مائدة مستديرة حول “مستقبل السودان”
أغسطس 22, 2019زيارة السفير الصيني الجديد للمجلس
أغسطس 25, 2019
تمهيد :
_ توتر مزمن ومتراكم بين البلدين منذ ان قامت دولة الخميني فى ايران عام 1979 رافعة شعار تصدير ما اسمته بالثورة الاسلامية ، ذلك النظام الجمهورى شكلا فى ظل ولاية الفقيه موضوعا الذى يسيطر بصورة فعلية على مفاصل الدولة وتوجهاتها فى الداخل والخارج ، وتزايد التدخلات الايرانية فى الشئون الداخلية للدول العربية ، وبخاصة تأليب معتنقى المذهب الشيعى على حكوماتهم وجعلهم بكل الوسائل تابعين لايران عقائديا وسياسيا ، وتوسعها فى التفجيرات وتدبير المؤامرات ضد النظم المجاورة.
ولم يكن ممكنا التغاضى عن هذا التحول الهائل فى تلك المنطقة الحيوية والتى تمس ما تعتبره الولايات المتحدة وحلفائها صميم امنها القومى ، فيما يلى :
* ضمان استمرار تدفق البترول ( والغاز حاليا) .ويقدر مايمر من مضيق هرمز من بترول بحوالى خمس بترول العالم ، وتملك ايران ذاتها رابع احتياطى البترول العالمى ، ولقد هددت ايران اكثر من مرة خاصة ابان حربها مع العراق بتلغيم واغلاق هذا الممر الهام ، وتخصص الولايات المتحدة الاسطول الخامس من قاعدته فى البحرين لمتابعة الوضع فى الخليج .
* حرية الملاحة فى الممرات البحرية وتحرك الناقلات شرقا او غربا فى المنطقة، وتجنب اية مخاطر يمكن ان تغلق طرق وصولها الى مرافئها فى اوروبا او اسيا .
*الحفاظ على امن اسرائيل والوقوف ضد اية تهديدات لها من قريب او بعيد ، والتى التزمت بها كل الادارات الامريكية المتعاقبة، فى الوقت التى تعلن قيه ايران رفضها للوجود الاسرائيل ذاته والتزامها بأرض فلسطين التاريخية ،
_ ولعل ازمة الرهائن الامريكيين فى طهران هى اول ما اعترض العلاقات بين البلدين ، عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب السفارة الامريكية دعما للثورة الاسلامية واحتجزوا 52 امريكيا لمدة 444 يوما من 4 نوفمبر 1979 حتى 20 يناير 1981 والتى انتهت بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وحاولت الولايات المتحدة انقاذهم بعملية ( مخلب النسر ) العسكرية الفاشلة فى ابريل 1980 خسرت فيها طائرتين امريكيتين وقتل ثمانية جنود . وانتهت الازمة بالتوقيع علي اتفاقية الجزائر فى يناير1881 ، وافرج عن الرهائن فى اليوم التالى ، ولم يمنع هذا من بداية فرض عقوبات اقتصادية امريكية على ايران .
_ وجدير بالاشارة تلك الحرب الضروس التى نشبت بين العراق وايران على مدى ثمان سنوات 80-1988 سقط خلالها مئات الالاف من القتلى والجرحى وانفقت عليها مئات المليارات من الدولارات التى اغرقت العراق فى الديون وانهكته اقتصاديا ، ولكنه تباهى بانتصاره بعد ان صرح مرشد الثورة الخمينى بانه تجرع السم عند موافقته على وقف اطلاق النار ، كانت الولايات المتحدة فى صميم الحرب دعما وتخطيطا وتشجيعا . ولم يدرك احد من مخططى الحرب ان ايران الفارسية دولة عميقة يمكن ان تستمر بعد الصدمة الاولى ، كما يمكن لها ان تتحمل اى قدر من الخسائر ، وان النظام فيها قادر على الصمود ويسيطرعلى كل مفاصل الدولة .
ومن الطبيعى ان مشاعر العداء الواضحة بين البلدين منذ البداية الناجمة عن تنافر الاضداد تتيح استمرار حدوث ازمات لا تنقطع بينهما ، ابرزها تدمير لغم ايرانى لفرقاطة امريكية فى خليج هرمز ، اعقبها فى ابريل 1988 اغراق 3 سفن ومنصتى مراقبة ايرانية ، وفى يوليو من نفس العام اسقطت سفينة حربية امريكية طائرة ايرانية مما ادى الى مقتل 290 راكبا، وفى ديسمبر 2011 اعلنت القوات الايرانية انها نجحت فى اسقاط طائرةاستطلاع امريكية بدون طيار ، ورفضت اعادة حطامها وادعت انهم استفادوا من انتاجها بالهندسة العكسية . وفى يناير 2016 وقبل ايام من نفاذ الاتفاق النووى اسرت البحرية الايرانية 10 بحارة امريكيين فى قوارب دخلت المياه الاقليمية الايرانية ، وتم اطلاق سراحهم فى اليوم التالى بعد التحقق من انه خطأ غير مقصود من البحرية الامريكية .
الاتفاقية النووية :
_ وجاء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى (خطة العمل المشتركة الشاملة ) فى مايو 2018 لكى تضاعف هذا التوتر، هذا الاتفاق الذى شارك في التفاوض حوله مجموعة الدول الدائمة الخمس بمجلس الامن بالاضافة الى المانيا ، وكان الاتحاد الاوروبى على مقربة منه ، والذى تطلب مفاوضات شاقة لعدة سنوات حتى ابرامه فى 2 ابريل 2015 ، وصدر بشأنه قرار مجلس الامن رقم 2231 فى 20 يوليو 2015، وقامت ادارة اوباما بدور رئيسى للوصول اليه ، واعتبرته انجازا واتفاقا تاريخيا . نصت اهم بنوده على تخفيض عدد اجهزة الطرد المركزى ونسبة تخصيب اليورانيوم لمدة عشر سنوات لحرمان ايران من انتاج اليورانيوم عالى التخصيب ، مع قيام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالرقابة على البرنامج النووى الايرانى ومفاعلاتها ، مقابل رفع العقوبات المفروضة على ايران لمدة عشر سنوات ، واسترداد ايران لاموالها المجمدة فى المصارف الامريكية والتى تقدر بنحو مابين 120 الى 150 مليار دولار .
_ ومن بين الاسباب التى سيقت لتبريرهذا الانسحاب ما يلى :
*الرغبة الامريكية فى اعادة التفاوض حول الاتفاق من جديد لتحسين شروطه واحكامه لتلافى ماشابه من عيوب ، فى الوقت الذى ترفض ايران التفاوض تحت التهديد وضغوط العقوبات التى اعادت الولايات المتحدة فرضها من جانب واحد .
*الضغط الاسرائيلى المتواصل على الادارة الامريكية وتقديم ادلة علي عدم حسن التوايا الايرانية بخصوص البرنامج التووى.
*التزام ترامب بأمن حلفائه الخليجيين الذين يرون ان ايران استثمرت الاتفاق لمواصلة التوسع والتمدد الاستراتيجى فى الاقليم ، ومحاولة تشديد هيمنتها علي سياسات الدول ذات المكون الشيعى مثل سوريا والعراق واليمن ولبنان .
*رفض ايران تلبية مطالب الرئيس الامريكى حول مخاوفه من برنامج التجارب الصاروخية الباليستيه .
* فشل جهود الوسطاءالاوروبيين فى التوصل الى صيغة تفاهم ترضى الطرفين الايرانى والامريكى .
_ ويغلب الظن عند بعض المراقبين ان قرارالرئيس ترمب بالانسحاب من الاتفاق لا يزيد عن اتخاذ القرار المخالف للمواقف التى اتخذتها الادارة الديموقراطية السابقة وتخطئتها ، دون دراسة العواقب التى يمكن ان تنجم عن ذلك ، وما يجب اتخاذه بشأنها اذا ما حدثت ، وان هذا من بين الاسباب التى دفعت بعض معاونيه الى الاستقالة من مناصبهم ، وبروز وجوه جديدة من الصقور على مسرح الاحداث ، وبخاصة جون بولتون مستشار الامن القومى وهو من المحافظين الجدد الذى تولى منصبه فى ابريل 2018 .
_ وصحب توقيع ترامب قرار الانسحاب بطريقتة الدرامية تصاعدا اعلاميا واشارات تنبىء بأن صداما مروعا بين الولايات المتحدة وايران قد اصبح على الطريق ، واخذت بعض العواصم تدق طبول الحرب بقوة وخاصة اسرائيل وبعض دول الخليج التى تعتقد ان الحل الامثل هو توجيه ضربة عسكرية لايران تقضى على امالها فى امتلاك السلاح النووى وتدخلاتها الخارجية التى جعلت احد مسئولى الحرس الثورى الايرانى يتباهى بهيمنتهم على اربعة عواصم عربية . وتحدثت صحيفة النيويورك تايمز عن اجتماع فى البيت الابيض فى اعقاب اقدام ايران فى يونيو الماضى على اسقاط الطائرة الامريكية بدون طيار ،حضره قادة الامن القومى ورجال الكونجرس لمتابعة الضربة العسكرية الوشيكة على ايران .والتى الغيت فى اللحظات الاخيرة .
حرب الناقلات :
_ لم تكن حرب الناقلات سوى عارض جانبى شديد الخطورة كأحد نتائج التوتر الحاد فى المنطقة الناجم عن المواجهات الدموية فى اليمن والانسحاب الامريكى من الاتفاق النووى .
فحرية الملاحة امر ضروري لاستقرار الاقتصاد العالمى ، وثبت ان اسلوب احتجاز الناقلات او تهديدها انما هو سلاح ذو حدين لايصيب باضراره الاطراف المعنية المباشرة ، انما يلحق الضرر الاسرة الدولية ذاتها . بدأت فى المرحلة الراهنة بحادثة استهداف الناقلات الاربع ( نرويجية /سعودية / اماراتية ) فى ميناء الفجيرة الاماراتي فى مايو الماضى ، وسارعت الولايات المتحدة بتوجيه اصابع الاتهام لايران بارتكابه ، دون ان يثبت هذا بصورة قاطعة ، وتشير بعض الدوائر الى ان جهات اخرى يهمها اشعال الوضع فى المنطقة كانت من ورائه . وفى شهر يونيو تعرضت ناقلتى نفط نرويجية ويابانية للهجوم بالقرب من مضيق هرمزاثناء عبورهما لخليج عمان ، وفى يوليو احتجزت البحرية البريطانية الناقلة الايرانية ” جريس 1″ فى مضيق جبل طارق بدعوى الاشتباه فى انها تنقل نفطا ايرانيا الى سوريا، وكشفت اسبانيا عن طلب امريكى وراء عملية الاحتجاز، قام الحرس الثورى الايرانى فى اعقابه باحتجاز الناقلة البريطانية ” ستينا ابيرو “بدعوى ارتكابها مخالفات ملاحية واصطدامها بمركب صيد .
_ ووضح مؤخرا ان التوجه العام لدى جميع الاطراف هو التهدئة وايقاف تصعيد هذه المواجهة حول الناقلات التى تضر بالجميع .فقد اصدرت المحكمة فى جبل طارق حكما مشروطا بالافراج عن السفينة بتقديم ايران تعهدا بعدم توجه الناقلة الى مرفىء تخضع للعقوبات الاوروبية والمقصود به سوريا ، بما اعتبرته ايران انتصارا لها نافية انها قدمت اية تعهدات .وتوجهت الناقلة الى اليونان . ويتوقع ان تفرج ايران من جانبها عن الناقلة البريطانية
تأثيرات هذا التوتر خليجيا :
_ دول الخليج هى الطرف الاكثر تضررا من جراء انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى ، فهى ليست فى حاجة الى مزيد من الضغوط الناجمة عن هذه الخطوة، وبخاصة اعلان ترامب ان تتحمل دول الخليج تكاليف حمايتها ونفقات التحالف التى تحاول تشكيله لحماية سلامة الناقلات فى مضيق هرمز.متحججا بان بلاده اكتفت ذاتيا من النفط وانه لا مصلحة لها فى تحمل اى نفقات حراسة او حماية فى الخليج . متجاهلا ان الوجود الامريكى فى الخليج جاء لاسباب استراتيجية اخرى لا يمكن له ان يتخلى عنها ، على رأسها دعم وحماية اسرائيل ، وكذلك الاهداف ذات الصلة بوضعها كدولة كبرى يهمها الحفاظ على حرية الملاحة فى الممرات الدولية ووجودها ذاته فى هذه البقعة الهامة .
_ ان مجلس التعاون الخليجى قد تم انشائه اساسا عام 1981 لمواجهة مخاطر الثورة الايرانية، والتى تزايدت بالفعل لتمدد ايران وتغولها فى عدد من الدول العربية ، الا انه قد اصبح من الواضح ان المجلس لم يعد كتلة واحدة ، وانما يتمايز داخله اكثر من توجه ، من بينها عمان والكويت التى تدعو الى الحوار وتبدى استعدادها للوساطة، والسعودية والامارات والبحرين والتى كانت ترى ان ايران لن ترعوى الا بوضعها تحت اكبر قدر من الضغوط ومن بينها العقوبات والحرب ، وان بدت لهجة الدول الثلاث فى التغير فى الاونة الاخيرة مشيرة الى ان الاعلام كان سببا فى وصفها بالتشدد ، وتبقى قطر مغردة خارج السرب تلعب على كل الحبال.
_ واعلنت السعودية فى 20 يوليو الجارى موافقتها على استقبال قوات امريكية على اراضيها للمرة الاولى منذ 16 عاما ، فهى تركن الى شبكة الامان الامريكية ، لمواجهة التهديدات الايرانية المتزايدة ضد دول الخليج , والواقع ان دول الخليج الاخرى لا تخلو من القواعد الامريكية .
_ ويثير الانتباه خلال شهريوليو الماضى زيارة وفد خفر السواحل الاماراتى لايران ، وزيارة وزير الخارجية الايرانى للكويت التى تنم عن رغبة فى تهدئة هذا الاحتقان .
امتداداته الاقليمية :
_ لم تكن اسرائيل سعيدة فى الاساس بالاتفاق النووى ، فهو كان يؤجل او يعرقل امتلاك ايران للسلاح النووى ، ولكنه لا يمنع توصلها للمعرفة والقدرات التى تؤهلها لذلك. واسرائيل هى اكثر الاطراف تحمسا لشن حرب علي ايران ، متناسية امتلاكها بالفعل لمئات الرؤوس الذرية ووسائل ايصالها ، وان الدول العربية كانت قد علقت موافقتها على المد اللانهائى لمعاهدة منع الانتشارالتووى فى مؤتمر المراجعة للمعاهدة عام 1995 الا بعد ان تعهدت الاطراف الاخرى بعقد مؤتمر يخصص لاستصدار قرار حول اخلاء منطقة الشرق الاوسط من هذا السلاح ، وعبثا تحاول الدول العربية التوصل لموعد لانعقاده وقد اصبح مؤتمر المراجعة 2020 على الابواب . والمعروف ان الولايات المتحدة وحلفائها يقومون بالدور الرئيسى فى العرقلة والتسويف .
_ وجدير بالملاحظة هنا ان ايران ومجموعة الدول الاطراف فى الاتفاقية النووية لم تعنى بالتشاور مع الدول العربية اثناء المفاوضات التى جرت مع ايران ، لمراعاة تأثيره على الامن القومى العربى . ولم يتضمين الاتفاق اية اشارة الى انشاء منطقة خالية من الاسلحة النووية فى الشرق الاوسط .
_ وقعت تركيا وايران خطة لتعزيز المشاورات والتعاون بينهما في يونيو 2019
تزامنت مع التوتر الحالى بين الولايات المتحدة وتركيا على خلفية حصول الاخيرةعلى المنظومة الدفاعية الروسية ” اس 400″ ، والغاء مشاركة تركيا فى انتاج الطائرة الامريكية المتطورة ” اف 35″ ، فضلا عن اختلافهما حول مدى التدخل التركى فى شمال سوريا .
_ ويرى البعض ان التقارب التركى الايرانى قد وضح منذ زيارة اردوجان لطهران عام 2014 وتصريحه بانه يعتبر تركيا بيته الثانى ، الذى تجاوز به حدود المجاملة . وجاءت بوجه خاص بعد السقوط المدوى لحلفائه من جماعة الاخوان فى مصر.
والمعتقد ان القوتين الاكبر فى المنطقة يريان ضرورة التنسيق بينهما تجنبا للتداخل بين سعى كل منهما لبناء امبراطوريته الخاصة . الا انه يجدر ان نضع فى اعتبارنا ان تركيا فى نهاية الامر عضو بحلف الاطلنطى وجزء من التحالف الغربى الذى يصعب ابتعادها عن مخططاته .
انعكاساته الدولية :
_ كان من الواضح تمسك الدول الخمس بالاتفاقية وعدم رضاها عن الانسحاب الامريكى منها ، وبخاصة روسيا والصين اللذين اكدا ان اية خلافات بشأنها يجب ان تحل عبر التفاوض والحوار ، وضرورة توقف الولايات المتحدة عن ممارساتها فى توجيه والاتهامات وفرض العقوبات. وتفتقد هذه الدول الحماس للتجاوب مع المسعى الامريكى لانشاء تحالف دولى لتأمين الملاحة فى مضيق هرمز باستثناء بريطانيا القريبة من الولايات المتحدة فى اغلب خطواتها.
_ واعلنت روسيا يوم 23 يوليو الماضى عن مبادرة من خمس نقاط عن الامن الجماعى فى الخليج ، تكشف الرغبة الروسية فى ان تلعب دورا اكبر فى المنطقة ، تتضمن تاكيد دول المنطقة والاطراف الخارجية التزاماتها الدولية وبخاصة التخلى عن استخدام القوة فى حل المسائل الخلافية واحترام سيادة دول المنطقة وسلامة اراضيها والالتزام بمبدأالتفاوض لتسوية الخلافات ، والالتزام المتبادل بالشفافية فى المجال العسكري , وتوقيع اتفاقية للتحكم فى انتشار السلاح التقليدى ، وتحويل الخليج الى منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل ، وابرام انفاقية لمكافحة الارهاب الدولى والاتجار غير المشروع فى الاسلحة. ولم تحظ هذه المبادرة بتأييد ملموس حتى الان. وتصفها بعض الدوائر الخليجية بانها غير واقعية حيث يصعب تحققها فى المرحلة الحالية .
_ ايدت الصين المبادرة الروسية ، وطالبت جميع الاطراف بضبط النفس، وطالبت واشنطن بالتوقف عن الضغط على ايران ، ووصفت اجراءاتها بالاحاديةو تتنافى مع القانون الدولى ، وتعتبر اى عمل عسكرى ضد ايران عمل غير مشروع سيكون له نتائج وخيمة ، وصرح وزير الخارجية الصينى ان بلاده تدعم ايران فى دفاعها عن حقوقها ومصالحها ، وهو ماعبر عنه بالقطع الرئيس الصينى لنظيره الامريكى خلال لقائهما فى قمة شنغهاى يونيوالماضى .وغنى عن القول الاشارة الى العلاقات الوثيقة والمتطورة بين الصين وايران فى مجال النفط وتأمين الاستثمارات الصينية الضخمة ، والمكانة التى تشغلها ايران فى مشروع الحزام والطريق .
_ ابدت كل من فرنسا واليابان على اعلى المستويات استعداد كل منها للوساطة بين الولايات المتحدة وايران ، والتى رفضها ترامب بغلظة.
تقويم الموقف :
_ وينحو تقديرنا للوضع فى الوقت الحاضر الى استبعاد نشوب حرب شاملة مع ايران . لا يمنع هذا من وقوع مناوشات جزئية هنا وهناك ، والمرجح ان يكون الرد الايرانى فى اغلبه محدود وموجها فى الاغلب الى دول الخليج تجنبا للمزيد من التصعيد مع الجانب الامريكى . وتتلخص محددات الموقف الامريكى فيما يلى :
* تجنب ترمب استخدام وسيلة الحرب بوجه عام في علاقاته الدولية مفضلا التهديد بالسيف دون استعماله، وتصعيد اخطار المواجهة الى حافة الهاوية والوقوف عندها للدعوة الى التفاوض . فهو لا يحبذ باى حال ان يكون سببا فى خسائر امريكية بشرية او مادية ‘ خاصة وان انتخابات التجديد لفترة ثانية على الابواب .
*انه يعوزه القبول الدولى لاي خطوة في هذا الاتجاه ، بل لم يشاركه بقية اطراف الاتفاق والاتحاد الاوروبى موقفه بالانسحاب منه. ويشغلها بالفعل العقوبات الاقتصادية التى فرضتها الولايات المتحدة على ايران ، وتتماشى معها حفاظا على علاقاتها مع الولايات المتحدة ، مع محاولة ايجاد سبل بديلة لتجنبها .
*ان ايران مدججة بالسلاح واستطاعت تطوير امكانياتها العسكرية المدعومة بقدرات مالية جاء بعضها نتيجة للاتفاق ذاته . ويوضع فى الاعتبار ايضا اذرعها الممتدة فى المنطقة العربية وبخاصة حزب الله فى لبنان وميليشيات الحرس الثورى فى سوريا والحشد الشعبى فى العراق . وقيل انها يمكن ان تمطر اسرائيل بعدة الاف من الصواريخ في الدقيقة الاولى من الحرب .كما ان لدى ايران اكتفاء ذاتى فى مجال تكنولوجيا الصواريخ ساعدتها على انتاج عدة عائلات منها فى البر والبحر ( شهاب / زلزال/ الفاتح / ذو الفقار / النازعات …) .
*توقع ارتفاع اسعار البترول بنشوب الحرب، وهو امر شديد الخطورة على الاقتصاديات الغربية وغيرها فى ظل الازمة الاقتصادية الدولية . وتقدر الخسائر التى يمكن ان تنجم عن المواجهة العسكرية ب 5 تريليون دولار
_ ويستبعد المراقبون قيام اسرائيل وحدها بالامر دون الدعم الامريكى الكامل لهذه الخطوة ، والمعتقد ان الرئيس الامريكى يفضل فى هذه المرحلة تشديد ضغوطه الاقتصادية وحربه النفسية على ايران لارغامها على التفاوض من جديد لتحسين شروط الاتفاق بما يمكن ان تعتبره الادارة الحالية انتصارا لها . غير ان ايران قد اوضحت فى ردودها انها لن تتفاوض تحت الضغوط التى تتنافى مع قواعد القانون الدولى ، وانها ضغوط احادية وليست صادرة عن المنظمة الدولية كالسابق ، فضلا عن ايران قد اعتادت ان تتعايش مع مثل هذه العقوبات وبرعت فى ايجاد السبل البديلة والكفيلة بتخفيف اضرارها.
_ الاوضاع الحالية هى الانسب للسياسات الامريكية ، باستمرار تشديد الضغوط على ايران ، لتقليص تمددها فى المنطقة ، واستغلال ايران كفزاعة لابنزاز دول الخليج ، أملة ان ترغم ايران مع الوقت للقبول بالتفاوض . ومن جانب اخر تلوح ايران بالتدرج فى العودة الى انشطتها النووية لدفع الاطراف الاخرى الى اتخاذ مواقف اكثر ايجابية مناهضة للموقف الامريكى . وسياسة عض الاصبع التى يمارسها الطرفان اما ان تنتهى برضوخ احد الاطراف او ان تنتهى الى فوضى تتضرر كل المنطقة من عواقبها .
_ تقوم كل من سلطنة عمان والكويت بجهود للتهدئة ، وتشير بعض الدوائر ان مصر يمكن لها ان تلعب دورا، بحكم حرصها على امن الخليج واخلاء المنطقة من اسلحة الدمار الشامل ووضع ايران فى حجمها الطبيعى ووقف تدخلها فى الشئون الداخلية للاخرين .
سفير سيد ابوزيد عمر