العلاقات المصرية/ الروسية: شراكة متساوية ومصالح متبادلة
أكتوبر 24, 2021نافخ الصافرة
أكتوبر 26, 2021
التقرير يقدم صورة شاملة للبرامج الإصلاحية والسياسات على مدى عِقد
المشاركون: لابد من معالجة الزيادة السكانية ومناهضة الاقتصاد غير الرسمى
أكَّد المشاركون فى ندوة حول “تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر 2021” على أنه يجب تعزيز الثقافة الصحية العامة، وتطبيق الإجراءات الاستباقية فى هذا الصدد، واستحداث لجنة التنمية البشرية لتتبع رئاسة الوزراء مباشرة، كما هو الحال مع لجنة التنمية الاجتماعية، وكذا مناهضة الاقتصاد غير الرسمى واتخاذ ما يلزم من جهود لتحجيمه إلى أدنى حدٍ ممكن، فضلاً عن دعم كافة الجهود الرامية إلى معالجة قضية الزيادة السكانية فى البلاد؛ لأجل تعزيز فرص الإفادة من ثمار التنمية التى تعمل الدولة على تحقيقها فى كافة المجالات.
جاء ذلك فى ندوة استضاف فيها المجلس المصرى للشئون الخارجية أ.د./ خالد زكريا رئيس وحدة السياسات الاقتصادية الكلية بمعهد التخطيط القومى، وأحد المساهمين الرئيسيين فى تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر 2021، الذى أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية فى مصر تحت عنوان “التنمية حق للجميع: مصر المسيرة والمسار” فى 14 سبتمبر الماضى، برعاية وحضور الرئيس/ عبد الفتاح السيسى، بالعاصمة الإدارية الجديدة؛ للتحدث عن أهم جوانب التقرير، وما تضمَّنه من بيانات ومؤشرات حول عملية التنمية فى مصر. وقد افتتح اللقاء السفير د./ منير زهران، رئيس المجلس، وشارك فيه السفيران د./ عزت سعد، مدير المجلس، وحازم خيرت، ود./ صادق عبد العال، وأ./ عبد الغفار حنيش، وعددٌ من الباحثين المهتمين بالشأن المصرى، فى 26 أكتوبر 2021.
ولقد شهد اللقاء الإشارة بصفةٍ خاصة إلى ما يلى:
-
يقدم تقرير التنمية البشرية فى مصر 2021 صورة شاملة للأحداث والسياسات والبرامج الإصلاحية التى شهدتها مصر على مدى عِقد كامل من الزمان، فيما بين عامَى 2010 و2021، ويختلف عن تقارير التنمية البشرية السابقة، والتى ركَّزت على عدد محدود من محاور التنمية، مثل دور الشباب واللامركزية والإنفاق العام وإصلاح التعليم؛ حيث يتناول التقرير الحالى العديد من القضايا فى مجالات الإصلاح الاقتصادى والحماية الاجتماعية والتعليم والصحة والتنمية المستدامة، ويناقش التحديات التى واجهت الدولة وما تحقق من إنجازات، وما ينبغى القيام به فى هذا الشأن. هذا، ويُعَد التقرير هو الثانى عشر فى سلسلة تقارير التنمية البشرية الوطنية التى دأبت مصر على إصدارها منذ العام 1994، ويأتى بعد توقف دام عشر سنوات منذ آخر إصدار فى عام 2010.
6 محاور للتقرير
يتناول التقرير ستة محاور رئيسية: الاستثمار فى رأس المال البشرى؛ الإصلاح الاقتصادى؛ الحماية الاجتماعية؛ تمكين المرأة المصرية؛ حماية نظم البيئة؛ والحوكمة فى مصر.
بالنسبة للمحور الأول “الاستثمار فى البشر”: فقد تطرَّق إلى الخدمات التى تناولتها قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والبنية التحتية؛ حيث أشار التقرير إلى مدى إتاحة الخدمات فى كلٍ من هذه القطاعات، وجودتها، وعدالة توزيعها، وكذا تطور الإنفاق العام المنوط بها.
ففى مجال التعليم، يشير التقرير إلى تحسن مؤشرات إتاحة التعليم ما قبل الجامعي بين العامين 2010 و2020، إذ ارتفعت معدلات قيد الطلاب فى كافة مراحل التعليم وتلاشت الفجوة النوعية بين الجنسين فى مراحل التعليم ما قبل الجامعي. كما انخفضت معدَّلات التسرب بالنسبة لمرحلة التعليم الإعدادي من 5,5% للبنين و4,7% للبنات فى عام 2010/2011 إلى 2,8% للبنين و2,6% للبنات فى 2018/2019. كما ارتفعت معدلات الانتقال من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية، وكذلك معدلات الانتقال من المرحلة الإعدادية إلى المرحلة الثانوية (بشقّيها العام والفني). كما زادت الطاقة الاستيعابية لمنظومة التعليم العالي مع افتتاح عدد من الجامعات الأهلية الجديدة وجامعات حديثة متخصصة فى التكنولوجيا، وكذا تطور مصر فى التصنيف العالمى للجامعات والنشر الدولى.
وفى مجال الصحة، يُشَار إلى تحسن صحة المصريين بشكل عام، وأدت البرامج والمبادرات الصحية، التى تم إطلاقها منذ عام 2014، إلى زيادة معدلات الأداء الخاصة بالوحدات المكونة لمنظومة الصحة فى مصر. ولقد خاضت مصر، على سبيل المثال، تجربة رائدة على المستوى العالمي، فى مواجهة فيروس الالتهاب الكبدي الوبائي (فيروس سي)؛ إذ نجحت فى خفض تكلفة العلاج وتقصير مدته، مما سهل من فرص إتاحته للجميع ورفع نسب الشفاء بأكثر من 98%، وأسهمت فى تحقيق وفر مالي فى تكلفة العلاج يقدر بنحو 8 مليارات جنيه. هذا إلى جانب حملة 100 مليون صحة والكشف عن الأمراض المزمنة وعلاجها… إلخ.
تقدم فى خدمات البنية التحتية
وفيما يتعلق بالإسكان، كانت مصر واحدة من دول العالم الرائدة التي قامت بتضمين “الحق فى السكن” فى دستورها. وفي هذا الإطار، استهدفت الدولة إنشاء 2,2 مليون وحدة سكنية، موزعة بين إسكان اجتماعى ومتوسط ومتميز وبديل العشوائيات. ولقد بلغ عدد المستفيدين من برنامج الإسكان الاجتماعى، على سبيل المثال، منذ عام 2014 وحتى يونيو 2020 قرابة 312 ألف مستفيد، حصلوا على دعم نقدى من صندوق الإسكان الاجتماعي يصل إلى 4,9 مليار جنيه، وبتمويل عقاري فى حدود 30,8 مليار جنيه. وغنىٌ عن الذكر أنه قد تضافر مع ذلك العملُ على تغطية خدمات البنية التحتية من مياه نظيفة وصرف صحى وغاز ورصف طرق، وهو ما أُحرِز فيه تقدم كبير، وفقاً للإحصائيات المعلنة فى هذا الصدد.
اتجاه نزولى لمعدلات الفقر
وبالنسبة للمحور الثانى” الإصلاح الاقتصادى”: رصد التقرير نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى فى تحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي وانخفاض معدلات البطالة وسد فجوة ميزان المدفوعات وإعادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر. وساهمت تلك الإصلاحات فى تهيئة الاقتصاد المصري لمواجهة جائحة كورونا. فنجحت فى تحقيق معدلات نمو إيجابية رغم الجائحة، حيث بلغ معدل النمو 3,6 % فى 2019 / 2020 و2,8 % فى 2021/2020 مع توقع معدل نمو 5,4 % فى العام المالي 2021 /2022.
وبالنسبة للمحور الثالث “الحماية الاجتماعية”: اهتمت مصر بتخفيف أثر الإصلاحات الاقتصادية على الفئات الأكثر احتياجًا من خلال زيادة مخصصات برامج الحماية الاجتماعية، والتوسع فى برامج الدعم النقدي المشروط، وتحسين استهداف منظومة دعم السلع التموينية. وقد بلغ عدد المستفيدين من الدعم النقدي بكل أشكاله 3.8 مليون أسرة فى فبراير 2021. وعلى الرغم من تراجع معدلات الفقر إلى 29,7 % فى العام 2019/2020 مقارنة بـ 32,5 % فى عام 2017/2018 ، والتى تعدّ المرة الأولى التى تنخفض فيها معدلات الفقر منذ 20 عامًا، فإنها لا تزال تحتاج إلى مزيد من البرامج الداعمة لضمان استمرار هذا الاتجاه النزولي فى معدلات الفقر.
الإدارة الواعية بالمخاطر البيئية
وبالنسبة للمحور الرابع” حماية نظم البيئة”: عكفت مصر على تعظيم الاستفادة من أصولها الطبيعية وشرعت فى تبني نهج الإدارة الواعية بالمخاطر البيئية إذ أكدت استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030 أهمية الأبعاد البيئية للتنمية المستدامة وضرورة دمجها فى مختلف القطاعات الاقتصادية. وفي هذا الصدد، عملت مصر على ترشيد استخدام المياه وتحسين منظومة الرى من خلال مشروع ضخم لتبطين الترع ودراسة حلول غير تقليدية لتأمين احتياجاتها المستقبلية من المياه مثل تحلية مياه البحر وإعادة تدوير مياه الري والصرف الصحي، كما قامت بإصلاحات لمنظومة الطاقة بدأت بنظام لترشيد دعم الطاقة يضبط أنماط الاستهلاك غير المستدامة لمصادرها التقليدية، ويسعى لتحقيق العدالة فى توزيع الدعم وضمان توجيهه لمستحقيه، وتبنت مصر مشروعًا رائدًا لتحسين كفاءة استخدام الطاقة فى كافة المنشآت. وذكر التقرير زيادة مصر من اعتمادها على مصادر الطاقة المتجددة؛ وكان من بين ذلك إنشاء واحدة من أكبر محطات الطاقة عالميًا – محطة بنبان- لإنتاج الطاقة الشمسية. كما تقدمت مصر 8 مراكز فى مؤشر تغير المناخ ضمن 57 دولة مسئولة عن الانبعاثات الكربونية فى العالم؛ حيث تقدمت من المركز 30 فى عام 2016 إلى المركز 22 فى عام 2021.
جهود لتمكين المرأة
وبالنسبة للمحور الخامس ” تمكين المرأة”: بذلت مصر خلال السنوات القليلة الماضية عدداً من الجهود لتعزيز دورها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتمكينها كشريك لا غنى عنه لتحقيق التنمية المستدامة. وتبنت مصر فى عام 2017 استراتيجية وطنية لتمكين المرأة تعد الأولى من نوعها فى العالم فى إطار أهداف التنمية المستدامة 2030 على كافة الأصعدة. كما وصلت المرأة المصرية لكثير من المناصب التي لم تبلغها من قبل، فتجاوز تمثيل المرأة فى مجلسي النواب (28 %) والشيوخ (14%) الحدود الدنيا المنصوص عليها فى الدستور (25% و10%). وفي الحيز التنفيذي بلغت حصة المرأة 25% من الوزراء و27% من نواب الوزراء و31% من نواب المحافظين. هذا بينما تبذل وزارة العدل حالياً الجهود من أجل تعيين المرأة فى جميع المؤسسات القضائية وكافة المستويات، بما فى ذلك المناصب القيادية فى الهيئات القضائية ومجلس الدولة والنيابة العامة، إذ طورت مصر عددًا من الآليات المُساعِدة، من بينها معايير لاختيار المرشحين لتولّي المناصب القضائية تجعل الأولوية للكفاءة وتتجنَّب التمييز ضد المرأة. كما تم تعزيز التشريعات والقوانين التي توفر الحماية للنساء والفتيات؛ فتمَّ تجريم التنمر وتغليظ عقوبة التحرش وختان الإناث وتقوية الإجراءات التنفيذية لتطبيق تلك التشريعات. ولمواجهة جائحة كوفيد 19 تبنت مصر سياسات استجابة سريعة وحاسمة لمعالجة تأثير الجائحة على المرأة فصُنِّفت ضمن الدول الرائدة على مستوى العالم فى هذا المجال، والأولى على مستوى دول شمال أفريقيا وغرب آسيا.
تعزيز الحوكمة
وبالنسبة للمحور السادس” الحوكمة”: سعت مصر لتعزيزها فى مختلف المجالات والقضايا والقطاعات. وفى عام 2014 تبنت مصر رؤية الإصلاح الإدارى للوصول إلى جهاز إداري كفء وفعَّال، يتَّسم بالحوكمة، ويخضع للمساءلة وسيادة القانون، بما يُسهم فى تحقيق الأهداف التنموية الوطنية، ويُعلي من مستوى رضاء المواطن، بما فى ذلك تعزيز مشاركة الشباب فى صنع وتنفيذ السياسات العامة وتأهيلهم لقيادة العمل السياسي والإداري والمجتمعي. كما خطت مصر خطوات مهمة نحو التحول الرقمي والشمول المالي وتعميم التكنولوجيات المالية وإدماجها عبر كافة معاملاتها.
تحديات يجب التغلب عليها
هذا، ويُشار إلى أنه على الرغم من التقدم الذي حققته مصر فى كافة المجالات والقطاعات المشار إليها اعلاه، إلا أنه لا يزال هناك العديد من التحديات التى يجب التغلب عليها، من أهمها قضية الزيادة السكانية التى تشكِّل ضغطًا على موارد مصر، فيما يتعلق بالدعم وتوفير الخدمات الصحية والتعليمية. كما توجد، على سبيل المثال، مشكلة فى جودة الخدمات التعليمية ومؤشر التنافسية فى هذا القطاع مقارنةً فى أسواق التعليم بالمنطقة. وكذا تصاعد الدين العام فى مصر، بما يحمله ذلك من مشكلات تؤثر على الإنفاق العام بالدولة. كما تظل قضايا شح المياه، وتلوث الهواء وإدارة المخلفات الصلبة على رأس التحديات التي تحتاج مصر لمواجهتها بحلول مبتكرة.
توصيات لمعالجة التحديات
وفى هذا السياق، طرح التقرير عدداً من التوصيات، التى يجب العمل عليها، لمعالجة تلك التحديات على النحو الأمثل، من بينها: ترتيب الأولويات بما يتوافق ورؤية خطة 2030 للتنمية المستدامة العالمية، وأجندة إفريقيا 2063؛ تطوير قاعدة المعلومات للتخطيط التنموي السليم؛ التوسع فى التحول الرقمي وتسريع وتيرته فى الخدمات العامة والمعاملات المالية؛ استكمال البنية التشريعية وأولوية النظر فى القوانين التى يتسبب عدم إصلاحها أو تطويرها فى إعاقة الأعمال ذات الصلة، مثل قوانين الموازنة الموحَّد وحرية تداول المعلومات والإدارة المحلية… إلخ؛ تنفيذ الإصلاحات المؤسسية والإدارية اللازمة لتطبيق القوانين ذات الصلة؛ تعزيز نظم الإدارة والتقييم والمتابعة فى كافة القطاعات، لضمان كفاءة وجودة الخدمات العامة المقدمة؛ والعمل على رفع الوعي وتصحيح المدركات الاجتماعية المغلوطة.