استقبال المجلس للمدير الجديد في القاهرة لمكتب مؤسسة كونراد أديناور
مارس 21, 2024بتاريخ 27 مارس 2024، استضاف المجلس المصري للشئون الخارجية الكاتب والمفكر السياسى السودانى/ جمال محمد إبراهيم، وهو السفير السوداني الذي عمل في سفارات بلاده في كل من إيران، والمملكة العربية السعودية، والصين، وتونس، بالإضافة إلى خدمته كسفير (ثانى) للسودان لدى المملكة المتحدة في الفترة من 2000 إلى 2004، ولدى لبنان في الفترة من 2006 إلى 2009؛ حيث أطلق أحدث كتبه بعنوان: “عمر عديل .. من نبلاء الدبلوماسية السودانية”. وقد شارك فى اللقاء عددٌ من رموز النخبة السودانية المقيمة فى القاهرة، بما فيهم سفراء متقاعدين، بجانب أعضاء المجلس من النظراء والأكاديميين.
وفي عرضه لمضمون الكتاب، اهتم الكاتب بالتأكيد على أن مؤلَّفه هو توثيق للحياة الدبلوماسية للسفير السوداني الراحل/ عمر عبد الحميد عديل، واصفاً إياه كأحد أعظم الدبلوماسيين السودانيين، ومن مؤسسي الدبلوماسية السودانية، والذين التحقوا بالدفعة الثانية لوزارة الخارجية، عقب استقلال السودان عام 1956، ولكن لم تحظَ مجهوداته وإسهاماته بالقدر الوافي من التناول. واستعرض الكاتب نبذة مختصرة عن الحياة الشخصية للسفير الراحل، موضحاً أنه من مواليد عام 1923 في “باجا” شمال السودان، وبدأ خدمته كوزير مفوض في منتصف عام 1956، ليتولى لاحقًا رئاسة البعثة الدبلوماسية لبلاده في إيطاليا، ومنها ممثلاً معتمداً غير مقيم لبلاده في كلٍ من النمسا وألبانيا. وقد توفِّي عام 1976، عن عمرٍ ناهز الثالثة والخمسين عاماً أثناء تأدية عمله كممثل للأمم المتحدة في سوريا.
وقد انصبَّ تركيز الكاتب على جهود السفير خلال عمله في منظمة الأمم المتحدة، مسرداً بياناته أمام الجمعية العامة في القضايا ذات الاهتمام الدولي آنذاك، مستشهداً بوثائق الأمم المتحدة، ومراجع وشهادات وخطابات معاونيه، بالإضافة إلى الاستعانة بالأوراق الرسمية الخاصة بالسفير. وقد أشار على نحوٍ خاص إلى اهتمام عديل باستقلال البلدان الأفريقية الخاضعة للاستعمار الفرنسي والبلجيكي والبرتغالي وقتها، حيث ساهم في اقتراح قرارٍ تبنَّته الأمم المتحدة بعدها (القرار رقم 1514)، والذى استهدف حق تقرير المصير ونيل الاستقلال لكلٍ من الشعوب الإفريقية والآسيوية تحت الاستعمار.
وفي الدورة الرابعة عشر للجمعية العامة (سبتمبر 1959)، أثار عديل قضية نزع السلاح وضرورة وضع حد للتجارب الذرية التي كانت فرنسا بصدد إجرائها في الصحراء الكبرى. كما دعم استقلال الجزائر عن فرنسا فيما عُرف بمسألة الجزائر. هذا بجانب تأكيده على أهمية مراعاة التمثيل الجغرافي وإعطاء الأولوية لفاعلية الأداء فيما يتعلق بتوسيع عضوية قضاة محكمة العدل الدولية. هذا ولم يغفل عديل القضية الفلسطينية إبَّان ذلك، من خلال إلقائه بياناً حول القضية الفلسطينية وتطوراتها منذ عام 1948، مقترحاً تجميد هجرة اليهود إلى إسرائيل لحين معرفة خيار الفلسطينيين، بالإضافة إلى تحويل عائدات العقارات والفوائد الناتجة عن استغلال الممتلكات الفلسطينية لمنفعة اللاجئين.
هذا وقد مثلت الدورة السابعة عشر للجمعية العامة (سبتمبر 1962) تقدمًا مهمًا للسفير/ عديل ولبلاده؛ إذ عُيِّن كأول مندوب من دولة إفريقية، لرئاسة اللجنة السياسية الأولى للجمعية العامة، ثم تم ترشيحه لمنصب رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة عشر (سبتمبر 1964)، ولكن حال تنافس القطبين آنذاك حول هذا المنصب دون حصوله عليه. وما لبث أن قدَّم عديل استقالته من منصبه كمندوب دائم للسودان في المنظمة الأممية. وعوضاً عن ذلك كلفه الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، يو ثانت، بأن يكون ممثلاً له ومشرفاً على انتخابات حق تقرير المصير لشعب جزر “كوك”، ثمَّ ممثلاً للأمين العام في قضية محمية عدن اليمنية، على إثر ما شهدته من صراع، طالب فيها اليمنيون بحقهم في تقرير المصير للتخلص من الاستعمار البريطاني، ثم عُيِّن عديلُ رئيساً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الخليج، ثم العراق منذ عام 1966 حتى عام 1972، لتنتهي مسيرته العملية إثر تسميته ممثلًا للأمم المتحدة في سوريا، حيث وافته المنية.