فى مشاركة د./ عزت سعد فى فعالية حول تعاون الجنوب/ الجنوب يتعيَّن تبادل الخبرات والاستفادة من تجارب الآخرين لمواجهة الفقر وتحقيق التنمية
أكتوبر 21, 2021فى ندوة بالمجلس حول “تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر 2021”
أكتوبر 26, 2021
السفير عزت سعد
مســاعد وزير الخارجية الأســبق للشــئون الإفريقية، وســفير مصــر الأســبق في موســكو، ومحافظ الأقصــر الأسبق، ومدير المجلس المصري للشئون الخارجية
رُغم أن العلاقات الروسية بالغرب، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لها الأولوية على ما عداها، فقد نجحت موسكو–ودون مواجهة مع واشنطن- في خلق انطباع في العالم العربي بأنها غريم منافس للولايات المتحدة في المنطقة وفي مناطق أخرى، ويروق لموسكو الإبقاء على هذا الانطباع، وهو ما يساهم في تغيير صورة الدولة الضعيفة التي ظلت مهيمنة في أذهان شعوب المنطقة إبان حكم “يلتسين” خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي. • لا ينبغي أبدا أن نتجاهل حقيقة أن “الشراكة الاستراتيجية” التي نتحدث عنها بين القاهرة وموسكو، سعت إليها روسيا -مثلما سعت إليها مصر- في إطار مخاوف موسكو الجدية من استغلال الإسلام السياسي لثورات الربيع العربي في الصعود للحكم، وتقييم موسكو لهذه الثورات على أنها انقلابات مدعومة غربيًّا للإطاحة بالنظم الشرعية القائمة واستبدالها بنظم موالية على غرار الثورات الملونة في جورجيا وأوكرانيا التي دعمها الغرب مستهدفًا موسكو بها. • تتسم السياسة الخارجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقدر كبير من البراجماتية والعملية، ودرجة عالية من المرونة، تبدو فيها هذه السياسة متناقضة في بعض الأحيان وربما انتهازية في أحيان أخرى، على نحو ما يقدره محللون كثُر. • رغم نجاح السياسة الخارجية الروسية في الموازنة بمهارة شديدة بين قوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بما فيها ذوو المصالح المتعارضة والمتناقضة، لم تنجح موسكو في توظيف نجاحاتها في هذا الصدد للقيام بأدوار وساطة في النزاعات القائمة به، رغم محاولاتها العديدة في هذا الشأن، سواء فيما يتعلق بالحرب في اليمن أو الصراع العربي/ الإسرائيلي أو الأزمة الليبية، وإن ظلت على روابطها واتصالاتها بجميع الأطراف في هذه النزاعات. • تظل روسيا واحدة من الشركاء الكبار لمصر سياسيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا وعسكريًّا، وهي شراكة تقوم على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة في إطار السياسة الخارجية الأوسع التي تبنتها مصر منذ عام 2014 والقائمة على تنويع الخيارات والندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحفاظ على الدولة الوطنية واحترام سيادتها بوصفها حجر الأساس في بناء النظامين الإقليمي والدولي.
في إطار محاولة فهم العلاقات المصرية/ الروسية بأبعادها المختلفة، ينبغي التعرف على محددات استراتيجية السياسة الخارجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ثم التحولات في السياسة الروسية بعد عام 2011، المرتبطة بثورات الربيع العربي، وانعكاساتها على الشراكة المصرية/ الروسية، وسمات هذه السياسة، وأخيرا بعض النقاط الأساسية المتعلقة بواقع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، ويتضح ذلك فيما يلي:
أولا- محددات استراتيجية السياسة الخارجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:
تتمثل أهم محددات استراتيجية السياسة الخارجية الروسية في المنطقة فيما يلي بصفة خاصة:
1- مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، باعتبار أن ذلك يحقق مصالح روسيا ويحمي أمنها القومي؛ لما له من صلة بالمكون الإسلامي في المجتمع الروسي، والذي يبلغ نسبة 17 – 20% من إجمالي عدد السكان، وهم من المسلمين السنة المتواجدين بصفة أساسية في حزام جمهوريات ذات حكم ذاتي في جنوب روسيا، على حدودها مع العالم الإسلامي. وقد حرصت روسيا، في هذا السياق، على اكتساب وضعية المراقب لدى منظمة التعاون الإسلامي منذ عام 2005، كما بادرت بإنشاء شراكة استراتيجية تقوم على حوار غير رسمي يضم شخصيات من الدول الإسلامية الرئيسية، بما فيها مصر، يعقد سنويا بشكل شبه منتظم منذ عام 2006.
2- حرص روسيا على الظهور بمظهر القوة العظمي في المنطقة، ويرجع ذلك أساسا إلى الرؤية الروسية لعلاقاتها بالشرق الأوسط كعامل مهم في معادلة العلاقات الروسية/ الأمريكية؛ ذلك أنه بعد انتهاء الحرب الباردة، سعت روسيا إلى التقارب مع الغرب والتعاون معه، سواء لتحقيق تسوية سلمية للصراع العربي/ الإسرائيلي من خلال عملية مدريد بعد حرب تحرير الكويت عام 1991، أو إبداء التضامن مع واشنطن في حملتها لمكافحة الإرهاب بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، حيث كان الرئيس بوتين أولَ مَن بادر بالاتصال بنظيره الأمريكي مبديا استعداده للتعاون في هذا الشأن.
وقد عادت روسيا إلى المنطقة بوجه مختلف عن الوجه السوفيتي، حيث لم تعد الأيديولوجية تلعب أي دور في توجهات سياستها الخارجية، وأصبح الشرق الأوسط منطقة تتمتع فيها هذه السياسة بميزة تكتيكية وطابع عملي براجماتي، تجعلها مختلفة عن سياسات الغرب.
وفي حين تظل علاقاتها بالغرب، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، لها الأولوية على ما عداها، نجحت موسكو–ودون مواجهة مع واشنطن- في خلق انطباع في العالم العربي بأنها غريم منافس للولايات المتحدة في المنطقة وفي مناطق أخرى، ويروق لموسكو الإبقاء على هذا الانطباع، وهو ما يساهم في تغيير صورة الدولة الضعيفة التي ظلت مهيمنة في أذهان شعوب المنطقة إبان حكم “يلتسين” خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي.
3- تحقيق أهداف اقتصادية وتجارية ممثلة في تأمين فرص لمبيعات روسيا من السلاح في أسواقه التقليدية، ومحاولة اختراق أسواق جديدة مثل دول الخليج العربي، وتأمين مصالح شركات الطاقة الروسية في المنطقة.
هذا، وإن نظرة إلى هذه الأهداف الاستراتيجية لروسيا في المنطقة، تقودنا إلى نتيجة مؤكدة مفادها أن مصر تعد مفتاح المصالح الروسية في هذه المنطقة، بحكم دورها التاريخي الحضاري والثقافي وثقلها السكاني وإرث علاقاتها بالاتحاد السوفيتي السابق، ونزعتها الدائمة إلى الاستقرار والسلام مع جيرانها والعالم.
ثانيًا- أهم التحولات في السياسة الروسية بعد عام 2011 وانعكاساتها على الشراكة المصرية/ الروسية:
لا ينبغي أبدا أن نتجاهل حقيقة أن “الشراكة الاستراتيجية” التي نتحدث عنها بين البلدين، سعت إليها روسيا -مثلما سعت إليها مصر- في إطار مخاوف موسكو الجدية من استغلال الإسلام السياسي لثورات الربيع العربي في الصعود للحكم، وتقييم موسكو لهذه الثورات على أنها انقلابات مدعومة غربيا للإطاحة بالنظم الشرعية القائمة واستبدالها بنظم موالية على غرار الثورات الملونة في جورجيا وأوكرانيا التي دعمها الغرب مستهدفا موسكو بها، علما بأنه في بدايات عام 2012، ومع الإعداد لانتخابات رئاسية جديدة في روسيا كان معروفا مسبقا الفائزُ فيها، شهدت العاصمة موسكو احتجاجات حاشدة تعاظمت معها مخاوف النخبة السياسية الحاكمة إزاء ما هو قادم.
وبإيجاز، يمكن القول بأنه بعد ثورة 30 يونيو 2013 وسقوط حكم الإخوان، تنفست موسكو الصعداء وتلاقت مصالحها مع المصالح المصرية، وإن اختلفت الأسباب.
ثالثا- سمات السياسة الخارجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا:
ارتباطاً بما تقدم، ينبغي التأكيد على أن السياسة الخارجية الروسية في المنطقة تتسم بقدر كبير من البراجماتية والعملية، ودرجة عالية من المرونة، تبدو فيها هذه السياسة متناقضة في بعض الأحيان وربما انتهازية في أحيان أخرى، على نحو ما يقدره محللون كثُر، والأمثلة على ذلك عديدة، منها علاقات روسيا بفلسطين وإسرائيل، ففضلا عن تواصل موسكو مع كل الأطراف الفلسطينية (السلطة الوطنية الفلسطينية – حماس التي لا تعتبرها روسيا إرهابية)، وفي الوقت الذي انخرطت فيه حماس في صدامات خطيرة ومباشرة مع إسرائيل، ازدهرت علاقات روسيا بالأخيرة ونمت بذرة التعاون الأمني الواسع بين البلدين، بما في ذلك “مكافحة الإرهاب”، كما باتت إسرائيل مصدرا مهما لبعض التكنولوجيات العسكرية في روسيا، وكذلك تبدو هذه “الواقعية” في السياسة الخارجية الروسية بالمنطقة في علاقات موسكو بكل من طهران وأنقرة فيما يتصل بتدخل الأولى عسكريا في سوريا، فقد دخلت روسيا بالفعل في نوع من “التحالف الموقفي” مع إيران وتركيا، والذي بموجبه اعترفت -وقبلت كمسألة واقع- بمصالح أمنية وجيوسياسية لحليفتيها في سوريا، والتي اعتبرتها مصالح قومية مشروعة لكل من البلدين، على نحو ما يؤكده كبار المسؤولين الروس.
ففيما يتعلق بإيران، أدركت روسيا حاجتها إلى الاحتفاظ بطريق بري بينها وبين حليفها حزب الله في لبنان، والذي تعتبره موسكو لاعبا سياسيا وعسكريا مهما في المنطقة، وليس تنظيما إرهابيا كما تصنفه الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته لم ترتح روسيا لمحاولات إيران –على محدوديتها– تهديدَ إسرائيل من داخل سوريا، رغم اعتراف الرئيس بوتين بدور إيران وحزب الله في تحقيق الانتصار الذي أعلنه النظام السوري، وقد تعززت علاقة روسيا بمحور المقاومة بقيادة إيران، والممتد من لبنان إلى إيران، في النزاع السوري، حيث اتحد الجميع حول هدف واحد هو ضمان الإبقاء على نظام الأسد، وتدرك روسيا أنها لا تملك القدرة على العمل بمفردها وبصفة مستقلة عن هذا المحور، وأن أي قطيعة مع إيران سوف تطيح بما حققته من مكاسب في سوريا.
وبالرغم من تعاون موسكو مع إيران في سوريا، واستمرار التمسك بالصفقة النووية الإيرانية الموقعة عام 2015، تمضي روسيا قدما في العمل على تعميق روابطها بدول الخليج العربي، لا سيما السعودية والإمارات، اللتين تنظران إلى إيران على أنها خصمهما الرئيسي، في الوقت الذي لا تبدو موسكو فيه قادرة على كبح جماح توسع نفوذ طهران بهدف السيطرة على العراق وسوريا ولبنان، وقد لا تكون راغبة في ذلك أساسا.
ولقد كان آخر الأمثلة على “واقعية” السياسة الخارجية الروسية وتوخيها مصالحها الذاتية قبل أي اعتبار آخر، هو أنه بالرغم من “الشراكة الاستراتيجية الشاملة” مع مصر، فإن روسيا تبنت خطابا مستفزا عند عرض ملف سد النهضة –على أهميته الحيوية والوجودية لمصر- على مجلس الأمن الدولي في 8 يوليو الماضي، حيث انطوى الخطاب على تحذير من مغبة استخدام القوة ورفض للتهديد بذلك. وفي الوقت الذي أثار فيه هذا الخطاب ردود فعل غاضبة واسعة في أوساط الشعب المصري، حمل إلينا الإعلام الإثيوبي والروسي أنباء توقيع اتفاقية تعاون عسكري بين روسيا وإثيوبيا، وتواكب كل ذلك مع الإعلان عن قرار للرئيس بوتين باستئناف رحلات الطيران المباشر والعارض إلى المقاصد السياحية المصرية، وبدت الدبلوماسية الروسية كأنها تسعي لإرضاء الجميع طالما كان ذلك محققا لمصالحها.
والواقع أنه رغم نجاح السياسة الخارجية الروسية في الموازنة بمهارة شديدة بين قوى الإقليم، بما فيها ذوو المصالح المتعارضة والمتناقضة، لم تنجح موسكو في توظيف نجاحاتها في هذا الصدد للقيام بأدوار وساطة في النزاعات القائمة به، رغم محاولاتها العديدة في هذا الشأن، سواء فيما يتعلق بالحرب في اليمن أو الصراع العربي/ الإسرائيلي أو الأزمة الليبية، وإن ظلت على روابطها واتصالاتها بجميع الأطراف في هذه النزاعات.
ولا شك أن هناك قيودا على نفوذ روسيا في المنطقة، فهي ليست القوة المهيمنة فيها، كما أنها ليست القوة الرئيسية المعترف بها لضمان أمنها، إذ تخضع روسيا لعدد من القيود، خاصة من حيث الموارد الاقتصادية والمالية التي تكبل سياستها الخارجية في مجملها وفي الشرق الأوسط خاصة، ناهيك عن كونها من غير المانحين.
وأخيرا، تتباين المواقف مع روسيا بشأن عدد من القضايا، وهي مسألة طبيعية رغم علاقاتنا الاستراتيجية بها في مجالات عديدة، فعلى سبيل المثال، يعتقد الروس أنه بالإمكان احتواء تركيا أردوغان من خلال ضمها لمنتدى غاز شرق المتوسط الذي أنشئ بجهود دبلوماسية مكثفة قادتها مصر منذ عام 2014، كما أن لموسكو موقفا مختلفا مرتبطا بالملف الليبي، وهناك دائما مخاوف من أن يجري تنسيق تركي/ روسي في ليبيا، على غرار ما يجري في سوريا، ناهيك عن موضوع سد النهضة السابق الإشارة اليه.
رابعا- بعض النقاط الأساسية المتعلقة بواقع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين:
من المهم التأكيد على أن التعاون الفني أو “التقني” مع روسيا، وبعيدا عن التعاون العسكري بين البلدين، يكاد يكون محصورا، حتى الآن، في مشروع إقامة محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية بمنطقة الضبعة، وكانت القاهرة، في إطار جهودها لجذب الاستثمارات الأجنبية من مختلف الدول الصديقة، قد اقترحت على موسكو إقامة منطقة للصناعات الروسية في مصر، حيث تم بالفعل توقيع مذكرة تفاهم بإنشاء هذه المنطقة في يونيو عام 2007 في برج العرب، ثم عادت مصر ووفرت لروسيا منطقة مناسبة في إطار المنطقة الاقتصادية لقناة السويس لإقامة منطقتها عليها، أسوة بدول صديقة أخرى، وبعد عدد من الملاحظات من الجانب الروسي، استقر الأمر على أن تكون هذه المنطقة شرق بورسعيد، ومع ذلك، ورغم مضي سنوات على تخصيص المنطقة، لم يتخذ الجانب الروسي أي خطوة للبدء في استغلالها، وهو ما كان محل مباحثات مكثفة بين المهندس يحيى زكي، رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، ووفد روسي في يوليو الماضي؛ للتعرف على أسباب تقاعس الشركات الروسية عن بدء أنشطتها في المنطقة حتى يمكن المعاونة في تذليلها، وقد أثار المجلس المصري للشؤون الخارجية هذه المسألة مع نظيره الروسي (المجلس الروسي للشؤون العالمية) خلال ندوة افتراضية جرت في يوليو الماضي تناولت مختلف قضايا التعاون بين البلدين.
أما بالنسبة لمشروع الضبعة، فالحقيقة أن التعاقد مع روسيا على تنفيذه تم من خلال عملية طويلة ومعقدة شاركت فيها شركات أجنبية من بلدان أخرى صديقة مثل كوريا الجنوبية وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها. ولما كان العرض الروسي هو الأكثر مناسبة من النواحي المالية والفنية، بالمقارنة بالعروض الأخرى، فقد وقع اختيار مصر عليه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لا يجب أن يغيب عن ذهن أي محلل سياسي موضوعي حقيقة أنه لم يكن ممكنا أن يقدم الجانب الروسي هذه التسهيلات لولا قناعته الكاملة بأن هناك عائدا جيوستراتيجيا لا يقدر بثمن –وربما يتجاوز من هذا المنظور التكلفة المالية للمشروع (25 مليار دولار)- من وراء إنشاء هذه المحطة في مصر، الدولة الأكبر والأكثر نفوذا وتأثيرا في منطقتها، والدليل الواضح على ذلك أن الحكومة الروسية رفضت إعطاء تسهيلات مماثلة –أو حتى قريبة منها- للحكومة الأردنية التي لم تقبل بالشروط الروسية لتنفيذ المشروع.
وهكذا لا يليق أبدا أن يقال إن “روسيا لبّت تطلعات الشعب المصري، واستجابت للإرادة الشعبية والسياسية الطامحة لمشروع عملاق لتوليد الطاقة، يحقق لمصر مستويات أكثر حداثة نحلم بها لأنفسنا ولأبنائنا وللأجيال القادمة!”، فمن لبي تطلعات الشعب المصري هو قيادته السياسية التي أدارت ملف إنشاء محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية بقدر كبير من الحكمة والموضوعية والتأني، ودراسة العروض وفقا لمعايير مجردة شفافة قادت في النهاية إلى اختيار العرض الأفضل للمصالح المصرية.
أما بالنسبة للتعاون في مجالات فنية أخرى مثل مجال الفضاء، فينبغي التأكيد على أن الجانب الروسي نفسه يقدر أن هذا المجال يجب أن يُبذل فيه قدر أكبر من الجهد مع مصر، خاصة أن جمهورية الصين الشعبية تظل البلد الأكثر مساهمة ماليا وفنيا في تجهيز وكالة الفضاء المصرية وبنيتها التحتية، تليها بمراحل بعض الدول الأوروبية، بينما لا تدخل روسيا في عداد الدول المانحة، سواء لهذا المشروع أو غيره.
وأخيراً، فإنه منذ إطلاق عملية التفاوض بين مصر والاتحاد الاقتصادي الأوروآسيوي في عام 2016 لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الجانبين، لم يحدث أي جديد في هذا الشأن، وما تزال المفاوضات في مكانها، ويُنتظر إطلاق جولة جديدة في مصر قريبا.
والخلاصة هي أن روسيا تظل واحدة من الشركاء الكبار لمصر سياسيا واقتصاديا وتجاريا وعسكريا، وهي شراكة تقوم على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة في إطار السياسة الخارجية الأوسع التي تبنتها مصر منذ عام 2014 والقائمة على تنويع الخيارات والندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والحفاظ على الدولة الوطنية واحترام سيادتها بوصفها حجر الأساس في بناء النظامين الإقليمي والدولي.
نشر المقال بمجلة مجلس الوزراء ، مركز المعلومات و دعم أتخاذ القرار بتاريخ 24 أكتوبر 2021 و رابط؛