رجائي فايد-
(حول فرص تحريك التسوية في سوريا)؛ كان عنوان المائدة المستديرة التي اشتركت فيها، ونظمها المجلس المصري للشئون الخارجية، كما شاركت فيها الرفيقة (ليلى موسى) مسؤولة مكتب (روج آفا) في القاهرة، وبمشاركة عدد من السفراء (أعضاء المجلس) والباحثين والخبراء في هذا الشأن، وقد تحدثت فيها كما طلب مني عن الخلافات الكردية الكردية، وتأثيرها على مآلات التسوية، بدأت مداخلتي بتذكير أحد الباحثين الحاضرين، بسؤاله الذى كان في ندوة أدرتها في دار (روز اليوسف) بالقاهرة، مع رئيس الهيئة العاملة في الاتحاد الوطني الكردستاني، وكان السؤال هو (ماذا بعد جلال الطلباني؟) وقد كان (رحمه الله) راقداً في مرض الموت، وكانت إجابة الضيف (لقد وجهت هذا السؤال لمام جلال وكانت إجابته هي “بعد الأربعين تجتمع قيادة الحزب وتختار قيادة جديدة”)،ولم يتم ذكر ماذا يقصد بالأربعين (هل هي باليوم أو بالشهر أو بالسنة!!)،لأنه حتى الآن، وبعد تلك السنوات، لم يتم التوصل إلى تلك القيادة الجديدة، ومنذ ما يقرب من عام، توصلوا إلى محاولة استنساخ نموذج (روج آفا) في المشاركة الرئاسية للتغلب على الخلافات الناشئة عن الانفراد بالسلطة ووهجها وغنائمها، وتم التوصل إلى ذلك، بتسمية قيادة مشتركة بين اثنين من عائلة الطلباني، ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلاً، إذ تمكن أحد الأطراف من إزاحة الطرف الآخر المشارك، وكانت كل المؤشرات على وجه اليقين إن ذلك قد تم بدعم ودفع خارجي، وإذا كنا من قبل نتحدث عن الخلافات الكردية الكردية، وضرورة لم الشمل بين الأحزاب والتيارات السياسية، وفى أكثر من مقال كتبته في أكثر من منبر إعلامي وأيضاً في (روناهي) تحت عنوان (تعالوا إلى فعل سواء)، ولأني أدرك ويشاركني آخرون، على مأساوية هذا الوضع، والذي نتمنى أن يتحرروا منه، ومن التشرذم، والتوقف عند البكائيات على الماضي والحاضر، وأن يتوحدوا بدلاً من هذا التشرذم، ويعترفوا بأن حالتهم تلك لها نصيب في مسببات البكائيات، وأن التوحد أو على الأقل التوافق سيجعلهم ينصرفون إلى استشراف المستقبل الأفضل، ولكن ماكنا ندعو إليه أهمية وضرورة التوافق بين الأحزاب، هبط عكسه إلى المستوى العائلي، وفى ظل هذا المناخ، تمكنت استخبارات أطراف خارجية من اغتيال قيادة كردية في مدينة السليمانية، ومع استمرار هذا الوضع المأساوي، فإنه من المتوقع ألا تكون حادثة الاغتيال تلك لن تكون الأخيرة إذ لها ما بعدها.
ومسألة الخلافات بين فصائل الحركات التحررية في العالم، ليست بالأمر الجديد، ولكن لأن ما يعنينا هنا هو الخلافات الكردية الكردية، لذا فالحديث ينصرف إليها وحدها.
ولن نتطرق إلى الخلافات القديمة للتأكيد على أن تلك الخلافات متجذرة في أعماق التربة الكردية، ونكتفي في هذه العجالة بالتطرق التي بدأت فى كونفرانس ماوت (1964) بشأن الخلافات بين المكتب السياسي للحزب الحزب الديمقراطي الكردستاني وبين تيار البارزانيين وانتهى الصراع المسلح بتغلب تيار البارزاني، وفيما بعد وبعد أن دخل الإقليم الكردي في العراق فيما يشبه الاستقلال عن بغداد نشب صراع مسلح دامي أسفر عن تقسيم الإقليم إلى إقليمين (الحزب الديمقراطي الكردستاني في أربيل، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني في السليمانية)، وكانت كوميديا مأساوية عندما نعبر الحدود من أربيل إلى السليمانية، كانت تقابلنا منطقة حياد (1كم) عند قرية دكله ونترك من خلفنا الرايات الصفراء وتستقبلنا الرايات الخضراء (من دولة إلى دولة!!)، وبين هذا وذاك كان هناك اقتتال آخر بين تيارات سياسية مختلفة من داخل وخارج الإقليم، وهو ما يبعد الكرد عن هدفهم المشترك الذي نسى تماماً على الواقع العملي في حين أن البكائيات على الماضي هو الهم المشترك.
ونصل إلى (روج آفا) ومحاولات لم الشمل الحالية التي لنا حديث آخر فيها.
نشر المقال بصحيفة روناهى بتاريخ 14 أكتوبر 2021 و رابط:
https://ronahi.net/?p=116754