ينعى المجلس المصري للشئون الخارجية بمزيد من الحزن والأسى وفاة الأستاذة / أنيسة عصام الدين حسونة نائبة رئيس مجلس الادارة
مارس 13, 2022مستقبل التحركات الروسية في الفضاء السوفيتي السابق
مارس 21, 2022
بتاريخ 20 مارس 2022، وفى إطار اهتمامه بالتطورات فى أفريقيا، نظَّم المجلس ندوة حول “القمة الأفريقية/ الأوروبية الأخيرة وتطورات المد الإرهابى فى أفريقيا”. افتتحها السفير د./ منير زهران رئيس المجلس، وشارك فيها عددٌ من أعضاء المجلس، فيما قدَّم كلٌ من السفيرين/ صلاح حليمة وعلى الحفنى ورقة حول موضوع القمة، وأخرى حول قضية الإرهاب، على التوالى (مرفقتان)، كما عقَّب السيد اللواء أركان حرب/ محمد عبد الباسط مدير عام مركز مكافحة الإرهاب لتجمع الساحل والصحراء حول موضوعَى الفعالية، ودور المركز فى معاونة دول الساحل والصحراء فى مواجهة المد الإرهابى، والأهداف وراء إنشاء هذا المركز.
وفى هذا السياق، تمَّت الإشارة بصفةٍ خاصة إلى ما يلى:
-
أن القمة الأوروبية/ الأفريقية السادسة التى عُقِدت يومى 17 و18 فبراير الماضى، فى بروكسل، تحت شعار “أفريقيا وأوروبا: قارتان برؤية مشتركة حتى 2030″، ربما تكون الأولى التى تمثل إرهاصات حقيقية فى مسيرة إصلاح وتعزيز العلاقات فيما بين الجانبين، بالنظر إلى ما انطوت عليه من وضع أسس “شراكة متجددة” تستهدف التصدى لثلاثة تحديات كبرى هى الأمن والصحة والاستقرار، وما اتفق عليه الطرفان من وعود واستراتيجيات خاصة بمكافحة الهجرة غير النظامية وإدارة الحدود، وتوفير 450 مليون جرعة من لقاحات مواجهة وباء Covid-19، وتعزيز البرامج الاقتصادية والاستثمارية عبر خطة استثمارية فى القارة بأكثر من 150 مليار يورو، من بين 300 مليار جرى رصدهم فى إطار المبادرة الأوروبية المُسمَّاة “البوابة العالمية”، والتى يُؤمَل منها تغيير وضع العلاقات بين الطرفين.
-
ومع ذلك، فإن ما بذلته أوروبا من تطوراتٍ تجاه القارة السمراء لا يزال قليلاً مقارنةً بما يجب أن يكون؛ إذ بالرغم من أنه قد تم استحداث مبدأ ترك الجانب الأفريقى ليحدد المجالات التى يتم توجيه المساعدات الأوروبية إليها، إلا أن حجم المساعدات لم يكن متسقاً مع ما كان مأمولاً ومقرراً من قبل، بل من المرجَّح أن ينخفض فى ظل تعزيز المساعدات الأوروبية المُقدَّمة لأوكرانيا فى أزمتها مع روسيا، كما أن توفير اللقاحات بالكميات المُشار إليها يُعَد قليلاً إذا قُورِن بعدد الإصابات الأفريقية بالوباء، فضلاً عن أن تقرير إنتاجها لأفريقيا اقتصر على الإنتاج دون نقل التكنولوجيا المنوطة بها.
-
في سياقٍ متصل، فإن هناك بعض القضايا الحسَّاسة التى قد تحول بين تحقيق التعاون الفعَّال بين الجانبين، لعلَّ أبرزها قضية حقوق الإنسان والديموقراطية، وذلك مقارنة بما تقوم به الصين التى استثمرت خلال السنوات الثلاث الماضية نحو 60 مليار دولار فى أفريقيا وأسواقها، بعوائد تُقدَّر بأكثر من 400 مليار دولار.
-
من جهةٍ أخرى، وفيما يتعلق بالإرهاب، أشار المشاركون إلى أن تلك الظاهرة لم تعد قاصرة على منطقة الساحل والصحراء غرب القارة، بل انتقلت أيضاً إلى شرقها وجنوبها، حيث وجدت بعض دول القارة نفسها بمثابة بؤر للجماعات الإرهابية. كما تمَّت الإشارة على وجه الخصوص إلى قوات “فاغنر” الروسية التى اتسعت وتسارعت رقعة وجودها مؤخراً فى أفريقيا، حيث توجد فى ليبيا والسودان ومالى وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى. ولا ريب فى أن وجودها فى حد ذاته عامل أساسى فى تعزيز وجود الإرهاب فى القارة السمراء، بالنظر إلى كونها قوات مرتزقة تمارس العنف لخدمة جهات معينة.
-
كما أُكَّد المشاركون على معضلة المفاهيم غير الموحَّدة ارتباطاً بالإرهاب، وكذا المعايير النسبية التى يتم فى إطارها تصنيف كيانٍ ما باعتباره منظمة إرهابية، وأُشِير فى هذا الصدد إلى ما قامت به الولايات المتحدة مؤخراً من رفع الحرس الثورى الإيرانى وحزب الله من قائمة المنظمات الإرهابية، فى حين أن ممارساتها لم تتغير.
-
من جانبه، أشار اللواء/ محمد عبد الباسط أن كافة الجماعات الإرهابية التى استشرت فى أفريقيا ذات تاريخ مناهض للاستعمار ثم للقوى الوطنية التمييزية أو الفاسدة. ولدى تلك الجماعات مرجعيات متعددة سياسية واقتصادية وليس بالضرورة إسلامية، هذا فيما يكون من العسير فى بعض الأحيان تحديد مرجعية بعض التنظيمات أصلاً. على أن من أكثر الروابط المشتركة بينها هو تماثلها فى الممارسات الإجرامية كالهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات والجريمة المنظمة عموماً، هذا فيما تشكل عوامل مثل الفقر والجهل دوافع أساسية لاستمرار تلك التنظيمات فى مسعاها الإرهابى، بل وربما تُسيِّر تلك التنظيمات دولٌ غير أفريقية لها مصالح داخل القارة، بغية الاستيلاء على ثرواتها الطبيعية.
-
فى سياقٍ متصل، فإن افتقار العديد من بلدان أفريقيا إلى قوات قتالية على درجة عالية من التأهيل والاستعداد، يُسهِم بدوره فى انتشار التنظيمات الإرهابية وعناصرها. ولعلَّ اتساع مسرح عمليات منطقة الساحل والصحراء، قد أوجد أرضية مشتركة لبلدانها لمحاولة مواجهة تلك التنظيمات وتهديداتها، فضلاً عن إقدامها على توحيد مفاهيمها ومصطلحاتها العسكرية، والتى تُعَد ذات أهمية كبرى فى هذا الصدد.
-
من جهةٍ أخرى، أشار اللواء/ عبد الباسط إلى أن مركز مكافحة الإرهاب لتجمع الساحل والصحراء الذى جرى إطلاقه فى أوائل نوفمبر الماضى ويرتكز مقره بمصر، يُعَد أحد الآليات المهمة المعنية بتنسيق جهود البلدان المنخرطة فيها، وتبادل المعلومات التي تعين هذه الدول على المواجهة الشاملة للإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية، كما أنه ذات منظومة قيادية متعددة الجنسيات، ولديه روابط مع العديد من المؤسسات والأجهزة والمراكز البحثية داخل مصر وخارجها، بغية استيفاء كافة جوانب قضايا المركز ودورها فى معالجة تلك القضايا. هذا فيما يُشَار إلى ان المركز يسعى إلى تعزيز التمويل الخارجى لأداء مهامه على النحو المنشود، حتى لا تكون الميزانية المرصودة له عائقاً دون ذلك، وهذه مسألة قد نصَّت وثيقة التأسيس عليها. ومع ذلك، فقد أكَّد اللواء/ عبد الباسط أن البرامج المخطط تنفيذها لم يتم تفعيلها إلى الآن، وأن من أهم المشكلات الحقيقية التى تواجه عمل المركز حالياً هى أزمة الثقة، ارتباطاً بتبادل المعلومات ذات الصلة فيما بين بلدان الآلية.
-
خلصت الندوة إلى عددٍ من التوصيات، من بينها:
-
إمكانية النظر فى إنشاء تجمع عربى – أفريقى، يكون قطباً منافساً فى الساحة الدولية، بشكلٍ يعزز مقدرات الطرفين معاً واستغلالها لتحقيق المصالح المشتركة، وبما يمنح كلاهما القدرة على المساومة بصورة أفضل مع القوى الدولية المختلفة. وهذه الفكرة يمكن أن تتحقق فعلاً، بالنظر إلى تجربة منتدى البحر الأحمر للدول المتشاطئة، والتى كانت فكرة مصرية ثم تحولت إلى واقع فيما بعد.
-
ارتباطاً بـ “آلية القادة الكبار” التى انخرطت فيها كلٌ من الجزائر ونيجيريا وجنوب أفريقيا وإثيوبيا، بدعوى التصدى للأزمات الأفريقية، فيجب على الدولة المصرية تعزيز وجودها داخل القارة بشتى السبل الممكنة، وليكن من بينها على سبيل المثال إقامة آلية موازية تهدف للحفاظ على مصالح مصر.
-
وأخذاً فى الاعتبار مسألة التمويل كأحد المعوِّقات أمام تعزيز الدور المصرى فى القارة، فربما يُنظَر إلى التشاور مع البلدان الخليجية الشقيقة لترسيم خطة استثمارية متماسكة، فى إطارٍ من التعاون الثلاثى، تقوم على توفير التمويل من قِبَلها والأيدى العاملة من جانب مصر، بما يعود بالنفع على الأطراف الثلاثة.