الاقتصاد المصري وأزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)
مايو 22, 2020الأوضاع والأزمات الإقليمية فى ظل كورونا
مايو 23, 2020
سفير/ سيد أبوزيدعمر
عضو مجلس إدارة المجلس المصري للشئون الخارجية
يفترض أن تؤدي هذة النكبة التي ضربت أرجاء العالم إلى التكاتف وتوحيد الجهود من أجل مواجهتها، فهي الخطر الماحق المحدقبالجميع، ليس فقط ما يتعلق بالنفس الإنسانية فهو تهديد مباشر لها، ولكن ما يتعلق بإبطاء العجلة الاقتصادية وبما يهدد بوقفها كإجراء احترازي يستهدف الابتعاد الاجتماعي لمنع العدوى، حتى أنه قد بدأ يتردد أنه قد تصل إلى الاختيار بين الوفاة من الإصابة بهذا الوباء أو الموت جوعاًإذا ما توقفت العجلة الاقتصادية، وبالفعل وصل الكثير من الدول إلى حالة من الصعوبات الاقتصادية أرغمتها على تخفيف الحظر والسماح بالعودة إلىالنشاط ولو جزئياً. ويعجز العالم حتى الآن عن الوصول إلى التحصينات المناسبة أو الدواء الكفيل بالقضاء على هذا المرض، فمازالت الجهود تبذلعلى قدم وساق للوصول لأيهما ، إلا أنها مازالت بعيدة المنال.
وحري بنا أن نقر بأن بعض دول المنطقة العربية تمر بأوضاع تجعلها عاجزة عن مواجهة هذه الجائحة، بغض النظر عمَا يجري تداوله من أرقام عن أعداد الإصابات فيها،فهذه الأرقام تتفاوت فى مدى صحتها، ذلك أن المواجهات الدامية وتمزق الاوضاع الداخلية لا تسمح بالوصول إلى الأرقام الحقيقية. وليس كل الدول العربية من يتعامل مع هذه الجائحة بنفس القدر من الشعور بخطورتها، ولا تمتلك كلها نفس إمكانات المواجهة، وتكفي المقارنة بين إمكانات الإمارات واليمن .
ولقد انحصر دور جامعة الدول العربية في مواجهة الوباء، وفي ضوء قيام كل دولة بالعمل بمفردها ودون تنسيق يذكر على الدول الأخرى حتى دول الجوار المباشر، في الآتي بصفةٍ خاصة:
-
نداء وجهه أمين عام الجامعة بوقف الحروب والصراعات المسلحة بما يسمح بتوجيه الجهود لمكافحة الوباء. وفي هذا السياق، كتب أمين عام جامعة الدول العربية مقالاً بصحيفة الشرق الأوسط بمناسبة اليوبيل الماسي لتأسيس الجامعة يوم 22 مارس الجاري تضمن الإشارة إلى” الأزمات المشتعلة التي تواجه بعض الدول العربية (ومنها سوريا واليمن وليبيا والعراق ولبنان والصومال )،وأن هذه الأوضاع الإنسانية الخطيرة هي عرض للمرض الأصلي وهو استمرار النزاعات، ولقد آن للمدافع التي يقتل بها أبناء الوطن الواحد بعضهم البعض أن تسكت، خصوصاً وأن الوضع الحالي في مواجهة جائحة كورونا تجعل من استمرار مثل هذه النزاعات نوعاً من العبث . إننا الآن أحوج مايكونإلى قيمة العمل الجماعي المشترك، مازال الطموح سابقاً للواقع، والمأمول أكبر بكثير من المتحقق”.
-
خلال الدورة العادية الثالثة والخمسين لمجلس وزراء الصحة العرب في القاهرة في 27 فبراير الماضي، تم بحث كيفية التصدي لوباء كورونا المستجد، وصدر بيان عن الإجتماع تضمن الآتي بصفةٍ خاصة:
-
عقد اجتماع طارئ على مستوى الخبراء لمراجعة خطط الإستعداد والترصد وتبادل الخبرات بشأن مكافحة الفيروس، وذلك خلال الأسبوع الثاني من مارس ( وهو إجتماع لم يعقد حتى الآن).
-
إعلان التضامن مع الصين ودعم جهود حكومتها لمكافحة تفشي الوباء، كما ثمن البيان موف الصين “المنفتح” في التعاون والشفافية بشأن مكافحة تفشي الوباء، كما أثنى على “الخطوات الاستباقية” التي اتخذتها لمواجهة المرض، مؤكداً الثقة في قدرة الصين على تجاوز هذه المحنة.
-
أهمية تنسيق الجهود العربية للتصدي للفيروس وتعزيز العمل العربي المشترك المبني على منهجية واضحة في التعامل مع هذا المرض. وشدَد البيان على أهمية تطبيق الإجراءات والتدابير الوقائية التي من شأنها تقليل نسب الإصابة، أخذاً في الاعتبار ما أصدرته منظمة الصحة العالمية من إرشادات ودلائل علمية للتعامل مع الفيروس على المستوى العالمي وعلى مستوى الدول.
ويطرح الواقع السياسيالمضطرب في المنطقة الكثير من الأسئلة، عن قدرتها على تسوية مشكلاتها التي لا تخفى على أحد، وتطبيب جراحهاالنازفة التي تدمي قلوبنا جميعاً،وإمكانية أن تتفرغ لمواجهة هذهالجائحة باعتبارها كارثة إنسانية ، وأن تجد حلولاً لما سيترتب عليها من مشكلات اقتصادية واجتماعية، والتفكيرفي المتغيرات التى يمكن أن تلحق بالأوضاع العالمية، وكيفية التواؤم معها. وذلك كله في غياب إرادة العمل العربي المشترك وضعف الإمكانات الطبية والعلمية والاقتصادية والأمنية.
التداعيات السياسية والأمنية :
ابتليت المنطقة العربية بجيران سوء تملؤهم الأطماع والأحقاد ويعيثون فيها فساداً، لا يعنيهم كثيراًأرواح السكان فيها. فإيران منذ قيام الثورة المسمَاة بالإسلامية جعلت تصديرها إلى العالم الإسلامى هدفاً رئيسياً لها تنفق عليه أغلب دخلها من البترول الذي حباها الله به، بتزويد أنصارها ومشايعيها في الدول المجاورة بالمال والسلاح لتحقيق سيطرتها على مقدرات هذه الدول، أو على الأقل التأثير على سياساتها وتوجهاتها، حتى أنه صدرت تصريحات مؤخراً من بعض المسئولين الإيرانيين بأن طهران قد دانت لها السيطرة على مقدرات عدد من العواصم العربية، ولم يكن يمر هذا في سلام وقد امتدت إيران بأذرعها المباشرة وغير المباشرة في سوريا واليمن والعراق ولبنان، وتزايدت مشاعر الخشية منها بعد أن وضح سعيها إلى امتلاك أسلحة الدمار الشامل وتدخلها في الشئون الداخلية لجيرانها، وازداد الوضع تعقيداً بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية 5+1 وإعادة فرض العقوبات عليها لإرغامها على العودة إلى مائدة التفاوض من جديد حول قدراتها النووية .
وعلى الجانب الآخر، تقف تركيا بكل أحلامها في استعادة الخلافة العثمانية وأطماعها في الأراضى العربية. وتواصل تدخلها العسكري السافر في الشأن الليبي استناداًإلى الاتفاقيتين المطعون في مصداقيتهما والتي عقدتهما مع فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي الليبي وتزويد المليشيات بالأسلحة، ودفعهابعدة الآف من المرتزقة السوريين لمواجهة الجيش الوطني الليبي فيإطار سعيه للسيطرة على العاصمة وتوحيد البلاد. كما تواصلتركيا تدخلها العسكري فى شمال كل من العراق وسوريا بدعوى إقامة منطقة أمنية تمنع المقاتلين الأكراد من حزب العمال الكردستاني التركي المعارض من العمل داخل الأراضي التركية. وتناصب مصر العداء بعد إطاحتها بالإخوان المسلمين وترسيخ الحكم الوطني، ونجاحها في مواجهة أطماع تركيا في حقول الغاز في البحر المتوسط .
وغنيٌ عن القول الإشارة إلى أطماع إسرائيل في فلسطين، فلا يمكن أن توصف المشاريع الأخيرة وفي مقدمتها ماسُمِي بصفقة القرن سوى أنها تصفية فظة للقضية الفلسطينية والتي تجري بشكل تدريجي ابتداءً من ضم غور الأردن وجزء من الضفة الغربية. وتعطيإسرائيل نفسها الحق في قصف ماتراه خطراً على سيطرتها الكاملة على الجولان، وضرب المقاتلين الإيرانيين في سوريا. وقد أعلنت إسرائيل عزمها صراحة على تصفية الوجود الإيراني في سوريا .
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، وإنما قد وصل حالة من التردي جعلت المنطقة فيأغلبها مستباحة لكل القوى الدولية ، فضلاً عن قوى التطرف والإرهاب بكل أشكالها وفي مقدمتها “داعش” التي بدأت تنشط في المناطق الريفية في سوريا والعراق، انتهازاً لانشغال العالم كله بجائحة الوباء. والمعروف أن بعض الدول كتركيا وقطرتسبغ حمايتها عليها وتقدم لها الدعم وتتعاون وتنسق معها . ويحدوني الاعتقاد أن هذه القوى الجائحة لايهمها كثيراً الآثارالسلبية المترتبة على الجائحة، وبما يعد ثقوباً في جهود المواجهة معها .
وعلى الرغم من النداءات والمناشدات الصادرة من أمين عام الأمم المتحدة ومبعوثيه في مناطق المنازعات لوقف القتال بغية التفرغ لمواجهة هذه المأساة الإنسانية ، واتخاذ بعض الأطراف مبادرات من جانب واحد لوقف القتال، بلوتعرُض دولة مثل اليمن لكارثة سيول أضرت بالآلاف ، إلا أن هذا لم يخفف من غلواء الفرقاء في مناطق النزاع ،بل يزدادون فرقة ونكيراً،ووصل الأمر فى اليمن إلى إعلان الحكم الذاتي في جنوبه من جانب واحد، وتزايد موقف الحوثيون تصلباً في شماله مدعوماً من إيران .
التداعيات الإقتصادية:
ليس أمام الحكومات سوى اللجوء إلى صيغة الابتعاد الاجتماعي كوسيلة رئيسية لمكافحة انتشار الوباء، طالما لم يصل العالم إلى علاجٍ فعَال له أو التحصين منه، وهوماتطلبإيقاف الحياة الاقتصادية أو إبطائها، واتخاذ إجراءات تصل إلى العزل وحظر التجول وإيقاف وسائل النقل والانتقال. وتقول مؤسسة الفكر العربيأن المؤسسات الدولية المعنية وفي طليعتها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تتوقع ركوداً اقتصادياً، يشمل – وإن كان بمعدلات متفاوتة من بلد إلى بلد – كل ربوع العالم متراوحاً مابين 6 و12 % من معدلات الناتج المحلي القائم تبعاً للفترة الزمنية لهذه الأزمة ( وتزداد هذه المعدلات بالطبع إن طالت). وتُرجِح منظمة العمل الدولية من جهتها أن تتركز القطاعات الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة في مجالات محددة أهمها: المواد الغذائية والسياحة والترفيه والصناعة والبناء والتجارة عموماً، حيث يعمل بها أكثر من ثلث إجمالي القوى العاملة في العالم، نصفهم يفتقدون إلى حماية أو تأمينات اجتماعية .
ومن المتوقع ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة مابين 15 -20 %من إجمالى القوى العاملة، أى مابين ضعفينأو ثلاثة أضعاف المعدل عشيًة الأزمة ، مع ما ينجم عن ذلك من ارتفاع معدلات الفقر، ويضاف هذا إلى الوضع الاقتصادي العالمي المأزوم من الأساس،بما يعيد إلى الاذهان الكساد الكبير عام 1929.
وتتوقع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا ( إسكوا) أيضاً تزايد أعداد من يعانون من سوء التغذية إلى 52 مليون نسمة، وأن يصنف ما مجموعه 101.4 مليون شخص في المنطقة تحت خط الفقر، مرشحين للتزايد مع استمرارها. وتشتدعواقب هذه الأزمة على الفئات المعرضة للمخاطر ولاسيما النساء والشباب والعاملين في القطاع الخاص ممن لا يستفيدون من نظم الحماية الاجتماعية(وخاصة العمالة اليومية)،كما توقعت اللجنةأن يتراجع الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بما لا يقل عن 42 مليار دولار هذا العام علي خلفية تراجع أسعار النفط وتداعيات تفشي الوباء.
وتشهد هذه الفترة تزايداً حاداً في الإنفاق العام فيأمور لم تكن في الحسبان ـ وفي مقدمتها البنود المتعلقة بالصحة والإجراءات الاحترازية واعتمادات إعانة البطالة التي لجأت إليها بعض الدول العربية (ومن بينها مصر) وخاصةً العمالة اليومية ونفقات العائدين من الخارج، وتكاليف الحجر الصحي بما يؤدي بالضرورة إلى تفاقم العجز والدين العام وتآكل الاحتياطي النقدي (من 45 مليار دولار إلى 37 مليار في مصرحتى الآن)، واضعين في الاعتبار أن الأزمة الحالية تختلف عن غيرها، ففي الحالة الراهنة كانت الحكومات هيمن وافق على تجميد النشاط الاقتصادي.
وبالنسبة لدول الخليج، يلاحظ أن البطالة و فقدان الدخل سيكون تأثيره أقل على المواطن الخليجي بالمقارنة بالعمالة الوافدة والتي يعمل أغلبها بالقطاع الخاص.
كان من الطبيعيأن يهبط الطلب على النفط بصورة كبيرة مع تفشي الوباء وتعطيل حركة الطيران وإبطاء النشاط الاقتصادي والقيود على التجوال، بما أدى إلى انهيار أسعاره. وقد تمكَن تحالف الدول المنتجة للنفط (أوبك) والمنتجين المستقلين بقيادة روسيا يوم 12إبريل 2020 بعد مفاوضات مضنية، من إبرام اتفاق لخفض الإنتاج، بحيث يتوقع أن يساهم ذلك في الحد من تخمة المعروض وتراكمات المخزون العالمي. وتظهر أسواق النفط بعض المؤشرات الإيجابية، خاصةًإذا ما استؤنفت الأنشطة الصناعية وحركة النقل، بما يمكن أن يكون له مردود إيجابي على الأسعاربدايةً من الربع الثالث من هذا العام، ويتوقع أن تتعاون الولايات المتحدة للحفاظ على توازن الأسعار وحيث يلائم الشركات الأمريكية المنتجة للنفط الصخري أسعار إنتاجها في حدود مابين 40- 50 دولار للبرميل .
الأوضاع الطبيًة والصحيًة في المنطقة:
لم يبق العالم العربي طويلاً بمنأى عن الوباء، فقد انتشرتدريجياً ليصل كل أرجائه،فمعظم الدول العربية مفتوحة على مصادر انتقال الفيروس وبؤره الرئيسية كالصين وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة وإيران بحكم حركة السياحة والتجارة، وظروف توافد ملايينالعمال الآسيويين والعرب إلى دول الخليج، في الوقت الذي وضح فيه أن معظم الأنظمة الصحية في العالم العربي ليست على المستوى المأمول، نظراً لانخفاض مؤشرات التنمية الصحية فيأغلب الدول وفقاًللمقاييس العالمية. وتجدر الإشارة هنا إلى تفاوت حالة البنية الطبية والصحية بين دول المنطقة والمتمثلة في الموازنات المخصصة لقطاع الصحة والتجهيزات والمرافق والكوادر الطبية، وكذلك التفاوت في عدد السكان بين الدول ومساحاتها وقدراتها الاقتصادية والتي تعتبر من العواملالمهمة في التصدي للفيروس . وتحتل دول الخليج ومصر والأردن مراتب متقدمة ضمن الترتيب العالمي لجودة الرعاية الصحية كما أن دولاًأخرى مثل الجزائر ولبنان وتونس تتمتع بقدرات طبية جيدة، وتأتي دول أخرى ضمن أسوأ بلدان العالم في نظام الرعاية الصحية جراء الحروب والبنى التحتية المتهالكة والانهيارالاقتصادي.
ويظهر المؤشر على أرض الواقع أن معظم الدول العربية تحتل مراكزاًأدنى عالمياً وتعاني ضعفاً في قدرتها على اكتشاف الأمراض ومكافحتها والاستجابة السريعة للطوارئ الصحية ، كما تشكو من ثغرات في نظامها الصحي، قد تؤثر على استعدادها لمواجهة تفشي الوباء. والواقعأن معظم الأنظمة الصحية الأكثر كفاءة في العالم عجزت عن مجاراة الموجات الكبيرة من الإصابة بالفيروس على صعيد عدد الأسرَة فى المستشفيات وعدد الأطباء والتمريض وأنظمة الإنعاش والعناية المركزة، واتضح لها أن موازانات قطاع الصحة أقل من اللازم لمواجهة هذا الوباء. وتبلغ معدلاتالإنفاق على الصحة من الناتج المحلي الإجمالي نسبة 9.9% عالمياًمقابل 4.91% في العالم العربي فيما يبلغ متوسط نصيب الفرد من النفقات الصحية عالمياً 1095 دولاراً مقابل أقل من نصف هذا المبلغ بالنسبة للدول العربية. وتشير أرقام إحصاءات البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية،إضافة إلى الأرقام الصادرة عن وزارات صحة الدول العربية،إلى هشاشة البنية التحتية لقطاع الصحة في العالم العربي.
ويطرح هذا الواقع أسئلة عن قدرة الدول العربية على مواجهة صراعٍ طويلٍ مع كورونا، ومدى توفرالأنظمة الصحية المناسبة والقدرات الطبية والمادية لتفادي ظروف أسوأ إذا ما تفاقم الوباء وطال أمده .
وجدير بالإشارةوفق تقرير للجنة (الإسكوا) عن نسب توفر المياه التيأصبحت ضرورة لمقاومة هذا الوباء، أن نحو 87 مليون نسمة ( من إجمالي تعداد سكان العالم العربي الذي يقارب 400 مليون نسمة) لا يحصلون على مياه بأماكن إقامتهم، كما لا تعد إمدادات المياه بالمنازل كافية في 10 دول من جملة 22 دولة عربية .
التقدير والتوصيات:
أصبح من الدارج الحديث عن عالم مابعد جائحة كوفيد-19، وإمكانية حدوث تغيرات بنيوية في مسار النمط الراهن للعولمة وعالم رأس المال ومستقبل علاقته بالأنظمة. وتوقع الانتقال إلى عولمة أقل، مقارنةً بنسق العولمة الحالي، ويرجح أن تكون متبادلة أو ثنائية أكثر توازناً، ويرجح تزايد التوجه إلى الحمائية،وكبح جماح الاحتكارات الدولية والشركات المتعددة الجنسيات، وانبعاث الدولة الوطنية. ويرجح تزايد التوجه إلى الاقتصاديات الإنتاجية ذات القيمة المضافة الأعلى، وتزايد التوجه إلى الإنتاج الصناعي والتكنولوجي وتنمية الصناعات الغذائية الوطنية، وإيلاء عناية خاصة بالبنية الصحية والتعليم .
ولعل هذا هو التوقيت الأنسب للقيام بجهد جماعي عربي ترتكز محاوره على إيجاد الحلول الذاتية المناسبة للمواجهات العربية، والوقف الفعلي لنزيف الدماء، دون تدخل خارجي، أو على الأقل تجميد ما يستعصي على الحل، وتنسيق الجهود الجماعية في مكافحة هذه الجائحة، وتوحيد الجهود العلمية العربية لمشاركة العالم أبحاثه عن الأدوية الناجعة، فليس من المعقول أن يقبع الجميع في عالمنا العربي انتظاراً لمن يقدم العلاج من الخارج ويتقاضى ثمنه أضعافاً مضاعفه. كما يجب أن تولي المجموعة اهتماماً بالأوضاع المالية والغذائية بين الدول الأعضاء، وقد وصل بعضهم إلى مشارف “وضع الدولة الفاشلة” أي حد الإفلاس، وأخيراًيجب أن نتشارك في استشراف الأوضاع المتوقعة والمحتملة بعد انتهاء هذه الجائحة لوضعها في الحسبان .
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن وجهات نظر الكاتب ولاتعكس بالضرورة رؤية المجلس المصري للشئون الخارجية