زيارة د./ صدِّيق تاور عضو المجلس السيادى السودانى للمجلس
يونيو 30, 2021المستشار عدلى منصور
يونيو 30, 2021
بتاريخ 30 يونيو 2021، شارك المجلس فى الفعالية الافتراضية التى دعت إليها السفارة الصينية بالقاهرة، بالتعاون مع حاكم ومسئولى إقليم “شينجيانج” شمال غرب الصين، حيث تعيش أغلبية إسلامية، تحت عنوان “شينجيانج أرض رائعة”. وافتتح اللقاء السيد/ لياو ليتشيانغ السفير الصينى بالقاهرة، فيما قدَّم لها مسئولو منطقة شينجيانج الويغورية ذاتية الحكم.
وتجدر الإشارة إلى أن مشاركة المجلس، عبر عضوَيْه: السفيرَيْن د./ عزت سعد، مدير المجلس، ود./ على الحفنى، منسق الشئون الآسيوية فى المجلس، جاءت ضمن جلسة تشاورية خاصة مع عددٍ من الخبراء والأكاديميين المصريين؛ حيث شارك فيها أيضاً د./ أحمد سلام، رئيس الإدارة المركزية الأسبق بالهيئة العامة للاستعلامات، د./ محمد فايز فرحات، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، د./ شريف فيّاض، عضو المكتب السياسى لحزب التجمع، د./ أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولى بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، د./ ناصر عبد العال، أستاذ الدراسات الصينية بجامعة عين شمس والمستشار السياحى الأسبق لمصر فى بكين، وأ./ محمود سعد دياب، الكاتب الصحفى بالأهرام.
وقد أشار السفير/ عزت سعد فى مداخلته إلى ما يلى بصفةٍ خاصة:
-
إن الحملة الدعائية المنظمة من قِبَل بعض الدول الغربية ضد الصين والتي تثير مسألة حقوق الانسان في إقليم شينجيانج، ضمن ادعاءات أخرى يحلو للإعلام الغربي والبعض من النخبة السياسية ترديدها حول الصين، هى حملة مرتبطة أساساً بصعود الصين الكبير لتصبح ثاني أكبر قوة اقتصاديه وأول قوة تجارية في عالم اليوم، فضلاً عن الرؤية الصينية للحوكمة العالمية، بأبعادها الاقتصادية والسياسية، والتي يشاطرها فيها أغلبية كبيرة من دول العالم بما فيها مصر، خاصة فيما يتعلق بمبادئ عدم التدخل في الشئون الداخلية والمساوة في السيادة وحق كل دولة في اختيار نموذجها الخاص في الحكم، وفى التنمية وفقاً لمنظومة القيم والثقافة السائدة فيها.
-
أطلقت الادارة الامريكية السابقة، والادارة الحالية، حملة تنافس القوى العظمى، والتي تهدد العالم بالعودة الى حالة من الاستقطاب والحرب الباردة التي لن يفوز فيها أحد، كما لن يستطيع فرض نموذجه الخاص على الآخرين بدعوى أنه بالأفضل. وكما كتب بيرنى ساندرز عضو الحزب الديمقراطي مؤخراً (دورية الشئون الخارجية – 17 يونيو 2021) – و بحق – أنه بدلاً من التعاون مع الصين لمواجهة التحديات العالمية غير المسبوقة التي يواجها العالم كله، مثل تغير المناخ والأوبئة والانتشار النووي وعدم المساواة الاقتصادية الهائلة والإرهاب، اختارت الولايات المتحدة أن تنظر إلى العلاقات مع الصين على أنها صراع اقتصادي وعسكري، ستكون محصلته صفراً.
-
لا يعطى الملايين في العالمَين العربي والإسلامي أي مصداقية لأي من هذه الادعاءات الغريبة ولا نأخذها على محمل الجد، ليس فقط بسبب الماضي الاستعماري البغيض لهذه الدول وانتهاكاتها الواسعة لحقوق الانسان والشعوب على مدى قرون، بل وايضاً لأن هذه الانتهاكات ماتزال مستمرة حتى الآن ولكن بأشكال وصور أخرى. إذ تسعى تلك الدول الى إشعال الفتن والحروب الاهلية والازمات حول العالم من أجل مصالحها الخاصة. ونظرة الى الحروب ضد أفغانستان (2001) والعراق (2003) تؤكد هذه الحقيقة التي يدرك أبناء منطقة الشرق الأوسط أبعادها المأسوية. فلم تكن حقوق الإنسان والديمقراطية هي الهدف، كما فشلت الدول المتدخلة في فرض نموذجها الخاص.
-
ارتباطاً بالنقطة السابقة، إذا كانت هذه الدول حريصة بالفعل على حماية حقوق الإنسان بغض النظر عن لونه أو ديانته أو العِرق الذي ينتمي اليه، لماذا تصمت الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، وعلى هذا النحو المخزي، أمام جرائم الحرب وممارسات الإبادة التي تجرى ضد الشعب الفلسطيني منذ سبعة عقود وحتى الآن، ولا تجرؤ النخبة السياسية أو الكونجرس الأمريكي على إقرار أي إجراء ذى مصداقية ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، فيما تقف أغلبية الدول الاوروبية الحليفة للولايات المتحدة الموقف ذاته. هذا فيما لا تزال الجرائم الفظيعة التي راح ضحيتها أبناء الشعوب الاصلية في أمريكا الشمالية تتكشَّف يوماً بعد يوم، حيث عُثِر مؤخراً على مقابر جماعية لمئات من أبناء هذه الشعوب الاصلية في كندا، أغلبهم أطفال.
-
لقد قررت محكمة العدل الدولية، الذراع القضائي للأمم المتحدة، في رأى استشارى صدر منها فى مارس 2019، واستناداً إلى أحكام القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة، أن “دولة موريشيوس” الافريقية ماتزال دولة خاضعة للاستعمار البريطاني حتى الآن، في ظل حقيقة أن جزءاً من اقليمها (وهو أرخبيل شاجوس) اقتطعه المستعمر البريطاني قبل الاستقلال عام 1965، وقام بإخلائه من سكانه الاصليين قبل تأجيره للولايات المتحدة الامريكية كقاعدة عسكرية هي “دييجو جارسيا” التي تخزن فيها الولايات المتحدة أسلحة نووية.
-
إن مسألة حقوق الانسان والحريات الاساسية كانت، وستظل دائماً، قضية داخلية تحكمها القوانين والدساتير واللوائح الداخلية لكل دولة. وقد تم وضع نظام قانونى في إطار منظمة الامم المتحدة يحكم هذا الموضوع. ولا شك في أن كل دولة تسعى، في إطار هذا النظام القانوني الدولي، الى حماية كافة فئات حقوق الانسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية لكل رعاياها والمقيمون فى اقليمها، في إطار من احترام قيم وتقاليد الدولة المعنية وأمنها القومي. ولكن بدلا من الالتزام بأحكام هذا النظام القانوني الدولي الذي أقرته الامم المتحدة، يعتقد بعض الدول، دون أي أساس من القانون أو الواقع، أن العناية الإلهية اختارته للدفاع عن حقوق الانسان حول العالم في الوقت الذي تنتهك فيه هذه الدول أبسط حقوق الانسان.
-
وفي هذا السياق، لا بد من التأكيد على ضرورة أنْ تفهم دول الغرب أن تنمية الانسان والحفاظ على حقوقه وحرياته وضمان حمايتها في إطار من القانون، هو واجب مقدس لكل دولة وفقاً لنظامها القانوني الداخلي ومنظومة قيمها، علماً بأن كل الاديان والمعتقدات تعلى قيمة الانسان وتقدسه، وبالتالي لا معنى لأن تنصّب حضارة بعينها أو حفنة من الدول نفسها مدافعاً عن، أو متحدثاً باسم، هذه الحقوق.
هذا، ومن جانبه، أشار السفير/ على الحفنى إلى ما يلى بصفةٍ خاصة:
-
لطالما أذهلت الصين العالم، ولا تزال؛ بالنظر إلى ما حققته في فترة زمنية قياسية من تغيير وتقدم وتطوير وحداثة، رغم كل التحديات والصعاب، ما يجعله يقف احتراماً وتقديراً أمام الشعب الصيني، ولحزبه الشيوعي العظيم، الذي أعطى غيره درساً تاريخياً في القدرة على صنع المستحيل طالما توافرت الإرادة.
-
وفي هذا السياق، حرىٌ تهنئة الشعب الصيني بحزبه في مئويته، وبقياداته الحكيمة التي أدارت هذا التحول، الذي صنعه مواطنو الصين بأيديهم وعقولهم، والذين لم يبخلوا على دول وشعوب العالم الأخرى بالخبرة والمساعدة على الإنجاز، فأخذوا في مشاركتهم نتاج خبراتهم وتجاربهم من خلال العديد من المبادرات، وخاصة مبادرة الحزام والطريق.
-
إن إقليم “شينجيانج” لا يعدو أن يكون مثل باقي الأقاليم الصينية، التى تجني ثمار التنمية، لاسيّما وأنه من أهم أقاليم الصين، وأكثرها ثراءً، وتساهم بقدرٍ كبير في الاختراق الذي حققته الدولة في مجالاتٍ عدة، كما أنها بوابة الصين على طريق الحرير البري الذي يمتد منها إلى القارة الأوروبية، وهي إحدى أهم مصادر الدخل بثرواتها من النفط والغاز، وبها أكبر مشروعات النسيج، ومن أكبر مُنتجِي ألواح الطاقة الشمسية، وهذه أمثلة قليلة للثروات الكامنة في هذا الإقليم الذي يتشارك الأقاليم الصينية الأخرى، بل ومناطق العالم الأخرى، ثمار استغلالها.
-
وغنىٌ عن الذكر أن كل ذلك يتم بشكلٍ متوازٍ مع مساعي الصين لتحقيق الأمن والسلام الاجتماعي والاستقرار، ورفع مستوى معيشة المواطن الصيني، وزيادة متوسط دخله، وتلبية كافة متطلباته في تحقيق حياة كريمة له وللأجيال القادمة.
-
لقد أولت الصين اهتماماً كبيراً بإقليم “شينجيانج” وساكنيه. ولعله يمكن في هذا السياق الإشارة إلى تناغم السياسات المصرية والصينية في السعي لتحقيق شمولية خطط التنمية؛ إذ إن ذلك هو مفتاح تحقيق السلام والأمن والاستقرار الذي تتطلع إليه كافة الشعوب، ولن تجدي محاولات دول ومناطق أخرى في العالم لتعطيل تلك المساعي لتحقيق حلم كلٍ من الصين ومصر في خلق مجتمع الرفاهية والرخاء، لاسيَّما وأنهما قد عُرِفا على مر التاريخ بأنهما بنَّائين للحضارة، وسيظل كلٌ منهما يُسهِم في إثراء المعارف والتجارب الإنسانية.
-
إن السر في نجاح كلٍ من البلدين هو وقوف شعبيْهما موحَّدَين خلف أحزاب وقيادات ومؤسسات وجيوش الدولتين، رغم اختلاف الأعراق والسلالات والثقافات. فكلا البلدين يعتقدان ويقفان بقوة على أرضية راسخة، ألا وهي أن القوة تكمن في الوحدة والانتماء للدولة الأم التي تحتضن كافة أبنائها.
-
ومن ثَمَّ، فإن الادعاءات التي يواجهها إقليم “شينجيانج” بشأن موقفه من حقوق الإنسان باطلة ولا أساس لها من الصحة. وكما سلف، وأشار السفير/ سعد، فإنها مقصودة لذاتها لكونها إحدى أهم قاطرات التنمية الصينية، رغبةً في تثبيطها عن مسعاها ودورها التنموي القائم.