محضر مقابلة مع السفير السنغالي بالقاهرة
فبراير 6, 2020ندوة أ./ عاطف الغمرى حول كتابه “عملاء وجواسيس: لعبة المخابرات الأجنبية”
فبراير 10, 2020بتاريخ 9 فبراير 2020، استضاف المجلس، بمقره بالمعادي، محاضرة للخبير الإقتصاي الأستاذ/ هاني توفيق للحديث عن “الإصلاح الاقتصادي في مصر …الانجازات والتحديات”، وذلك بمشاركة عدد من أعضاء المجلس.
بدأت أعمال اللقاء بترحيب السفير/ منير زهران بالمشاركين والسيد/هاني توفيق – الخبير الاقتصادي، بإعطاء نبذة مختصرة عن حياته العملية التي قضاها في مجال الاستثمارات المالية سواء من خلال الدراسة الأكاديمية أو الممارسة العملية، وخلال 40 عاماً كان للسيد/ هاني دوراً فاعلاً في أنشطة سوق المال المصري ولعب دورًا هامًا في إنشاء وتطوير العديد من المؤسسات المالية منها هيرميس – بنك استثمار، فضلاً عن كونه المؤسس والأمين العام ونائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية، وهو المؤسس ورئيس مجلس الإدارة السابق للاتحاد العربي للاستثمار المباشر.
وعقب ذلك تحدث السيد/ هاني توفيق عن الفرص والتحديات الخاصة بتطبيق برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري، حيث أكد أن التقارير العالمية الصادرة التي تتحدث عن تحسن الوضع والمؤشرات الاقتصادية المصرية دون رصد أية سلبيات هي – في تقديره- تقارير مسيًسة. مشيراً إلى مايلي بصفةٍ خاصة:
1- فيما يتعلق بحقيقة الوضع الإقتصادي على الأرض، هناك إيجابيات ترتبط بارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي من 2% عام 2013 إلى 5.8% عام 2019. استعادة السلام والاستقرار الداخلي وهو ما انعكس بصورة إيجابية على معدلات السياحة والاستثمارات المباشرة وغير المباشرة. تحقيق التوازن والاستقرار السياسي والاقتصادي في علاقات مصر الخارجية وهذا كان من منطلق اتخاذ الدولة المصرية لسياسات إقليمية متوازنة مع شركائها وعدم تدخلها عسكرياً في أي من أزمات منطقة الشرق الأوسط. تحسن كبير وملحوظ في قطاع البنية التحتية تزامن مع إقامة مشروعات قومية كبرى كتنمية محور منطقة قناة السويس ومشاريع الطرق والكباري وقطاع الطاقة مع اكتشافات الغاز الكبيرة ..إلخ. توازن الإصلاحات الاقتصادية وتواكبها مع مجموعة من الإصلاحات المجتمعية والبرامج الإنسانية لتحقيق التنمية في قطاعات الصحة والتعليم والنهوض بالطبقات الفقيرة والمتوسطة. وعلى صعيد السياسات المالية والنقدية، فرغم وجود تحسن في المؤشرات ارتبطت بالفترة التي اتخذ فيها قرار التعويم، وتحسن الاحتياطي من النقد الأجنبي ليصل لنحو 45 مليار دولار بدلاً من 16 مليار دولار عام 2013، إلا أن تلك الخطوات لم تستمر.
2- على صعيد آخر فهناك العديد من التحديات الواجب التعامل معها منها تحديات عامة ترتبط بارتفاع معدل الفساد والذي يضرب بكافة قطاعات الدولة رغم وجود محاولات لإصلاحه، وآخر يرتبط بارتفاع معدل النمو السكاني يصل لنحو 600 ألف مولود جديد كل ثلاثة أشهر وهذا التحدي لم يتم الاستفادة منه كفرصة للنهوض بالبلاد، هذا فضلاً عن دخول البلاد في عملية الفقر المائي المدقع نظراً لزيادة معدلات النمو السكاني وثبات حصة مصر من المياه منذ الخمسينيات عند 55.5 مليار متر مكعب.
أمَا التحدي الثاني يختص بالقطاع المالي للدولة، منوهاً لأن عملية الإصلاح التي تمر بها أي دولة لابد أن تتضمن عملية إصلاح مالي وآخر نقدي وآخر مؤسسي، ، ففيما يتعلق بالإصلاحات المالية والتي تقوم بها وزارة المالية ، فهناك غياب لتصور حكومي واضح على ترتيب الأولويات بالنسبة للنفقات والموارد، وهذا يتضح من خلال تخصيص 22% من معدل الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على البنية التحتية وهي نسبة مغالاة بها مقارنة بنظيرتها العالمية والتي لاتتعدى نسبة 6-7% ، والواقع أن هذه النسبة الكبيرة تسببت بإحداث فقاعة سعرية في سوق العقارات في ظل تخمة المعروض بوجود نحو 15 مليون وحدة سكنية مغلقة ، بإجمالي 15 تريليون دولار ( في حال تم افتراض أن قيمة الوحدة تبلغ مليون جنيهاً)، وهذه الأموال تعتبر دخل مهدر Forgone Income كونها لايعاد ضخها في الدائرة الاقتصادية للبلاد.
– في ذات السياق، تعاني الدولة من تسارع نمو الدين العام للدولة سواء المحلي أو الخارجي ( بإجمالي 6 تريليون جنيه كقيمة للدين الخارجي ونحو 11 مليون دولار كقيمة للدين الداخلي) وهما يمثلان معاً مايزيد عن 100% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي للبلاد البالغ 6 تريليون جنيه عام 2019. والواقع أنه لايتم النظر إلى حجم الدين فقط فدولة كالصين يمثل حجم الدين إلى إجمالي الناتج القومي لها نحو 300% واليابان يبلغ 250% والولايات المتحدة 100% ولكن الأهم هو النظر لمصادر وآليات السداد ، وهنا تبرز الهوية المسيًسة للتقارير الدولية التي لاتعكس في تقاريرها تفاقم الدين العام والافتقار لموارد حقيقية للسداد، حيث تبلغ إجمالي الايرادات تريليون جنيهاً (تخصًص 90% منها لسداد الدين وخدمة الدين بإجمالي 900 مليار جنيه) مقابل تريليون ونصف إجمالي مصروفات وهذا يعني وجود عجز بقيمة 500 تريليون جنيه تم سدادها من خلال قيام المصارف بطباعة النقود وإصدار سندات وأذون خزانة. منوهًا لأن مصر هي ثاني أكبر دولة في دول العالم الناشئة بعد أوكرانيا فيما يخص حجم الدين العام، كما أنها أسوأ دولة في العالم فيما يتعلق بتوازن الموزانة الحكومية في ظل ارتفاع العجز .
– منوهًا لأن أحد المصادر الأساسية للدخل الحكومي هي الضرائب، في ظل الافتقار إلى الكفاءة المطلوبة في عملية التحصيل فهي لاتتجاوز 15% والمفترض ألا تقل عن ربع الناتج المحلي الإجمالي أي 25% كما هو الحال في باقي دول العالم، حيث أن المطلوب على الحكومة تحصيل مايبلغ قيمته نحو 1500 مليار جنيه ضرائب ولكن لايتم تحصيل سوى 800 مليار جنيه سنوياً وبالتالي فيوجد فاقد بقيمة 700 مليار جنيه، والواقع أن تحقيق الكفاءة في عملية التحصيل ستخفف بدورها من ارتفاع العجز في الموازنة، وحل تلك المعضلة سيكون من خلال تطبيق الشمول المالي من خلال زيادة الوعي بأن تتم كافة المعاملات المالية من خلال المصارف والدفع الإلكتروني والتوسع في إقامة شبكة من الفروع المصرفية في كافة المناطق وتغيير شكل العملة باستمرار بحيث يتم الضمان بأنه لاتوجد أموال متداولة خارج الدائرة الاقتصادية ، وهذا النظام متبع في الصين وكينيا ، وكافة التجارب الدولية تؤكد مدى فاعلية هذه الآلية في تحصيل الضرائب، منوهاً لأهمية أن يقوم رئيس الجمهورية بإصدار تعليماته لمكافحة الفساد المقاوم لتطبيق هذه الآلية ولمواجهة سبل عرقلة جهود الجهاز القومي للمدفوعات والذي لم يجتمع سوى مرة واحدة فقط.
– هناك أيضاً تحدي مرتبط بالدعم العيني والذي لايصل لمستحقيه، فضلاً عن أن هذا النوع من الدعم يتعرض للإهدار في ظل الافتقار للرشادة الاقتصادية لدى المستهلكين وهي ماتمثل 10% من مشكلة الدعم و 40% هو أن الدعم العيني بمجرد استهلاكه يفنى ولاتصبح له قيمة، أما الدعم النقدي فيمكن إدخاره وتوجيهه لأكثر من مجال ليحقق 10 أمثال مايحققه الدعم العيني. فقيمة الدعم العيني في مصر يصل لنحو 325 مليار جنيه ، ولكن حال تحويله لدعم نقدي وفي ظل ارتفاع قيمة الميل الحدي للاستهلاك ( أثر المضاعف) 90% فهذا يعني أن الجنيه الواحد سيدور بنحو 10 مرات في الدائرة الاقتصادية على خلاف الدعم العيني الذي تكون منفعته محدودة. مستشهداً في هذا السياق، بتجربة دولة المكسيك فيما يتعلق بالدعم، حيث يتم توجيه الدعم نقداً للأم بناء على مدى انتظام الأطفال في التعليم والاهتمام بالصحة ، ولضمان استمرارية الدعم لابد من الحفاظ على استمرارهم في التعليم والحفاظ على صحة الأطفال.
– التحدي الأخير في القطاع المالي يرتبط بمزاحمة الدولة للقطاع الخاص في ظل توجه الدولة للاستثمار في مجالات كان يجب أن تقتصر على القطاع الخاص حفاظاً على موارد الدولة، خاصةً وأن هذه المزاحمة تسببت في إغلاق شركات الإسمنت والحديد نتيجة منع الرخص، منوهاً لأن دخول الجيش كان مهمًا في مرحلة ما ولكن لابد من الانسحاب بعد تحقيق الهدف وهو ماأدركته الدولة بإعلان السيد الرئيس عن طرح شركات الجيش في البورصة.
– أما فيما يتعلق بالإصلاح النقدي والذي يختص به البنك المركزي، أكد على أن مااتخذ من سياسات بعد عملية التعويم لم تكن صحيحة لأن ارتفاع الأسعار الحادث بعد عملية التعويم هي رد فعل طبيعي على هذا التغير، ولم يكن من الواجب مواجهته بذات الآليات التي يواجه بها التضخم (الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار)، خاصة وأن ماحدث هو قفزة في التكلفة، ولم تكن الزيادة في الأسعار نتيجة للارتفاع في معدلات الطلب على السلع الدافع لارتفاع مستوى الأسعار ، وبالتالي فإن آلية رفع سعر الفائدة للتغلب على التضخم من خلال سحب السيولة النقدية في السوق لتحقيق الانخفاض في الأسعار لم يتحقق لأنها لم تكن الآلية المناسبة، وكل ماتم هو ارتفاع الأسعار ودخول الاقتصاد في دورة من الكساد والركود وارتفاع لمعدلات البطالة، وليس كل تضخم يتم معالجته برفع سعر الفائدة.
ولتحقيق الخفض في أسعار الفائدة تم اتخاذ مبادرات تتضمن إجراءات للتيسير الكمي بهدف تحقيق هذا الخفض وجذب الاستثمارات وهو ماسيؤدي لخفض سعر الفائدة الحقيقي لنحو 0% والإسمي لما بين 8-9% ، وإذا ماظلت الاستثمارات عند هذه النسبة فسيكون المطلوب طبع مزيد من الأموال وشراء الدولة للشركات ومن ثم إعادة طرحها، ولكن الواقع أن تلك الاجراءات تتسبب في سحب الأموال والاستفادة من سعر الفائدة المرتفع في البنوك وشراء سندات بالجنيه خاصة وأن مصر ثاني أكبر دولة في تقييم سعر فائدة حقيقي في العالم بعد زيمبابوي، وهو مادفع الأجانب للاستثمار بقيمة 30 مليار دولار في أذون الجنيه ، وبالتالي فالمركزي يحاول الحفاظ على تلك الأموال من خلال الإبقاء على سعر الفائدة مرتفع خوفاً من هروب رأس الأموال الأجنبية والمعروفة بكونها Hot Money ، حيث أن انسحاب تلك الأموال سيؤدي لرفع قيمة الدولار مرة أخرى وهو مايعني أن الانخفاض الحالي للدولار مقابل الجنيه يعود لأسباب غير حقيقية أي أنه لايرجع لارتفاع معدلات التصدير والإنتاج بل نظراً لزيادة الطلب على أذون الخزانة بالجنيه، مما أدى لارتفاع قيمة المعروض من الدولار وبالتالي انخفاض قيمته.
أما بالنسبة لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي فهناك مشكلة تتعلق بأن هذه الزيادة لايمكن الاستفادة منها بدرجة كبيرة نتيجة لأنه يقابلها ارتفاع في الديون لتصل لنحو 110 مليار دولار، وغياب أية آليات واضحة للموارد لسدادها كون أن معظم القروض يتم دفعها عبر موارد وقروض طويلة الأجل لدفع ديون قصيرة الأجل، فضلاً عن أن المصادر الأساسية للدخل كقناة السويس قد تعاني من تراجع الدخل نتيجة لتباطؤ حركة التجارة العالمية ووجود مخاوف من توقف العمل بالمنطقة الاقتصادية للقناة وعدم جاهزيتها.
– وفيما يخص الإصلاح المؤسسي فلاتزال هناك العديد من القطاعات التي تحتاج لإصلاحات مؤسسية كبرى سواء أكانت قانونية أم قضائية أم على صعيد الحكم المحلي ، فضلاً عن ارتفاع معدلات الفساد وعدد العاملين بالقطاع الحكومي للدولة والذين وصل عددهم لنحو 13 مليون موظف وهو مايعني انخفاض الكفاءة في الأداء .كما يواجه القطاع المؤسسي غياب وجود استشارات حقيقة نظراً لغياب أي دور فعال للمجالس القومية المتخصصة.
وفي إطار ماسبق، دعا لأهمية الدراسة المتعمقة لتقارير التنافسية العالمية والتي تتحدث عن أن ترتيب مصر من بين 140 دولة تكون: 135 في معدلات الحوادث الارهابية، 132 في حرية الصحافة، و124 بالنسبة لحماية الحرية الفكرية، و135 بالنسبة للسياسة الاقتصادية الكلية، و135 فيما يخص إدارة الديون، و127 بالنسبة لجودة التعليم الفني، و 135 بالنسبة لمهارة الخريجين و136 فيما يرتبط بجودة التدريس بالتفكير وإعمال العقل، والمرتبة 137 فما يخص التعريفة الجمركية، و130 لسوق العمل ومساهمة الاناث في قوة العمل، والمرتبة 99 بالنسبة لكفاءة النظام المالي.
مختتمًا حديثه بالتأكيد على الحاجة لدراسة كل وزير للمؤشرات عاليه والنسب التي تخص قطاعه للنظر في كيفية معالجتها ، وهناك حاجة لرؤية شاملة تتناول نقاط الضعف في برنامج الإصلاح الاقتصادي فيما يخص كل سياسة من السياسات خاصة وأن العائد سيكون النهوض بمعدلات الاستثمار ، والتي دومًا ماتعكسها أداء مؤشرات البورصة المصرية التي تواجه انخفاضًا ملحوظاً، فبعد أن كانت تحقق 400 مليون دولار في اليوم الواحد تراجعت النسبة لتصل إلى 20 مليون دولار اليوم، فضلاً عن انخفاض أعداد المتداولين من 2 مليون متداول لنحو 3000 متداول فقط. كما نوه لأهمية الحذر من استنزاف موارد مصر عبر توجيهها لسداد قيمة الديون وخدمتها والحذر من أن تكون القروض الدولية وسيلة للضغط على مصر وقيادتها للإفلاس الاقتصادي بعد الفشل في جرها عسكرياً للدخول في أزمات المنطقة.