مشاركة المجلس فى احتفالية سفارة جمهورية طاجيكستان لدى القاهرة بمناسبة مرور 30 عاماً على استقلال الجمهورية الطاجيكية
سبتمبر 6, 2021أفغانستان ومستقبل النظام الدولي …السفير عبد الرؤوف الريدي
سبتمبر 17, 2021
توصلت مائدة مستديرة حول “فرص تحريك التسوية فى سوريا”، عُقدت بالمجلس المصرى للشئون الخارجية فى 15 سبتمبر 2021، إلى أن الحل يكمن فى الإرادة السياسية السورية الداخلية، وإرادة القوى الإقليمية والدولية؛ لإيجاد مساحة ممكنة للتسوية فى سوريا. واعتقد البعض أن التغيرات ،التى شهدتها الساحة الدولية مؤخراً، قد تمهد لعملية تحريك فرص التسوية فى سوريا. ومن هذه التغيرات: الانسحاب الأمريكى من أفغانستان، ورغبة الولايات المتحدة فى إنجاز شىء من شأنه التغطية على ما حدث بأفغانستان؛ وهو ما يمكن تحقيقه فى سوريا، عبر الانتقال من فكرة إسقاط النظام إلى إصلاح النظام. كما تشمل التغيرات انعقاد قمة بغداد المعنية بإعادة إعمار العراق فى أغسطس الماضى، والحديث عن وساطة عراقية بين السعودية وإيران، إلى جانب فرص التقارب المصرى/التركى- والتى تشكل جميعاً مقدمات لتعزيز فرص التسوية فى سوريا.
وبالإضافة إلى ذلك، زيادة فرص الانفتاح العربى على سوريا؛ على ضوء الاجتماع الرباعى (المصرى– الأردنى– اللبنانى– السورى) فى عمَّان فى 8 سبتمبر الماضى؛ لبحث الخطوات اللازمة لتفعيل الاتفاقيات بين هذه الدول على تمرير الغاز والكهرباء من مصر والأردن إلى لبنان عبر سوريا. وليس هناك شك فى أن أحد أسباب موافقة سوريا على تلك الخطوات؛ يتمثل فى كونها فرصة ومدخل لإعادة تطبيع العلاقات العربية مع دمشق، واستعادة الأخيرة لموقعها فى الجامعة العربية. وفى هذا الصدد، أوصى المشاركون بإيجاد صيغة توافقية عربية بشأن الوضع الخاص بسوريا فى الجامعة العربية، وذلك بالإضافة إلى بذل ما يمكن من جهود لتثبيط التطورات السلبية، التى تشهدها سوريا، والتى يُرجَح أن تكون لها عواقب وخيمة فيما بعد.
وكانت الحلقة النقاشية قد تناولت محاور: مستقبل النظام السورى فى ظل ضغوط الداخل والخارج؛ فرص تسوية الأزمة السورية وتحدياتها؛ والحوار الكردى/الكردى، ورؤية “مجلس سوريا الديمقراطية” لمستقبل سوريا. وشارك فى الحلقة عددٌ من الخبراء والمهتمين بالشأن العربى والسورى، من الأعضاء وغير الأعضاء بالمجلس. وافتتح النقاش السفير د./ منير زهران، رئيس المجلس، وتحدث فى محاورها الثلاث، على الترتيب: السفير/ محمد سعد عبيد، سفير مصر الأسبق لدى سوريا؛ ود./ محمد السعيد إدريس، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية؛ فيما تناول المحور الكردى كلٌ من السيدة/ ليلى موسى ممثل “مجلس سوريا الديمقراطية” بالقاهرة، ود./ رجائى فايد رئيس المركز المصرى للدراسات والبحوث الكردية، و أ./ على نواف العاصى نائب رئيس حزب سوريا المستقبل. هذا، وقد عقَّب د./ حسن أبو طالب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، على ما تناولته المحاور المذكورة .
و أشار المشاركون إلى ما يلى، بصفة خاصة:
-
لقد ورث الرئيس بشار الأسد عن والده حافظ الأسد فكرة إحكام القبضة الأمنية على البلاد، عبر أجهزة الداخلية والجيش، إلى جانب مساندة الطائفة العلوية “بالأساس”، وكذا المؤسسات الاجتماعية التى يُضمَن ولاؤها للنظام، والتى تخضع أيضاً للفرز الأمنى المُشدّد. ولقد ساهم ذلك فى مجمله فى مساعدة الأسد فى الصمود بعد قيام الثورة السورية فى عام 2011. هذا، بالإضافة إلى الاعتماد على إيران وروسيا وحزب الله، وهذا يشكل- فى حد ذاته- نقاط ضعف؛ نظراً لأن القرار السورى يخضع فى نهاية المطاف لتلك القوى المؤثرة.
-
يعتقد البعض أن سوريا قد تعرّضت لمؤامرة كبيرة، ومُورِس على النظام ضغوط فوق طاقته. ومن ثم يُلتَمَس له بعض العذر فيما أقدم عليه من عنفٍ فى الأراضى السورية. فلقد حاولت إسرائيل منذ عام 2003 تفكيك الارتباط الإيرانى–السورى؛ للقضاء على حزب الله الذى يهدد الوجود الإسرائيلى بدعمٍ من إيران، ولكن الرئيس السورى بشار الأسد لم ينصاع–بدوره- إلى الإيعاز الإسرائيلى، رغم إغرائه بالحصول على الجولان؛ وذلك لعدم ثقة الأسد فى إسرائيل. ومن ثمَّ، اندلعت الثورة السورية فى سياق ثورات عديدة شهدتها المنطقة العربية فى مطلع العِقد الماضى؛ والتى استهدفت فى نهاية المطاف إسقاط النظام السورى الذى يترأسه الأسد؛ عقاباً له على رفضه تفكيك الارتباط مع إيران. وبالتالى، يميل الكثيرون إلى الجزم بأن ما يحدث فى سوريا ليس حرباً أهلية، وإنما مؤامرة “مكتملة الأركان”؛ لاسيمَّا وأن هناك شواهد عدة تؤكد تقديم وزير خارجية قطر السابق/ حمد بن جاسم المليارات للمعارضة السورية والمرتزقة، وكذا حماية الولايات المتحدة للعناصر الإرهابية، بل وتلقّى عناصر جبهة النصرة العلاج فى إسرائيل.
-
كان الأسد مراهناً على عنصر الوقت، وملتزماً بالصبر والأناة فى أشد المواقف التى تعرَّضت لها سوريا. واستطاع- فى نهاية المطاف- استعادة نحو 75 % من الأراضى، التى كانت قد استحوذت عليها قوى المعارضة، إلا إنه رغم ذلك، لايزال يواجه بعض التحديات الأساسية، ومن بينها ما يلى:
-
البنية التحتية المدمرة، والتى يُقدَّر إعادة إنشاؤها بما يتراوح من 250 إلى 300 مليار دولار.
-
العقوبات الأمريكية والأوروبية المفروضة على النظام؛ جرَّاء سياساته داخل سوريا.
-
استمرار وجود القوات الأجنبية داخل الأراضى السورية، وتأثير ذلك على القرار السورى، واستقلاليته على المستويين الداخلى والخارجى.
-
قضية اللاجئين والنازحين، والذين سيكون القرار الخاص بعودتهم، غير سورى بالأساس.
-
لا تزال المسألة الكردية فى سوريا تجذب الانتباه؛ نظراً لما يشوبها من خلافاتٍ داخلية؛ لن تسفر سوى عن ضعفها.
-
فيما يتعلق بدور الولايات المتحدة فى سوريا، فلم يعد يخفى أن هناك تحولاً في موقف إدارة بايدن من الملف بالمقارنة بإدارة ترامب التي قامت سياستها على أساس ممارسة “أقصى ضغط” على دمشق والتزام “الصبر الاستراتيجي”، من خلال استخدام أدوات، منها: العقوبات، وعرقلة إعادة الاعمار، وفرض العزلة على دمشق. إذ يُستفَاد تراجع الملف على أولويات إدارة بايدن من مؤشرات عدة أبرزها: أن بايدن لم يأتِ على ذكر سوريا في أى من خطاباته الرسمية حول سياسته الخارجية، كما أنه لم تكن هناك ردود فعل أمريكية قوية على حملة وزير الخارجية الروسى سيرجي لافروف؛ للتشجيع على إعادة سوريا إلى “الحضن العربى”، فيما لم تصدر أى عقوبات جديدة بموجب “قانون قيصر”، من الإدارة الجديدة. ومع ذلك تظل المحاور الرئيسية للسياسة الخارجية الامريكية تجاه سوريا كما هى، وتتمثل في: دعم قوات سوريا الديمقراطية ضد قوات النظام وحلفائه؛ الحفاظ على ما تحقق من نجاحات، مع تفادى الانزلاق لحرب واسعة لاتريدها واشنطن، مباركة غارات إسرائيل على المواقع الإيرانية في سوريا؛ ورفض الاعتراف بشرعية نظام بشار الأسد وإعادة انتخابه. ومن غير المرجح رفع العقوبات عن نظام الأسد أو تخفيفها أو السماح بالتطبيع معه أمريكياً وأوربياً. وفى هذا السياق، قررت واشنطن الإبقاء على وجودها العسكري في “التنف” (على الحدود السورية/العراقية)،وفى المناطق الشمالية/الشرقية، وربط انسحابها بانسحاب القوات الإيرانية. وتؤكد واشنطن أن بقاءها فى سوريا يصب فى خدمة مصالحها ومصالح حلفائها، كما يحقق الاستقرار في المنطقة. ولايجب استبعاد انعكاسات لعودة الولايات المتحدة إلى الملف النووى الإيرانى على الوجود العسكري الإيرانى في سوريا. كما تظل -تراوح مكانها- مسألة وجود عشرات الآلاف من عناصر تنظيم “داعش” السابقين، والمقيمين حالياً فى معسكرات اعتقال، والتى تهدد بإنتاج جيل جديد من العناصر الإرهابية شديدة الخطورة فى قلب الشرق الأوسط.
-
هذا، وعلى المستوى الداخلى السورى، فتنبغى الإشارة إلى أن الانتخابات السورية الأخيرة تمثل دليلاً كافياً على أن نظام الأسد لن يُقدِم على اتخاذ أية خطوات إصلاحية داخلية؛ لأن المضى قدماً فى ذلك سوف يؤدى إلى نهاية النظام نفسه. وسيظل النظام متمسكاً بمذهب القوة والبُعد عن التنازلات، فى جهوده لاستعادة مقاليد الأمور بالبلاد، وذلك على نحو ما حدث فى محافظة درعا فى اوائل الشهر الجارى(سبتمبر 2021). فعلى الرغم من أن عملية الانتخابات السورية الأخيرة قد استبعدت درعا من عملية التصويت، مثل العديد من المحافظات الأخرى، إلا إنها خضعت فى النهاية لنظام الأسد، وفقاً لوساطة روسية. والنتيجة الحتمية لهذا التطور، هو أن سياسة الأسد تعتمد على فرض الأمر الواقع، عبر داعميه فى سوريا؛ وهو ما يمكن أن يستفحل فى ظل غياب آلية عربية مشتركة للتعاطى مع النظام السورى القائم، وأيضاً فى ظل استمرار الانشقاقات الدولية بشأنها؛ ناهيك عن انقسام المعارضة السورية ذاتها، وضعفها، وعدم طرح بديل للرئيس الأسد- والذى أفضى بدوره إلى وجود قبول دولى للتعامل مع النظام السورى، رغم عدم الاعتراف به.
-
وفى هذا الصدد، تم التأكيد على أن ظروف المنطقة غير مناسبة على الإطلاق لتغيير الوضع الكردى، وأنه لا بد من التعامل فى نهاية المطاف مع النظام ولو بصورة مرحلية؛ إذ لا يوجد حل سياسى فى الوقت الحالى، فيما يفرض الحل العسكرى ذاته بمرور الوقت. هذا، إلى جانب قضية العناصر الإرهابية الموجودة فى المعتقلات الكردية، والتى تمثل أزمة فى حد ذاتها- لا يمكن للأكراد وحدهم التعامل معها، لاسيَّما وأن معظم الدول تمتنع عن التطرق إلى هذا الملف؛ لرغبتها فى عدم التورط فى حمل أعباء هؤلاء الأفراد، فيما تقوم بعض الدول بسحب الأطفال فقط، دون البالغين منهم.
-
هذا، وبشأن مستقبل سوريا، فيعتقد البعض أن روسيا ستطلب من الأسد إيجاد صيغة توافقية تسمح بإيجاد آلية جديدة للحكم فى سوريا، وكذا مواصلة المساعدات وعودة النازحين واللاجئين… إلخ. وهذه مسألة خاضعة بالأساس للزمن، ومدى استجابة الأسد لها؛ وكذا لدور إيران الذى يصطدم مع الدور الروسى فى سوريا؛ فالقوات الإيرانية قد يُفهَم أنها هى القوات الأجنبية التى أشار إليها الرئيس بوتين عقب لقائه بالأسد مؤخراً، حينما ذكر أن مشكلة سوريا تكمن فى وجود القوات الأجنبية بها، وذلك دون النظر إلى القوات الروسية الموجودة بها أيضاً. والواقع أن إيران لن توافق مطلقاً على فك الارتباط بسوريا، كما تتمنى روسيا وإسرائيل؛ إذ يُطلَق على الجيش الإيرانى “جيش المهدى”، وهو المنوط به تحرير المسجد الأقصى من يد إسرائيل؛ ما يتطلب بالضرورة مقاومة الأخيرة بشتى الطرق؛ فهذه هى عقيدة إيران الأساسية بغض النظر عن أى شىء آخر. ومن ثم، تعتقد إيران أن وجودها فى سوريا يجىء ضمن محور المقاومة، بالرغم من ادراكها ضعف إمكاناتها وإمكانات النظام السورى في الرد على الهجمات الإسرائيلية.
-
إن روسيا لا تزال هى القوة الحاسمة في سوريا، ولا تزال الخلافات وتعارض المصالح بين روسيا وإيران فى سوريا مكتومة، ولم تبلغ بعد مستوى الأزمة المعلنة. ومع ذلك، تدرك طهران أن الحرب الجارية ضدها من قبل إسرائيل لاتثير قلق موسكو طالما أن ضربات إسرائيل لاتضر بالمصالح الروسية؛ كما لا يخفى على أى مراقب التنافس المتزايد بين روسيا وإيران، فى إطار سعى كل منهما لتأكيد دوره فى تقرير مصير سوريا، وهو ما يبعث عن الاعتقاد بأن هذه العلاقات قد تتدهور في المستقبل، خاصة إذا ما عادت واشنطن إلى الاتفاق النووى مع إيران وتحسنت، بالتالى، علاقات البلدين. من جهة أخرى، من المرجح أن تستمر موسكو فى حوارها مع تل أبيب؛ من أجل البحث في إمكانية ترتيب تفاهمات بين إسرائيل والرئيس الأسد.