زيارة سفير فيتنام لدى القاهرة للمجلس
مارس 7, 2023ندوة مشتركة للمجلس مع الجانب البيلاروسى حول مقال للسيد وزير الخارجية البيلاروسى الراحل/ Vladimir V. MAKEI
مارس 15, 2023
بتاريخ 7 مارس 2023، نظم المجلس ندوة، استضاف فيها السفير/ يوسف زاده، سفير مصر الأسبق لدى أوكرانيا، للتحدث حول “جذور الصراع فى أوكرانيا ودور الغرب فى إذكائه”. وافتتح اللقاء السفير/ محمد العرابى، رئيس المجلس، وشارك فيه السفراء/ منير زهران، عزت سعد، محمد توفيق، عبد المنعم عمر، فاروق مبروك، رضا الطائفى، صلاح حليمة، محمد العشماوى، ود./ صادق عبد العال، وأ./ عاطف الغمرى.
وتناول اللقاء ما يلي بصفةٍ خاصة:
-
عرض السفير/ زاده لتاريخ العلاقات بين موسكو وكييف، وكيف أن الأخيرة كانت أصل الدولة الروسية الحالية، وتعني “الحدود” باللغة الروسية القديمة، وأنها كانت أكبر دولة في أوروبا قبل ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014. مضيفًا أن منحىً ساد فى التاريخ الأوكرانى الحديث، يتمثل فى ضرورة أن يكون الحكم فى البلاد موالٍ للغرب، وإلا تحدث ثورة واضطرابات فى البلاد، وهذا ما حدث بالفعل فى ثورتى 2004 و2014.
-
أدى المنحى المذكور إلى زيادة الهواجس الروسية إزاء التطورات فى أوكرانيا، لاسيَّما وأنه سادت نظرة روسية للأخيرة على أنها تميل تدريجيًا ناحية الغرب، ولديها رغبة للانضمام لحلف الناتو، الغريم التقليدى لموسكو، الذى انضم إليه العديد من بلدان الاتحاد السوفييتى السابق، ولا ريب أن ذلك يُسهِم في تعريض الأمن القومى الروسى للخطر، بالنظر إلى أنه فى حال انضمت أوكرانيا للحلف، فإن من شأن ذلك نشر صواريخ تابعة للحلف على أراضيها، ما يشكِّل تهديدًا مباشرًا للأراضى الروسية. هذا فضلاً عن المعاملات التمييزية، بما فيها التفتيش والتوقيف المستمر، التى كانت تمارسها حكومة كييف تجاه سكان الجزء الشرقى من نهر دنيبر، المتاخم لروسيا، والذين أغلبهم ذوى أصول وميول روسية. ومن ثمَّ، دُفِعَت روسيا لشنِّ عمليتها العسكرية الخاصة فى فبراير 2022.
-
أشار السفير/ زاده إلى أن دور كلٍ من الولايات المتحدة وبريطانيا بارز عن غيرهم من الدول الغربية فى الأزمة الجارية؛ كونهما طرفين فى مذكرة الضمانات الأمنية التى تم توقيعها فى بودابست فى ديسمبر 1994، والتى تم بموجبها نزع السلاح النووى فى أوكرانيا ونقل أكثر من 170 صاروخ باليستى إلى روسيا، وأيضًا تعهد كلٍ من واشنطن وموسكو ولندن بضمان أمن أوكرانيا وعدم الاعتداء. غير أن حقيقة تغافل البلدان الغربية عن التهديدات الأمنية إزاء روسيا، بفعل توسع حلف الناتو، قد دفعت روسيا للتدخل عسكريًا فى أوكرانيا. وبالتالى، يساهم الغرب بشدة فى تأجيج الصراع الجارى فى أوكرانيا بما يطيل أمد الحرب، حيث يقدم كافة أشكال الدعم لأوكرانيا، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، بما قد يؤدى إلى تصعيد غير متوقع وخطير فى مسار الحرب.
-
ارتباطًا بذلك، أشار السفير/ زاده إلى أنه كانت هناك نيَّة أمريكية مُبيَّتة لتأليب أوكرانيا ضد روسيا، بالنظر إلى عدة مؤشرات، من أهمها الزيارات المتعددة التى أجراها الرئيس الأمريكى جو بايدن لأوكرانيا، قبل تلقده منصبه الحالى (13 زيارة)، وأيضًا إقدام بايدن مع بدء ولايته فى يناير 2021، على تعيين فيكتوريا نولاند – اليهودية – نائبًا لوزير الخارجية الأمريكى، ما عنى وقتها أن إدارة بايدن قد اختارت مسار تدهور العلاقات مع روسيا؛ بالنظر إلى أنها كانت من المؤيدين المتحمسين لسياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما، تجاه روسيا وأوكرانيا، وعكفت على تشجيع بايدن لفرض عقوبات جديدة على روسيا، وتشكيل جبهة عالمية لكبح “العدوان العسكري” من جانب موسكو، كما دعمت بنشاط الاحتجاجات في أوكرانيا عام 2014، بل وقامت بتوزيع الطعام على المتظاهرين في ساحة “الميدان” بوسط كييف. ولا ريب أن الولايات المتحدة قد حققت الكثير من المكاسب من الأزمة الأوكرانية، ليس أقلها تصدير الغاز والنفط إلى أوروبا بأسعار مضاعفة مقارنة بالغاز الروسى، وأيضًا استعادة حيوية حلف الناتو وإنهاء التشكيك الأوروبى فى جدواه، ومن ثمَّ إحكام هيمنة واشنطن على أوروبا بأسرها.
-
أضاف أن الغرب عمل على تقوية شوكة النازيين الجدد فى أوكرانيا، للوقوف ضد أية توجهات روسية معادية، وأن كتيبة آزوف ميليشيا عسكرية عناصرها من 15 جنسية مختلفة، وتتبع وزارة الدفاع الأوكرانية، وكانت مسئولة عن العمليات الوحشية ضد سكان الدونباس شرق البلاد. من جهةٍ أخرى، أكَّد أن الغرب لا يريد أوكرانيا فى حلف الناتو؛ إذ إن ذلك ليس صحيحًا عمليًا، ولكنه يستهدف من دعمه الحالى الواسع لأوكرانيا استنزاف قوة روسيا، ومن ثمَّ إضعافها. منوِّهًا إلى أن موسكو كانت مدركة للحرب الاقتصادية التى سيشنها الغرب عليها، وكانت مستعدة لها، وإن اختلفت درجة وحشيتها عمَّا كانت تتوقعه.
-
إن الحرب الأوكرانية تجرى ضد المفهوم المعروف “الحرب وسيلة للتفاوض على وضع جديد”، بالنظر إلى أن كل طرف فى هذه الحرب متمسك تمامًا بمبدأ عدم الاستسلام وعدم التنازل عن أية مكاسب أو أهداف، فضلاً عن ارتباط ذلك بشكلٍ عام بفكرة الصراع الجارى بين القوى الكبرى لإنشاء عالم متعدد الأقطاب، من شأنه إنهاء الهيمنة الأمريكية الأحادية على الساحة الدولية. وفى هذا السياق، أكَّد المشاركون أنه ليس بالإمكان الوصول إلى تسوية لهذه الأزمة على المدى المنظور، فيما أشار البعض إلى أن السبيل الوحيد لذلك، هو قبول مبادرة السلام الصينية، وإجراء تعديلات عليها، لأنها تميل إلى الجانب الروسى، وترى قبول الأمر الواقع، على أن تقوم بذلك مجموعة تنسيقية، تضم الدول والجهات التى حاولت سابقًا التوسط لتسوية الأزمة.
-
من جهةٍ أخرى، أكَّد المشاركون أنه لو كانت أوكرانيا احتفظت بالأسلحة النووية عقب انهيار الاتحاد السوفييتى، ما كان ليحدث هذا الصراع العسكرى الراهن، بل إن روسيا تصرِّح من حينٍ لآخر باستخدام السلاح النووى فى ساحة المعركة. وفى هذا السياق، أشاروا إلى ضرورة التنبّه لحقيقة امتلاك القوى الإقليمية الثلاث غير العربية (إسرائيل وتركيا وإيران) للأسلحة النووية أو الأدوات الموصِّلة لذلك، ما يفرض خللاً استراتيجيًا هائلاً فى المنطقة، تكون الدول العربية الطرف الأضعف فيه، ويجعل الأمور أسوأ بالنسبة لها. ومن ثمَّ، تم التأكيد على أهمية قيام الدبلوماسية المصرية بتوجيه الضوء على ملف نزع السلاح النووى من منطقة الشرق الأوسط، وبذل ما أمكن من جهود فى أروقة المنظمات الدولية لتحقيق هذا الهدف، لاسيَّما وأن الفرصة مواتية حاليًا بتركز أنظار العالم على هذه القضية الحساسة، فى إطار متابعة تطورات الحرب الأوكرانية، وتقييم مخاطرها.