سد النهضة: لماذا مجلس الأمن وما هي المسارات المحتملة([1])
يوليو 12, 2021النيل هبة الحضارة المصرية القديمة
يوليو 21, 2021
عبد الرؤوف الريدي
أعجبنى شعار معرض الكتاب هذا العام: «فى القراءة حياة». أضفتُ إلى هذا الشعار ما جعله يرتبط بمبادرة الرئيس السيسى «حياة كريمة» التى تهدف إلى إحداث نقلة نوعية فى حياة المدن والقرى والنجوع التى تعانى من نقص حاد فى الخدمات الأساسية، فتنقل أهلها إلى حياة كريمة من خلال ما تحدثه من تطوير، ويقوم الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، بدور مشهود فى إنجاز هذا الهدف.
منذ إطلاق هذه المبادرة التاريخية أفكر فى ارتباطها بل فى تكاملها مع مبادرة مهمة أخرى أطلقها الرئيس السيسى وهو يستهل فترة رئاسته الثانية، فأشار فى خطابه أمام نواب الشعب يوم 2 يونيو 2018 إلى بناء الإنسان المصرى من خلال ثلاثة محاور رئيسية: الصحة والتعليم والثقافة.. وهنا يأتى عنوان هذا المقال ليشير إلى دور القراءة فى الحياة الكريمة، وبالتالى التكامل بين المبادرتين الرئاسيتين: مبادرة بناء الإنسان ومبادرة حياة كريمة، ودور القراءة فى تحقيق هذه الحياة وبناء الإنسان.
ومن هنا جاء هذا العنوان أى «فى القراءة حياة كريمة».. وهنا يثور السؤال: ما السبيل إلى نشر القراءة وما يرتبط بها من توفير الكتب والدوريات والموسوعات والأجهزة الإلكترونية وتكنولوجيا المعلومات، التى لا غنى عنها لتقوم المكتبات بدورها فى نشر التنوير بما يجعل المكتبات تقوم بدورها التنموى وإزالة ما تراكم وتفشى فى العقول، ومن أخطره ما تفشى فى عقول الشباب وجعلهم عرضة للجماعات الإرهابية.
طوال الأعوام الخمسة والعشرين الماضية، انشغلت بموضوع المكتبات العامة، ورأيت من خلال التجربة العملية مدى تأثير هذه المكتبات فى المجتمعات التى أقيمت بها.. هذا فى الوقت الذى أعلم فيه مدى تأخر مصر عن الدول الأخرى فى مجال المكتبات العامة، بما فى ذلك دول كنا نسبقها فى مجال العلوم والثقافة.. ومن بينها دول عربية كانت تتلقى الثقافة أول ما تلقتها من مصر، ومن هنا جاءت دعوتى بأن تكون هناك مكتبة لكل مائة ألف مواطن.. تلك هى فحوى مبادرة الألف مكتبة التى ندعو لها.. ونأمل أن تكون مبادرة حياة كريمة مجالا مناسبا لتحقيق إنجاز كبير فى هذا المجال الحيوى.
أنا لا أدعو لإنشاء مكتبات عامة تتسم بالفخامة، إن المكتبات التى أدعو إلى إنشائها تحت شعار «فى القراءة حياة كريمة»، مكتبات بسيطة ربما يكفى ثلاثمائة أو أربعمائة متر لتنشَأ عليها مكتبة من دورين أو ثلاثة تحيطها حديقة بسيطة.. مكتبة عملية «functional» تحتوى فى البداية على عدد لا يزيد على عشرين أو ثلاثين ألف كتاب يتم توزيعها على الفروع الأساسية للعلوم والآداب والفنون.. مكتبة تتميز بأن تكون بها الوسائل الحديثة لتكنولوجيا المعلومات،
ويكون هناك اهتمام بإتاحة الدوريات التى تربط المكتبات بمجريات وتطورات الثقافة والعلوم.. دوريات أكاديمية البحث العلمى ووزارات الثقافة والآثار وغيرها.
مكتبات تتيح للشباب بل للكبار أن يتعرفوا ويستمتعوا بالفنون، ويعرفوا ماهية الفن التشكيلى والثقافة الموسيقية، ويدرسوا تاريخ مصر وآثارها العظيمة، مكتبات تربط القرى والنجوع بما وصله العلم والفن الحديث.
يهدف مشروع حياة كريمة إلى الارتقاء بالمدن والقرى التى تم تحديدها باعتبارها القرى الأكثر فقرا واحتياجا إلى التطوير.. وحسبما قرأت فإن من المتوقع أن يتكلف هذا المشروع حوالى سبعمائة مليار جنيه، ولن تتكلف هذه المكتبات سوى جانب بسيط «fraction» من هذه الميزانية المرصودة، وستقام بهذه المكتبات ورش العمل التى تقدم لرواد المكتبة، وتعلم وسائل استخدام المعرفة الحديثة بما فيها تكنولوجيا المعلومات وتعليم اللغات وكل ما يتصل بالفنون.
المكتبة التى أحلم بها هى مكتبة تحث أهل المنطقة على استعارة الكتب وقراءتها، ليس فقط بين جدران المكتبة ولكن أيضا خارج هذه الجدران، ولقد أثبتت تجربة مكتبة مصر العامة الرئيسية أن نسبة الفاقد من الكتب التى تعار، أى التى لا تعاد، هى نسبة تقترب من الصفر.
لن يقتصر دور هذه المكتبات على نشر القراءة واستخدام دوائر المعارف وتكنولوجيا المعلومات واستخدام آليات البحث الحديثة.. لكن ستقوم هذه المكتبات بنشر ثقافة الحفاظ على البيئة، وعلى النظافة، وعلى تجنب التبديد «waste» فى مصادر الثروة الطبيعية مثل المياه والكهرباء.. وفى نفس الوقت تنمية سلوكيات الذوق العام فى التعامل بين البشر.
فى كل هذه البلدان التي انتشرت بها المكتبات العشرون من مكتبات مصر العامة، أرى وأسمع عن التأثير الاجتماعي الذي أحدثته هذه المكتبات.. وعلينا أن نسعى لتعميم هذه التجربة وهذه السلوكيات، بإنشاء مكتبات عامة بسيطة لكنها فاعلة، ويديرها شباب مدربون يمكن تدريبهم فى مكتبات مصر العامة العشرين المنتشرة فى أربع عشرة محافظة.
ثمة أمل يلوح أمامي ويدفعني لكتابة هذا المقال.
نشر المقال بجريدة المصري اليوم بتاريخ 14 يوليو 2021 و رابط: