لقاء المجلس مع السيد/ عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق والأمين العام الأسبق للجامعة العربيةلعرض التطورات الراهنة في الإقليم والعالم
يناير 16, 2018مقابلة ممثلي هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة UNTSO
يناير 31, 2018فى 30 يناير 2018، دعا المجلس إلى عقد حلقة نقاشية حول مراكز الفكر ودورها فى ضوء التغيرات العالمية الراهنة، وذلك بناءً على دعوة من البروفيسور James McGann، الأستاذ بجامعة بنسلفانيا ورئيس برنامج مراكز الفكر والمجتمعات المدنية (TTCSP)، والتى واكبها انعقاد أكثر من مائة حلقة مماثلة فى العديد من مدن العالم، مستمدةً موضوعها من العنوان الأساسى “Why Think Tanks Matter?”. وترأس الحلقة السفير د. منير زهران وشارك فيها العديد من أعضاء المجلس.
أولاً: جاءت أهم مداخلات المشاركين كالتالى:
-
السفير/ حسين الكامل:
أنه يشارك فى هذه المائدة المستديرة ضمن إطلاق المبادرة الدولية المُسمَّاه برنامج مراكز الفكر والمجتمعات المدنية (TTCSP) عن عام 2017 لشبكة مراكز الفكر العالمية التى أنشأها ويتابعها مع فريقه البروفيسور McGann بجامعة بنسلفانيا. وأضاف أنه شارك فى مؤتمرات الشبكة منذ سنين عديدة، دولياً وعلى المستوى الأفريقى بحكم الانتماء الأفريقى لمصر، وأيضاً المتوسطى على المستوى الإقليمى، هذا إلى جانب علاقات المجلس بمراكز الفكر العربية. وعلى هذا الأساس، أشار السفير الكامل إلى أنه سيركز على أوضاع مراكز الفكر فى كلٍ من أفريقيا وحوض المتوسط، وصولاً إلى مقترحات لتنمية دورها لدى متخذى القرار.
أولاً: مراكز الفكر الأفريقية:
بادرت مصر بإنشاء أول مركز فكر (إلى جانب ناميبيا)، وهو مركز الأهرام للدراسات السياسية عام 1960. وفى دراسة لبرنامج (TTCSP)، اتضح أن أكثر المراكز عدداً موجودة فى كلٍ من: جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا ومصر وتونس وزيمبابوى وغانا والسنغال، وأقلها عدداً فى غينيا بيساو والسودان وموريتانيا والجابون وسيراليون.
ورغم تميز بعض مراكز الفكر الأفريقية سواءً فى الجانب البحثى أو المؤتمرات أو التواصل مع متخذى القرار إلا أن معظمها فى الواقع يعانى من تحدياتٍ عدة أهمها:
-
نقص الموارد المالية.
-
انخفاض المستوى المهنى والفنى للموارد البشرية.
-
البيروقراطية.
-
صعوبة التواصل مع، والتأثير على، متخذى القرار، وعدم قدرة مراكز الفكر على التواصل فيما بينها.
-
عدم الاستفادة من مجتمع المعرفة ودراسات المستقبل.
ولكى ترتقى هذه المراكز الأفريقية، لابد من النظر بجدية فى الاستفادة من الآتى:
-
الاعتماد على الأبحاث والتوصيات المستقلة والأمنية دون ضغوطٍ سياسية أو حكومية.
-
تنمية الموارد البشرية عن طريق التدريب والممارسة.
-
التواصل مع مراكز الفكر الوطنية والإقليمية والدولية لتبادل الخبرات والنشاط المشترك.
-
علاج الفجوة بين شمال وجنوب القارة.
-
التركيز على الأبحاث والتوصيات المتعلقة بالمصالح الوطنية المرتبطة بالمتغيرات والتحديات الدولية.
-
تشجيع عضوية متخذى القرار السابقين بمراكز الفكر لدعم التواصل مع متخذى القرار.
-
تشجيع عضوية ونشاط الشباب لبناء جيل مستقبلى.
-
الإسهام الذاتى للموارد المالية مع الاستفادة من دعم الجهات المانحة الدولية.
ومن خلال مؤتمرات مراكز الفكر الأفريقية، خلُص السفير حسين الكامل إلى ما يلى:
-
إقامة شبكة معلومات لمراكز الفكر الأفريقية، وقد تمَّ ذلك مؤخراً ومركزها هرارى، وهى مفتوحة للمشاركة دون قيود.
-
إنشاء شبكة معلومات الإعلام الأفريقية.
-
تنمية برامج التدريب وبناء القدرات مثل الوكالة المصرية لتنمية القدرات ومؤسسة بناء القدرات الأفريقية فى زيمبابوى.
-
الوصول فى النهاية إلى إقامة تجمع مراكز الفكر الدولية الذى سيضم مراكز الفكر فى العالم.
ثانياً: مراكز الفكر بحوض المتوسط:
عددها قليل فى جنوب وشرق المتوسط، وقد يبرز نشاط بعضها فى المغرب وتونس والأردن ومصر. وفى دراسة لجامعة بنسلفانيا قُدِّرَت عدد مراكز الفكر المصرية بما يصل إلى 55 مركزاً. وهذا الرقم يحتاج إلى مراجعة إحصائية، أمَّا مراكز الفكر فى شمال المتوسط، فهى الأكثر نشاطاً وفاعلية، خاصةً فى إيطاليا وأسبانيا.
ثالثاً: التحديات التى تواجه أفريقيا:
إن أفريقيا أكثر القارات فقراً، رغم كل المؤشرات والثروات الطبيعية التى تحتويها القارة وأبرزتها دراسات وخطط وبرامج عديدة أهمها خطة التنمية 2063 التى أعدها الاتحاد الأفريقى، والتى أوصى الاتحاد بإدخالها ضمن البرامج الوطنية للدول الأعضاء. ولكى تحقق أفريقيا أهداف برنامج 2063، فعليها أن تواجه عدداً من التحديات مثل: النزاعات القبلية والإرهاب والتطرف، والنزاعات الحدودية، وانتهاكات حقوق الإنسان والتحول الديموقراطى، ونزاعات موارد المياه، والتعليم الحديث والعلوم والتكنولوجيا، والفقر، والأوبئة، والفساد، وخطط التنمية الصناعية والزراعية القومية.
-
السفير د./ حسين حسونة:
أهمية اللقاء الحالى يُترجَم فى إسهامه فى التعريف بالدور الذى يجب أن تقوم به مراكز الفكر، وكيفية تطويره، وسبل الدخول فى علاقاتٍ مع الشركاء وغيرها من المراكز. مع مراعاة بعض الملاحظات:
أولاً: ما هى طبيعة الموضوعات التى تتناولها مراكز الفكر؟ عادةً ما تتناول تلك المراكز موضوعات السياسة والعلاقات الدولية، وهذا يبخسها دورها. فمن المفترض أن يتسع نشاطها ليشمل المجالات العلمية والتكنولوجية، لاسيَّما وأن التكنولوجيا قد تصدَّرت أنماط العلاقات الدولية مع أهمية الخروج من المفهوم التقليدى للمراكز البحثية.
ثانياً: ما هو تأثير تلك المراكز؟ إنها تفيد الحكومات عموماً، ولكن ما مدى فرصتها فى خدمة الحكومة وانتفاع الأخيرة منها؟ وما مدى فعاليتها؟ هل توجد وسائل وقنوات أخرى يمكن من خلالها زيادة هذا التأثير؟
ثالثاً: علاقة مراكز الفكر ببعضها البعض: هل تجمع تلك المراكز أربطة وأنشطة مشتركة؟ هل من الممكن أن يتبنَّى المجلس المصرى فكرة إنشاء جهاز أعلى للتنسيق بين مراكز الفكر العربية؟
-
أ. عاطف الغمرى:
إن النقطة الأساسية فى موضوع مراكز الفكر تدور حول وجود خط اتصال واضح ودائم ومفتوح بينها وبين الدولة. فمركز الفكر بمثابة مصنع أو مخزن للأفكار، يتجلَّى دوره فى تقديم المشورة للدولة. وفى الولايات المتحدة يتداول الأفراد مصطلحاً دارجاً هو “Revolving Door” للتعبير عن طبيعة علاقة مراكز الفكر هناك بالبيت الأبيض؛ حيث يتقلد باحثو مراكز الفكر مناصب حكومية رفيعة، وبعد انتهاء خدمتهم يعودوا لمواقعهم بالمراكز، ثم تأتى حكومة أخرى تختار ما يوافقها من الباحثين… وهكذا.
وأخذاً فى الاعتبار العدد الهائل لمراكز الفكر فى الولايات المتحدة – والذى يزيد عدده عن 200، منها 100 مركز فى واشنطن فقط – إلا أنها لم تعد مقتصرة عليها. فقد انتشرت فى كافة دول العالم، غير أنها تحاول اقتباس نفس معايير عمل المراكز الأمريكية لخدمة بلادها كما يجب، مثل تجربة سنغافورة من حيث أنها لا تتخصص فقط فى القضايا السياسية، بل والمعمارية والثقافية وغيرها من المجالات لأجل مساعدة الدولة فى كل قطاعاتها. وهنا تثور مسألة مدى اقتناع الدولة بدور هذه المراكز وحرصها على وجود خط اتصال دائم معها. ويؤيد أ. عاطف الاستفادة من مراكز الفكر وأهميتها فى ضوء التغييرات العالمية الراهنة”، والتركيز بصفة خاصة على أهمية أن تكون لدينا مراكز فكر تعين الدولة على مواكبة هذه التغييرات، واستيعابها والاستعداد لها والتعامل معها والاستجابة لاحتياجات دولتنا بمختلف قطاعاتها.
وتعد مراكز الفكر فى أمريكا حالة فريدة باعتبارها جزءاً حيوياً من منظومة العمل السياسى الكلى واليومى، وترجع أهميتها إلى وجود خط اتصال دائم ومفتوح طوال اليوم بينها وبين البيت الأبيض ومؤسسات الدولة الأخرى.
وأشار إلى نموذج واحد وهو سنغافورة التى حققت تقدماً هائلاً وعلى أسس علمية فى مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. واستعانت سنغافورة قبل سنوات بالبروفيسور فايتكيوتيس الذى كان عميداً لكلية الدراسات الشرقية والأفريقية فى لندن، وذلك لتأسيس مركز فكر سياسى بمواصفاتٍ حديثة ومتطورة، ويكون عوناً للدولة ومنتجاً للأفكار لكل قطاعاتها.
وفايتكيوتيس هذا مصرى من أصل يونانى، وُلِد فى شبرا، وتخرج من كلية آداب جامعة القاهرة، وله مؤلفات عن مصر قبل أن يستكمل تعليمه فى لندن.
والفائدة المرجوة من أنْ يكون لدينا مراكز فكر مُنجِزة هو وجود أولاً اقتناع من الدولة بضرورة وجود خط للتواصل معها؛ إما للاستفادة من أبحاثها ومناقشاتها أو لتكليفها بأبحاث تطلبها الوزارات ومؤسسات الدولة. هذا هو الشرط الأول لوجود مراكز فكر ذات فعالية لدولة ذات ثقل مثل مصر، أو فى بعض الدول العربية الأخرى.
وأضاف أنه من المهم أن تتابع مراكز الفكر ما يجرى فى العالم أولاً بأول، وفى إقليمنا من تغييراتٍ وتحديات، وتحليل أى تغييرات فى مفاهيم الأمن القومى ، والمواقف السياسية للدول الأخرى، واستشراف آفاق المستقبل، وما هو المتوقع بالنسبة لما يأتي به المستقبل من تحديات، وما يُتاح فيه من فرص.
وأشار إلى كتابه الأخير عن مراكز الفكر فى الولايات المتحدة، حيث أشار إلى فصلٍ عنوانه مراكز بحوث صناعة إسرائيلية، عن العديد من المراكز التى سهَّلت وجودها رغبات اللوبى اليهودى، وأنصار العقيدة الصهيونية من المحافظين الجدد، والتى صار لها تأثير فاعل فى الكونجرس والإعلام وعلى الإدارة الأمريكية، ومنها على سبيل المثال – معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ومركز مشروع القرن الأمريكى الجديد، ومعهد أميريكان إنتربرايز، والمعهد اليهودى للأمن القومى، بالإضافة إلى تواجد باحثين موالين لإسرائيل فى العديد من المراكز الأخرى.
وشرح أدوات عمل هذه المراكز فى التأثير على صناعة القرار والإعلام والرأى العام، وعلى ضوء ذلك كتب عدة مقالات عن أهمية تأسيس مركز فكر عربى هناك، خاصةً أن تكاليف إنشائه لن تزيد عن تكلفة زيارة أى وفد عربى لمدة أسبوع لأمريكا.
تلك فكرة يمكن أن تتطور إلى التفكير فى إنشاء مركز فكر عربى فى أمريكا، تشارك فيه مجموعة من الدول العربية، لكى تكون موازنة للمراكز التى من خلالها يسيطر الإسرائيليون على العقول الأمريكية.
-
أ. رجائى فايد:
أشار إلى تجربته كرئيس للمركز المصرى للدراسات والبحوث الكردية، موضحاً الآتى:
أولاً: انطلاقاً من تركيز المركز على المسألة الكردية، فقد دفعنا البحث للإجابة عن كيفية تحويل أكراد الشرق الأوسط من خصمٍ إلى إضافة إلى انتهاز فرصة وجود عراقيين بارزين فى معرض القاهرة الدولى للكتاب المُقام حالياً (27 يناير – 10 فبراير 2018) لعمل ندوة بالمركز تدور حول مناقشة مستقبل القضية الكردية بعد فشل استفتاء كردستان العراق العام الماضى، وكيف يمكن نزع الحلم الكردى فى إقامة دولة مستقلة وجعل الفرد الكردى مواطناً عراقياً لا يفكر فى الانفصال. وقد خلصت الندوة إلى أن ذلك لا يمكن أن يحدث إلا بعد انتهاء مشكلات العراق بالكامل. وأن تجربة الاستفتاء كانت بمثابة الإبحار إلى المجهول. وقد ضُرِب المثل بتجربة اسكتلندا التى فضَّلت عدم الانفصال عن بريطانيا.
ثانياً: ما هى نظرة الدولة إلى مراكز الفكر؟ هل هى إيجابية أم سلبية؟ فى الواقع، النظرة سلبية تماماً؛ فالدولة تنظر إلى تلك المراكز باعتبارها “دكاكين” للحصول على ربح، وبالتالى لا تستفيد منها فى شىء. بل على العكس، قد نطلب استضافة شخص بعينه نعتقد أنه قد يفيدنا، ولكن السلطات الأمنية ترفض منحه تأشيرة دخول، فالأخيرة تدير أمورها بمنطق “الباب الذى يأتى منه الريح… سدّه واسترح”.
ثالثاً: تمَّ إنشاء المركز منذ ثلاث سنوات، ولكن تقابله مشاكل فى التمويل. هناك مراكز عدة تمَّ إغلاقها بسبب التمويل، منها على سبيل المثال جمعية النداء الجديد. وهذا على عكس ما يجرى فى الدول الغربية؛ فهناك يوجد تمويل دائم شخصى ومؤسسى، أمَّا فى مصر والدول العربية توجد محاذير ومخاوف من أن يكون التمويل مشكوكاً فيه وله تبعية ما… إلخ.
-
أ. عادل الحميلى:
بصفته مُمثِلاً للمركز المصرى لدراسات السياسات العامة، أوضح أن المركز أُنشِىء فى عام 2012 ليتناول قضايا مثل حرية السوق وحرية الفكر والتعبير والصحافة، فضلاً عن التركيز على القضايا القانونية بشكلٍ خاص، والتى منها قوانين الأراضى فى مصر. ويتمتع المركز بتواصلٍ مستمر وعلاقاتٍ مع المراكز الخارجية لاسيَّما المتواجدة بواشنطن. ويرأس المركز حالياً أ. محمود فاروق، المُؤسِّس، وهو باحث قانونى حاصل على ماجستير فى القانون الدولى من نيويورك.
ولقد أسهم المركز فى تقديم العون اللازم لبعض الوزارات المصرية، وكان ممَّا ساهم فيه مشروع قانون الاستثمار الجديد ومشروع قانون المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن مساعدة وزارة المالية فى عمل ما يُسمَّى بشفافية الموازنة، والتى تهدف إلى محاولة تعريف الشخص العادى كيفية قراءة الموازنة وتوضيح بنودها بشكلٍ يسهل فهمه.
وأوضح أن هناك مشكلة كبرى فى التمويل تحُد من فاعلية مراكز الفكر وأنشطتها، منوِّهاً إلى ضرورة معالجتها. كما ذكر أنه لابد من أن يكون هناك تعاوناً بين الحكومة أو صنَّاع القرار والمراكز البحثية، مشيراً إلى أن الأخيرة لا تلقى ما يكفى أو ما تستحقه من اهتمام. إضافة إلى تعاون تلك المراكز مع بعضها البعض. وضرورة إنشاء مراكز بحثية تتحدث العربية بالخارج للتواصل معها ومع غيرها من المراكز الأجنبية.
-
السفير/ رخا حسن:
أشار، باعتباره سفيراً سابقاً لمصر فى زيمبابوى وخدم فى ألمانيا، إلى وجود تفاعل كبير جداً فى زيمبابوى مع منطقة جنوب خط الاستواء، والكثير من المثقفين الذين يمارسون دورهم بشكلٍ متميز داخل مراكز الفكر المتواجدة هناك. وبالنسبة لألمانيا، أوضح أنه توجد بوزارة الخارجية إدارة يُطلَق عليها إدارة البحوث والتخطيط التى لها دور مهم جداً فى النظر فى السياسات والتوصيات التى تقدمها مراكز الفكر والمعاهد البحثية والكليات الجامعية، وأخذها بجدِّية شديدة، لتقديم ما يصلح منها لوزير الخارجية وللمستشارية الألمانية لأخذها فى الاعتبار.
وأضاف أن هناك معهد الشرق الألمانى الذى يلعب دوراً كبيراً فى توجيه سياسات ألمانيا إزاء منطقة الشرق الأوسط من خلال مراجعة دراساته وأخذ مشورته فى القضايا التى تجرى فى المنطقة، كما يوجد معهد آخر يركز على الشئون الاقتصادية (معهد الشرق الأدنى أو الأوسط). وهذان المعهدان يُعدَّان بمثابة فرعَيْن للمخابرات الألمانية. وجديرٌ بالذكر أن مراكز الفكر الألمانية يدعمها وفرة التمويل، سواء من الأفراد أو المؤسسات، وبالتالى كثرة الإصدارات الأسبوعية والشهرية والسنوية، إلى جانب إصدارات خاصة تُوجَّه للسلطات الألمانية فقط.
أمَّا فى مصر، فلا يوجد اهتمام… فكل وزارة توجد بها مراكز خاصة بها تتناول كافة الموضوعات السياسية والاقتصادية والأمنية… إلخ، وذلك بمعزلٍ عمَّا تؤديه مراكز وزارات أخرى فى نفس الموضوعات، فهى بمثابة “جزر منعزلة” عن بعضها البعض. ومن ثَمَّ، لابد من وجود قنوات اتصال بين تلك المراكز جميعاً.
وفى هذا السياق، أكَّد السفير رخا حسن أهمية إعادة إحياء إدارة التخطيط السياسى بوزارة الخارجية لخدمة الوزارة والتواصل مع مراكز الفكر، وتكون على قدر التأهيل لمناقشة القضايا والمشكلات الحالية.
وحول موضوع القدس وقرار ترامب، فيرفض سيادته القول بأنه قرار “ترامب” وإنما كان قرار “الشعب الأمريكى”؛ فطبقاً للإحصاءات الأمريكية، يؤيد حوالى 70 % منه القرار، كما أنه يوجد مَن هو أشد تطرفاً من ترامب، وهو نائبه مايك بنس… فماذا بعد هذا القرار؟ هذا التساؤل يفرض على المراكز البحثية إعداد دراساتٍ تحوى رؤىً مستقبلية، تتسم بالتحليل الدقيق.
-
د. محسن توفيق:
أشار سيادته إلى المجالس القومية المتخصصة الأربعة (مجلس الإنتاج – مجلس الخدمات – مجلس خاص بالأمور الثقافية والاجتماعية – مجلس التعليم والتكنولوجيا والبحث العلمى) التى تم إنشاؤها عام 1974 باعتبارها أكبر مراكز الفكر فى مصر، مؤكِّداً أنها أصدرت العديد من الدراسات والتحليلات فى مختلف المجالات، وأعطت إنتاجاً فكرياً يفوق الحد، حتى أن د. عاطف صدقى – رحمه الله – عندما جاء رئيساً للوزراء ذكر أنه يمكنه تنفيذ كل الخطط التى قدمها فى المجالس المتخصصة.
ولقد كانت طريقة العمل بها تستلهم المعايير العالمية؛ إذ كانت تعقد الاجتماعات وتضع خطط واستراتيجيات العمل. ولكن تم إغلاقها فى عام 2014 أو 2015 فجأة بحجة انعدام نشاطها، واستُبدِلَت جميعاً بالمجالس القومية التخصصية.
وأشار إلى مركز آخر أنشأه شخصياً فى عام 1985 وهو مركز تطوير التعليم العالى الذى حوى أول قاعدة بيانات للجامعات المصرية، ورسم سياساتٍ محدَّدة لتطوير التعليم العالى فى مصر، ولكنه أُغلِق أيضاً فى عام 1997.
ووفقاً لتجربته، وجد أن مصر تعانى بشدة فى الموضوعات المتعلقة بالبيئة والتنمية، ومن ثَمَّ أنشأ معهد الدراسات والبحوث البيئية بجامعة عين شمس، وهو يمنح درجات الماجستير والدكتوراه فقط فى تلك الموضوعات.
وأشار إلى النقاط الآتية:
أولاً: هناك فرقٌ بين مراكز البحث ومراكز الفكر؛ فالأولى تنطبق على المراكز القائمة على عمل بحوث فردية أو صغيرة، أمَّا الأخرى فمجالها أوسع وأكبر؛ فهى تشمل عمل بحوث استراتيجية متعددة المهام والتوجهات.
ثانياً: لابد من تعزيز الموارد البشرية العاملة بمراكز الفكر بالشباب والباحثين الصغار حديثى التخرج للاستفادة منهم.
ثالثاً: بالنسبة للتواصل الفكرى، أشار إلى ضرورة توفير قاعدة بيانات تحوى إنتاج كل المراكز الفكرية المصرية والعربية، ناهيك عن توثيق علاقات تلك المراكز ببعضها البعض.
رابعاً: قبيل انعقاد المؤتمر السنوى للمجلس، تجتمع الفرق البحثية المتخصصة للاتفاق على ما سوف تنجزه فى نهاية السنة القادمة، وتحدد الخطط المستقبلية، وكيفية التمويل… إلخ.
خامساً: لا ينبغى الاهتمام المبالغ فيه بالنشر، فهناك أشياء كثيرة من أعمال المجلس يصعب نشرها، وبالتالى تُرسَل لوزارة الخارجية أو الجهة المعنية.
-
السفير/ عادل السالوسى:
توجد علاقة عضوية بين مراكز الفكر والبيت الأبيض، وذلك وفق سياسة الباب الدوَّار “Revolving Door”. كما أن التمويل جزء جوهرى من القضية؛ وهو معيار لنجاح تلك المراكز من عدمه. وأوضح خلال استعراضه لتاريخ تلك المراكز وازدهارها فى إسرائيل، أنها كانت مراكز قبل إنشاء الدولة اليهودية عام 1948، وكانت تتناول الموضوعات السياسية والاقتصادية والثقافية وموضوعات الحضارة والفنون والآثار. كما اتسمت تلك المراكز بالمرونة وكان بعضها يُقام بصفة مؤقتة مثلما كان وقت إبرام معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية. وإن دلَّت هذه الأمور فإنما تدل على اتساع رقعة المجالات التى تتناولها واتساع رؤاها المستقبلية بشأنها.
-
السفير د./ عزت سعد:
أشار إلى علاقة المراكز الفكرية بالدولة ومدى استقلاليتها؛ مشيراً إلى أن شريك المجلس فى الهند مركز فكرى يتبع وزارة الخارجية، ومديره يعينه وزير الخارجية، ونفس الأمر فى السودان وإثيوبيا. مراكز البحوث فى إسرائيل لها صوت مسموع وبحوثها منتشرة لأنها جزء أساسى من الهيكل الإسرائيلى، وأغلب القائمين عليها جنرالات وعسكريين سابقين.
هذا، وتُعد حالة الولايات المتحدة ومراكزها حالة فريدة ولا يمكن القياس عليها. وبالنسبة لمسألة التمويل، فهناك مبالغ مخصصة لتلك المراكز من المؤسسات الفيدرالية ذاتها، أمَّا عندنا فهى مشكلة يصعب حلها.
وبالنسبة لمسألة التمييز بين مراكز الفكر ومراكز البحث، لا يرى سيادته أساساً موضوعياً لهذا التمييز، فكلاهما يؤدى الأنشطة ذاتها.
وفيما يتعلق بالأنشطة السنوية للمجلس المصرى، هناك بعض الموضوعات التى يتم تحديدها فى بداية العام الجديد كخطة عمل يتم تبنيها على مداره، إلا أن طبيعة نشاط المجلس لا يسمح بالالتزام الصارم بما تمَّ تحديده؛ وذلك نتيجةً لديناميكية الأحداث فى الإقليم، وظهور قضايا عاجلة تطرح نفسها؛ ويصعب على المجلس تجاهلها، وبالتالى قد يضطر إلى تأجيل النظر فى ما تم تحديده فى بداية العام.
-
د. صلاح حليمة:
لدى المجلس المصرى للشئون الخارجية مشكلة فى التمويل، ومشكلة اتصالات، وليست مشكلة فى الموارد البشرية؛ فالمسألة مسألة تحريك للنشاط والتواصل. فعلى سبيل المثال، يمكن للمجلس عمل إصدارات خاصة أو دوريات – ليس بها ما يمس الأمن القومى – يقدمها للسفارات الأجنبية ويحصل على مقابل مادى رمزى، وهذا سيكفل له الحصول على جزءٍ لا بأس به من الأموال إلى جانب اشتراكات الأعضاء ومساهمة وزارة الخارجية.
لا يقتصر الأمر فى السودان على المجلس السودانى للشئون الخارجية، بل كانت السودان سبَّاقة فى إنشاء جامعة أفريقيا، وهى جامعة تضم الكثير من طلبة العلم الأفارقة، وبها مراكز فكر كثيرة على مستوى عالٍ جداً من الكفاءة وتحظى منشوراتها باهتمامٍ كبير.
-
السفير/ منير زهران:
لدى المجلس المصرى خطة عمل سنوية تتضمن اقتراحات مُقدَّمة من لجان المجلس وأعضاءه ومجلس إدارته، ونحاول تنفيذها بقدر الإمكان فى أوقاتها المحددة، ومع ذلك بعض الموضوعات المكررة يمكن إدماجها، وأحياناً تستجد بعض الأمور العاجلة ويتم على إثرها تأجيل بعض الموضوعات المحددة مسبقاً للسنة اللاحقة، وما لا يتم تناوله خلال السنة يُرحَّل إلى العام الذى يليه… وهكذا.
وفيما يتعلق بالتأثير والتأثر بين الحكومة ومراكز الفكر، فإن المعلومات التى تقدمها مراكز الفكر هى الأساس مقارنةً مع ما تقدمه الحكومة، كما أن الأخيرة من القليل النادر أن تطلب من المجلس تناول موضوعاتٍ محددة.
فى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، يمكن القول بأن المخابرات ضالعة فى مراكز الفكر والبحث؛ فعلى سبيل المثال، Chatham House و Wilton Park يتبعان قاعدة السرية، ويدعوان ضيوفهما من الداخل والخارج إلى التحدث بحرية تامة مع افتراض أن النقاش غير مُسجَّل. ولكن فى الواقع يتم تسجيل جميع المداخلات والأحاديث وتتم الاستفادة منها فى أوقاتٍ لاحقة. وتلعب هذه الأحاديث دوراً كبيراً – دون علم المتحدث – فى صياغة الخطط المستقبلية لتلك الدول سواء كانت مؤامرات أو تعاون… إلخ. وتستخدم مثل تلك الهيئات الآراء والأفكار الصادرة عن المناقشات لصالح حكوماتهم (الولايات المتحدة وبريطانيا) أو أجهزة مخابراتهم أو فى إصدار مبادراتٍ سياسية أو اقتصادية تصدر عنهم ومنسوبة إليهم.
وفيما يتعلق بالتمويل، فإنه موضوع مهم جداً بالطبع، ويجب العمل على حله. كذلك، فإنه لابد من التأكيد على وجود قاعدة التكافؤ بين أعضاء المجلس؛ حيث قد يتهم البعض المجلس بأنه يحابى أعضاءً منه للمشاركة فى مهامٍ خارجية تابعة للمجلس على حساب أشخاص آخرين. وواقع الحال أن مَن يشارك فى مهام المجلس أفراد متخصصون فى مجالهم.
ثانياً: التعقيبات:
-
أ. عاطف الغمرى: هناك فارق بين مراكز الفكر ومراكز البحوث؛ فالأولى قادرة على إعطاء قرارات عاجلة للحكومة من الممكن أن تسعفها فى ظرفها على عكس المراكز البحثية. وهنا لابد من إعادة التأكيد على ضرورة اقتناع الحكومات بأهمية مراكز الفكر ودورها فى إسعافها.
-
السفير د./ حسين حسونة: أشار إلى أنه أثناء وجوده فى الجامعة العربية، كانت توجد الكثير من الإسهامات والممارسات التى تقوم بها مراكز الفكر المختلفة. وفيما يتعلق بموضوعات الإرهاب والتطرف، استذكر ما تم تقديمه من توصياتٍ فى مؤتمر المجلس لعام 2016 لمكافحة الإرهاب والتحديات المرتبطة به. ويعتقد أن فكرة إنشاء مجلس أو مركز مصرى قادر على تجميع مراكز الفكر المختلفة سيخلق نوعاً من الحساسية وضعف الثقة، وبالتالى فإنها تتطلب مساندة أو جهد جماعى من العرب الموجودين بالخارج.
-
السفير د./ عزت سعد: تتمتع مراكز البحوث باستقلالية تامة فى الولايات المتحدة وإسرائيل، بل وتنتقد الحكومات هناك، ولابد من إعادة إحياء إدارة التخطيط السياسى فى وزارة الخارجية.
-
السفير/ رخا حسن: تعتبر المخابرات نفسها المسئول الأول والأخير عن بعض الملفات، مثل حالة ملف السودان، ولا تعتمد على رأى وزارة الخارجية (فنحن فى جزر منعزلة، كل جهاز له شئونه). فمتى يكون هناك تواصل بين مراكز الفكر والأجهزة الحكومية كما يتم بين الجزر الإندونيسية.
-
د. محسن توفيق: لابد من التغلب على الصورة النمطية عن مراكز الفكر فى مصر؛ فلم تعتد ثقافتنا على مراكز الفكر هذه، ويجب على هذه المراكز الاستفادة من موضوع امتصاص أفكار الناس؛ حيث أن دعوة شخصيات محددة للمشاركة فى الندوات وإعطائهم الفرصة للتحدث بحرية واستيعاب أفكارهم تهدف إلى الاستفادة القصوى من أفكارهم ومقترحاتهم.
-
السفير/ عادل السالوسى: تسمى الاتفاقية التى أقرت انفصال جنوب السودان عن شماله باتفاقية “نيفاشا” وهى مدينة تبعد عن العاصمة نيروبى بحوالى 60 كم، ولم تشارك مصر فى مؤتمر نيفاشا.
-
الآن مصر أحوج ما تكون إلى سودان موحَّدة، ويقع على السودان حوالى 500 مليار م3 من الأمطار أى ما يناهز ما يسقط على الهضبة الإثيوبية. وهذا الأمر يتطلب فقط التعاون لتجنب آثار سد النهضة السلبية على مصر؛ حيث يمكن تنظيف المياه الساقطة من الطمى وخلافه، بحيث يمكن استجلاب الفواقد الكبيرة التى تطال هذه الكمية الهائلة من المياه.
-
وبشأن الأكراد، فإنه من الصعب إقناعهم بفكرة الانتماء العراقى الخالص، فمنذ عقودٍ عدة لم تتحوَّل أعينهم عن حلم إنشاء دولة مستقلة تحويهم جميعاً.
ثالثاً: التوصيات:
-
شكر البروفيسور McGann وبرنامج (TTCSP) على المبادرة الخاصة بمراكز الفكر والمجتمع المدنى، واجتماع اليوم على المستوى الدولى.
-
دراسة مبادرة لإقامة مركز فكر مصرى بمكتب الأهرام فى واشنطن أو غيره، يشارك فيه أساساً المفكرون المصريون فى الولايات المتحدة.
-
حصر المؤسسات والجمعيات المصرية الأمريكية والأفراد المتخصصين فى العلاقات المصرية الأمريكية لتقديم مبادرة من المجلس إليهم بإقامة تجمع مصرى أمريكى من المفكرين المهتمين. ويمكن إجراء اتصالات مباشرة من وفد من المجلس من كبار الخبراء بالشأن الأمريكى لإقامة حوار مع مراكز الفكر الأمريكية المهتمة، وفى نفس الوقت إجراء الاتصالات اللازمة مع كبار المفكرين المصريين هناك.
-
تكثيف الاتصال بمراكز الفكر الأمريكية والعربية من خلال توجيه دعوات لهم وزياراتهم وإقامة حوار حول القضايا الدولية.
-
فيما يخص التواصل مع مراكز الفكر العربية، يتم أولاً حصر أسمائها وبياناتها وفلترتها حسب جدِّيتها. ويتم العرض على الأمين العام للجامعة العربية السيد/ أحمد أبو الغيط تمهيداً لعقد اجتماعٍ برئاسته أو تحت رعايته بين مراكز الفكر العربية والمجلس المصرى للشئون الخارجية باعتباره صاحب المبادرة، وذلك لوضع برنامج تعاون بين الطرفين، ويمكن أن يكون مع المجلس فى المبادرة رابطة أصدقاء الجامعة العربية.
-
ترتيب حوار مشترك فيما بين مراكز الفكر المصرية لإقامة تجمع لها.
-
دعم التواصل والتعاون مع الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية لزيادة أنشطتها فى أفريقيا عن طريق مشاركة خبراء المجلس المصرى فى تلك الأنشطة.
-
زيادة التواصل والتعاون بين مراكز الفكر المصرية، وفيما بينها وبين مراكز الفكر على المستوى الإقليمى، خاصةً فى أفريقيا وجنوب وشرق المتوسط.
-
إقامة شبكة معلومات مراكز الإعلام الأفريقية والمتوسطية، بما فيها العربية.
-
مناقشة رؤية المجلس فى بعض القضايا الدولية الهامة، وعلى رأسها إعلان الرئيس ترامب عن الاعتراف بالقدس كعاصمةٍ لإسرائيل، وقضية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، وقضايا الإرهاب والهجرة والتطرف… إلخ.