بمناسبة العيد القومي لجمهورية الصين الشعبية رئيس المجلس يؤكد تبادل القاهرة وبكين الدعم بينهما
سبتمبر 26, 2021ندوة حول كتاب “شاهد على الدبلوماسية المصرية فى نصف قرن” للسفير د./ منير زهران – رئيس المجلس
سبتمبر 27, 2021
لا تزال الأزمة السورية تراوح مكانها ضمن أزمات عديدة مُنِيَت بها المنطقة العربية منذ أوائل العقد الماضي على وجه الخصوص. وعلى الرغم من حالة التهدئة النسبية التي طرأت على هذه الأزمة، إلا أن الأخيرة لا تزال تنطوي على العديد من عوامل الاختلاف والتنافر، وربما التصعيد المستقبلي مرة أخرى، لاسيما وأن عملية التسوية تشوبها حالة من الجمود، الذي يجب كسره لإيجاد حل نهائي للأزمة التي أنهكت أوصال التراب السوري وشعبه.
وفى هذا السياق، نظَّم المجلس المصري للشئون الخارجية، فى 15 سبتمبر 2021، حلقة نقاشية حول “فرص تحريك التسوية في سوريا”، تناولت بشكلٍ خاص محاور ثلاثة، هى: مستقبل النظام السوري في ظل ضغوط الداخل والخارج؛ فرص تسوية الأزمة السورية وتحدياتها، خاصة فيما يتعلق بمواقف كل من إيران وتركيا، والحوار الكردي / الكردي ورؤية مجلس سوريا الديمقراطية لمستقبل سوريا.
وقد استُهِلَّت الحلقة بالإشارة إلى وجود العديد من التحديات التى تواجه عملية التسوية، والتى من بينها فشل مجلس الأمن الدولي، فى جلسته المغلقة المنعقدة في 31 أغسطس الماضي بشأن سوريا، في الاتفاق على بيان مشترك في هذا الشأن، وتصريحات المبعوث الأممي لسوريا/ جير بيدرسون الذى أقرفيها” بفشل المسار السياسي” ودعوته لأعضاء المجلس لتوحيد موقفهم لكسر الجمود في الملف وإحياء العملية السياسية، كما تم التطرق الى الاجتماع الأخير لوزراء خارجية مجموعة السبع الصناعية الكبرى في لندن، والذى كشف عن بعض أوجه التغير في موقف واشنطن وحلفائها إزاء الملف السوري، وتراجع القضية على سلم أولويات بايدن. حيث أشار البيان الختامي الصادر عن الاجتماع إلى النقاط المعروفة في بيانات سابقة، لا سيما وضع القرار “2254” موضع التنفيذ، والملف الكيماوي، ووصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية في الشمال. ومن بين التفاهمات التي تمت بشأن سوريا في قمة 16 يونيو الماضي بين بايدن وبوتين، موافقة روسيا – بعد تهديدات باستخدام حق النقض- على قرار مجلس الامن رقم 2585 في9 يوليو الماضي بتمديد التفويض الممنوح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من أجل مواصلة عمليات إيصال المساعدات الإنسانية عبر معبر وحيد هو باب الهوى الحدودي مع تركيا الى أكثر من ثلاثة ملايين سوري شمال غرب سوريا.
ومن الواضح أن هناك تحولاً في موقف إدارة بايدن من الملف بالمقارنة بإدارة ترامب التي قامت سياستها على أساس ممارسة “أقصى ضغط” على دمشق والتزام “الصبر الاستراتيجي”، من خلال استخدام أدوات، منها العقوبات، وعرقلة إعادة الاعمار، وفرض العزلة على دمشق. إذ يُستفَاد تراجع الملف على أولويات إدارة بايدن من مؤشرات عدة أبرزها أن بايدن لم يأتِ على ذكر سوريا في أي من خطاباته الرسمية حول سياسته الخارجية، وأن إدارته لم تقم بتعيين مبعوث خاص لسوريا حتى الآن، كما أنه لم تكن هناك ردود فعل أمريكية قوية على حملة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف للتشجيع على إعادة سوريا إلى “الحضن العربي”، فيما لم تصدر أي عقوبات جديدة بموجب “قانون قيصر”، من الإدارة الجديدة.
ومع ذلك تظل المحاور الرئيسية للسياسة الخارجية الامريكية تجاه سوريا كما هي، وتتمثل في: دعم قوات سوريا الديمقراطية ضد قوات النظام وحلفائه؛ الحفاظ على ما تحقق من نجاحات، مع تفادي الانزلاق لحرب واسعة لا تريدها واشنطن؛ مباركة غارات إسرائيل على المواقع الإيرانية في سوريا؛ ورفض الاعتراف بشرعية نظام بشار الأسد وإعادة انتخابه. ومن غير المرجح رفع العقوبات عن نظام الأسد أو تخفيفها أو السماح بالتطبيع معه أمريكياً وأوربياً. وفي هذا السياق، قررت واشنطن الإبقاء على وجودها العسكري في “التنف”، وفي المناطق الشمالية / الشرقية، وربط انسحابها بانسحاب القوات الإيرانية. وتؤكد واشنطن أن بقاءها في سوريا يصب في خدمة مصالحها ومصالح حلفائها، كما يحقق الاستقرار في المنطقة. كما لا يجب استبعاد انعكاسات لعودة الولايات المتحدة إلى الملف النووي الإيراني على الوجود العسكري الإيراني في سوريا. كما تظل تراوح مكانها مسألة وجود عشرات الآلاف من عناصر تنظيم “داعش” السابقين والمقيمين حالياً في معسكرات اعتقال، والتي تهدد بإنتاج جيل جديد من العناصر الإرهابية شديدة الخطورة في قلب الشرق الأوسط.
هذا، وبالنسبة لعودة سوريا لعضوية الجامعة العربية، فقد صرح السيد/ أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة مؤخراً بأن العودة السورية يجب أن تكون عبر توافق الآراء” وأن “هذا التوافق لم يتوافربعد”. وتشير بعض التقديرات إلى إمكانية حدوث انفراجه في الموقف العربي من سوريا مع التقدم في مفاوضات فيينا لعودة أمريكا إلى الاتفاق النووي، ورفعها العقوبات تدريجياً عن طهران، وبالتطورات المحتملة لمحاولات التقارب بين السعودية وإيران.
ورغم أن الولايات المتحدة هي الداعم الأكبر لأكراد سوريا منذ بداية الأزمة، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت محاولات روسية لتطوير العلاقات معهم، والسعي لتقريب وجهات النظر بينهم وبين الحكومة السورية. وأشارت الندوة الى أن روسيا لا تزال هي القوة الحاسمة في سوريا، ومن المشكوك فيه أن تسفر الضغوط الاقتصادية الغربية على النظام عن إجباره على التفاوض، كما ان العقوبات لم تسفر عن شيء. ومن هنا، ما تزال الولايات المتحدة وحلفائها مصريين على حرمان الأسد وداعمته روسيا من الانتصار. أما إيران، فما تزال قوة حاضرة في سوريا، رغم الضغوط العسكرية الإسرائيلية المستمرة على الوجود الإيراني لإخراجه من سوريا. وهناك توافق عام حول اصرار إيران على الحفاظ على وجودها وانتشارها الواسع في سوريا بالرغم من ادراكها ضعف إمكاناتها وإمكانات النظام السوري في الرد على الهجمات الإسرائيلية.
وأشارت الندوة الى أن الخلافات وتعارض المصالح بين روسيا وإيران في سوريا ماتزال مكتومة، ولم تبلغ بعد مستوى الازمة المعلنة. ومع ذلك، تدرك طهران أن الحرب الجارية ضدها من قبل إسرائيل لا تثير قلق موسكو طالما أن ضربات إسرائيل لا تضر بالمصالح الروسية، كما لا يخفى على أي مراقب التنافس المتزايد بين البلدين في إطار سعي كل منهما لتأكيد دوره في تقرير مصير سوريا، وهو ما يبعث عن الاعتقاد بأن هذه العلاقات قد تتدهور في المستقبل، خاصة إذا ما عادت واشنطن إلى الاتفاق النووي مع إيران وتحسنت، بالتالي، علاقات البلدين. من جهة أخرى، من المرجح أن تستمر موسكو في حوارها مع تل أبيب من أجل البحث في إمكانية ترتيب تفاهمات بين إسرائيل والرئيس الأسد؛
وإجمالاً، أشار المتحدثون إلى أن الجزء الاكبر من حل الأزمة السورية يكمن فى الإرادة السياسية الداخلية فى سوريا، وكذا إرادة القوى الإقليمية والدولية، لإحداث وإيجاد مساحة ممكنة للتسوية فى سوريا. وفى هذا الصدد، أوصى المشاركون بإيجاد صيغة توافقية عربية بشأن الوضع الخاص بسوريا في الجامعة العربية، وذلك بالإضافة إلى بذل ما يمكن من جهود لتثبيط التطورات السلبية التي تشهدها سوريا، والتي من المرجح أن تكون لها عواقب وخيمة فيما بعد. وفى هذا السياق تم التأكيد على الموقف المصري فيما يتعلق بضرورة الحفاظ على السلامة الإقليمية للدولة السورية ووحدة ترابها الوطني وتسوية الصراع هناك على أساس التوافق الوطني، وبما يضمن عودة ملايين اللاجئيين السوريين الى بلدهم.
نشر المقال بجريدة الاهرام بتاريخ 27 سبتمبر 2021 و رابط: