عبدالرؤوف الريدي: نواجه 4 تحديات مصيرية فى 2018 (حوار)
يناير 1, 2018حلقة نقاشية حول “دور مراكز الفكر وأهميتها فى ضوء التغيرات العالمية الراهنة”
يناير 30, 2018
بتاريخ 16 يناير 2018، استقبل المجلس السيد/ عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق ، والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية للقاء أعضاء المجلس ، حيث تم تسليط الضوء على العديد من النقاط والمحاور الهامة في كتابه الجديد “كتابيه” ومناقشة التطورات الراهنة في الإقليم والعالم ، بحضور رئيس المجلس ومديره التنفيذي وعدد من الأعضاء وغير الأعضاء من الخبراء والمتخصصين من السفراء والأكاديميين ورجال أعمال.
وقد بدأ اللقاء بترحيب السفير د. منير زهران رئيس المجلس بالسيد/ عمرو موسى- العضو الشرفي بالمجلس- وبالحضور، مؤكداً أن اللقاء يعد من أهم الأحداث مطلع هذا العام، حيث يأتي في أعقاب صدور كتاب سيادته “كتابيه” ومقالاته المنشورة مؤخراً بالصحف لتناول تطورات الوضع الإقليمي الراهن والتي أعاد فيها تكرار الدعوة لمبادرة سرت التي أطلقها عام 2010 وكانت رسالة موجهة للقادة العرب في أعقاب التطورات الأخيرة ، مبدياً العرفان لدعم السيد/ عمرو موسى للمجلس عندما كان وزيراً للخارجية.
مؤكداً أن المجلس كمنظمة مجتمع مدني يقوم بعمله بشكل مستقل ويتم التعبير عنها في صورة بيانات وتصريحات تعكس رؤية المجلس،
عقب ذلك تحدث السيد/ عمرو موسى، الذي أكد على العلاقة الطيبة الذي جمعته بالسفير زهران خلال عمله منذ خمسينات القرن العشرين.
وانتقل بعد ذلك إلى شرح التطورات الجارية على الساحة الإقليمية وهو مادعاه بصفة خاصة لكتابة مذكراته بعنون “كتابيه” وردود الفعل الشعبية العربية القوية عقب الاطلاع عليها، وهو مايعكس اهتمام هذه الشعوب بالتعرف على العديد من الأسرار التي شهدتها المرحلة التي تغطيها المذكرات خاصة وأنها تتناول قضايا يراها هامة رغم تحفظ البعض على تناوله. وفي هذا السياق أشار إلى حرصه على مناقشة ماحدث في مايو / يونيوعام 1967 وأسبابه ودوافع قرار الحرب وأسباب الهزيمة المؤسفة، لتجنب تكرارها، وأن تناول المسببات والأحداث لايقصد به الانتقاص من أحد بقدر ماهو تسليط للضوء على مرحلة هامة في التاريخ المصري ، خاصة وأن مصر كدولة نامية تحملت الدخول في حربين خلال 3-4 سنوات ( الحرب في اليمن ثم الحرب مع إسرائيل) وهل تم دراسة مدى تحمل مصر لتبعات هاتين الحربين، وهل كان هناك تقدير للكفاءة العسكرية المصرية في ذلك التوقيت، منوهاً إلى أن تلك التساؤلات سيتم طرحها عاجلاً أم آجلاً خاصة وأنها تمثل علامة سلبية خطيرة في التاريخ المصري ، وأنها مثلت نقطة تحول خطيرة وسلبية أدت لتطورات لاحقة وصولاً لثورة 25 يناير 2011، مؤكداً أنه كان من أنصار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حتى 5 يونيو 1967.
كما أكد أن كتابه تناول تأثير القضايا الإقليمية على مسار الدبلوماسية المصرية وعلى رأسها القضية الفسطينية التي كانت تحتل الأولوية الأولى في السياسة الخارجية المصرية وساهم الاهتمام المصري، واهتمام جمال عبد الناصر، بها في أن تحتل مكانة متميزة في العالم وهذا الزخم عاد بفائدة مثيلة على الدبلوماسية المصرية التي فتحت أمامها الأبواب لمزاحمة الدبلوماسيات العربية والإقليمية والدول النامية، ولتحتل القضية مكانة متميزة على أجندات تلك الدول.
وفي معرض تناوله للأحداث الراهنة وللتطورات التي تشهدها المنطقة والإقليم، نوًه إلى وجود قلق وخطر كبير وواضح في ظل غياب مصر عن المسرح الإقليمي هذا الغياب لم يكن وليد 25 يناير2011 بل سبقها بـ5-6 سنوات في ظل جمود الدبلوماسية المصرية ، التي تركت العديد من القضايا للظروف وسط تراجع للدور المصري شيئا فشيئاً وهو مافتح الباب للقوى الإقليمية الثلاث (تركيا، إيران، إسرائيل) .
الحديث عن نظرية الفراغ
في هذا السياق ذكر سيادته وجود فراغ كبير مشابه للفراغ الذي وجد في الخمسينات من القرن الماضي الناجم عن انسحاب القوى الاستعمارية (بريطانيا وفرنسا) من المشرق العربي والخليج، وهو ما أدى لوجود فراغ رأت الولايات المتحدة ضرورة ملئه بدلاً من أن يملؤه الاتحاد السوفيتي وهو ماتمت مناقشته مبكراً في أروقة صناعة السياسة الخارجية الأمريكية، ذات السيناريو هو مايتكرر حالياً في المنطقة فالقوى الاقليمية الثلاث أصبحت في بؤرة النظام الإقليمي بهدف ملء هذا الفراغ.
فعلى الصعيد الإيراني، هناك تنافس بين المذهبين السني والشيعي وصدام إيراني / عربي وليد للغزو الأمريكي للعراق الذي غذى هذا الصراع من خلال الاعتماد على طائفة معينة (الشيعة) وأهملوا الطوائف الأخرى واستغلت إيران تلك السياسة الطائفية للتغلغل في العراق، وتشهد المنطقة حالياً ميلاد مايسمى بالهلال الشيعي في ظل السيطرة الايرانية على 4 عواصم عربية كما ذكر قاسم سليماني بأن إيران أصبحت لها السيطرة على ( بغداد – دمشق- بيروت- صنعاء) كما أكد علي أكبر ولايتي مستشارالمرشد الأعلى للسياسة الخارجية الإيرانية بأن إيران أمام مسؤولية كبرى لإعادة الدولة الفارسية وعاصمتها بغداد وهو أمر خطير لايجب أن يغيب عن ذهن العرب عامة ومصر بصفة خاصة، خاصة وأن إيران لديها وكلاء بالمنطقة في الدول العربية كحزب الله في لبنان والحوثي في اليمن فضلاً عن تدخلها وسياستها الواضحة في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن.
وفيما يتعلق بالاتفاق النووي مع طهران، أكد السيد/ عمرو موسى أن الاتفاق لايمثل النهاية التي يطمح لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، وسيكون هناك حديث عن امتلاك إيران الصواريخ الباليستية والسياسات الإقليمية لطهران وهو مالايأمنه الأوروبيون ، في ظل التطورات الأخيرة في الأزمة السورية وبدء العودة الأمريكية بشدة لسوريا وهي عودة عسكرية غير منسقة مع روسيا ، وكذلك تعارض لوجهة نظر القوتين مابين رؤية روسية ترى في طهران حليفاً مهماً ورؤية أمريكية ترى فيها خصما خطيراً، وذلك وسط غياب ملحوظ لللاعبين العرب.
وفي هذا الصدد، تحدث سيادته أنه خلال مشاركته في مؤتمر دافوس في سويسرا في يناير 2017 خلال نقاش مائدة مستديرة في حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والمبعوث الأممي لسوريا دي ميستورا ووزير خارجية طهران جواد ظريف ، وبمشاركة خبراء وساسة ، أكد في معرض حديثه عن الأزمة السورية الحرص على التأكيد على أن سوريا دولة عربية، ومع ذلك تم تجاهل أي وجود عربي في مؤتمرات الأزمة السورية، وهو وضع لن يكون من المقبول استمراره، وأن العالم العربي سيكون له الرأي في أي صفقات يتم صياغتها ، وهو ما أكده له ظريف بأن إيران تشعر بالغياب العربي وطالبت بوجود مندوب عربي عن سوريا في اجتماعات آستانا وهو ماأكدت على أنه غير كافي ولابد من التباحث والتشاور مع الدول العربية.
وفيما يتعلق بتركيا، ذكر أن تركيا تمثل أخطر اللاعبين حيث أن وكلاء إيران بالمنطقة واضحون ومعروفون ، أما تركيا فتعمل على الالتفاف من خلال إقامة، والتوسع في إقامة، قواعد عسكرية في الخليج ومؤخراً ظهر تواجد تركي في سواكن في السودان على البحر الأحمر، وهو الأمر الذي لم يكن موجوداً بهذه الحدة والخطورة في ظل المحاولات الحثيثة بمد النفوذ التركي لإفريقيا وهو مااتضح في زيارته الأخيرة للسودان وسياستهم الواضحة في ليبيا والداعمة للإسلام السياسي هناك، كما أنهم يعملوا حالياً على توجيه بوصلتهم لليبيا كما حدث في سوريا والعراق وهذه الحركة لابد أن تكون واضحة للدبلوماسية العربية والمصرية بصفة خاصة .
لقد مثل أردوغان قصة نجاح للدولة الإسلامية ، وعندما رغب في الانضمام للاتحاد الأوروبي طالبوه بتنفيذ شروط تتعلق بتحسين معدلات البطالة والقضاء على البيروقراطية وتعزيز السلطة المدنية وتحسين الحريات وحقوق الانسان وهو ماقام بتنفيذه ، ليقود تركيا لأن تكون دولة متقدمة ، كما تمكن في القضاء على البيروقراطية لتكون تركيا من أقوى الجيوش والاقتصاديات ، وعلى الرغم من أن سياستها الحالية ستؤثر على الدولة التركية لكنها لاتزال في مرحلة قوة.
أما فيما يتعلق بالقوة الثالثة وهي إسرائيل، فالعلاقة معها أقل حدة عند مقارنتها بتركيا وإيران، فالأخيرتان تمتاز العلاقة معهما بالتوتر منذ قديم الأزل نتيجة لأطماع الامبراطوريتين الاستعمارية ـ أما إسرائيل فالمحدد الرئيسي للعلاقة معها هي القضية الفلسطنية فالاعتراف الاسرائيلي بالدولة الفلسطينية سيؤدي لتطبيع العلاقات مع إسرائيل كما ورد في المبادرة العربية مارس 2002 حيث أن التطبيع سيكون مقابل حل القضية الفلسطينية .أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث عن علاقة متغيرة مع العرب ولكن هذا الكلام غير مقبول لأن هذا التطبيع والعلاقة العربية مع إسرائيل غير معلنة ومن المؤكد أنه لن توجد دولة عربية ستعلن تعاونها مع إسرائيل صراحة ، على الرغم من وجود رؤية لدى بعض الدول العربية بأن التصالح مع إسرائيل سيؤدي للتقارب مع الولايات المتحدة وسيساهم في القضاء على إيران. منوهاً بأن العرب لن يتمكنوا من استخدام إسرائيل ضد إيران بل ماسيحصل هو العكس، فالمشكلة الإسرائيلية مع طهران تتمثل في القدرات النووية والصواريخ الباليستية لطهران ومدى بعدها عن الأراضي الإسرائيلية ، وهذا الأمر تعمل على حله القوى الغربية بالتفاوض حول إبعاد الصواريخ الباليستية عن طهران بمسافة 50 كم على الأقل وليس 20 كم كما تريد طهران وعليه فهذه المشكلة قابلة للحل .
وعليه فكل قوة من القوى الاقليمية الثلاث (تركيا، إيران، إسرائيل) تحاول الحصول على مزايا سياسية واقتصادية ومذهبية ، كما أن هذه القوى تتبع رؤية واسترتيجية مدروسة تؤدي لنتائج مرجوة.
وأضاف السيد/ موسى أن الفراغ الموجود بالمنطقة قد لاتستطيع مصر ملئه الآن، ولكن مصر والسعودية تستطيعان ملئه سوياً ليوجد محور رابع في الاقليم هو مصر – السعودية .
وحول العلاقات المصرية الافريقية، أكد السيد/ عمرو موسى أن المياه وسد النهضة تمثل مشكلة حيوية لمصر وهناك شعور تولد لدى الإثيوبيين مؤخراً بأن مصر لن تقبل المساس بحصتها وخلال الزيارة المقبلة لرئيس الوزراء الإثيوبي لمصر خلال الأيام القادمة سيتم طرح إطار استراتيجي لشرح مخاوف الدولة المصرية وكيفية حلها، منوهاً لأن الموضوع يحتاج لكثير من الحيطة والحذر للتعامل معه وترك الأمر للحكومة المصرية والتوقف عن المزايدات ولغة التوتر والشحن ، رافضاً التعليق على الدور الحكومي في هذا الصدد. مؤكداً أن الموضوع ممتد وله أكثر من زاوية للتحرك فما بين مفاوضات مع الطرف الإثيوبي والإصرار على تناول وحل مشكلة ملء الخزان والاتفاق على فترات الملء، ومابين التحرك لإزاحة العبء عن مياه النيل من خلال إقامة محطات لتحلية المياه، وإعادة النظر في خريطة المحاصيل الزراعية فلايمكن الاستمرار في زراعة محاصيل كثيفة الاستخدام للمياه كالأرز وقصب السكر، وإعادة النظر في أساليب الري المتبعة والري بالوسائل الحديثة، ومعالجة مياه الصرف الصحي ، والحفاظ على مياه النيل وإعادة توجيه سلوك المواطن ورفع الوعي الخاص بالمحافظة عليه وعدم إلقاء المخلفات فيه .
وفي ختام حديثه ، أكد السيد/ عمرو موسى أنه لابد من إعادة التفكير وطرح مقترح رسمي لإعادة التباحث حول ماقدمه سابقاً في القمة العربية عام 2010 في سرت من مبادرتين الأولى هي” رابطة الجوار العربي” وتضم مابين 40 الى 45 دولة من دول الساحل والصحراء ودول القرن الإفريقي ودول البحر المتوسط والدول الآسيوية الثلاث “تركيا، إيران وإسرائيل”، وتعليق دخول إسرائيل حتى تحل القضية الفلسطينية وفتح حوار مع إيران على المسائل المعلقة شرط استعدادها للتفاوض حول سياساتها الإقليمية، منوهاً لأن هذه الرابطة ترتبط بمحيطها أي تتسع لتشمل 22 دولة ثم 24 دولة.
والمبادرة الأخرى، تقوم على إنشاء منظمة للأمن والتعاون الشرق أوسطي لتناول موضوعات الأمن والإرهاب والتنمية، يضم في بدايته مابين 5-6 دول ثم تتسع لتضم دول أخرى تشمل المغرب العربي والقرن الإفريقي والخليج العربي والقلب العربي، وهذا النظام أيضا لايلغي دور الجامعة العربية، مؤكداً أن هناك العديد من المراكز تتحدث عن الحاجة لنظام إقليمي جديد في الشرق الأوسط ولابد أن يضم إثيوبيا لهذا النظام لتكون جزءاً منه ووضع رؤاه وأولوياته.
وحول العلاقات المصرية السودانية، أوضح السيد/ موسى أن السودان جزء مهم من الأفق المصري، ولايصح وجود علاقة سيئة وتوترات بين البلدين، وفي مصر هناك مايفوق 3 مليون سوداني يعيشون ويعملون بمصر وينظروا لمصر نظرة امتنان خاصة ، ويجب رفع الاهتمام بالاستثمار في السودان كباقي الدول ووجود أولوية خاصة للعلاقة مع السودان ، وأن تكون حلايب وشلاتين أرض تعاون وتكامل لاخلاف.
في جنوب السودان، وجدت أخطاء كبرى وكان من الصعب وقف الاستقلال فكان يدفع له دفعاً وسط يأس الشعب السوداني من الحروب، وكان الهدف فصل السودان عن السياسة الإفريقية وعمقها، ولابد من فتح حوار حول مستقبل السودان ودعوة مراكز كالمجلس لدعوة ممثلين سودانيين للحديث عن العلاقات بن الجانبين ودعوة ممثلين سابقين كمصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية السابق ومستشار الرئيس السوداني عمر البشير للحديث في المجلس عن رؤيته لهذه التطورات.
مناقشات:
عقب ذلك طرح عدد من الحضور، من أعضاء المجلس وغيرهم، بعض التساؤلات والتعليقات على النحو التالي:
– أكد د. أسامة الغزالي حرب أن مصر لابد أن تحتفظ بدورها ولابد من مقاومة أي قيود متحفظاً على فكرة إقامة تحالف مصري سعودي، خاصة وأن السعودية قد تعاني من حالة من عدم الاستقرار خلال المرحلة المقبلة في أعقاب التوترات السنية الشيعية والصراع داخل البيت الملكي، مبديا أمله في أن تستطيع مصر القيام بهذا الدور، وهو مايستلزم ضرورة أن تكون القيادة المصرية على مستوى هذا التحدي . وحول العلاقة المصرية الاسرائيلية ، أكد إستعداد إسرئيل التعاون مع مصر مع ضرورة العمل على تغيير الموروثات الشعبية المعادية لإسرائيل وعلاج الموقف الشعبي من التطبيع خاصة وأنه من مصلحة مصر التعاون مع إسرائيل مع إعلاء المصلحة الفلسطينية، وقد يساهم هذا التعاون في تخفيف التعنت الاسرائيلي لحلحلة القضية الفلسطينية.
وحول إقامة نظام إقليمي، أكد أهمية تحديد ماهية القوى الدافعة والمؤيدة له ووضع تصور أكثر تفصيلاً مع تعزيز التكامل بينه وبين الجامعة العربية.
وحول العلاقات المصرية / السودانية، أكد أنه يعتقد أن نظام البشير معاد للدولة والنظام المصري، فهو نظام إخواني بامتياز، ساهم في تسلل الاخوان إلى جميع مفاصل الدولة وإنماء العداء لدى الشعب السوداني تجاه مصر، وعليه فلابد أن تكون السياسة المصرية أكثر تشدداً وحزماً في التعامل مع النظام السوداني.
– أكد السفير سيد قاسم المصري أنه من المهم طرح أسئلة عميقة حول ماحدث في عام 1967 منوهاً لأن غياب الديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد كانت كلها أسباباً رئيسية في النكسة التي مثلت شهادة حقيقية لميلاد دولة إسرائيل وتراجع الدور المصري على عكس عام 1948 الذي شهد استقلال العديد من الدول العربية التي عانت بشدة في أعقاب النكسة . وكان في 1967 نظام حكم القلة وغياب الخبرة مهيمناً على الحكم في مصر فضلاً عن غياب أي دور للسياسة الخارجية المصرية، الأمر الذي بدا واضحاً في عدم الأخذ برأي وزارة الخارجية المصرية في مسألة سحب قوات الطوارئ الدولية على الرغم من المذكرة التي كتبها إسماعيل فهمي وزير الخارجية حينها لشرح خطورة قرار سحب هذه القوات.
ذات الأمر بدا خلال التعامل مع الانقلاب في السودان، مؤكدا في هذا السياق، أنه حينما سأله الأمير سعود الفيصل عن الرأي المصري – حين كان سفيراً لمصر في الرياض- في النظام الجديد في السودان عام 1989 (نظام جبهة الإنقاذ) ، أكد له أن مصر ترى أنه تم من مجموعة وطنية وهو مالم تؤيده المملكة حيث ارتأت أنه تحرك إخواني بامتياز وكان ذلك رأي الخارجية المصرية، لكن غياب الديمقراطية وعدم الاطلاع على كافة الرؤى كان سبباً في النكبات المستمرة.
مؤيداً إقامة نظام إقليمي والاسترشاد في ذلك بتجمع الآسيان مع ضم إيران وتركيا في البداية والنظر لضم إسرائيل في مرحلة لاحقة، متى حصل الفلسطينيون والسوريون واللبنانيون على حقوقهم كاملة.
– نوه الوزير د.أحمد الدرش وزير التخطيط الأسبقعلى أن الدبلوماسية المصرية تؤمن بأنه أياً ماكان النظام في السودان، فلابد من وجود علاقات وطيدة وأبدية به، مع ضرورة بذل الجهود لاستعادة العلاقات مع السودان أياً كانت القيادة هناك.
– أوضح السفير محمد الشاذلي أن الخلل الاساسي في العلاقات المصرية السودانية هو نتيجة لاقتصار السياسة المصرية على الجانب الأمني وقيادات سابقة فقدت فعاليتها وإهمال الأجيال الجديدة ، فضلاً عن تنصيب علاقات بأجيال جديدة وتوطيد علاقتنا بشخصيات وقيادات سودانية نصبت العداء لمصر كالصادق المهدي وعمر البشير الرئيس الحالي ، فضلاً عن غياب أي علاقات اقتصادية قوية بين البلدين نتيجة لغياب البنية التحتية المعززة لحركة الاقتصاد والتجارة بين البلدين، وهو ماتحتاج القاهرة للتركيز عليه في تحسين وإزالة التوتر في علاقتها مع السودان.
– تساءلت النائبة أنيسة حسونة عن رؤية السيد/ عمرو موسى تجاه الأزمة اللبنانية في أعقاب عودة الحريري عن استقالته. فضلاً عن التطورات في السعودية وهل يمكن وصف ماحدث بانقلاب ناعم أم خشن؟، ولماذا هناك غياب عن متابعة أمور هامة أثارت تساؤلات في فترات معينة؟
– أكد السفير رضا شحاتة أن أي دولة لها استراتيجية للأمن القومي، معبراً عن تطلعه لإصدار كتاب أبيض يشرح استراتيجية الأمن القومي المصري لقياس أي الخيارات أكثر فاعلية وقابلة للتطبيق .
وفيما يتعلق بمنظومة الأمن والتعاون الإقليمي، أكد ضرورة أن يمتد لإطار أوسع هو الإطار الدولي أو العالمي ونحتاج لتعريف علاقة هذا الإطار بالإطار الدولي في ظل التشابك الكبير بينهما في حل قضايا المنطقة، فالتحالف الثلاثي (تركيا، وإيران وإسرائيل)، والتحالف الدولي الأمريكي الروسي قسم سوريا لمناطق لكل منها ترتيبات محددة في إطار دولي وإقليمي متشابك.
وعليه فالعالم العربي يحتاج لإقامة شراكة استراتيجية بمفهوم جديد قائم على التشابك في الإطارين الإقليمي والدولي.
– نوه السفير د. محمد بدر الدين زايد إلى أن غياب التفكير العقلاني كان سبباً رئيسياً في حرب 1967، و أن التعامل المصري مع الانقلاب في السودان كان يمثل خطأ ستراتيجياً ، لأن النظام السوداني لم ولن ينفصل عن مشروع الإخوان المسلمين، وهو ماساهم في تعزيز انفصال جنوب السودان ، مؤكداً وجود مساحات للحوار مع الشعب السوداني لاتزال قائمة وموجودة على الرغم من وجود أجيال معادية لمصر.
متسائلاً عن إمكانية قيام نظام إقليمي جديد والوضع العربي بهذا الضعف، متفقاً على وجود مشكلة مع الشريك السعودي في ظل وجود تنبؤات عن تعرضه لهزات قد تؤثر سلباً على الاستقرار الداخلي، وهو صعب حالياً، أو انتقال الحكم للجيل الثالث. ومع ذلك فليس أمام مصر سوى التحالف مع الشريك السعودي في ظل غياب فاعلين عرب رئيسيين – العراق وسوريا- والتنافس التاريخي مع الشريك الجزائري وغياب الشريك المغربي، وستظل هناك مشاكل بينية في العلاقات العربية . فلم تستطع مصر والسعودية بناء علاقة شراكة استراتيجية لاتزال مفقودة بينهما.
– اقترح السفير مهدي فتح الله أن يكون النظام الإقليمي شرق أوسطي مقترحاً الرجوع لمؤتمر مدريد فإطار مدريد وبرشلونة الخاص بالشراكة في البحر المتوسط ، فالمجتمع الدولي كان مشاركاً لحل مشاكل المنطقة ولايمكن تصور نظام شرق أوسطي بعيد عن المجتمع الدولي.
– أكد السفير عادل السالوسي أهمية البعد المائي ، خاصة وأن الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عهد زيناوي تفاوضت حول موضوع سد النهضة وكافة جولات التفاوض منذ 10 سنوات كانت فنية وإثيوبيا تمكنت من تحقيق ماتريد ولابد اليوم أن يكون البعد الحاكم قانونياً وسياسياً والتمسك بمبدأ عدم الإضرار وفقاً لقواعد هلنسكي وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة لإستخدام الأنهار الدولية في غير الأغراض الملاحية، وعقد مصر مؤتمر دولي يضم خبراء مياه دوليين لمناقشة كيفية تقليل خطورة السد وإحتواء إثيوبيا.
– أشار السفير محمد مصطفى كمال إلى أن الدول العربية مسؤولة عن الغياب عن الأزمة السورية بدءاً من تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية والدور الخليجي لإفشال دور المراقبين العرب في سوريا ودعم جماعات وفصائل مسلحة، أدى للواقع الراهن بخروج الجامعة العربية والطرف العربي من لعب دور في حل هذه الأزمة ، منوهاً لأن سوريا لاتقل أهمية عن السودان بالنسبة للأمن القومي المصري.
– أكد د.يسري أبو شادي على وجود فراغ مؤسسي ومجتمعي في العالم العربي ولابد من النظر لكيفية حل هذه المشكلة ، متسائلاً عن ماهية الجهة المسؤولة عن ملء هذا الفراغ؟
تعقيباً على ماذكره السيد/ عمرو موسى حول العلاقات مع إثيوبيا والسودان، أشار السفير عزت سعد إلى ان هناك شراكة بين المجلس المصري للشؤون الخارجية ومركز مماثل في إثيوبيا (المركز الإثيوبي للدراسات السياسية والإستراتيجية) يتبع وزارة الخارجية، كما يوجد حوار منتظم بين المجلس ونظيره السوداني للشؤون الخارجية، حيث عقد آخر لقاء مع الإثيوبيين في نوفمبر 2017 ومع السودانيين في أكتوبر 2017.
كما نوًه السفير سعد إلى أن السيد/ مصطفى عثمان إسماعيل وزير الخارجية السوداني الأسبق دعي من المجلس المصري وألقى محاضرة أمام أعضائه حول العلاقات المصرية / السودانية، ضمت توصيات مفيدة لتطوير هذه العلاقات، وذلك في مقر النادي الدبلوماسي المصري في 23 فبراير 2016.
في معرض إجابته أكد السيد/ عمرو موسى على النقاط التالية بصفة خاصة:
– ضرورة الأخذ في الاعتبار نظام الحكم في السودان، أما العلاقة بين مصر والسودان فلابد من إعادة النظر فيها، مقترحاً ضرورة الاتفاق على أن العلاقة مع السودان ذات أهمية وأولوية والحكومة عليها النظر في كيفية التعامل بصورة شاملة مع الحذر.
– أؤيد ماذكره السفير سيد المصري من أن غياب الحكم الرشيد وسوء إدارة الحكم كان سبباً في ماحدث من هزائم وتراجع للدور المصري فضلاً عن تراكم الأخطاء وتراكم سوء إدارة الحكم وهو مابدأ منذ السنوات الأخيرة منذ عهد الملك فاروق مروراً بحكم الإخوان المسلمين والعمل على التحكم بكافة جوانب قطاعات الدولة من سياسة واقتصاد وتعليم وصحة ـ فمصر دولة ومجتمع متحرك لابد من النظر له بشكل متكامل وهو مالم يوضع في الاعتبار عبر العصور المختلفة. وعليه فسوء إدارة الحكم أدى للواقع الراهن، هذا فضلاً عن تراكم الممارسات السيئة والتي تسببت في تدهور الأوضاع. فالديموقراطية ضرورية للحكم الرشيد ومصر وقعت ضحية لسوء إدارة الحكم على مر العصور.
– فيما يتعلق بالنظام الإقليمي فلابد من دراسة تفاصيله وتأجيل إطلاقه لأن الوضع الراهن صعب، ولكن هذا النظام بكافة جوانبه المحققة لمصالح مصر والعالم العربي لابد من دراستها.
– يمر العالم والمنطقة بمرحلة تغيير هائلة ولايمكن العودة للماضي فهناك روح القرن الـ21 تنظر للأمام، وهذا التغير يطال مصر والسعودية ، ولايمكن النظر بسلبية لمحمد بن سلمان في ظل تحرك وتطور المجتمع السعودي حيث يوجد تغير جذري يقوده الشباب في المجتمع السعودي.
– سوريا دولة هامة وذات أهمية معينة، فهي في منطقة الهلال الخصيب ولكن سوريا أمامها سنوات لاستعادة الدور وبعد استعادة دورها قد تنظر بغضب شديد للعالم العربي.
– المجتمع المصري ومؤسساته غير مكتملة ، وإذا اكتملت سيوجد غضب وعدم تفهم لما يحدث، وعليه فنظرية الفراغ المؤسسي والمجتمعي بسبب الخوف من المجتمع المدني، والعصر الحالي هو عصر المجتمع المدني. أما الفراغ الإقليمي- وهو معرض الحديث-فهو ناجم عن غياب الرؤية وتحديد الأولويات ومهما فعلت القوى الإقليمية لن تستطيع قيادة المنطقة العربية لأنها خارج الإطار العربي وهو الأغلبية، ولكن دوما سيكون اللاعب الإقليمي موجود، وتركيا عندما أرادت قيادة المنطقة العربية لم تتمكن فلجأت للتحالف مع شريك وحينها كان هو نظام الإخوان في مصر وبدأ حينها الترويج للحكم الإسلامي.
– فيما يتعلق بالشأن اللبناني، فلبنان في حالة فوضى كبرى حتى داخل الطائفة السنية، وكذلك التيار الماروني، وهناك تحالف كبير داخل الطائفة الشيعية، ولبنان وسط كل ذلك تعاني من غياب مؤسسات الدولة.