيات الوزير. تمت الاجتماعات علي مدي يومين واتفق فيها علي الموقف الموحد باستثناء اللجنة التي سوف تتولي الإشراف علي انسحاب القوات الإسرائيلية. كانت سوريا تصر علي تشكيل لجنة واحدة للجبهات الثلاث وكانت مصر تري أن كل جبهة لها طلبت بأن خصائصها ولذلك تُنشأ ثلاث لجان. وسافر الوفد السوري علي أن نلتقي في جنيف الأسبوع التالي. وكانت المفاجأة عدم حضور الوفد السوري ! وبذلك كان المطروح إما عدم انعقاد المؤتمر أو تغيير المسار بترك الحل الشامل جانباً والسير في فض اشتباك محدود وهو ما كان يسعي إليه كيسنجر حتي تضطر غسرائيل إلي الانسحاب من أراض فلسطينية (مارتن انديك).
الأسس التي قامت عليها المعاهدة:
-
نقطة البداية هي قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي صدر في 22 نوفبر 1967 أي ما يقرب من خمسة شهور بعد بدء الهجوم الإسرائيلي في 5/6/1967 . وبعد فشل الجمعية العامة في اصدار قرار يطالب إسرئايل بالانسحاب الفوري وبدون شروط كما حدث إثر العدوان الثلاثي عام 1956 أي قرار يؤدي إلي إعادة الأوضاع إلي ما كانت عليه قبل اندلاع القتال وإزالة اّثار العدوان العسكري.
قدمت إلي مجلس الأمن ثلاثة مشروعات هي أمريكي، وسوفيتي وعدم الانحياز وجميعها تشير بوضوح إلي تغيير جذري عن عام 1956 لأن التركيز كان علي تحقيق سلام في الشرق الأوسط وليس علي ضرورة انهاء العدوان فقط. بالطبع قرار عدم الانحياز كان الأفضل من وجهة نظرنا. وبعد مشاورات لعدة شهور قام لورد كارادون المندوب الدائم البريطاني بصياغة مشروع القرار 242 بالتفاهم مع اّرثر جولدبرج المندوب الدائم الأمريكي، كان مشلاوع القرار به مثالب كثيرة وقد كتبت عدة مقالات في هذا الموضوع الا ان ما يهمني ابراز أهم ثلاثة نقاط:
الأولي: أن القرار لم يحدد مدة زمنية للتنفيذ، ولم يتضمن اذلية تنفيذية واضحة. واكتفي القرار بمجرد تعيين ممثل شخصي للسكرتير العام للتوجه إلي المنطقة والمساعدة في توفير اتفاق to assist efforts and promote agreement بدون تحديد مدة زمنية وبدون النص علي موعد محدد لتقديم تقرير بالتنفيذ إلي المجلس. وفي نظري يمكن القول ان قرار المجلس لهذه المهمة الذي تتسم بالعمومية – ولن أقول بعدم الجدية – تعتبر بداية مرحلة إدارة الأزمات التي تتسم به الأمم المتحدة الاذن. وقد يكفي هنا الإشارة إلي ما قامت به الأمم المتحدة ( الجمعية العامة وليس مجلس الأمن) ضد الاحتلال الإسرئيلي لسيناء عام 1956 حيث اشتملت القرارات التي صدرت إثر العدوان الثلاثي بتحديد مدة زمنية للتنفيذ الفوري.
وقد يكون من المناسب الاعتراف بأن ظروف العدوان الثلاثي السياسية تختلف اختلافاً جذرياً عن ظروف حرب الأيام الستة. ففي الأولي ثلاث دول منها دولتان عظميان قرروا في الخفاء مهاجمة دولة نامية تسعي للحصول علي حقوقها السيادية في تأمين مرفق هام.
وقد نجحت الدعاية الإسرئيلية في تصوير انها التي تدافع عن نفسها. وللأسف فان الرأي العام في الغرب وبالذات في الولايات المتحدة كان يتعاطف مع إسرئيل. وهناك مؤشرات كثيرة تؤكد أن الرئيس جونسون ربما كان متواطئاً مع إسرائيل، وقد يكون أهمها سكوت الولايات المتحدة علي هجوم الطائرات الإسرائيلية علي السفينة الأمريكية ليبرتي وقتل 34 بحاراً أمريكياً ورفض إدارة جونسون اتخاذ أي قرار عقابي ضد إسرائيل. والمعروف أن السفينة ليبرتي كانت ترصد الاحداث في المنطقة ولم تكن سفينة مقاتلة.
الثانية: ان القرار لم ينص صراحة علي ضرورة الانسحاب من جميع الأراضي التي احتلتها إسرئيل، القرار طالب بالانسحاب من ” أراض وليس الأراضي” مما أعطي إسرائيل ورقة مزورة بأن الانسحاب لا يشمل كافة الأراضي ولم يحددها. وقد تاجرت إسرائيل بهذه النقطة لسنوات حتي أبرمت معاهدة السلام مع مصر وحسمت الأمر. نشرت مقالاً عام 1992 في معهد واشنطن لتنفيذ هذه النقطة.
الثالثة: ان القرار تحدث عن لاجئين وتعمد اسقاط ان المقصود بذلك اللاجئين الفلسطينيين مما حدا بإسرائيل إلي الدفع بأن يشمل اللاجئين اليهود أيضاً. وبالطبع نسمع جميعاً علي ما يطلق عليه صفقة القرن التي قد تسعي إلي تصفية قضية اللاجئين بعد أن توقفت الولايات المتحدة عن دفع نصيبها في وكالة غوث اللاجئين. ومنذ أيام أُقدم ترامب علي مخالفة لأحكام القانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن الملزمة التي أيدتها الولايات المتحدة علي عقود وذلك بالاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان.
المعالم الرئيسية لمعاهدة السلام:
-
اعادت لمصر ارضها المحتلة كاملة. ونصت بكل وضوح في المادة الثانية علي أن حدود مصر مع إسرائيل هي الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب. أي الحدود التي كانت قائمة في الفترة بين 1922 و 1948 ولم تذكر المعاهدة اتفاقية 1906 بين مصر والدولة العثمانية لأن إسرائيل لم يكن لها وجود في ذلك الوقت، كما انها أكدت عام 1948 عندما أعلنت استقلالها بإرادتها المنفردة انها ليست وريثة للدولة العثمانية.
(طابا)
-
نصت علي أن تنسحب إسرائيل إلي حدود مصر الدولية، وذلك في نهاية قاطعة علي محاولات إسرئيل الادعاء بأن صياغة القرار 242 تسمح بعدم الانسحاب من كافة الأراضي التي احتلتها عام 1967.
-
نصت المعاهدة علي ضرورة تواجد قوات من الأمم المتحدة بين الطرفين، علي أن يُعاد النظر فيها بناء علي طلب أحد الطرفين. أثيرت مشاكل في مجلس الأمن حول إقرار القوة، واعترض الاتحاد السوفيتي بشدة بناء علي طلب بعض الدول العربية، واتجهت الولايات المتحدة إلي تشكيل MFO تُدفع نفقاتها بين مصر وإسرئيل والولايات المتحدة علي قدم المساواة ( مصر دفعت ربما أكثر من بليون دولار حتي الاّن) وقد كتبت عدة مذكرات أطالب فيها بمراجعة هذا الموضوع وأن تطلب مصر من الأمم المتحدة وإسرئيل. هنا لا تستطيع – في نظري – الاعتراض رسمياً لأنها قبلت مبدأ تواجد قوات الأمم المتحدة في إطار كامب ديفيد وفي معاهدة السلام.
-
نصت المادة السابعة من المعاهدة علي أن المنازعات يتم تسويتها وحلها عن طريق التفاوض إذا فشل التفاوض تحل عن طريق التوفيق أو التحكيم وهو ما تم الالتجاء إليه في نزاع طابا.
-
كما نصت المادة الثامنة علي قبول الطرفين لإنشاء لجنة لتسوية المطالبات المالية. يُشار هنا إلي أن مصر شكلت عام 1984 لجنة بقرار من رئيس الوزراء تحت رئاستي من جميع الوزارات والجهات المعنية. اجتمعت اللجنة عدة مرات واتصلت بشركات البترول الأجنبية التي كانت تعمل في سيناء فترة الاحتلال الإسرئيلي، وأعددت تقريراً مرحلياً بأن إسرائيل حصلت علي ما يقرب من ملياري دولار بترول سيناء خلال السنوات الخمسة عشر للاحتلال.
-
بالرغم من المكاتبات العديدة التي بعثت بها الي مكتب وزير الخارجية الدكتور عصمت عبدالمجيد، لم تحرك الحكومة المصرية ساكناً ولم تستكمل الدراسة من جميع الجوانب وكانت تتولاها لجنة من كل الوزارات المعنية في الدولة. وقد تم اعداد تقريراً للبيانات التي وافتنا بها شركات البترول العاملة في سيناء، وكما هو معلوم فإن استغلال الموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة يخضع لأحكام اتفاقيات لاهاي لعام 1907 وكل من مصر وإسرائيل اطرافاً فيها. وتنص أحكام المادة 55 من هذه الاتفاقية بأنه اثناء احتلال أراضي الغير فإن الموارد الطبيعية في هذه الأراضي تديرها دولة الاحتلال ولها أن تستقطع نفقات إدارة الأراضي المحتلة وتعيد الباقي إلي الدولة المحتلة وهو ما يطلق عليه نظام usufruct.
الأساس الثاني لمعاهدة السلام كان اتفاق كامب ديفيد، وهنا اكتفي بالإشارة إلي النقاط التالية بإيجاز:
أولاً: نص اتفاق كامب ديفيد في الجزء الخاص بإطار معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل علي أن مصر تباشر سيادتها كاملة حتي الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وعلي انسحاب إسرائيل من سيناء. وهذا كان اهم ما ورد في كامب ديفيد ويؤدي إلي تحقيق مطلب مصر تماماً.
ثانياً: معالجة الشق الفلسطيني كانت قاصرة غير سليمة. فلسطين كانت تطالب في ذلك الوقت بحق تقرير المصير فقط، وما ورد في اتفاق كامب ديفيد كان نظام حكم ذاتي لمدة خمس سنوات بحيث يشارك سكان الضفة والقطاع في تقرير مصيرهم عن طريق الحكم الذاتي ومصر طرف ثالث لا تملك أن تقرر حقوق وواجبات علي الطرف الأصيل بدون موافقته. كما أن ما كانت تطالب به إسرائيل لا يرقي إلي مستوي حق تقرير المصير فضلاً عن أن إسرئيل تتبع سياسة ثابتة للعرقلة وإضاعة الوقت أياً كانت النصوص المطروحة.
ثالثا: الخطابات المتبادلة حول القدس تنطوي في نظري علي اضعاف حقيقي للموقف الأمريكي وكان يجب عدم قبولها، وقد ذكرت هذه النقطة عندما قابلته في اليوم الأخير في محادثات كامب ديفيد، لأنه من غير المقبول أن رئيس جمهورية الولايات المتحدة عندما يريد تسجيل موقف حكومته ألا يصرح به مباشرة ولكن يشير إلي ما قاله سفراء أمريكيين سابقيين في الجمعية العامة 1997 وفي مجلس الأمن 1969. ما إذا اضافت هذه الخطابات المتبادلة له سوي تأكيد أن الموقف الأمريكي has been diluted وبهذه المناسبة سنحت لي فرصة عام 2016 أن دعيت الرئيس كارتر علي الغذاء في القاهرة وسألته حول هذا الموضوع . لم يختلف مع تقييمي ولم يجد جواباً سوي القول إن فانس وافق على هذه الصياغة واعتبرها صياغة قانونية مقبولة.
ولكن بعد أربعة عقود نجد ما يلي :
-
مصر استعادت أراضيها كلها ( وهذا هام جداً ).
-
عادت العلاقات بين الدول العربية بعد قطيعة دامت عشر سنوات.
-
الأردن أبرمت معاهدة مماثلة واستعادت ارضها.
-
سوريا أبرمت فض اشتباك 30 مايو 1974 وأعلنت إسرائيل ضم الجولان في ديسمبر 1981، وصدر قرار من مجلس الأمن بتأييد الولايات المتحدة بعدم الاعتراف بهذا الضم لمخالفته لأحكام القانون الدولي ثم مؤخراً اعتراف ترامب بالضم.
-
منظمة التحرير الفلسطينية ابرمت اتفاق أوسلو 1993 ونجحت إسرائيل في افشال تطبيقه تطبيقاً أمنياً.
لا شك ان مصر فقدت كثيراً من ريادتها وهيبتها في العالم العربي بتوقيع ما اعتبر سلاماً منفصلاً مع اسرائيل وقام نظام صدام حسين في العراق بتأجيج نار الفتنة والتصعيد ضد مصر، والي حد ما نجح في ذلك المسعي لبضعة سنوات حتي عادت العلاقات مع الدول العربية بعد عشر سنوات ونقل مقر جامعة الدول العربية الي القاهرة عام 1989، وكانت العراق – وطارق عزيز بالذات – من أشد المؤيدين لهذه الخطوة .
أسئلة
-
هل كان يمكن البناء على ما جاء في كامب ديفيد حول فلسطين؟
-
هل كان يمكن دفع محادثات الحكم الذاتي التي تعثرت منذ البداية.
-
وقعت كل من مصر وسوريا فض اشتباك وحاولت الأردن فعل ذلك دون جدوى ؟ لماذا؟
الإجابة على هذه الاسئلة تظهر حقيقة نوايا اسرائيل فهي لا تمانع في إبرام اتفاقيات مع مصر وسوريا والاردن المساس بالضفة الغربية التي تطمع في الاستيلاء عليها.
لقد شاركت في مفاوضات مباشرة مع وفود اسرائيلية على مدي خمسة عشر عاماً كانت اسرائيل وكان سعي الرئيسي هو دائماً لكسب الوقت مما يدفعني الي القول بأن اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تعتبر كسب ( او اضاعة الوقت ) هدفاً استراتيجياً وليس هدفاً تكتيكياً مثل باقي دول العالم .
لنأخذ بعض الأمثلة:
-
معاهدة السلام المصرية. أبرمت في 26 ماس 1979 ولكن اسرائيل تماطلت في التنفيذ لمدة 3 سنوات بحيث كان الانسحاب النهائي في 25 ابريل لماذا ثلاث سنوات وهي تفاخر بأنها استولت على الاراضي المحتلة في ست ساعات‼ وكانت قد اثارت مشاكل في سبتمبر 1981 حول بعض مواقع علامات الحدود بحيث تم الالتجاء بعد مفاوضات شاقة أدت الي تأخير الانسحاب النهائي الي 19 مارس 1989. أي عشر سنوات بالتمام والكمال .
-
اتفاق أسلو 1993 لم يحسم الأمور ويحدد فترات لتنفيذ مراحل، ثم تعرقل اسرائيل التنفيذ النهائي .
-
بعد صدور هيئة التحكيم في طابا رفضت اسرائيل لمدة خمسة شهور تحديد موعد انسحابها. بمجرد صدور الحكم كنت قد أعددت كتاباً الي رئيس الوفد الاسرائيلي أطالب فيه تحديد موعد فورى لبدء اجراءات التنفيذ كما جاء في الحكم. رفض رئيس الوفد الاسرائيلي استلام الرسالة متعللاً بان حكومته لم تدرس الحكم بعد. واستمر على هذا الموقف لدة اربعة شهور حتي تمت مقابلة بين الدكتور عصمت عبدالمجيد وزير الخارجية مع وزير الخارجية الاسرائيلي أرينز في منزل السفير أحمد صدقي سفير مصر في باريس واعترفت اسرائيل بصدور الحكم واتفق على التنفيذ وبدء محادثات جديه في طابا انتهت بأن وقعت اتفاقاً في 26 يناير 1989 مع الوفد الاسرائيلي تعهدت فيه اسرائيل بالانسحاب في 15 مارس 1989 وتم الانسحاب بالفعل ورفع الرئيس مبارك العلم المصري يوم 9 مارس
ملاحظات حول ما يمكن أن نطلق عليه الترتيبات العسكرية في معاهدة السلام.
-
جاء في اتفاق كامب ديفيد في اطار معاهدات السلام فان الاطراف يمكنهم تبادلياً الاتفاق على ترتيبات أمنية مثل المناطق المنزوعة السلاح وتحديات التسلح ووسائل انذار مبكر وتواجد قوات دولية على الحدود. وأهم من ذلك تحديد ما لا يزيد عن فرقة عسكرية 50كم شرق قناة السويس . ومنطقة مماثلة شرق الحدود الدولية لمسافة 3كم تشمل تحديدات تسلح للقوات الاسرائيلية.
-
جاءت معاهدة السلام وتضمنت تفاصيل هذه المبادئ. وأود هنا التأكيد بأن من قام بالتفاوض على هذه التحديدات في المعاهدة كانوا من القوات المسلحة وكان الفريق كمال حسن على هو رئيس وفد التفاوض ومعه الدكتور بطرس غالى.
-
نصت المادة الرابعة من معاهدة السلام على موافقة الطرفين على تواجد قوات تابعة للأمم المتحدة بموافقة الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن. وهي صياغة غير معتادة ولكنها رد فعل لطلب مصر سحب القوات الدولية التي أنشئت بقرار من الجمعية العامة.
-
جاء في العاهدة بوضوح أن الترتيبات المنية يمكن إعادة النظر فيها بطلب من أي من الطرفين وتعدل بموافقة الطرفين.
-
بعد مرور أربعة عقود لم يطلب أي من الطرفين إعادة النظر في هذه التعديلات بالرغم من أنه كما هو معروف لم يتمكن مجلس الأمن من إيفاد قوة حفظ سلام كما نصت المعاهدة رفض الاتحاد السوفيتي بناء على رغبة بعض الدول العربية وتم انشاء ما أطلق عليه القوة متعددة الجنسيات MFO بقيادة الولايات المتحدة، ومازالت قائمة حتي الآن.
-
انتهز هذه الفرصة لأشير الي اهمية العودة الي نص المعاهدة التي وقعتها مصر مع اسرائيل والمطالبة بإعمال احكام المعاهدة ومطالبة مجلس الأمن بإيفاد قوة دولية تحت اشرافه وهذا أفضل من جميع الوجوه سياسياً وحتي مالياً.
فالقوة متعددة الجنسيات MFO خارج اشراف مجلي الأمن والقرارات في النهاية يتخذها المدير العام وهو دائماً امريكي الجنسية وتدفع مصر ثلث نفقات القوة . وقد سبق أن قدمت عدة مذكرات الي وزير الخارجية أنه سياسياً ومالياً يجب اتخاذ هذه الخطوة ( ربما دفعنا بليون دولار حتي الآن) أقول هذا بحذر شديد لأن التهديدات الارهابية التي تتم في سيناء في السنوات الاخيرة ربما تحتاج الي اعادة نظر في أمور كثيرة لا علم لي بها . نعم هناك نص يسمح في حالة الخلاف مع المدير العام بالالتجاء الي آلية تحكيمية ولكن حسب علمي هذا النص لم يفعل حتي الآن. وأود الاشارة هنا الي أن تقارير المدير العام السنوية ترفع للدولتين وكذلك للكونجرس الأمريكي على اساس أن الولايات المتحدة تشترك مع الطرفين في تكويل القوة.
تجدر الاشارة الي أن بروتوكول انشاء القوة متعددة الجنسيات MFO ينص على أن القرارات تتخذ بموافقة الطرفين، فإذا اعترض طرف يكون القرار للمدير العام ومن الناحية العملية أصبح المدير العام هو صاحب القرار النهائي. ( مثال تقارير المخالفات ترسل الي الكونجرس الامريكي دون الافصاح دون الافصاح عن مدي جدية هذه المخالفات).
ختام
المعاهدة المصرية الاسرائيلية حدث هام جداً ولكن تجاوزنا آثاره. والمطلوب الآن أن ننظر الي الأمام وليس الي الخلف. والسؤال المطروح الآن هل هناك أمل للبدء في سعي دولي حقيقي لتحرير الاراضي العربية المحتلة؟ لست متفائلاً في الوقت الحالي للأسباب الاتية :
-
وجود الرئيس الامريكي ترامب وصهره جاريد كوشنير، وتأثير اللوبي الاسرائيلي علي الإدارة الأمريكية.
-
وجود نتنياهو في رئاسة الحكومة الاسرائيلية.
-
الانشقاق الفلسطيني .
-
الاختلافات في الاتحاد الأوروبي وظهور توجهات متباينة داخل دول الاتحاد وبالذات في دول شرق أوروبا.
-
تغلغل اسرائيل المتزايد في دول شرق أوروبا وفي امريكا اللاتينية وربما في بعض العواصم الأفريقية والعربية .
-
عجز الأمم المتحدة عن الوقوف بقوة خلف تنفيذ قراراتها، ويبدو هذا جلياً في مواجهة الازمات المختلفة. فبعد أن كان السعي هو لحل هذه الازمات نجد أن دور الأمم المتحدة اقتصر على إدارة هذه الازمات. وبالطبع النزاع العربي الاسرائيلي هو أعقد هذه المشاكل وعلى رأس المشاكل التي فشلت الأمم المتحدة في حلها .
كلمة السفير حازم خيرت “ معاهدة السلام من وجهة النظر الإسرائيلية وما الذي حققته لها؟”
ألقى سيادته نظرة اسرائيلية علي معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية بمناسبة مرور 40 سنة على توقيعها، وكيف استفادت منها إسرائيل..مُعتمداً علي تجربته العملية عندما كان سفيراً لمصر في تل أبيب، ثم تابع قائلاً:
-
في نوفمبر 2017 ، اقامت إسرائيل احتفالية كبيرة بمناسبة مرور 40 سنة على زيارة الرئيس السادات إلى القدس وطلبت توجيه دعوة لاحد كبار المسئولين أو شخصيات ورموز مصرية ممن شاركت في المفاوضات لحضور تلك الاحتفالات، كما اصدرت توجيهات لسفاراتها بالخارج بتنظيم احتفالية. أو حفل استقبال مشترك مع السفارات المصرية لهذه المناسبة، من جانبنا.. لم يكن لدينا نفس هذا الحماس. وكانت التوجيهات هو تكليفي بتمثيل مصر، كما انني اعتقد ان التوجيهات كانت لسفاراتنا في الخارج بمشاركة محدودة أو امكانية مشاركة في ندوة عن ذكرى مرور 40 سنة على زيارة الرئيس السادات للقدس.
-
من جانبي ـ طلبت أن يكون شكل الاحتفال هو القاء كلمات وعقد ندوات.والحقيقة ان الجانب الاسرائيلي – رغم عدم ارتياحه لتفاعلنا أو حماسنا المتحفظ – إلا انهم استجابوا وقدروا تماما حساسية الموقف وما قد يكون له تأثير سلبي لدى الرأي العام المصري.وبالتالي اقتصرت تلك الاحتفالات على القاء كلمات وندوات وورش عمل. وشاركت بالفعل والقيت كلمات قي الكنيست ومقر الرئاسة وعدد من مراكز الفكر والمؤسسات الاكاديمية مثل مركز بيجين – السادات وINSS و مركز هرتزيليا وغيرها.
-
وجدت أنه من الضروري أن اقرأ مرة أخرى ومن جديد خطاب الرئيس السادات أمام الكنيسيت. مرة واثنين وثلاثة، ولا اخفي عليكم أنني كنت كل مرة اقرأ هذا الخطاب استخلص منه رسائل جدية. خطاب قوي وشجاع وحاد وصالح بنسبة 100 % حتى يومنا هذا. إلى درجة ان بعض الاسرائيليين من كبار السياسيين والجنرالات الذين حضروا هذه الفترة قالوا أن هذا الخطاب أحدث “فرقعة” داخل المجتمع الاسرائيلي.
-
شريحة لا بأس بها داخل المجتمع الاسرائيلي بدأت تتساءل وتشكك في حق إسرائيل في احتلال الاراضي بالقوة، بل تعرفت على اشخاص قالوا لي ان خطاب السادات جعل بعض اقاربهم يتركون إسرائيل حيث اعتبروا ان سياسات اسرائيل وممارساتها لا تتفق مع القيم الاخلاقية للمبادئ اليهودية. كما بدأت تظهر بعد مبادرة الرئيس السادات حركات السلام والتي مازالت موجود حتى الان وترفع شعارات تتضمن أقوال للرئيس السادات، إلا أن هذه الحركات اصبحت ضعيف للغاية وليس لديها اي حضور الان لأسباب عديدة .
-
أول هذه الاسباب هو الصراع القائم بينهم وبين اليمين الاسرائيلي والذي رجحت كفته لليمين، والذي يعتبر ان تلك الحركات خطر على اسرائيل وأمنها. واليمين دائما يستغل الطبيعة المعقدة للمجتمع الاسرائيلي والنظرية المعروفة عنهم بأنهم يحتاجوا دائما إلى تهديد وجودي حتى يتماسك ويتوحد المجتمع، وان الخوف يولِد دائما أعلى أداء بشري ويحافظ على التماسك بين مختلف الأطياف اليهودية. يضاف إلى ذلك زيادة وتيرة العنف والمقاومة والتي يصنفها الاسرائيليون بأنها ارهاب ويستغلها اليمين لصالح مواقفه .
-
كما ان حركات السلام – من وجهة نظري – لم تتلق الاهتمام الكافي ولم يتم التعاطي معها ودعمها من قبل الجانب العربي أو حتى المجتمع الدولي بذريعة انها حركات ليس لها تأثير، وبالتالي اصبحت ضعيفة و مهمشة .
-
والأن كيف تنظر اسرائيل لمعاهدة السلام؟ : هناك مقولة أو مزحة إسرائلية تقول أنك إذا قابلت ثلاثة اسرائليين، فسوف تحصل منهم على اربعة اراء متناقضة وهذا معناه انهم متناقضون ومجادلون ولا يتفقون على شيء .
-
ومع ذلك. فهناك اجماع، أو حتى لا أجزم شبه إجماع أن السلام مع مصر هو أعظم انجاز في السياسة الخارجية الاسرائيلية منذ نشأتها .
-
ومثال على ذلك انه عندما تصل إلى مطار بين جوريون ربما الصورة الاولى التي يراها الزائر أو السائح هي صورة السادات وبيجين وكارتر أثناء توقيع معاهدة السلام وصورة مماثلة في مدخل الكنيسيت، وصور عديدة معلقة على حوائط وزارة الخارجية الاسرائيلية.
-
إسرائيل كان لديها حالة من الفزع في فترة ما بعد 25 يناير 2011 خاصة مع زيادة الشعارات المناهضة لإسرائيل والمطالبة بالغاء اتفاقيات السلام واقتحام السفارة الاسرائيلية، وان يأتي نظاما يستجيب لتلك المطالب وخاصة انهم يعلمون جيدا ان نسبة كبيرة من الشعب المصري يرفضون السلام مع إسرائيل. في نفس الوقت فهم يدركون انه اذا انهار السلام بين مصر واسرائيل وألغيت الاتفاقية، فهذا سيكون من جانب مصر وليس إسرائيل، فلا تجرؤ حكومة اسرائيلية حتى لو كانت يمينية أو حتى يمينية متطرفة أن تقترب من معاهدة السلام .
-
اما بالنسبة لموضوع التطبيع والسلام البارد، ورغم ان هذا يمثل للاسرائيليين ازعاجا شديدا. ومع ذلك لديهم قناعة راسخة ان السلام مع مصر سواء بارد او دافيء هو ضرورة طالما ظلت معاهدة السلام على قيد الحياه وذلك للأسباب التالية :
-
انتهاء امكانية التهديد العسكري بحرب شاملة. حيث لا توجد حرب شاملة بدون مصر، ولا يوجد جيش آخر يمكن أن يهدد إسرائيل.
-
توفير عشرات المليارات من الدولارات على مدار 40 عاما من جراء خفض مستوى التواجد العسكري على الجبهة الجنوبية المتأخمة لمصر. فإلى جانب ان إسرائيل حقنت الكثير من دماء جنودها ، فلقد اسهمت ايضا المعاهدة من الناحية الاقتصادية بخفض حجم الجيش الاسرائيلي وبعد ان كانت النفقات العسكرية قد وصلت إلى نسبة 25% من الناتج المحلي قبل المعاهدة. أصبحت الان 5% فقط. أي ان اسرائيل وفرت 20% .
-
الاسرائيليون ينظررون بإرتياح إلى بعض ما حققته مسيرة العلاقات المصرية الاسرائيلية على المستوى الثنائي مثل اتفاقية الكويز ومؤخرا تم توقيع اتفاقية ضخ الغاز الاسرائيلي إلى مصر لمدة عشر سنوات. اضافة للتنسيق الأمني واستجابة اسرائيل لأي مطالب مصرية لمواجهة الارهاب في سيناء وتواجد الجيش المصري هناك دون التقيد بمعاهدة السلام .
-
الاسرائليون يقدرون صمود المعاهدة وتجاوز العديد من الازمات الدبلوماسية كضرب المفاعل النووي العراقي والحرب على لبنان والانتفاضة الفلسطينية وغيرها .
لكن هذا لا يعني ان الاسرائيليين سعداء بعدم وجود تطبيع مع أو علاقة طبيعية مع مصر، فلقد لخص اسحق نافون – Yitzhak Navon ، احد سفراء اسرائيل السابقين في مصر نظرة اسرائيل المحبطة تجاه العلاقات مع مصر بزعمه أنه لا يتم اليوم تطبيق معظم بنود معاهدة السلام ، فالعلاقات التجارية ضعيفة للغاية، والعلاقات الثقافية منعدمة، حركة السياحة ضعيفة، وسائل الاعلام المصرية معادية للإسرائيليين ونقابة الصحفيين تمنع اي صحفي من التوجه إلى اسرائيل ولا يوجد تعاون أكاديمي بين الجامعات ولازالت الكتب الدراسية تصور إسرائيل بصورة سلبية.
وهنا أريد ان أضيف تجربة شخصية حيث انني كنت اواجه دائما السؤال المعتاد لدى الاسرائيليين وهو لماذا لم يصل السلام بين بلدينا الى رجل الشارع في مصر وكان ردي الطبيعي هو طالما لم يتحقق السلام الشامل والعادل واعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني واستمرار اسرائيل في بناء المستوطنات وهدم المنازل ورفض مبادرات السلام …الخ. سيظل التطبيع الشعبي منعدما. وقد حرصت دائما تضمين ذلك في جميع كلماتي. إلى أنني لاحظت ان اغلب الاسرائيليين يطرحون هذا السؤال دون الرغبة في الاستماع إلى اجابته.
تقديري أن الرجوع إلى ما أجمع عليه المشاركون في المؤتمر الذي عقده معهد أبحاث الأمن القومي بالتعاون مع وزارة الخارجية ومؤسسة ياد بن تسيبي الاسبوع الماضي بالقدس بعنوان ” بين القدس والقاهرة.. 40 عاماً على توقيع معاهدة السلام “ يعكس نظرة اسرائيل لمعاهدة السلام والذي تضمن ما يلي :
-
بعد مرور 40 عاماً يبقى السلام قيمة استراتيجية عليا للبلدين.
-
لاتزال شخصية الرئيس السادات طاغية في حضورها في الذهنية الاسرائيلية نظراً لقوتها وقدرتها على صنع السلام.
-
يشهد السلام ازدهاراً غير مسبوق على الجانب الأمني.
-
لا يصل السلام إلى المستوى الشعبي، فلا يوجد تطبيع أو علاقات ثقافية أو سياحة مصرية إلى إسرائيل.
-
العودة الى منح مزيد من الزخم للتعاون الاقتصادي بين البلدين أكثر مما هو عليه الآن.
-
تحرص الأجهزة الأمنية المصرية على منع المواطنين المصريين من زيارة إسرائيل.
-
لاتزال توجد صورة سلبية لإسرائيل في وسائل الاعلام المصرية.
-
القيادة المصرية حريصة على السلام مع إسرائيل، وتستغل هذا السلام في لعب دور الوساطة بين إسرائيل وحماس.
-
يبقى التقدم في التعاون الاقتصادي ورفع مستوى التطبيع مع مصر مرهون بالتسوية مع الجانب الفلسطيني.
-
لا يجب أن يثير التعاظم العسكري المصري قلق إسرائيل فأولوية الحكومة والجيش هي إطعام 100 مليون مصري وتوفير المياه لهم. فالهدف من التعاظم العسكري هو الحفاظ على المياه وعلى الغذاء والعمل وليس الحرب.
طرح سيادته سؤالاً علي الحضور ليكون محلاً للنقاش، قائلاً:
بالنظر إلي الدول الأفريقية هناك نوع من الهرولة خلف إسرائيل للحصول علي التكنولوجيا، وبسؤال الأفارقة عن موقفهم من القضية الفلسطينة، يقولون بأنه لابد من الفصل بين المشاعر وبين المصالح، فالموقف الأفريقي من القضية الفلسطينة ثابت ولكنهم يقولون بوجود مصالح تربطهم مع إسرائيل.
والسؤال هو : هل حان الوقت أن نفكر جدياً في مصالحنا ونعمل علي تطوير العلاقات مع إسرائيل، فإسرائيل تستفيد بشكل اكبر من معاهدة السلام، وإذا ما قمنا بتطوير العلاقات معها، ستكون هناك إستفادة كبري في مجالات مختلفة ومنها المجال التكنولوجي؟.
تعقيب السفير عزت سعد على كلمة السفير حازم خيرت
مُجمل مُداخلة السفير حازم تصب في اتجاه أن المعاهدة وعملية السلام حققت مكاسب استراتيجية هائلة لإسرائيل وهذا ما يجعلها حريصة علي احترام المعاهدة وتبني موقف مرن فيما يخص أحكامها بدليل تعاونها الكامل مع مصر فيما يخص مواجهة الإرهاب في سيناء، وهناك إمكانيات هائلة لتعاون اقتصادي وبالأخص بعد أن باتت إسرائيل عضواً في منتدي “التعاون في غاز شرق المتوسط”.
كلمة الدكتور محمد كمال “الرؤية الأمريكية لعملية السلام”
تحدث عن الذي تغير في الموقف الأمريكي والدور الأمريكي من عملية السلام بعد مرور أربعة عقود علي المعاهدة. ثم تناول أربع نقاط رئيسية فيما يتعلق بالتغير في الدور الأمريكي من عملية السلام.
أكد أن معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية تمت برعاية أمريكية كبيرة وشاملة. وهناك حقيقة ما تزال مستمرة وهي أن إسرائيل هي قضية داخلية في الولايات المتحدة الأمريكية، ليست قضية سياسة خارجية فحسب، ولكنها قضية داخلية تخضع لاعتبارت العملية السياسية الداخلية والعملية الانتخابية.
وفي السنوات الأخيرة، حدثت عدة تطورات رئيسية داخل الولايات المتحدة وفي رؤية الولايات المتحدة لدورها في عملية السلام ومن هذه التطورات:
-
تنامي تأثير ما يسمي بـ ” التيار المسيحي الأصولي أو التيار الإنجيلي”.
هذا التيار كان اهتمامه الاساسي بالقضايا الداخية “داخل المجتمع الأمريكي”، ولكن حدث تحول نوعي وبالتحديد في فترة الرئيس جورج بوش الإبن، وبدأ هذا التيار يهتم بقضايا السياسة الخارجية وعلي رأسها القضية الفلسطينية.
ولهذا التيار عدد من المعتقدات منها ما يتعلق بعودة المسيح في نهاية العالم، ومعركة نهاية التاريخ التي تتم علي أرض إسرائيل التاريخية والتي تُعد “القدس والضفة الغربية” جزء منها.
وبالتالي فإن فكرة أن إسرائيل تُقدم تنازلات فيما يتعلق بالقدس وفيما يتعلق بالضفة الغربية فإن ذلك ضد مُعتقدات هذا التيار.
والشئ الجدير بالإهتام أن هذا التيار يُمثل جزء رئيسي من من القاعدة الانتخابية للرئيس ترامب، وبالتالي فإن تفسير اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرئيل ونقل السفارة من تل أبيب للقدس، هو بسبب تأثير هذا التيار الإنجيلي الاصولي.
هذا التيار مُمُثل بشكل قوي داخل الإدارة الأمريكية، فنائب الرئيس “مايك بنس” ووزير الخارجية “بومبيو” ينتميان لهذا الفصيل.
-
هناك تصاعد لتوجهات انعزالية للولايات المتحدة، وتراجع للدور القيادي لها.
بدأ هذا التوجه خلال حقبة الرئيس أوباما، وتصاعد الأن في عهد الرئيس ترامب. وهذا مرتبط بانحسار الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط ككل بالنسبة للولايات المتحدة. فالولايات المتحدة الأن في طريقها للاكتفاء الذاتي من الطاقة، بل أن الولايات المتحدة بدأت مؤخراً في تصدير الطاقة. وباتت صادراتها من الطاقة أكبر من وارداتها. وبالتالي الولايات المتحدة ليس لها حافز كبير بأن تلعب دوراً قيادياً في المنطقة أو دور قيادي فيما يتعلق بعملية السلام. والأهم من ذلك أنها غير مستعدة بعد لتحمل تكاليف أي عمليات سلام أخري، بل إنها في الأونة الأخير تدفع بدول وأطراف أخري “دول الخليج” لتحمل تكاليف أي عمليات سلام في المنطقة.
-
مواجهة إيران أصبحت هي الهدف الاستراتيجي والأول للولايات المتحدة في المنطقة.
فالإدارة الأمريكية الحالية تري إمكانية تعاون بين العرب وإسرائيل فيما يتعلق بمواجهة إيران. وربما طرح أي فكرة لتسوية القضية الفلسطينية ترتبط بشكل اساسي بموضوع مواجهة إيران. إذ تسعي الولايات المتحدة لكوين تيار عربي إسرئيلي ضد إيران.
وبالتالي “صفقة القرن” التي لم يُعلن عنها حتي الأن استخدمت أولاً لإلهاء العرب بفكرة “هلامية” وفي ذات الوقت تقوم إدارة ترامب بتنفيذ قراراتها بنقل السفارة ووقف المساعدات للأنروا وإغلاق منظمة التحرير الفلسطينة في واشنطن ثم ضم الجولان.
ورأي سيادته أن احتمالية خروج هذه الصفقة للنور ضئيلة للغاية، ولكن إذا خرجت سيكون الهدف الأساسي منها هو مجرد أن يكون هناك مفاوضات شكلية تستهدف بالأساس فتح باب لتطبيع عربي-إسرائيلي ومواجهة إيران، أكثر من أن يكون الهدف منها تسوية للقضية الفلسطينية، وسوف تكون أيضاً جزء من ترتيبات إقليمية كبري في المنطقة، جزء منها ما يسمي “بالناتو العربي” والذي يُعد الهدف الأسمي منه هو مواجهة إيران.
-
تنامي التيار التقدمي داخل الحزب الديمقراطي.
ومن رموزه عدد كبير من أعضاء مجلس النواب الأمريكي، منهم النائبة ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز والنائبة إلهان عمر ورشيدة طوليب.
هذا التيار يُفارق بين مسألة تأييد إسرائيل ومسألة توجيه انتقادات للحكومة اليمينية الإسرائيلية. وهذا التيار له مواقف كثيرة تُحترم منها مساندته للنائبة إلهان عمر “أول نائبة مسلمة ومحجبة في مجلس النواب” ورفض خروج قرار من مجلس النواب يشير إليها بمعاداتها للسامية.
وهذا التيار يتحدث بشكل هام عن الحقوق الفلسطينية، ورغم أن تاثيره ما يزال محدود، لكن تناميه يُعد ظاهرة إيجابية.
تعقيب السفير عزت سعد علي كلمة الدكتور محمد كمال
أوضح أن الموقف الأمريكي والمتغيرات التي أشار إليها الدكتور كمال وتجربة الاربعة عقود الماضية علي معاهدة السلام تجبرنا علي التفكير في بدائل أو مكملات للدور الأمريكي. فقرارات الولايات الأخيرة ومنها ضم الجولان لإسرائيل، في غياب اي رد فعل من جانب الدول العربي، يدل علي العجز الشديد في الجسد العربي.
كلمة الأستاذ محمد قاسم ، “اّفاق العلاقات الاقتصادية المصرية – الإسرائيلية”
تناول في كلمته انعكاسات اتفاقيتي كامب ديفيد والسلام، علي العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وإسرائيل.
أوضح سيادته أن توقيع معاهدة السلام بين الجانبين كانت بمثابة انقلاب في الموقف الاستراتيجي والموقف العام في ذلك الوقت وكانت له اّثار امتدت للعلاقات الاقتصادية والتجارية التي لم تكن موجودة قبل توقيع تلك الاتفاقيات.
تحدث عن خمسة محاور رئيسية لطبيعة العلاقات بين البلدين:
-
التبادل التجاري:
أوضح أنه متواضع للغاية، فحجم صادرات مصر لإسرائيل لم يتجاوز 57 مليون دولار عام 2018، وورادات مصر من إسرائيل أقل من 80 مليون دولار.
حجم التجارة بين البلدين لا يعبر عن اي شئ فيما يتعلق بحجم الاقتصاد الإسرئيلي أو حجم الاقتصاد المصري.
أوضح أن هناك غضب شعبي، فالمواطن المصري غير مستعد بعد للتطبيع مع إسرائيل.
مثال: امتناع موظف مصري علي الموافقة علي تصدير الرخام لإسرائيل.
-
مجال الزراعة:
في أعقاب التطبيع شهد هذا المجال توسع شديد، لكن هذا التوسع انحسر حالياً أو ربما اختفي.
وكانت مصر قد استفادت من اسرائيل في تكنولوجيات مرتبطة بنظم الري الحديثة وايضاً استفادت مصر من استيراد “بذور وشتلات” من إسرائيل، تتأقلم مع المناخ الصحراوي. كما حدثت طفرات كبيرة في الأراضي والمزارع المصرية المستصلحة حديثاً.
وكانت مصر قد استعانت بتكنولوجيات وفنيين وخبراء في مجال الزراعة من إسرئيل في السابق، ولكن الان لم يعد موجود مثل هذا الأمر.
وتستطيع مصر الأن الاستفادة من التكنولوجيات الإسرائيلية المتقدمة في مجال مكافحة “سوسة النخل”، فمصر تُعد من أكبر دول العالم في إنتاج التمور، ولكنها تواجه مشكلة في مكافحة ذلك المرض.
-
مجال السياحة:
كان الاسرائيليون يستطيعون دخول مصر بدون تأشيرة من خلال “طابا” وهذا كان قد أدي إلي حدوث طفرة كبيرة في مجال السياحة الإسرائيلية في سيناء، لكن هذه السياحة توقف بشكل كبير.
كان هناك سياحة داخلية أيضاً، ولكن بعد الذي حدث في “أبو حصيرة” والتوترات التي حدثت توقف هذا النشاط.
و”أبوحصيرة” هو حاخام يهودي من أصل مغربي كان يعيش في قرية “دميتوه” في دمنهور التابعة لمحافظة البحيرة، في مصر، لتتحول ذكراه بعد ذلك إلى “مولد”، يزوره آلاف اليهود من يوم 26 ديسمبر حتى 2 يناير في كل عام.
وعقب توقيع معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل العام 1979 طالب اليهود بتنظيم رحلات رسمية لهم للاحتفال بالمولد والذى يستمر أسبوعًا، ويتم السماح لليهود المحتفلين بالمولد بزيارة الضريح بشكل سنوي، بتنسيق مع سلطات الأمن المصرية، وهو الأمر الذي أتيح لهم طوال هذه المدة حتى صدور حكم بمنع الاحتفال بهذا المولد. نتيجة شكوي السكان المحليون من الطقوس التي يمارسها اليهود خلال هذا الاحتفال من بينها احتساء الكحول وتجمع النساء والرجال حول ضريح أبو حصيرة.
-
التعاون في مجال الغاز:
التعاون في هذا المجال مر بمرحلتين:
الأولي: عندما كانت مصر تُصدر الغاز لإسرائيل والأردن. ولكن توقف هذا الأمر بعد 25 يناير 2011 نتيجة لتفجيرات متعددة شهدها خط الغاز، وأيضاً لأنه لم يعد لدي مصر فائض في الغاز لتصديره.
الثانية: التعاون في مجال الغاز من خلال منتدي شرق البحر المتوسط والذي يضم ( مصر – إسرائيل – الأردن – وفلسطين – اليونان – قبرص – إيطاليا) وتقرر أن تكون مصر هي المقر لهذا التحالف، فمصر تممتع بقدرات استثنائية منها قدرتها علي تسييل الغاز. وهذا ربما هو ما أعطي مصر ميزة نسبية.
-
المناطق الصناعية المؤهلة ( الكويز) – Qualified Industrial Zone
هو تشريع للكونغرس الأمريكي سُن عام 1996 ليسمح للأردن بتصدير منتجات للولايات المتحدة الأمريكية معفاة من الجمارك ودون حصص محددة بشرط وجود مكونات ومدخلات من إسرائيل في هذه المنتجات وإنتاجها في المناطق الصناعية المعينة، والتشريع هو “توسعة” لإتفاقية التجارة الحرة الأمريكية الإسرائيلية الموقعة عام 1985 وأعلن أن هدف ذلك هو “دعم عملية السلام في الشرق الاوسط”. ظلت الأردن حتى عام 2004 الوحيدة التي أنشأت مثل هذه المناطق، في الرابع عشر من ديسمبر 2004 وقعت مصر بروتوكولاً في نفس الإطار مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وهى ترتيبات تسمح للمنتجات المصرية بالدخول إلى الأسواق الأمريكية دون جمارك أو حصص محددة شرط ان المكون الإسرائيلي في هذه المنتجات 11.7% (في التاسع من أكتوبر عام 2007 قد تم التوقيع على اتفاقية جديدة بين مصر وإسرائيل تقضى بتخفيض نسبة إسرائيل إلى 10.5%)، والهدف من هذا البروتوكول هو فتح الباب أمام الصادرات المصرية إلى السوق الأمريكية التي تستوعب 40% من حجم الاستهلاك العالمي دون التقيد بنظام الحصص والتي كان يتوقع أن تبلغ أربعة مليارات دولار خلال خمس سنوات من توقيع الاتفاقية خاصة بعد بدء تنفيذ اتفاقية الجات في أول يناير لعام 2005.
ويُعد بروتوكول المناطق الصناعية المؤهلة خطوة على الطريق للتوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بعد محاولات وحوارات سابقة على مدى عدة سنوات لم يكتب لها النجاح نتيجة عدم توافر بعض الشروط المطلوبة بالاقتصاد المصري، مما دعا إلى الاكتفاء بتوقيع اتفاقية “إطار تجارة حرة” تمهيداً لتأهيل الاقتصاد المصري للمتطلبات الأمريكية المطلوبة، والتي تؤهلها للوصول إلى توقيع “اتفاقية تجارة حرة شاملة”.
ووفقاً لبروتوكول “الكويز” الموقع مع مصر فإن الحكومة الأمريكية تمنح معاملة تفضيلية من جانب واحد لكل المنتجات المصنعة داخل هذه المناطق في الجمارك أو العقود غير الجمركية من الجانب المصري عن طريق دخولها إلى السوق الأمريكية دون تعريفة جمركية أو حصص كمية بشرط مراعاة هذه المنتجات لقواعد المنشأ واستخدام النسبة المتفق عليها من المدخلات الإسرائيلية وهى (11.7% والتي تم تعديلها فيما بعد إلى 10.5)، وهو التزام غير محدد المدة وفي المقابل لا يترتب عليه أي التزام من قبل الجانب المصري ولا يستحدث أي جديد بالنسبة للعلاقات التجارية المصرية، وبموجبه أيضا تم الاتفاق على إقامة سبع مناطق صناعية مؤهلة في مصر على عدة مراحل.
وفي نهاية كلمته قال أن هناك الكثير مما يمكن فعله مع الجانب الإسرئيلي علي مستوي العلاقات الثنائية، لكن كل ذلك مرهون بشريطة أن يكون هناك حل شامل للقضية الفلسطينية. علي الجانب المصري، هناك تقارب كبير بين رؤي الأجهزة الامنية، وهناك أقوال تقول بأن العلاقات المصرية – الإسرائيلية قد تشهد دفعة قوية علي الجانب الاقتصادي.
وأختتم بأن هناك قدر كبير من الضباب لا نستطيع من خلاله استقراء المستقبل وبالتحديد في المناخ العام السائد حالياً في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وانتهي كلمته بسؤال عن ماذا يمكن أن يحدث في المستقبل في طبيعة علاقات البلدين؟
تعقيب اللواء محمد إبراهيم، عضو المجلس
النقطة الأولي في معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل معاهدة قوية وراسخة ونجحت نجاحاً منقطع النظير في مواجهة كافة التهديدات والتحديات التي واجهتها ابتداءِ من عام 1979 ( العملية العسكرية الشاملة التي قامت بها إسرائيل تجاه لبنان ومروراً بضم القدس وضرب المفاعل العراقي وانتهاءً بالحروب الثلاثة علي غزة ) كل هذه الأمور نجحت المعاهدة بامتياز في أن تواجهها. وفي بعض الأحيان كانت تقوم مصر بسحب السفير ثم تعود العلاقات كما كانت.
النقطة الثانية: أن إسرائيل حريصة تماماً علي المعاهدة وعلي استمرارها واستقرارها لأنها تمثل إنجازاً لها. واسرائيل تريد كسب الوقت من استمرار المعاهدة. فها هي بعد أربعين عاماً تنظم لمنظمة دول البحر الاحمر فيما يتعلق بموضوع الغاز.
وهناك تعاون قوي بين مصر وإسرائيل في موضوع مكافحة الإرهاب في سيناء. كما تراقب وتتابع إسرائيل عن كثب كافة التطورات الداخلية المصرية بدءاً من الوضع الاقتصادي وحتي التسليح العسكري المصري.
النقطة الثالثة، المنطقة (ج) – هي منطقة بها شرطة مدنية طبقاً للمعاهدة – وفي عام 2003 و 2004 و 2005 حاربت مصر مع إسرئيل لوضع قوات حرس حدود مع الشرطة المدنية 750 عسكري وضابط. اليوم وصل عدد القوات في سيناء عدداً كبيراً للغاية. فاليوم تقوم القوات المصرية باستخدام طائرات الأباتشي وال F-16 في حربها علي الحدود ( في عام 2004 و 2005 كان ممنوع تحليق طائرات الهيلوكبتر فوق الحدود).
ذلك يدل علي نجاح مصر نجاحاً كبيراً في الدفع بعدد كبير من القوات العسكرية القادرة علي مكافحة الإرهاب والقادرة علي تأمين هذه المنطقة لفترة طويلة.
النقطة الرابعة، وهي أن المعاهدة فتحت الطريق للسلام الشامل، إذ لم يكن من ضمن بنود المعاهدة أن تحل القضية الفلسطينية ولكنها فتحت الطريق أمام السلام الشامل للقضية الفلسطينية.
وحيث نحجت المعاهدة في إزالة الحاجز النفسي علي المستوي الرسمي للدولتين، إلا أنها لم تنجح وربما لفترة طويلة في إزالة الحاجز النفسي علي المستوي الشعبي ( فالتطبيع مازال مرفوضاُ حتي اليوم علي مستوي الرأي العام).
وفي النهاية اتفق سيادته مع ما ذكره السفير/ نبيل العربي، من أن ما جاء في الشق الفلسيطني في كامب ديفيد منقوص. وكان علي الفسطينين أن ينضموا لمصر في مفاوضاتها مع إسرائيل.
وفيما يتعلق بصفقة القرن، فإن سيادته يري بأن تلك الصفقة طالما أنها ليست رسالة سماوية فإننا يمكننا مواجهتها، إذ قد تفرض علي الشعوب العربية “حرب” ولكن لا يُفرض عليها “سلام” إلا كما تريد.
المداخلات والتعقيبات
السفير/ محمد الشاذلي
أي اتفاقية سلام يكون هدفها هو انهاء حالة الصراع بين الدول وبناء مرحلة جديدة. ففي عام 1945 وقعت اليابان والمانيا علي وثائق استسلام غير مشروطة، ولننظر اليوم لحالة اليابان وحالة ألمانيا بعد أكثر من 40 عاماً. فاليوم معدل صرف الين الياباني أو اليورو الالماني كبير للغاية . لكن للأسف بالنظر لسعر الصرف للجنيه المصري وقت توقيع معاهدة السلام واليوم فقد حدث تراجع كبير في قيمته. كما ان حجم الدين المصري الأن أكبر بكثير من حجم الدين العام وقت توقيع المعاهدة. حجم صادرات مصر الأن أقل من حجم صادرات إسرائيل.
فالمشكلة ليست في الخلل الذي حدث في بعض بنود المعاهدة، فهناك الكثير من الدول قد وقعت اتفاقيات مجحفة نتيجة خلل في ميزان القوي، ولكنها بالبناء والمثابرة صححت ذلك، وهذا ما حدث لنا عام 1967 عندما وافقت مصر علي القرار رقم 242 كان مجحفاً أكثر من هذا، لكننا لم نستسلم وحققنا الانتصار في عام 1973 واستطعنا تحرير الأرض.
وتعقيباً علي سؤال السفير حازم خيرت، حول أهمية أن نحصل علي التكنولوجيا من اسرائيل، قال بأن إسرئيل لن تقوم بإعطائنا التكنولوجيا وأن التكنولوجيا إذا لم نقم نحن بصنعها فلن يقدمها لنا أحد.
الدكتورة/ هداية عبدالنبي
السؤال للأمين العام، اليوم الرئيس الامريكي ترامب سيقوم بإعطاء الجولان لإسرائيل وصباح اليوم تم قذف غزة وقتل 7 أشخاص. وإذا كنا نري حدوث مثل تلك الأحداث اليوم، فما فائدة معاهدة السلام ؟
وسؤال أخر هل التوطؤ الأمريكي مع إسرئيل هو تواطؤ وقتي أم تواطؤ مستمر مع كافة الإدرارت الأمريكية تجاه إسرائيل؟
بالنسبة للتكنولوجيا، قالت نحن لا نريد تكنولوجيا من إسرائيل، نحن نريد الوصول للولايات المتحدة والدول المتقدمة للحصول علي التكنولوجيا ؟ فعلاقتنا بالولايات المتحدة قوية وطويلة وممتدة ويجب علينا استثمارها لأقصي حد.
وفيما يتعلق بالزراعة، فمصر من أقدم الدول الزراعية في العالم، ولا يجب علينا أن نستعين بخبراء اسرائليين في مجال الزراعة.
وطالبت بضرورة التوقف عن التعامل مع إسرائيل حتي تتوقف من ممارساتها القمعية في المنطقة.
تعقيب السفير/ نبيل العربي
لم يكن هدف الرئيس السادات من توقيع معاهدة كامب ديفيد هو توقيع سلام شامل بل كان يريد الحصول علي الأرض، ثانياً كان يريد أن يقدم خدمة مطلوبة من الفلسطينين بتحسين وضعهم، وربما هذا الأمر لم يتحقق علي النحو المنشود.
وفيما يتعلق بأن هناك تواطؤ أمريكي، قال نعم بأن هناك تواطؤ أمريكي مع الإسرائيليين.
تعقيب السفير/ منير زهران
أن قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي صاغه الامريكان باعترافهم كما سبق أن ذكره السفير جوزيف سيسكو مساعد وزير الخارجية بشئون الشرق الأدني وجنوب اّسيا في وزارة الخارجية الأمريكية للدكتور أشرف غربال. عندما كان رئيساً بقسم رعاية المصالح المصرية في واشنطن أن امريكا قامت بصياغته وأنه تم الاتفاق مع بريطانيا لكي يقدمه لمجلس الأمن اللورد كارادون مندوب بريطانيا الدائم وأضاف أن وزير الخارجية المصري حينئذ محمود رياض طلب اضافة THE قبل تعبير الأراضي، “بمعني انسحاب اسرائيل من الأراضي التي احتلتها في يونيو 1967، إلا أن اللورد كارادون رفض ذلك متذرعاً بأن هذه الإضافة تُضعف اللغة الانجليزية Bad English”” ولكن وزير خارجية مصر لم يُصمم علي التعديل الذي اقترحه وهو ما استغلته اسرائيل فيما بعد بادعاء عدم الانسحاب من جميع الأراضي العربية.
وأنه إزاء اطماع إسرائيل في سيناء وادعائها أن حدودها القابلة للدفاع عنها هي قناة السويس، رد الدكتور محمد حسن الزيات وزير الخارجية حينئذ في مجلس الأمن في يونيو 1973، بأن قرار الأمم المتحدة رقم 181 لسنة 1947 لم يُقسم فلسطين إلي دولتين وإنما فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وأن أي حدود تختلف عن خريطة قرار التقسيم يلزم أن تكون موضع تفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين، ولكن ذلك أغضب منظمة التحرير الفلسطينية التي أدانت موقف الدكتورالزيات مُدعية أنها لم توافق علي قرار التقسيم، وانتهي الأمر إلي ان الرئيس السادات عزل وزير الخارجية الدكتور الزيات بعد انتهاء حرب اكتوبر 1973 وعين محله اسماعيل فهمي كوزير للخارجية.
تعقيب/ الدكتورة أميرة الشنواني
معاهدة السلام مهمة جداً إذ حققت لمصر نتائج عديدة منها تحرير أراضيها في سيناء بالإضافة الي 40 عاماً يعيشها المصريين في أمان وسلام بعد حروب عديدة.
وهذا التعنت الإسرائيلي الذي نشهده الأن لا يعود – كما يرجح البعض – لمعاهدة السلام، بل إن هذا التعنت الإسرائيلي له نتيجة للضعف والتشرذم والضعف العربي، وانهيار الجيوش العربية كالجيش العراقي والسوري، والخلاف حول ما هو العدو هل اسرائيل أم إيران؟ إذ نجحت اسرائيل والولايات المتحدة في إقناع العرب بأن إيران هي العدو. إضافة لثورات الربيع العربي وما خلفته من ماّلات سيئة علي الدول العربية. كل ذلك في ظل وجود رئيس أكبر دولة في العالم، الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” وتأييده التام والمطلق لإسرائيل.
وإذا لم يكن الرئيس السادات قد وقع هذه الاتفاقية، ماذا كان سيكون البديل ؟ هل كان البديل سيكون حرب تستنزف ثروات مصر وتأتي علي حساب أبنائها، أم سيكون البديل هو فقدان مصر لجزء من أراضيها. أو تجميد الوضع كما حدث في القدس والجولان. ثم يأتي رئيس مثل ترامب ويعترف بسيادة اسرائيل علي تلك المناطق!.
تعقيب السفير/ محمد أنيس سالم
نشرت وزارة الخارجية الأمريكية مجموعة وثائق، بما فيها المذكرات الأمريكية والتي كان يكتبها الوفد الأمريكي في كامب ديفيد، وهناك كتاب “30 Days ” لـ K Larsen وهو كتاب يؤرخ بدقة كبيرة لهذه الفترة. وينتقد أمور كثيرة تم التغاضي عنها في المفاوضات منها عمليات بناء المستوطنات. ويرى السفير سالم أنه لاتوجد استراتيجية مصرية شاملة للتعامل مع إسرائيل، وطالب بضرورة وجود استراتيجية جامعة للنواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية في التعامل مع إسرائيل. كما طالب بإعادة تنسيق العلاقات المصرية – الإسرئيلية، وأن يكون لمصر دور فيما تقوم به الإدارة الأمريكية تجاه الوضع في المنطقة.