عملية السلام وإعادة البناء في افغانستان
مايو 4, 2019حلف شمال الاطلنطي في عيده السبعين بقلم سفير د. عزت سعد
مايو 15, 2019
بتاريخ الأحد 5 مايو 2019، نظم المجلس ندوة بعنوان ” تحليل لنتائج الانتخابات الإسرائيلية وانعكاساتها على الداخل الإسرائيلي وعلى عملية السلام” تناولت المحاور التالية:
-
تحليل لنتائج الانتخابات وفرص تشكيل الائتلاف الحكومي.
-
انعكاسات نتائج الانتخابات والائتلاف الجديد على المشهد الفلسطيني.
-
يهود الشتات في معادلة العلاقات الأمريكية / الإسرائيلية.
-
سياسة الائتلاف الحكومي الجديد تجاه عملية السلام والتعامل المصري معها.
افتتح الندوة – وأدار المناقشات – السفير/ د. عزت سعد، مدير المجلس، موضحاً أن الانتخابات البرلمانية التي جرت في إسرائيل في 9 إبريل 2019 أسفرت عن فوز المعسكر القومي اليميني المتطرف الذي يقوده رئيس حزب الليكود بنيامن نتنياهو، بأغلبية واضحة (65 مقعداً – منها 36 لليكود منفرداً – من مجموع مقاعد الكنيست البالغ 120 مقعداً)، فيما لم يحصل الحزبين الرئيسيين الداعمين لعملية السلام، وهما العمل وميريتس، سوى على نسبة 10% من مقاعد الكنيست. أما حزب ” أزرق أبيض”، والذي سيكون حزب المعارضة الرئيسي، والذي حقق انجازاً بالفوز بـ 35 مقعداً كونه يخوض الانتخابات لأول مرة، فهو لا يؤيد حل الدولتين كما يضم عدداً من غلاة اليمين المتطرف الرافض لأي كيان فلسطيني. وأضاف مدير المجلس أنه وأخذاً في الاعتبار إرث سنوات حكومات نتنياهو السابقة وتصريحاته بمناسبة الانتخابات الأخيرة بما فيها وعده بضم مستوطنات الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل، وفي ضوء الدعم المطلق لرئيس الوزراء الاسرائيلي من قبل ادارة ترامب، تشير تقديرات عديدة إلى ما يلي بصفة خاصة:
-
أن الائتلاف الحكومي، الذي كُلف نتنياهو قبل أيام بتشكيله، لن يواجه معارضة داخلية ذات بال بشأن السياسة الخارجية الإسرائيلية وقضايا الأمن القومي .
-
أن النهج الحالي لسياسة إسرائيل الخارجية سوف يستمر، بما في ذلك التجاهل التام لحل الدولتين، خاصة مع الدعم المطلق لإدارة ترامب لهذه السياسات، بل والدور الحاسم الذي لعبه ترامب في تعزيز حملته الانتخابية والمساهمة في فوزه بولاية خامسة، وذلك منذ الإعلان عن الانتخابات الإسرائيلية المبكرة في نهاية عام 2018 (ستة أشهر قبل موعدها المفترض ) من خلال خطوات بدأت بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها وآخرها اعتراف ترامب في 25 مارس الماضي بسيادة اسرائيل على الجولان المحتل وتحول الرئيس الأمريكي إلى أكبر داعم لنتنياهو. وأكد السفير سعد أن ما اتخذته ادارة ترامب من إجراءات قد جعلت من فرص تحقيق السلام بمثابة هدف غير قابل للتحقيق أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً أمام مصر والجانب الفلسطيني بصفة خاصة.
-
من ناحية أخرى فإن هيمنة اليمين العنصري المتطرف على السياسة في إسرائيل، والذي يضم اليوم أحزاباً موصومة بالإرهاب، باتت مصدر قلق وضح ليهود الشتات الذين اعتادوا دعم اسرائيل كونها “دولة ديمقراطية”، كما أعربت دول رئيسية في الاتحاد الأوروبي عن قلقها أيضاً من تداعيات سياسة إسرائيل الحالية وتكريسها للاحتلال وسياسات الضم وإصدار قانون الجنسية والقانون الذي يشرعن مصادرة الأراضي الفلسطينية. وقد يشكل ذلك أداة للضغط على الائتلاف الجديد، بجانب توجهات ليبراليو الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، هذا بجانب قضايا الفساد والرشوة التي تلاحق نتنياهو.
من هذا المنطلق تأتي أهمية هذه الندوة للحديث حول تحليل لنتائج الانتخابات الإسرائيلية وانعكاساتها على الداخل الإسرائيلي وعلى عملية السلام.
– عقب ذلك تم تناول محاور الندوة على النحو التالي:
-
فيما يتعلق بتحليل لنتائج الانتخابات وفرص تشكيل الائتلاف الحكومي، أوضح السفير حازم خيرت، عضو المجلس أن الانتخابات التشريعية الاسرائيلية حسمت جدلاً واسع النطاق داخل وخارج اسرائيل. إذ راهن البعض على أن نتنياهو سيتلقي ضربة قوية على يد الحزب الصاعد بقوة “أزرق أبيض” برئاسة الرجل العسكري المعروف الجنرال بيني جانتس ورفاقه الجنرالات ذوو السمعة الطيبة والذين لديهم رصيد لا بأس به لدي الرأي العام الإسرائيلي.إلا أن تلك التكهنات بسقوط نتنياهو جانبها الصواب وفاتها القراءة الدقيقة لمحددات الواقع الداخلي في إسرائيل وهو سيطرة اليمين المتشدد بشكل غير مسبوق علي المشهد الداخلي. موضحاً أن نتنياهو أمامه حتى 15 مايو 2019 لتشكيل الحكومة، وإذا لم يستطع ستمنح له مهلة أخرى لمدة 14 يوماً وإذا تجاوز هذه المهلة دون الوصول إلي حكومة ائتلافية، يكلف رئيس الجمهورية عضو أخر بتشكيل الحكومة.
متسائلاً هل نتنياهو قادر على تشكيل الحكومة وتجاوز المشاورات المتعثرة والمعقدة بين الأحزاب اليمينية والدينية المتشددة لتشكيل الائتلاف؟. في هذا الصدد، أوضح أن المشاكل التي تواجه نتنياهو كثيرة وعلى رأسها مشكلة قانون التجنيد والذي يلزم الحريديين ( اليهود المتدينين) بالخدمة العسكرية. فحزب “يهودت هتوراة” والذي زاد عدد مقاعده إلى 8 مقاعد هدد بأنه سينسحب من أي ائتلاف حكومي إذا أتم تشريع هذا القانون. وفي المقابل هدد ليبرمان، والذي حصل علي عدد 5 مقاعد، بالانضمام إلى المعارضة إذا لم يتم تشريع هذا القانون.
يُضاف إلى ذلك القضايا الثلاث التي تلاحق نتنياهو والمُدان فيها وينتظر مثوله أمام جلسة استماع أمام الأجهزة المعنية في شهر يوليو القادم. ولا يمكن التغافل عن أن نتنياهو رجل سياسي مُحنك وماكر ولديه القدرة على تجاوز هذه المشاكل. سواء كان الأمر يتعلق بمشكلة قانون التجنيد من خلال إقناع طرف بالتنازل عن موقفه أو التوصل لحل وسط. أو بالقضايا التي تلاحقه، فجميع التقديرات تراهن على أنه سيتجاوز هذه المشكلة وسيماطل لأطول فترة ممكنة، وسيلجأ إلى الاستخدام الأمثل ويتمسك بالحصانة التي يتمتع بها كرئيس للوزراء خاصة وأنه أثبت خلال الأيام القليلة الماضية أن لديه قدرات تفوق جميع الشخصيات السياسية في المشهد الإسرائيلي. فنتنياهو استطاع – رغم الحملات المكثقة ضده والتشكيك في ذمته – أن يستعيد مكانته وحصل حزب الليكود علي أكبر عدد من المقاعد في تاريخ إسرائيل ( باستثناء انتخابات 2003 التي حصل فيها الليكود برئاسة أريل شارون على 38 مقعد).
وفيما يتعلق بالأحزاب التي تنتمي للوسط واليسار، أوضح أن نتائج الانتخابات أثبتت ضعفها الشديد. فحتى التوقعات بحصول حزب “أزرق أبيض” على عدد أصوات أكبر من الليكود لم يتم وتساوى مع الأخير في عدد المقاعد بإجمالي في 35 مقعد. مع وجود فارق بأن حزب ” أزرق أبيض” لا يستطيع تشكيل ائتلاف حكومي بسبب صعوبة حصوله على 61 مقعد. وأضاف أن هناك عدة أسباب وراء ذلك أولها أن حزب”أزرق أبيض” يتكون من حزبين حديثي العهد في الحياة السياسية هما حزب بيني جانيتس، “الصمود لإسرائيل”، وحزب القيادي الوسطي يئير لبيد، “يش عتيد”، كما يشارك وزير الدفاع السابق موشيه يعالون بحزبه “تيليم” في تحالف “أزرق أبيض”. وهذ الإئتلاف تأسس في شهر يناير الماضي، أي قبل 3 شهور فقط من الانتخابات وبالتالي فهما بطبيعة الحال يفتقدان لقواعد انتخابية. إضافة إلى حزب “هناك مستقبل” بقيادة يائير لبيد، الذي لم يحقق على مدى سبع سنوات نقلة في شعبيته على مستوى الرأي العام.
وأضاف أن حصول حزب أزرق أبيض على أصوات تساوي الليكود، هو في الواقع ليس خصماً من الليكود ولكن خصماً من الأصوات المؤيدة لحزب العمل وحزب ميرتس “اليسار الإسرائيلي”. ولم يكن أزرق أبيض موفقاً في رفع سقف برنامجه لإرضاء اليمين المتشدد بتبني مواقف متشددة ضد عملية السلام والتعاطي مع الفلسطينيين على أمل كسب أصوات اليمين. ولم يحسب جيداً قدرات الخصم “حزب الليكود” ورئيسه نتنياهو.
أما حزب العمل، والذي يعد أحد الأحزاب الرئيسية في إسرائيل، وهو أول من شكل حكومة اسرائيلية، فلم يحصل في الانتخابات الاسرائيلية إلا على 6 مقاعد فقط، ويعد ذلك نكسة تاريخية غير مسبوقة في تاريخ الحزب، ويعكس واقعاً مؤلماً لما وصل إليه اليسار الإسرائيلي.
وبالنسبة للأحزاب العربية، فلم تفلح في المحافظة على ائتلافها تحت مظلة واحدة وهي القائمة المشتركة، وانقسمت إلى كتلتين، ولم تنجح في الحصول على عدد مقاعد الكنيست السابق (عندما فازت بـ 13 مقعد) وحصلت فقط على 10 مقاعد. والحقيقة أن هذا يؤثر على الحالة المزرية للتمثيل العربي. وفي هذا الصدد، أكد السفير/ حازم خيرت أن النواب العرب هم من يتحملون هذه المسئولية لأنهم فشلوا في توحيد صفوفهم بسبب تطلعات شخصية ضيقة على حساب المصلحة العامة. يُضاف إلى ذلك عزوف عدد كبير من الوسط العربي عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات بسبب حالة الاحباط واليأس من سياسات الحكومة الإسرائيلية اليمينية. علاوة على حملات التحريض التي يتعرض لها الوسط العربي من قبل اليمين المتشدد وكان آخرها تغريدة وضعها نتنياهو في صفحته الشخصية قبل الانتخابات جاء فيها “أنه إذا فاز بيني غانتس، فإنه سيقوم بتشكيل حكومة مدعومة من العرب لإقامة حكومة يسار تشكل خطر على دولة إسرائيل”، كما أن اليمين المتشدد زاد أيضاً من حملته ضد العرب في الفترة الأخيرة وووصفهم بالإرهابيين.
موضحاً أنه يخشى كثيراً أن تكون الحكومة الاسرائيلية القادمة الأكثر تطرفاً من الحكومات اليمينية السابقة، خاصة بعد أن وعد نتنياهو بأنه إذا فاز في الانتخابات فسوف يضم المستوطنات بالضفة الغربية على غرار الجولان استناداً لمبدأ أن الأرض التي احتلتها اسرائيل في حرب دفاعية لها حق بسط السيادة عليها. وقد رفعت هذه الوعود من أسهم نتنياهو لدى اليمين المتشدد، وتوقع أنهم سيضغطون عليه للوفاء بهذه الوعود بل ما هو أكثر من ذلك، حيث يطالبه اتحاد أحزاب اليمين – الذي يرفض صفقة القرن إذا كان فيها تنازلات عن أراض للفلسطينيين –بضم المنطقة (C) بأكملها لإسرائيل، مقابل دعمهم له في موضوع الحصانة حتى لا تتم محاكمته وأدانته.
-
حول انعكاسات نتائج الانتخابات والائتلاف الجديد على المشهد الفلسطيني، ذكر السفير دياب اللوح، سفير فلسطين في القاهرة أن نتنياهو يواجه معضلات كبيرة وهو بصدد تشكيل حكومة جديدة، وقال أن التصعيد الذي شنته إسرائيل ضد الفلسطينيين منذ أيام قليلة يوضح أن هذه الحكومة ستكون أشد عنفاً وأنها ستعمل على استقطاب أحزاب اليمين المتشدد الأخرى إليها. مضيفاً :
-
أن الجانب الفلسطيني كان يتوقع مسبقاً نجاح نتنياهو بالانتخابات، ووصف حكومة نتنياهو السابقة بأنها أجهضت كل الحلول لإقامة أي سلام أو تفعيل حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية إلى جوار دولة إسرائيل.
-
أننا أمام مرحلة جديدة لا تعني استمرار جمود عملية السلام في المنطقة ولكن ربما تؤدي إلى انهيار عملية السلام برمتها، إذا ما رفض اليمين اليهودي تسليم، أو التنازل عن، أراضي للفلسطينيين. أو سن قوانين معينة تضر بالفلسطينيين مثل قانون القومية اليهودية، وقانون الأسرى وعدم الإفراج عنهم، مؤكداً أن الحكومة الإسرائيلية القادمة ستشكل خطراً كبيراً على عملية السلام، لأن نتنياهو سيعمل جاهداً على إرضاء أحزاب اليمين وبالتالي سيكون ذلك على حساب الشعب الفسطيني.
-
وفيما يتعلق بموقف الحكومة الفلسطينية من التعامل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة، أشار إلى أن القيادة الفلسطينية تتمتع بالحكمة ولن تنجر فلسطين لملف العنف، وهذا ما تريده إسرائيل، بأن تبرر سياستها وقمعها بأنه رد فعل على إرهاب الشعب الفلسطيني. وتابع ان النهج الإسرائيلي المتطرف لن يخرج القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني عن النهج السلمي الذي يتبعانه. فالشعب الفلسطيني حقق نجاحات كبيرة على المستوى الدولي كشفت عورات الاحتلال أمام العالم، وتهدف إسرائيل من خلال اتباعها لسياسات العنف إلى خلق موجة جديدة من اللجوء والهجرة من فلسطين. لكن هذا مرفوض من قبل القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مضيفاً أن السيد الرئيس أبو مازن كان قد أعلن ” أن الفلسطينيون لن يتركوا أرضهم وسيظلون صامدين ولن يكرروا أخطاء الماضي”.
مؤكداً أن الجانب الفلسطيني سيسعي لمواجهة هذه المخططات الصهيونية من خلال الإستمرار على نفس النهج السلمي للمقاومة، وهو ماحتاج إلى تنسيق كامل وكبير مع مصر باعتبارها دولة عربية كبيرة ولها وزن وثقل دولي وإقليمي كبيرين، كما تعمل القيادة الفلسطينية على التنسيق مع الأردن والسعودية، منوهاً إلى أن الأردن يخضع لضغوطات كبيرة كما عبر عن ذلك الملك عبدالله “ملك الأردن”.
-
وفيما يتعلق بصفقة القرن، أوضح أننا أمام صفقة وخطة أجًلت الإدارة الأمريكية طرحها إلى ما بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ” لأن هذه الحكومة طرفاً في تمرير الخطة”، التي لم تُطرح بعد ولم يُعلن أي تفاصيل عنها، موضحاً أن الموقف الفلسطيني منها منسجم تماماً مع الموقف العربي والمصري. وفلسطين لن تقبل بشئ ترفضه الدول العربية، فقد جاء الرفض الفلسطيني لإعلان الولايات المتحدة الأمريكية عن نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس متزامناً مع الرفض العربي كما أن الفلسطينيون لن يقبلون بأي صفقة تأتي على حساب الشعب الفلسطيني. ولن نقبل في فلسطين إلا بإقامة دولتنا على حدود 1967. وأن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين على حدود 4 يونيو 1967.
موضحاً أن الأمن المصري والأمن الفسطيني لا يتجزأ، والجانب الفلسطيني يرفض كل المحاولات لإعادة فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، أو السماح للفلسطينيين “كما يروج” للإنتقال لسيناء المصرية. فهذا مرفوض تماماً من الجانب الفلسطيني. والحل الوحيد هو التمسك بحل الدولتين واحترام المبادئ والقوانين الدولية.
مشيراً إلى الحوار الذي تم مع الجانب الإسرائيلي عندما كانت أحزاب الوسط واليسار في إسرائيل أكبر من اليمين اليوم عام 1995، وكان الهدف منه هو تقديم رؤية فلسطينية – إسرائيلية حول مستقبل السلام في المنطقة، مشيراً إلى موقف أحزاب الوسط واليسار في إسرائيل “عندما يأتي ذكر موضوع القدس” فكانوا ينتفضون ولا يريدون الحديث عن القدس، حيث يرونها أنها موحدة وستبقى عاصمة لدولة إسرائيل. وهذا الفكر المتطرف وغير المنطقي يسكن كل وجدان الإسرائيليين سواء على مستوى السياسيين أو الأكاديميين و المواطنين العاديين.
واليوم لا يوجد وسط في إسرائيل فحزب العمل الذي كان يتمتع بـ 40 مقعد في الكنيست في وقت سابق، فهو لايملك اليوم سوى 6 مقاعد فقط. وبالتالي من يحكم إسرائيل اليوم هو اليمين وهو المسيطر على إسرائيل. وهم لا يؤمنون بحل الدولتين ولا بحق الشعب الفلسطيني في دولة موحدة.
وخلص السفير دياب اللوح حول هذه النقطة إلى القول بأن الشعب الفلسطيني يرفض صفقة القرن من ملامحها وحتى قبل أن يُعلن عنها، وأن لديه ثقة في حكمة الرئيس أبو مازن والقيادة الفلسطينية، وأن الفلسطينيين لن يغلقوا الباب مع الولايات المتحدة، فهم أصحاب حق، وما زالوا يؤمنون بخيار التسوية وخيار المفاوضات المتعدةة الأطراف، وأنهم منفتحين على كافة القوي الدولية، ويريدون مفاوضات ذات مصداقية.
-
حول مقترح المصالحة الفلسطينية، ذكر أن هذا الموضوع حيوي وهام للغاية بالنسبة للفلسطينيين لمواجهة كل ما هو قادم من محاولات لإنهاء القضية الفلسطينية، وأن التصالح هام أيضاً فيما يتعلق بموضوع استرجاع حقوق الشعب الفسطيني، موجهاً الشكر لمصر وللرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والأجهزة الأمنية المصرية التي ترعى هذه المصالحة، مؤكداً أن الفلسطينيين يثمنون الدور المصري في عملية المصالحة، حيث تسعى مصر إلى التقريب بين وجهات النظر المتباينة وفقاً لوثيقة 2012 ووثيقة 2017، وذلك من أجل إنهاء الانقسام.
كما أوضح أنه إذا ما تمت المصالحة فسيعتبر ذلك بمثابة سد منيع أمام ما يروج له بصفقة القرن.
-
فيما يخص يهود الشتات في معادلة العلاقات الأمريكية / الإسرائيلية أوضح السفير محمد توفيق، عضو المجلس أن هناك علاقة عضوية بين الجماعات اليهودية والإدارة الأمريكية، فإسرائيل تمارس تدخلاُ في السياسة الأمريكية وأمريكا تمارس تدخلاً في السياسة الداخلية الإسرائيلية. مُستعرضاً نشأة التنظيمات اليهودية الأمريكية، موضحاً أن إنشائها سبق إنشاء دولة إسرائيل منذ عقود طويلة أي منذ عام 1843 لتحقيق أهداف اجتماعية لليهود، ولم تكن الحركة الصهيوينة قد تبلورت بعد. وكان الهدف من تلك التنظيمات منع التمييز ضد اليهود الأمريكيين، وحماية مصالحهم الشخصية.
-
موضحاً أن اللوبي المؤيد لإسرائيل لم يتبلور إلا عام 1951، والذي أنشأه مواطن أمريكي إسرائيلي مزدوج الجنسية يُدعي “كينين” وسبق له العمل في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وكان هذا اللوبي هو الجناح الترويجي للجنة الصهيونية الأمريكية، والذي تحول عام 1963 للإيباك. وقد نشأت هذه الحركة وتبلورت بشكل لصيق مع حركة الحريات العامة في الولايات المتحدة. منوهاً إلى أن النقطة الفاصلة في دعم المجتمع اليهودي الأمريكي لإسرائيل هي حرب 1967، لأنه قبل الحرب كانت هناك شكوكاً لدى الساسة الأمريكان والمنظمات اليهودية حول الجدوى العملية لإسرائيل على المستوى الطويل، وهل تستطيع البقاء في المدى الطويل أم لا ؟. لكن حرب 1967 أثبتت أن إسرائيل قادرة على الاستمرار في المدى الطويل وأنها حليف وأداة استراتيجية قوية لأمريكا تستطيع الأخيرة استخدامها في أي وقت. وبالتالي تحول الدعم لإسرائيل إلى دعم مبني على تحقيق المصالح.
-
وفيما يتعلق بالتنظيمات اليهودية الأمريكية، أوضح أن تلك التنظيمات ليست تنظيمات موحدة الرؤية في كل شئ فهناك تباين كبير فيما بينها، لكن فكرة دعم إسرائيل وأنها تواجه خطر وجودي كانت فكرة مهمة جداً في توحيد الصفوف بين تلك التنظيمات.، وأزالت الخلافات الداخلية بينها. مشيراً إلى أن هناك تيارين داخل المنظمات اليهودية الامريكية، أحداهما يميني أقرب إلي الليكود والاّخر يساري أقرب إلى حزب العمل. ثم انهار التيار اليساري داخل إسرائيل نفسها، مما جعل الإيباك والمنظمات اليهودية الأمريكية تميل لليمين الإسرائيلي والليكود على حساب تيار الوسط.
-
وفي عام 2007 انهار التيار اليساري تماماً، وظهرت منظمة يهودية أخري ذات تأثير كبير تُسمي “J-Street” وأصبح اليهود لهم 2 لوبي الليكود والجي ستريت ” وقال بأن عدد المنتمين لهذا التنظيم كبير جداً منهم أعضاء في الكونجرس الأمريكي وأعضاء في الحكومة الأمريكية”، وهدفه الأساسي هو مواجهة الإيباك.
-
إضافة لهذه التيارات هناك تيار أخر خاص بالأصوليين المسيحييين يضم ما يقرب من 25% من الأمريكان والذين يدينون بالمسيحية، وهذا التيار أصبح مسيساً بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ويعول نتنياهو على هذا التيار كثيراً، لأنه يؤيد السياسات الإسرائيلية نظراً لتوافقها مع معتقداته الفكرية، فهم لديهم فهم معين للإنجيل أهمه: فكرة الانتشال أو الخلاص وأن المؤمنين سيصعدون للسماء وستحدث معركة كبرى “حسب اعتقادهم” هي معركة أرماجدون والتي ستبدأ في القدس لذلك يهمهم كثيراً أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل. وهذه المعركة سيحدث بها كثير من الأمور وستشهد توسيع كبير جداً لإسرائيل وانكسار إسرائيلي كبير ايضاً وهذه المعارك ستستغرق ثلاث سنوات ونصف، وسيحدث فيها تدمير لدمشق وأجزاء كبيرة من سوريا، وإسرائيل ستحتل أراضي عربية واسعة وفقاً لاعتقادهم. وفي اللحظة التي سيشعر فيها اليهود بأنهم علي وشك الإبادة سينزل “المسيح” بقيادة جيش من القديسين لنجدة اليهود، واليهود عندما يرون المسيح سيحولون إلي المسيحية. هذه القصة تستغلها إسرائيل وتقوم بعمل رحلات للأصوليين المسيحيين أو ما يسمى “المسيحيون الصهاينة” في أمريكا لزيارة تلك الأماكن التي ستحدث بها هذه الاحداث، ليتحول الأمر إلى عقيدة لدي هؤلاء المسيحيين، وبالتالي يقوم هذا التيار بدعم مصالح دولة إسرائيل بشكل كامل.
-
وفي النهاية أوضح أننا من المنظور العربي علينا التعامل مع ذلك من خلال :
-
التخلص من العقبات الذهنية التي تسيطر على العقول العربية ومنها أنه لامكن مواجهة إسرائيل وأنها تتفوق علينا بشكل كامل، وهذا أمر خاطئ، لأنه يجب علينا التعامل مع هذا الأمر، ونحن قادرون علي ذلك.
-
لابد من تغيير منهج التفكير العربي وأن يكون بعيد المدي، فتلك التظيمات اليهودية بدأت أفكارها منذ أكثر من 150 عام حتى وصلت لما هي عليه الآن، وبنفس الأمر يجب علينا وضع خطط طويلة المدى، نسعى للوصول إليها وتحقيقها.
-
التخلي عن التفكير في الولايات المتحدة من منظور البيت الأبيض والتعامل مع القيادات الأمريكية فقط، وإدراك أن الولايات المتحدة دولة مُعقدة جداً وبها كثير من التيارات والقوى ذات التأثير القوي، والتي يجب علينا أن نسعى للتواصل معها دفاعاً عن المصالح العربية، وأن يكون لدينا دور أكثر نشاطاً مع تلك التيارات.
-
سياسة الائتلاف الحكومي الجديد تجاه عملية السلام والتعامل المصري معها
تحدث السيد اللواء محمد إبراهيم، عن سياسة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي تجاه عملية السلام والتعامل المصري معها، مشيراً إلى أنه فيما يتعلق بالجزء الخاص بسياسة الائتلاف تجاه عملية السلام فإنه يثير المسائل الثلاث التالية:
السؤال الأول : ما هي أولويات هذا الائتلاف ؟
أكد أن أحد أولويات هذا الائتلاف هو طريقة التعامل مع إيران، وإدماج إسرائيل في المنظومة الإقليمية العربية، والمزيد من العلاقات مع الدول العربية ونقلها من المرحلة شبه السرية إلى المرحلة العلنية، ومن ضمن الأولويات أيضاً تعظيم الجانب الأمني الإسرائيلي بأعتباره هو العامل الذي يعلو أي اعتبار أخر، ومن أولويات الإتلاف أيضاً ردع حماس كلما كان هذا الأمر ممكناً.
ومن الواضح أن عملية السلام غير واردة في هذه الأولويات ولا حديث عن حل الدولتين وإسقاط كل ما يتعلق بعملية السلام.
السؤال الثاني: ماذا ستفعل إسرائيل في القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي ؟
فيما يتعلق بقضية الجولان، نوه إلى أن الاعتراف الأمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان لم يضف جديداً، فمنذ عام 1980 وهناك سيادة إسرائيلية على الجولان كمسألة واقع. وبعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة عليها ستتجه إسرائيل لمزيد من الاستيطان في الجولان.
أما بالنسبة لقضية القدس، ستشهد الفترة القادمة مزيداً من تهويد القدس، والقدس – وفقاً للرؤية الاسرائيلية – أصبحت خارج نطاق المفاوضات تماماً.
أما بالنسبة لقضية اللاجئين، فقد أصبحت بدورها خارج نطاق المفاوضات تماماً.
فيما يتعلق بالضفة الغربية، ستشهد الفترة القامة مزيداً من السيطرة الإسرائيلية على الضفة، وسيتسارع الاستيطان فيها، وسنشهد ضم كثير من المناطق في الضفة الغربية.
بالنسبة لغزة، فإسرائيل ستحرص على الإبقاء على حكم حماس في غزة، وستحرص على استمرار الانقسام، وستقوم بعمليات عسكرية بين الحين والآخر في مواجهة حماس للحفاظ على فكرة استمرار وجود الخطر المهدد لإسرائيل من المنطقة الجنوبية.
فيما يتعلق بمسألة المفاوضات، نوه إلى غياب أي حرص إسرائيلي على أن تكون هناك مفاوضات سياسية جادة بالمرة، خاصة وأن الأطراف الأخرى “العرب” لا تتحدث عن مفاوضات جادة وبالتالي هذا الأمر يوفر لإسرائيل الفرصة في الاستمرار في رفضها للمفاوضات”.
السؤال الثالث: كيف ستتعامل إسرائيل مع صفقة القرن؟
من المؤكد أن صفقة القرن تمت مناقشتها مع نتنياهو، ورغم رؤيته بصعوبة تنفيذها لكنه لن يرفض الصفقة بشكل مُطلق، خاصة وأن الائتلاف الحكومي سيكون به بعض الأحزاب والتي ستكون بمثابة حجر عثرة في أن يتم الموافقة على هذه الصفقة بسهولة.
منوهاً إلى أن اسرائيل ربما تكون قد بلورت شكل للدولة الفلسطينية، وهذا الشكل ربما تكون أبرز ملامحه:
-
لا دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وغزة متواصلة الأطراف وعاصمتها القدس الشرقية على حدود 1967، هذا أمر أصبح مستحيل تماماً في الفكر الإسرائيلي الحالي.
-
ضم أجزاء من الضفة الغربية للمستوطنات الإسرائيلية.
-
وحتى إذا كانت هناك دولة لفلسطين أو كيان يجب أن يكون منزوع السلاح تماماً، بحيث لا يشكل أي تهديد على إسرائيل، وهذا التهديد تحدده إسرائيل فقط ولا أحد غيرها.
وإذا تماشت صفقة القرن مع هذه الشروط والملامح ستقبل إسرائيل بها، وإذا كان العكس فسيكون من الصعب على الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأن تقبل بها.
وفيما يتعلق بالمبادئ الحاكمة للصفقة ذكر اللواء إبراهيم أنه في ضوء التصريحات المختلفة التي أعلنها طاقم العمل الأمريكي في أكثر من مناسبة، يمكن القول بأن هناك مجموعة من المبادئ الرئيسية تقوم عليها الصفقة. يمكن تصور ستة مبادئ منها كالتالي:
المبدأ الأول: أن كافة الحلول القديمة لم تنجح في إنهاء الصراع، وبالتالي كان لا بد من التفكير في حلول جديدة غير تقليدية يمكن أن تكون أكثر فعالية من ذي قبل، وهو ما سيتطلب تنازلات متبادلة قد لا تَرضى عنها أطراف النزاع، ولكنها تبقى ضرورية للحل.
المبدأ الثاني: أن الوضع الراهن في المناطق العربية المحتلة، أو بعبارة أدق الأمر الواقع هناك، سوف يكون أحد أهم أسس الصفقة، بحيث إن التغييرات التي حدثت على الأرض لن يتم تجاهلها، وستكون حاضرة بقوة في مضمون الصفقة.
المبدأ الثالث: أن الأمن الإسرائيلي يعتبر العامل الرئيسي الذي تستند إليه الصفقة، باعتبار أن ضمان أمن إسرائيل يُعد التزامًا أمريكيًّا لن يقبل أي تنازل جوهري، سواء من جانب إسرائيل أو الولايات المتحدة.
المبدأ الرابع: أن التنمية الاقتصادية في الضفة الغربية وقطاع غزة ستحظى بالاهتمام الأكبر في الصفقة، وهو ما يعني أن فكرة السلام الاقتصادي ستكون بمثابة أحد المفاتيح الرئيسية للصفقة مقارنة بالجانب السياسي والتسوية السياسية التي يمكن أن تأتي في مرحلة تالية أو متأخرة نسبيًّا بعد وضوح النتائج الاقتصادية على الأرض.
المبدأ الخامس: أن مبدأ حل الدولتين لم يعد المبدأ المقدس لحل القضية الفلسطينية، ولكن قد يكون هناك اقتراب من هذا المبدأ، بمعنى القبول بإقامة دولة فلسطينية ولكنها ليست بالشكل الذي يتصوره العرب والفلسطينيون.
المبدأ السادس: أن هناك بعض القضايا التي تُسمى قضايا الوضع النهائي، مثل القدس واللاجئين، لا يمكن حلها طبقًا للرؤية العربية؛ فالقدس بشكلها الحالي أصبحت عاصمة لإسرائيل وغير قابلة للتقسيم. كما أن مشكلة اللاجئين يمكن حلها من خلال تنفيذ إجراءات أخرى مثل سياسة التوطين، أي توطين اللاجئين الفلسطينيين في الدول المتواجدين فيها. ويمكن أن توفر الولايات المتحدة الدعم المادي اللازم لهذا التوطين.
في ضوء ما سبق، يمكن القول بأننا أمام رؤية أمريكية للحل، تقفز بعيدًا عن مقررات الشرعية الدولية، وعن الرؤية العربية المتمثلة في مبادرة السلام العربية، وهي رؤية تُسقط مبدأ الدولة المستقلة ذات السيادة والمتواصلة الأطراف وعاصمتها القدس الشرقية. كما تُسقط أيضًا أهم قضيتين من قضايا الوضع النهائي، وهما: القدس، واللاجئون. كما تُعطي مسألة أمن إسرائيل أولوية على ما عداها، وبالتالي لا يتبقى أمام الفلسطينيين سوى ما يمكن أن نسميه “شبه دولة” أو “دويلة” منزوعة من أهم مقوماتها الرئيسية، بالإضافة إلى التركيز على الجانب الاقتصادي.
وفيما يتعلق بالأسلوب المقترح للتعامل مع الصفقة ذكر اللواء محمد إبراهيم أن التحدي الرئيسي الماثل أمامنا هو: كيف يمكن للعرب والفلسطينيين التعامل مع الصفقة عقب طرحها رسميًّا؟ في هذا المجال أكد على اعتبارين رئيسيين:
الاعتبار الأول: أن الأمر غير المنطقي وغير المقبول أن يعلن الفلسطينيون أو العرب رفضهم للصفقة قبل أن يطلعوا عليها بصورة رسمية، حيث إن الرفض المسبق سيكون نقطة سلبية تُحسب على الدول العربية كلها، وبما يؤكد المزاعم الإسرائيلية والأمريكية بأن الجانب الفلسطيني تحديدًا غير راغب في السلام. ومن ثم، يجب أن يكون هناك التزام بألا تصدر أية تصريحات رسمية تتناول الصفقة بصورة مباشرة سلبية كانت أم إيجابية، بل يجب تجاهل التعرض لها تمامًا، حيث إن إعلان الرفض بالشكل الجاري حاليًّا يُعرّضنا لخسائر مجانية نحن في غنى عنها.
الاعتبار الثاني: أن الزعامات العربية لم تقدم تنازلات تجاه القضية الفلسطينية، ولا تزال تتمسك بمبادرة السلام التي تتحدث عن سلام كامل مقابل انسحاب كامل، ودولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وبالتالي لن تقدم هذه الزعامات مهما كانت الضغوط على قبول أية خطة سلام لا تحظى بقبول فلسطيني. مطالباً الجميع بالتمعن في قراءة البيان الإيجابي الصادر عن مجلس الجامعة العربية في 21 أبريل في أعقاب الاجتماع الطارئ على المستوى الوزاري بحضور الرئيس “أبو مازن”، والذي تضمن إعادة التأكيد على الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية بصورة شديدة الوضوح، والذي تضمن في بنده الأول من بنود البيان السبعة أن الدول العربية لا يمكنها أن تقبل أية خطة أو صفقة لا تنسجم مع المرجعيات الدولية.
ولعل هناك نقطة أخرى مهمة يجب أخذها في الاعتبار وهي أن الائتلاف الإسرائيلي القادم سيكون ائتلافا شديد التطرف. ومن المؤكد أن بعض مكوناته لن تقبل الصفقة مهما تضمنت من نقاط عديدة لصالح إسرائيل، وهو الأمر الذي يفرض على الفلسطينيين العمل على تصدير أزمة ما بعد طرح الصفقة إلى الجانب الإسرائيلي. وقد يصل الأمر إلى رفض إسرائيلي واضح لها يوفر كثيرًا من السلبيات التي ستترتب على الموقف العربي في حالة رفض الصفقة دون دراستها. وأعتقد أن هذه مرحلة مهمة يجب أن نديرها بذكاءٍ وتأنٍّ.
ومن الضروري أن نضع الصفقة في حجمها الطبيعي باعتبارها مجرد مقترح لخطة سلام مهما كانت بنودها سيئة أو مجحفة أو جيدة. وتظل الصفقة قابلة للنقاش والتفاوض والحوار والقبول والرفض. كما يجب أن نكون على قناعة بأنه من المستحيل أن يتم فرضها بالقوة.
وأوضح انه يمكننا التعامل مع الصفقة في أعقاب طرحها رسميًّا طبقًا للمراحل الثلاث التالية:
المرحلة الأولى: وتتمثل في قيام الجانبين العربي والفلسطيني بتشكيل لجنة سياسية وفنية على مستوى عالٍ لدراسة الصفقة بصورة تفصيلية، وتأخذ وقتًا كافيًا ليصدر عنها تقرير يتم توجيهه إلى الإدارة الأمريكية باعتبارها الجهة الطارحة للخطة، يتناول ثلاثة جوانب أساسية: نقاط التوافق، ونقاط الاختلاف، والنقاط المطلوب تعديلها. على أن يكون لهذه اللجنة حرية الحركة والقدرة على التنسيق والتشاور مع الأطراف التي تراها ضرورية.
المرحلة الثانية: دراسة رد الفعل الأمريكي على تقرير اللجنة العربية الفلسطينية، وتقييم مدى وجود تقدم في الرد الأمريكي من عدمه. كما يمكن مواصلة التشاور مع واشنطن حتى يتم الوصول إلى التوافق على الملاحظات أو التحفظات العربية من عدمه.
المرحلة الثالثة: في حالة انتهاء مرحلة الردود والتعديلات، يصبح على الجانب العربي تقدير مدى تمشِّي الصفقة مع الموقفين العربي والفلسطيني؛ فإذا كانت مرضية يتم إعلان الموافقة عليها، وإذا كان الأمر غير ذلك فلا مفر من إعلان عدم قبولها بشكلها الحالي، ولكن بعد أن يكون العرب قد استنفدوا كافة السبل والجهود لجعلها قابلة للتنفيذ دون جدوى، مع إظهار أن الصفقة لا تلبي أدنى الطموحات الفلسطينية وتتجاهل مقررات الشرعية الدولية. وهنا سيكون الموقف العربي والفلسطيني في وضع أكثر إيجابية وأكثر قبولًا من المجتمع الدولي الذي لا يزال يُطالب بتطبيق المرجعيات الدولية لحل القضية الفلسطينية.
وإذا تم التسليم بأن الأمور قد تصل إلى رفض الصفقة، يصبح لزامًا على العرب والفلسطينيين أن يمتلكوا ويعلنوا طرحًا سياسيًّا بديلًا حتى لا يصل الوضع إلى طريق مسدود، خاصة مع الولايات المتحدة التي يجب أن نحرص على تجنب الصدام معها من خلال الحوار الهادئ البناء مع مسئوليها، وخاصة توضيح مخاطر استمرار الوضع الراهن دون حلٍّ عادل للقضية الفلسطينية يحقق أمنًا واستقرارًا حقيقيًّا في المنطقة.
ومن ثم، فإن الجانب العربي مطالب بإعادة طرح رؤيته لتسوية الصراع من خلال تحديد مسارين رئيسيين؛ أولهما: إطار الحل، وثانيهما: آلية التنفيذ. الإطار هو المبادئ التي تضمنتها مبادرة السلام العربية، أما آلية التنفيذ فهي إعلان الاستعداد الفوري لاستئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية دون شروط مسبقة، على أن تناقش هذه المفاوضات كافة القضايا دون استثناء، وعلى الجميع أن يمنح عملية التفاوض فرصة جديدة للتوصل إلى حلول قد تكون مقبولة من الأطراف.
وفي ضوء ما سبق، نحن أمام أربعة تحديات صعبة في الوقت الراهن. التحدي الأول: إدارة أمريكية شديدة التحيز لإسرائيل. التحدي الثاني: ائتلاف إسرائيلي قادم عنوانه الرئيسي لا لعملية سلام ولا لدولة فلسطينية. التحدي الثالث: موقف عربي في أضعف مراحله. التحدي الرابع: هو صفقة قرن قادمة قد تُنهي القضية الفلسطينية إن لم نتعامل معها بذكاء ودون تصعيد غير محسوب أو مطلوب.
وتحدث اللواء محمد ابراهيم عن كيف تتعامل مصر مع الائتلاف الاسرائيلي القادم، موضحاً أن مصر لا يقلقها التعامل مع هذا الائتلاف المتشدد والمتطرف، فمصر تعاملت مع أشد الحكومات الإسرائيلية تطرفاً كحكومات “مناحم بيجن و شامير وشارون ورابين” فمصر لا يقلقها التعامل مع أي حكومة إسرائيلية مهما كان شكلها. كما أن لمصر مواقف صارمة عندما كان هناك اعوجاج في السياسة الاسرائيلية تجاه مصر ، مثل إصرار مصر عى الذهاب للتحكيم فيما يتعلق بقضية طابا حتى حصلت عليها في 19 مارس 1989. أيضاً قامت مصر بسحب السفير المصري من إسرائيل ثلاث مرات 1982، 2000 ، 2012، كما استطاعت مصر في فترات كثيرة ان تحجم وتحدد شكل علاقتها مع إسرائيل.
وفيما يتعلق بالتعامل مع الائتلاف الجديد أكد:
-
أن مصر لديها معاهدة سلام مع إسرائيل “وهذه المعاهدة لا مساس بها” ويجب المحافظة عليها.
-
لدينا مجالات تعاون متعددة مع إسرائيل كالتعاون في مسألة الإرهاب في سيناء، كما أن إسرائيل أصبحت عضو في منتدى غاز شرق البحر المتوسط والذي يضم في عضويته ( مصر – الأردن – فلسطين – اليونان – قبرص –إيطاليا)، إضافة لإسرائيل.
-
كما أن علاقات مصر مع إسرائيل تتيح لمصر أكثر من ميزة منها ( علاقات طيبة مع أمريكا – دور في عملية السلام – دور في التهدئة…..الخ)
-
الأمر الأهم هو أنه عندما تُطرح صفقة القرن، يجب أن يكون لمصر دور في هذه الصفقة، من خلال دورها في الحوار مع الأطراف المعنية.
التعقيبات والمداخلات:
– أكد السفير/ عزت سعد أن أول ما يجب البدء به هو تحقيق المصالحة الفلسطينة ثم السعي بشكل جدي لبلورة موقف عربي قوي يعطي رسالة للطرف الأخر بأننا ولأول مرة في تاريخ تعاملنا مع هذه المشكلة تم التعامل بجدية وقناعة، وذلك لأن الوضع الدولي لم يعد كما السابق. وإذا كان الجانب الفلسطيني أو العربي قد حقق نجاحات في الماضي سواء فيما يتعلق بعملية مدريد أو معاهدة السلام أو قضايا التحكيم، فذلك نتيجة لوجود قيادة أمريكية قوية وحكيمة في ذلك الوقت وهو لم يعد موجوداً الأن، مع صعود اليمين المتطرف في كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
– طالب السفير/ رخا حسن بضرورة النظر لتطور الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي، فالأحزاب التي أنشأت إسرائيل وتطورت حدث لها تقدم كبير الاّن وباتت تركز على قضايا أخرى أكثر أهمية من تلك التي كانت تركز عليها إبان نشأتها ( التوسع وتدعيم الاستيطان الاسرائيلي – كما تراجعت فكرة السلام– ولم تعد تنظر بشكل إيجابي للمطالب الفلسطينية)، وقال أن الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي الآن يقوم علي فرض الأمر الواقع. وبالتالي فإن حكومة نتنياهو تستغل كل ذلك وتعمل على تدعيمه مستغلة الدعم الأمريكي الكبير لها والانقسام في الجانب الفلسطيني، ونظرة دول الخليج لإيران على أنها العدو الأكبر وليس إسرائيل. كل ذلك يصب في مصلحة حكومة نتنياهو الجديدة.
– أوضح السفير/ محمد الشاذلي أن موضوع المصالحة – بين الفصائل الفلسطينية – على الرغم من أهميته في الوقت الراهن، إلا أن هناك إلى مصالحة عربية – عربية، لأننا اليوم أمام حالة من الضعف العربي الشديد جعلت إسرائيل تفعل كل ما يحلو لها.
نوه السفير/ دياب اللوح بأن ما يسعي إليه نتنياهو اليوم هو تمرير مشروع قانون في الكينيست يمنع محاكمة رئيس الوزراء وليس الحصانة فقط. وذلك في إطار صفقة مع أحزاب الائتلاف.
وفيما يتعلق بكامب ديفيد، أكد أنها لم تأت فقط إلا بحكم ذاتي للفسطينين، ولم تأت علي ذكر دولة للشعب الفلسطيني، وهذا ما ذكره إسماعيل فهمي وزير الخارجية المصري في مذكراته.
وفيما يتعلف بعملية السلام، ذكر أن الشعب الفلسطيني صامد ومرابط ولن يترك أرضه، ولن يكرر خطأ 1948 مرة أخرى. وبشأن صفقة القرن أوضح بأنها صفقة مرفوضة مهما كان شكلها أو نصوصها، ففلسطين لن تقبل بصفقة هي ليست طرفاً فيها ولا تحقق الحد الأدنى لمطالب الشعب الفلسطيني، مضيفاً أنه لابد من السعي جدياً لتحقيق المصالحة الفلسطينية وفي الوقت ذاته الدفاع عن المصالح الفلسطينية على الصعيد الدولي. مثنياً على الجهود المصرية الكبيرة والدور الفاعل الذي تلعبه لإنجاز المصالحة .