حلقة نقاشية حول التطورات في دولة جنوب السودان وعلاقاتها بمصر
يوليو 11, 2018الضربة الثلاثية الغربية فى سوريا المغزى والدلالات- السفير عزت سعد
يوليو 14, 2018
في 12 يوليو 2018، نظًم المجلس حلقة نقاشية مغلقة حول التطورات في العراق بعد الانتخابات البرلمانية، تحت شعار ” العراق بعد الانتخابات البرلمانية…مابين ضغوط الخارج ومعطيات الداخل”، وذلك بمشاركة السفراء د. عزت سعد مدير المجلس، وسيد أبو زيد، و محمد بدرالدين زايد، والدكتور رجائي فايدعضو المجلس ومدير المركز المصري للدراسات الكردية، ود. جمال عبد الجواد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، وعدد من الخبراء والمحللين والساسة العراقيين هم: د. صلاح نصراوي، الكاتب والمحلل السياسي العراقي، د. ياسين رؤوف رسول، العراقي الكردي، د. محمد تركي أبو كلل ،مدير مكتب السيد/ عمار الحكيم في العراق، السيد/ محمد أرسلان، الكاتب الصحفي الكردي، د. عبد الرحمن جدوع سعد التميمي، الأكاديمي العراقي.
1- بدأت أعمال اللقاء بترحيب السفير د. عزت سعد بالحضور، متناولاً عدد من النقاط حول الانتخابات البرلمانية العراقية التي أعلنت نتائجها في 19 مايو الماضي، وتداعياتها المحلية والإقليمية والدولية، كما يلي:
• تُعَد الانتخابات البرلمانية العراقية في حد ذاتها مشكلة مُعقدَة بالنظر إلى حقيقة أن المرشحين (حوالي 7367) ينتمون إلى 320 حزب سياسي وائتلاف وقائمة انتخابية في منافسة على 329 مقعداً هي مقاعد البرلمان العراقي ( 83 مقعداً للنساء + 9 للأقليات المسيحية والصائبة والإيزيديين وغيرهم).
– خاض الشيعة الانتخابات تحت خمس قوائم ( “النصر” حيدر العبادي – “دولة القانون” نوري المالكي – “الحكمة” عمار الحكيم – “سائرون” التيار الصدري والحزب الشيوعي وتكنوقراط مدنيين – “الفتح” ميليشيات الحشد الشعبي هادي العامري وقيس الخزعلي)، بينما توزعت السنة على قائمتَيْن رئيسيتَيْن (“الوطنية” بزعامة إياد علاوي وسليم الجبوري وصالح المطلق – “القرار العراقي” بزعامة أسامة النجيفي وخميس خنجر).
• أعلنت المفوضية العليا للانتخابات النتائج في 19 مايو الماضي حيث بلغت نسبة المشاركة 44.5%، وهي أدنى نسبة مشاركة منذ سقوط نظام صدام حسين، وأقل بكثيرٍ من نسب المشاركة فى انتخابات عامَى 2010 و2014، والتى كانت 62%و60% على التوالى، ولهذا دلالته.
– جاءت النتائج على الترتيب الآتي: سائرون (54 مقعداً بالمقارنة بـ 33 في انتخابات 2014) – الفتح القريب من إيران (47)- النصر (42) – دولة القانون (25) – الحزب الديمقراطي الكردستاني (25) – ائتلاف الوطنية (21) – الحكمة (19) – الاتحاد الوطني الكردستاني (18)، ثم تحالف القرار العراقي (14 مقعداً).وهناك أحزاب أخرى حصلت على ما بين 6 و 4 و 3 و 2 مقعداً ومقعد واحد.
– ولقد عبرت النتائج عن دلالات تتعلق بمزاج الناخب العراقي الذي يتطلع إلى دماءٍ جديدة وتحالفات غير مألوفة في مرحلة ما بعد داعش، فضلاً عن تفتت القوى السياسية وعدم حصول أي منها على أغلبية تسمح بتشكيل حكومة، وبالتالي توقف ذلك على مفاوضات صعبة وتنازلات متبادلة، وذلك بغض النظر عن التشكيك في نتائج الانتخابات من قِبَل ائتلافاتٍ عدة، وما يمكن أنْ يمثله ذلك من تداعيات على نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية المُقرَّر إجراؤها في نهاية العام الجاري.
– وقد فرضت الاحتجاجات الشعبية العراقية الأخيرة نفسها على مفاوضات تشكيل الحكومة، حيث باشرت القوى السياسية سلسلة من الاتصالات المكثفة للشروع في مفاوضات جادة ومختلفة لتشكيل الحكومة الجديدة تخفيفاً للغضب الشعبي والضغط الجماهيري بسبب نقص الخدمات الأساسية والفساد.
• على صعيد السياسة الخارجية، هناك الكثير من التحليلات والاجتهادات في هذا الشأن، ومن ذلك على سبيل المثال:
– أن فوز “سائرون” سيؤثر سلباً على علاقات العراق بكلٍ من إيران والولايات المتحدة الأمريكية، في ضوء عداء السيد/ مقتدى الصدر المعروف للدولتَيْن، وإلقائه تبعة عدم استقرار العراق على تدخلهما في شئونه. وفي ذات السياق، كان هناك تركيزٌ على البعد الإقليمي للعملية الانتخابية في ضوء التنافس بين القوتَيْن الإقليميتَيْن؛ السعودية وإيران.
• متسائلاً في هذا الصدد، هل تستسلم طهران ، وأيضاً الولايات المتحدة الامريكية ، لما أفرزته الانتخابات من نتائج، الإجابة بالنفي حيث تسعي إيران بكل قوتها لتهيئة تحالف يكون قريباً منها، ولكن هل ستنجح هذه المساعي؟ وهل يمكن القول بأنه من غير المستبعد أن نرى ائتلافاً حاكماً في بغداد يأخذ في الاعتبار مصالح إيران دون تغوُّل من هذه الأخيرة أو هيمنة على مقدرات العراق؟
– وعلى الجانب الأمريكي، ما هى آفاق استغلال الولايات المتحدة للملف العراقى وتوظيفه لمصلحتها؟ وذلك في ضوء الحملة والضغوط الشرسة لإدارة ترامب على إيران ارتباطاً بانسحاب من الصفقة النووية، وما يتعلق بذلك من كوْن العراق ساحة مهمة للتنافس بين الطرفَيْن، وما ستتبع ذلك من استدعاء الدور السعودي الداعم بشده لأي جهود أمريكية لمحاصرة إيران، لاسيَّما بعد ظهور تقاربٍ واضح بين الرياض وبغداد بعد قطيعة دامت لأكثر من ربع قرن. فهل سيقود هذا التقارب بالفعل إلى الحد من نفوذ إيران، أم أننا سنشهد حالة استقطاب في غير صالح استقرار وأمن العراق؟خاصة في ضوء الموقف المعروف للمؤسسة الوهابية من الشيعة وخطاب الأولى المُعادِي للثانية.
– وفيما يتعلق بوضع السُنة في العراق، هل يمكن القول بأن عوامل مثل هزيمة داعش وتقارب مجلس التعاون الخليجي مع العراق، لاسيَّما السعودية التي عمدت إلى تمويل عددٍ من المشروعات في بعض مدن العراق، يمكن أنْ توفر فرصة للسنة لتحقيق تمثيل أفضل في الحكومة العراقية الجديدة؟
2- عقب ذلك أعطى السفير سعد الكلمة للدكتور رجائي فايد عضو المجلس، مؤكداً أن الوضع الراهن هو نتاج للعديد من السنوات التي استمرت فيها الأزمة الداخلية للدولة العراقية والتي أعقبت الغزو الأمريكي للعراق في 2003، واتباع نظام انتخابي قائم على المحاصصة الطائفية من حيث تقسيم مناصب الدولة السيادية مابين رئيس جمهورية كردي ورئيس وزراء شيعي ورئيس مجلس نواب سني. وكان الأكراد يمثلون حجراً أساسياً في الانتخابات السابقة إلا أن الوضع السياسي للأكراد في أعقاب الاستفتاء قد أدى لتراجع نسب المقاعد التي حصلوا عليها في الانتخابات السابقة من 52 مقعداً في 2014 إلى 43 مقعداً في الانتخابات الحالية.
وأضاف د. رجائي أن ما أصاب البيت الكردي من ضعف أصاب كذلك نظيريه السني والشيعي ، حيث يعاني الجميع من التفكك وتعظيم المصالح السياسية والمصالح الخاصة، وكانت هناك آمال بأن تفرز الانتخابات الحالية تيارات تعلي فكرة المواطنة لرسم مستقبل أفضل للعراقيين، ولكن الواقع أن الشعب العراقي أراد إيصال رسالة سياسية واضحة مفادها عدم رضاه عن الوضع الحالي حيث شهدت الانتخابات الحالية أكبر تراجع في نسبة المشاركة منذ 2003 إذ سجلت انتخابات العام 2005 مشاركة بنسبة 79%، و62,4% عام 2010، و60% عام 2014، ونحو 44.5% في 2018.
والواقع أن العراق اليوم يواجه أزمة، في ظل تراجع تأثير كافة الأطراف السياسية من العرب والسنة والكرد، والذين كانوا يمثلون رمانة الميزان في العملية السياسية ، وتمكن التحالف الشيعي المكون من أحزاب سياسية ( سائرون والنصر ودولة القانون والحكمة)، من الحصول على نسبة تقدر بـ50%، ولم يعودوا بحاجة للتحالف مع الأكراد.
ويلاحظ د.فايد أن هناك ظاهرتين إحداهما تغيير العديد من الأحزاب السياسية لاسمها وتكوين تحالفات بهدف الحصول على الدعم الشعبي وهو مالم يحدث، والظاهرة الأخرى هي تصدر المرجع الشيعي السيد/ مقتدى الصدر للمشهد السياسي والمطلوب القبض عليه من قبل الولايات المتحدة، بعد اتهامه بقتل عبد المجيد الخولي ابن المرجع الشيعي السابق عبد القاسم الخولي لرفضه القدوم للبيعة.
واختتم الحديث بالتأكيد على أن العملية السياسية “المرتبكة” في العراق تتأثر بالقوى الخارجية وعلى رأسها إيران والولايات المتحدة، خاصة وأن العراق مطالب بتأسيس علاقات طيبة مع الجانبين.
3- تعليقاً على ماذكر أكد السفير سيد أبو زيد منسق الجلسة وعضو المجلس، بأن الوضع الداخلي في العراق يعاني من حالة سيولة لأسباب متعددة تتنوع مابين حالة التفكك والمشاكل المزمنة والمتعلقة بالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن الوضع السياسي للأكراد في أعقاب الاستفتاء على الاستقلال وعدم التوصل إلى حل أو تسوية سياسية مع الحكومة العراقية، هذا بالإضافة لتأثره بالأوضاع الخارجية والتدخلات العديدة من القوى الاقليمية المجاورة والقوى الأجنبية.
محذراً في هذا الصدد، من التواجد الإيراني والأمريكي في العراق، خاصة وأنه في الواقع يعكس نوع من الهيمنة المزدوجة وليست مجرد علاقات محايدة مع الدولة العراقية، بل إن كل طرف من القوتين يرغب في السيطرة والهيمنة على الوضع في العراق.
وحول الانتخابات ونتائجها، أكد أن النتائج تعكس حالة من حالات عدم التوازن في الانتخابات، فالسنة لم يحصلوا حتى على 20% من المقاعد وكان هناك خلل في التركيبة السنية في العراق ، وعليه لابد من مواجهة حالة السيولة في المشهد العراقي ومعالجة التمزق السياسي الذي بدأت جذوره في النمو منذ غزو العراق وقيام سفير الولايات المتحدة للعراق آنذاك ريتشارد دوني بتأصيل ذلك من خلال وضع نظام المحاصصة وتعزيز الحكم الفيدرالي والأقاليم المنفصلة والذي انعكس بشكل كبير في إقليم كردستان العراق لتصبح مفاصل الدولة غير ملتحمة .
4- عقب ذلك تحدث الأشقاء العراقيين المشاركين في الحلقة حول تقييم كل منهم لنتائج الانتخابات وذلك على النحو التالي:
– د. صلاح نصراوي، الكاتب والمحلل السياسي العراقي، أكد أنه قبل الانتخابات كان تركيز الاعلام الدولي والمحلي على أهمية الانتخابات خاصة وأنها الأولى بعد هزيمة داعش وإخراجها من المدن الكبرى وليس الخروج تماماً من العراق.
وأضاف أن الانتخابات الخامسة بعد الغزو الأمريكي للعراق والرابعة بعد انتخابات 2004 أثبتت فشل العملية السياسية في العراق، والمتوقع ألا تساهم تلك الانتخابات في حل الأزمات السياسية بل ستؤدي لمزيد من التأزم نتيجة لترسيخ نظام طائفي هو نظام المحاصصة والفشل في تأسيس نظام انتخابي ديمقراطي تعددي حقيقي، وتكوين دولة مواطنة تشمل الجميع. والواقع أن أياً من المحللين السياسيين والإعلام الدولي لم يلحظ أن النظام السياسي العراقي منذ عام 2003 هو نظام راعي للأزمات، خاصة وأن العراق لايحكم بموجب مؤسسات دولة حقيقية وإنما عبر مجموعة من العصابات والجماعات تنهب الثروة العراقية النفطية لإدارة شؤونها وشؤون العملية السياسية وتقديم المرتبات للموظفين.
وحول الانتخابات أكد د. النصراوي النقاط التالية :
– جرت الانتخابات في ظروف اتسمت بالانقسام الحاد داخل الطوائف العراقية سواء السنية أو الشيعية أو الكردية، وهو مايعود لأسباب عديدة ترتبط بضعف التأثير الكردي عقب الاستفتاء وظهور جماعات سنية جديدة بعد ظهور تنظيم داعش.
– فشل الحكومة العراقية والمجتمع الدولي في إعادة بناء المدن العراقية بعد مرحلة ما بعد داعش ، وهناك ملايين المشردين الذين لم يستطيعوا العودة لمنازلهم والمشاركة في عملية الانتخابات، وعدم التمكن من تحقيق الاستقرارالسياسي حتى الآن بعد انتهاء العملية العسكرية ضد تنظيم داعش.
– وجود ظاهرة خطيرة في تاريخ العراق تتمثل في عسكرة النظام العراقي بعد ظهور جماعات مسلحة خارج إطار الدولة “الفاعلين من غير الدول” non – state actors، وهي جماعات تمتلك أذرعاً سياسية تمكنت من دخول العملية الانتخابية .
– حال الفوضى العارمة والتدهور الأمني المهدد لمستقبل الدولة، وظهور نزاعات عشائرية وقبلية في الجنوب.
– الحاجة لسرعة البدء في إعادة البناء الاقتصادي على أسس تنموية، ومواجهة ظاهرة الفساد التي تضرب مؤسسات الدولة العراقية، والذي كان الأساس في ظهور الإرهاب.
– ظاهرة التدخلات الأجنبية في العراق بهدف رسم ملامح لمستقبل العراق وفقاً لمصالحها، والتي أثرت بشكل مباشر في موضوع الانتخابات ولاتزال تلك التدخلات مستمرة.
– أن العوامل المشار إليها أدت لاستقطاب حاد ودخول البلاد في مأزق سياسي ووطني خطير يتعدى العملية الانتخابية ليصبح مهدداً لمستقبل العراق كدولة، وهذه الانتخابات أثبتت انعدام ثقة المواطن العراقي بالعملية السياسية برمتها والنظام السياسي ومفهود الديمقراطية الذي روج له عند الغزو الأمريكي ، بأن الهدف هو تأسيس دولة تكون نموذجاً للديمقراطية في المنطقة.
– إن نسبة الانتخابات الحالية هي الأقل في التاريخ العراقي، بدءاً من انتخابات 1950 حيث بلغت نسبة المشاركة 60% ، وفي عام 1992 تصالح أكبر حزبين كرديين “الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني” وتمكنا من الاتفاق على تقسيم السلطة بينهما في المنطقة الكردية ليحوز كل منهما على نحو 50%، ولكن التفكك الحالي أدى لعدم تحقيق تلك النسبة، وفي انتخابات 2005 قاطع السنة الانتخابات بشكل مطلق وشارك الشيعة بنسبة 70% لتنخفض نسبة المشاركة الى 60% في 2010 وكذلك الحال في 2014، والواقع أن التزويرالذي شهدته العملية الانتخابية، منذ عام 2005 وحتى الآن، ساهم في تراجع ثقة الناخب العراقي وبالتالي تراجع نسبة المشاركة.
واختتم حديثه بالتساؤل عن مدى إمكانية، إذا ماتم ربط الانتخابات التي جرت بمستقبل العراق فيما بعد داعش، ومساهمة ذلك في عودة الاستقرار السياسي والعسكري والمجتمعي، أم سيؤدي لمزيد من الانقسام والأزمات والاتجاه لمزيد من الاضطراب وعدم الاستقرار، داعياً لضرورة العمل على خلق تحالف ديمقراطي وطني والالتفاف حول العملية السياسية العراقية، والتوصل لصياغة تجمع مدني عراقي وطني وتأسيس دولة عراقية يحكمها الدستور، وهو ذات المشروع الذي تم طرحه على الأكراد في 2007 في إربيل إلا ان الأكراد رفضوا هذا المشروع لأنه يتعارض مع رغبتهم في الاستقلال عن الدولة العراقية في ذلك الوقت.
– تحدث السيد/ياسين رؤوف رسول العراقي الكردي، مؤكداً على مايلي:
– جرت الانتخابات، ولو بمشاركة ضئيلة من قبل الشعب العراقي، إلا أنه عقب إعلان النتائج دبَت الفوضى وتبولدت الاتهامات بالتزور وبيع الذمم الوطنية والانتماء ، حتى اجتمع مجلس النواب ودعا لإعادة الانتخابات مرة أخرى وإحالة الأمر للمحكمة الاتحادية العليا الذي أقرت بدورها عدم دستورية القرارات الصادرة عن مجلس النواب بإعادة الانتخابات، وتم اتخاذ قرار بإعادة الفرز مرة أخرى يدوياً وليس إلكترونياً بالمخالفة للقانون والتعدي على قرارات المفوضية العراقية للانتخابات .
– ان الكرد لابد أن يتعلموا الدرس والأضرار التي أعقبت عملية الاستفتاءعلى ممارسة الأكراد للعملية السياسية وتشكيل تحالفات، وهو مابرز في النتائج التي حصلوا عليها في الانتخابات، والواقع أنه لابد من البدء في عملية سياسية للخروج من عملية الفوضى واستيعاب بعض القادة السياسيين للنتيجة وللخسارة، والذين على الرغم مما واجهوه من نظام ديكتاتوري إلا أنهم تسببوا في العديد من الأضرار والأخطار التي لحقت بالدولة العراقية وانتشار الفساد والبطالة والإرهاب واستمرارالتمسك بقيادة البلاد رغم ذلك.
– أنه لابد من الأخذ في الاعتبار أن هناك قوى خارجية تتلاعب في الداخل العراقي مما يؤثر على الاستقرار وتماسك فئات الشعب، داعياً كافة القوى الأجنبية التي تتدخل في الشأن العراقي إلى الكف عن هذا التدخل، والعمل على مساعدة الشعب العراقي ومؤسسات الدولة العراقية لتحقيق الاستقرار السياسي العرقي.
– أن الحلقة الكردية تعد الحلقة الأضعف خاصة وأنها الفئة الوحيدة التي لاتحصل على دعم كما يحصل السنة على الدعم العربي والشيعة على الدعم الإيراني، على الرغم من أن الأكراد فئة لايمكن تحقيق الاستقرار بدونها. وأضاف أن الطائفة الكردية سوف تنحاز وتؤيد الفئة التي تحافظ وتحقق مصالح الشعب الكردي وتحافظ على حقوقه القومية والدستورية ، وكذلك تلك التي ستحافظ على حقوق الاثنيات الأخرى .
– واختتم حديثه بدعوة كافة الساسة وكافة الأطراف بقبول نتائج الفرزاليدوي أياً كانت والبدء في وضع رؤية استراتيجية لتحقيق مصالح الشعب العراقي والعمل على تحقيق التوافق المذهبي والإجتماعي والاقتصادي، وتحقيق التوافق الوطني وإدراك أنه لايمكن لفئة واحدة تحقيق الاستقرار والعمل على تنفيذ مشاريع أياً كان انتمائها في أرجاء الدولة العراقية بغض النظرعن انتماء السكان فيها.
تحدث د. محمد تركي أبو كلل وهو مدير مكتب السيد/ عمار الحكيم في القاهرة، حيث أكد تفاؤله بمستقبل العراق، مؤكداً أنه على الرغم من أن القلق الحالي مبررظن إلا أنه لابد من النظرللواقع الحالي بشكل أكثر تفاؤلاً . وأضاف:
– فيما يتعلق بتزويرالانتخابات، أكد أن نتائج الفرز اليدوي للصناديق المطعون في نتائجها تؤكد تطابق النتائج المعلنة من الفرز الالكتروني، كما أن الاتهامات المتبادلة حول تدخل حزب السلطة في الانتخابات لايبدو صحيحاً، لأن حرب الدعوة (حزب السلطة) لم يفز بالانتخابات ومن فاز كان تكتل (سائرون) ولو وجد تدخل إقليمي من إيران لفازت دولة القانون (بزعامة نوري المالكي) ، ولووجد دعم سعودي لفازت السنة بالأغلبية، والمؤكد أن مقتدى الصدر لم يتلق دعماً لا أمريكياَ ولاغيره. كما أن القوى المسيطرة على العملية السياسية منذ 2003 خرجت من اللعبة الانتخابية.
– إن الاتهامات بالتزوير التي وجهت للمفوضية العليا للانتخابات، والمكونة من تسعة أعضاء مشكلة من الأحزاب ورئيسها مرشح من السيد/ سليم الجبوري، كممثل عن تيار السنة، ليست صحيحة ولو كانت كذلك لفاز السيد سليم الجبوري وغيره .
– أن هناك إحجام شعبي عن المشاركة في الانتخابات إلا أن نسبة المشاركة والمقدرة بـ44.55 %،ليست سيئة فهناك دول عظمى كالولايات المتحدة بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية فيها 55% ، كما ان ماتوصلت إليه العملية السياسية العراقية تعبر عن نتائج إيجابية تتمثل في كسر التحالفات الشيعية والتوجه لتشكيل تحالفات سياسية متنوعة، وهو مايدعم وجهة نظر تيار الحكمة بأن يتولى الحكم أقلية وتكون المعارضة من الأغلبية.
– إن الدولة العراقية ليست دولة فاشلة، ولوكانت كذلك لما تمكنت من هزيمة تنظيم داعش ولما تمكنت من الحفاظ على استقلالها ووحدتها وسلامتها الإقليمية، والواقع اليوم يؤكد رفض معظم القوى السياسية وعلى رأسها الشيعة عسكرة المجتمع ووجود ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة العراقية وأجهزتها الأمنية المتمثلة في الجيش والشرطة وقوى الحشد الشعبي.
هناك رفض واضح للمشروع الإيراني الذي يؤسس نظام انتخابي يقوم على تصعيد الأغلبية السياسية للحكم وأن تكون المعارضة من الأقليات ، وهو مشروع يدعمه ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي ، في حين أن القادة الشيعة كمقتدى الصدر وعمار الحكيم وحيدر العبادي يرفضون هذا المشروع ويرغبون بإقامة دولة يحكمها الشيعة والسنة والكرد، والواقع أن السنة اليوم حازوا على نحو 71 مقعداً وهي نسبة جيدة في المجمل، فيما حصل الكرد على 57 مقعداً، والشيعة 177 مقعداً، والأقليات 33 مقعداً.
– نوًه إلى أن التدخل الخارجي لايدير الوضع السياسي في العراق، لأنه لو وجد هذا التدخل لكان السيد/ نوري المالكي في الحكم بدعم من إيران في انتخابات 2014، في وقت كانت الدولة العراقية تعاني بشكل أكبر من اليوم.
– اختتم حديثه بأن النتائج قد كسرت التحالفات الطائفية وأخرجت قادة كبار من العملية السياسية كانوا سبباً في تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والمجتمعية داخل الدولة العراقية، ورفض القادة الحاليين لأي أجندات تفرض من الخارج .
– أكد السيد/ محمد أرسلان علي الكاتب الكردي، أن العراق يعيد نفسه منذ مائة عام، والحالة العراقية لاتختلف عن وضع العراق في القرن العشرين وقد كانت بريطانيا تحدد مصير العراق من خلال الولايات المتحدة وتحديد مصير العراق في مؤتمرالقاهرة 1921، والآن الداخل العراقي يعاني من الانقسام والقوى الدولية تتآمر على العراق، ومن خلال الانتخابات الخمس الأخيرة، ظهر التناحر والخلاف بين الأطراف السياسية العراقية. وأضاف:
– أن فشل تلك القوى في صياغة رؤية وطنية تسبب في الفشل في تحديد مستقبل العراق، ولابد من تحديد ما المراد من المستقبل ، وكيف يمكن صياغة “عراق سوماري” يجمع مابين الشرق والغرب ويكون العراق هو الجسر الذي يجمع إيران “كممثل عن الشرق” مع الولايات المتحدة “كممثل عن الغرب”، أم ستظل العراق ساحة للصراعات وخوض الحروب بالوكالة ويكون الشعب العراقي هو الضحية، خاصة وأن العراق كحدود سياسية يؤثر ويتأثر ، بأحداث الجوار الإقليمي، وبالصيغ الخارجية .
– أن أحد المحددات الهامة في المستقبل العراقي هو كيفية وضع استراتيجية لإعادة بناء عراق وطني والبدء في إعادة إعمار ماخلفته الحرب، والمشاركة المجتمعية في ذلك من كافة الطوائف وإعادة التاريخ العراقي الوطني الذي يجمع كافة الطوائف.
– ختاماً للمداخلات العراقية، كان حديث السيد/ د. عبد الرحمن جدوع سعيد التميمي، الأكاديمي العراقي، مؤكداً أن الدولة العراقية، منذ عام 1921 وحتى الآن، ظل المجتمع العراقي مجتمع مندمج ومتماسك، وهواليوم شعب مستقل ولايهتم بما يهتم به الساسة العراقيين، والانتفاضات الموجودة في الجنوب قد تصل بغداد نتيجة لكونها تعبر عن غضب مجتمعي من الوضع الداخلي للعراق، والحكومة الجديدة اذا لم تحتوي الغضب المجتمعي فستخلق لنا انتفاضات وفوضى خلاقة جديدة، وهو مايتطلب تحرك من الساسة العراقيين الوطنيين والذين يمثلوا نسبة 20% لتقديم بديل وطني لإنقاذ الدولة العراقية، ومواجهة التدخلات الاجنبية التي ترغب في تحقيق أهدافها ومصالحها .
5- أشار السفير/ د. محمد بدر الدين زايد،عضو المجلس، إلى أننا أمام مشهد ضبابي وتشوه سياسي وعدم وجود تمثيل حقيقي للشعب العراقي والعزوف عن الانتخابات ، وتقدير البعض لأن جزءاً كبيراً من المكون السني لم يعد لدياره وبالتالي لم يتمكن من المشاركة في العملية الانتخابية، والواقع أن هذا الاختلال لايمكن أن يقود لنتائج، ومالم تحدث معالجة حقيقية فمن المتوقع مزيداً من الفوضى في ظل غياب أي مستقبل لأي حكومة سياسية عراقية في ظل التشرذم الحالي, والمكون الكردي لابد أن يأخذ في اعتباره أنه في إطار المعطيات الراهنة فإن المشروع السياسي للاستقلال لن يتحقق، خاصة وأن العلاقات التي تجمعه مع الولايات المتحدة لم تقوده لأية نتائج.
وتوقع أنه لن يكون هناك أي مشروع سياسي وطني في إطار انفلات إقليمي وداخلي ، ومع ذلك فلابد من البحث عن مكون سياسي عراقي عروبي يتحدث عن عراق جديد لاينتمي لفئة بعينها، ودراسة مدى إمكانية تأثر ذلك بتطورات الأوضاع في سوريا.
6- أشار د. جمال عبد الجواد مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن الآراء المختلفة كلها صحيحة وهناك إخفاق وتدخلات أجنبية في العراق ممزوجة بتقديرات غير دقيقة لحقيقة الوضع الداخلي العراقي.
وهناك بالفعل جماعات تحاول فرض مصحتها داخل العراق ولكن لها أيضا حدود وقدرات معينة في بسط سيادتها. والواقع أن الحالة العراقية هي نموذج للوضع العام في العالم العربي، فهو ليس واقع مطلق ولكنه يعاني وبحدود. والواقع أن العراق وضع طائفي غير مستقر ونتائج الانتخابات تؤكد أن هناك تغير مزاجي في العراق ، فأكبر حزبين دينيين خسرا (حزب الدعوة الشيعي وحزب الاخوان المسلمين )، ومن نجح هم قيادات تمكنوا من إعادة تقديم انفسهم بشكل جيد للشارع العراقي كماحدث مع مقتدى الصدر، حيث تبنى قيادة حزب شيوعي (دخل معه الانتخابات) لاينتمي لأي طائفة وتمكن من خلالها بالفوز في الانتخابات بأكبر نسبة تصويت.
وذلك على عكس الأحزاب الكردية التي عانت بعد الاستفتاء على الانفصال من الضعف، وهو ذات الحال مع الأحزاب التي جعلت نفسها وصية عن الشعب العراقي ، والتحدي الحقيقي أمام العراق هو كيفية النجاح في خلق تكتل سياسي وطني وتقديم الساسة انفسهم للشعب العراقي بفكر جديد.
7- تساءل السفير د. عزت سعد عن ماهية الرؤية السعودية للأوضاع في العراق وما إذا كان تقاربها الأخير مع بغداد هو فقط لمواجهة النفوذ الإيراني أم الاهتمام بالتحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجهها الدولة العراقية؟
– وأجاب على ذلك كلاً من السيد د. صلاح نصراوي الذي أكد أن الدولة السعودية لاتعرف كيف يمكن التصرف إزاء التطورات العراقية ليست على دراية كاملة بالوضع العراقي، وهناك 15 مليون وثيقة عراقية خرجت من العراق للولايات المتحدة تتعلق بالوضع السياسي ووضع كافة مؤسسات الدولة في فترة حزب البعث، وهي تتضمن كافة الحقائق المرتبطة بالتاريخ العراقي المعاصر، وفي 2010 تم تسليمها لثلاث جامعات أمريكية، وتلك الوثائق تتضمن الرؤية السعودية للأوضاع العراقية، والتي عبر عنها وزير الخارجية السابق سعود الفيصل حينما سأله في 2004 مستفهماً عن موقف المملكة من التطورات في العراق، والذي لخصه بقوله أن المملكة لن تقبل بحكم الشيعة للعراق، ولكنه لم يطرح رؤية واضحة حول من يرغب في أن يحكم العراق، وهو ذات الأمر الذي تم تأكيده من قبل مستشار الملك للشؤون العراقية، عقب اللقاء الذي جمع بين مقتدى الصدر والملك عبد الله في مكة عام 2007 خلال موسم الحج، وأكد خلاله الملك الراحل بأن المملكة لن تقبل بحكم الشيعة للعراق .
ولكن ومع ذلك فالسعودية أدركت ان تمويل التيار السني وحده لن يمكنه من لعب دور مؤثر في السياسة العراقية، وهو مادعاها للالتفات للتيار الشيعي، ودعمه فمثلاً تقدم الممكلة نحو 100 مليون دولار لتيار الحكمة، مع العلم بأن قيادات الشيعة يجمعهم بالمملكة علاقات قوية منذ تحالفهم معها أثناء الغزو العراقي للكويت.
وخلص د.صلاح إلى القول بأن السعودية تعاني من ضبابية في الرؤية ظهرت خلال تعاملها مع الأزمة السورية، وكذلك في تعاملها مع الوضع العراقي سواء سابقاً أو اليوم، وكيف يمكن كسب تأييد الشعب والقوى السياسية العراقية.
فيما أكد د. محمد تركي ابو كلل أن محمد بن سلمان يمتلك فكر مغاير عن الملك سلمان، وأن المملكة أخطات في سياساتها السابقة، خاصة وأنها لم تسفر سوى عن مزيد من التقارب العراقي مع إيران، ليتحول الشيعة العرب من حلفاء لخنجر في خاصرة المملكة ، وهو مايتطلب ضرورة العمل على إعادتهم للحاضنة العربية. وأضاف ان كلاً من إيران والمملكة بدأت تتبنى نهجاً مختلفا، فتتحرك إيران اليوم بواجهة سنية عبر الحزب الاسلامي وهو حزب سني وعبر بعض القادة السياسيين كالدكتور سليم الجبوري و السيد/ خميس الخنجر ( والذي عاد للعراق عبر وساطة إيرانية )، فيما تحاول المملكة التحرك في العراق بواجهة الشيعة العرب.