مشاركة السفير/ عزت سعد مدير المجلس في فعالية مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات حول الأمن والتنمية في منطقة البحر الأحمر
نوفمبر 16, 2021خلال استقبال مدير المجلس لوزير مفوض السفارة الأمريكية للشئون السياسية: الجانب الأمريكى يؤكد دعم الأمن المائى لمصر حث واشنطن على مساندة عملية التنمية الشاملة الجارية فى مصر
نوفمبر 18, 2021
فى ندوة بعنوان “الانتخابات البرلمانية الأخيرة فى العراق، وتداعياتها على العلاقات مع كلٍ من إيران والولايات المتحدة والدول العربية، واحتمالات المستقبل”، افتتحها السفير د./ منير زهران، رئيس المجلس، وشاركت فيها نخبة من السفراء والأكاديميين والباحثين؛ من بينهم السفراء/ عزت سعد مدير المجلس، رخا حسن، فاروق مبروك، شريف شاهين سفير مصر الأسبق لدى العراق، د./ محمد السعيد إدريس، ود./ رجائى فايد رئيس المركز المصرى للدراسات الكردية، تمت الإشارة إلى تحذير من أن مقتدى الصدر زعيم التيار الصدرى، الفائز بأعلى عدد من مقاعد البرلمان العراقى (73 من 329مقعداً) فى انتخابات أكتوبر2021، لايلقى دعماً عربياً يؤيد موقفه الساعى لتشكيل حكومة على النحو الصحيح، ويدعم رفضه للضغوط الإيرانية؛ لتفريغ نتيجة الانتخابات من مضمونها؛ بعد التراجع الكبير فى مقاعد القوى الوثيقة الصلة بإيران. كما جرى التحذير من أنه إذا فشل الصدر، فإن الموقف العراقى الراهن سيبقى على ماهو عليه، وحثت على أنه لابد من وجود تواصل ودعم قوى من قبل الدول العربية للقوى العراقية ذات التوجه العروبى.
. وتوقعت الندوة، التى عُقدت بتاريخ 17 نوفمبر 2021، أنه فى ظل التوافق عرفاً على أن يكون رئيس العراق كردياً، فيما يكون رئيس الحكومة شيعياً، ورئيس البرلمان سنياً، فإنه من المتوقع أن يقدم رئيس الحزب الديمقراطى الكردستانى مسعود بارزانى مرشحاً لرئاسة البلاد فى الانتخابات الرئاسية المقبلة؛ وهو فى مركز قوة أكثر من الماضى، بعد حصوله على31 مقعداً مقارنة بـ25 مقعداً فى انتخابات مايو 2018. ومع ذلك، أشارت الندوة إلى أنه مايزال هناك عدد من المعوقات أمام ذلك الترشيح، من بينها: الاستفتاء، الذى عُقد فى سبتمبر 2017 بشأن استقلال إقليم كردستان العراق؛ بما يحمله من مخاوف مستقبلية لتعزيز هذا المنحى الانفصالى؛ وكذا احتواء أربيل- بإقليم كردستان العراق- لمؤتمر “السلام والاسترداد” فى سبتمبر 2021؛ والذى استهدف التطبيع مع إسرائيل، والتسليم باستعادة الذين هجروا العراق لأملاكهم فيها مرة أخرى؛ بما يثير المزيد من الجدل حول نية الإقليم فى الدخول فى علاقات مع إسرائيل لطالما رفضها أكثر الشعب العراقى.
انتخابات بعد مظاهرات
ومع هذه التحذيرات والتوقعات، تناولت الندوة السبب الرئيسى فى إجراء تلك الانتخابات المبكرة، فى 10 أكتوبر 2021، ويتمثل فى كونها جزءاً من خطة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمى، الذى ركَّز على مكافحة الفساد ومحاسبة المسئولين عمَّا حدث من قتل وإصابات فى مظاهرات ” تشرين –أكتوبر- 2019 “.فقد قامت هذه المظاهرات احتجاجاً على تردّى الأوضاع الاقتصادية للبلاد، وانتشار الفساد الإدارى والبطالة، وتعاظم التغلغل الإيرانى فى العراق؛ وما لبثت أن طالبت بإسقاط النظام الحاكم، واستقالة حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدى، وتشكيل حكومة مؤقتة، وإجراء انتخابات مبكرة.
خسائر فى مقاعد المرتبطين بإيران
وقدمت الندوة تحليلاً لنتائج هذه الانتخابات المبكرة(6أشهر عن موعدها تقريباً). فقد أسفرت عن تراجع كبير فى عدد مقاعد الأحزاب الشيعية المدعومة من إيران أو المرتبطة بها؛ إذ تراجعت مقاعد “تحالف الفتح”، الذى يتزعمه هادى العامرى الموالى لإيران من 48 مقعداً فى انتخابات عام 2018، إلى 17 مقعداً فقط فى الانتخابات الأخيرة.
وفشل زعيم تحالف “العقد الوطنى” ورئيس الحشد الشعبى العراقى فالح الفياض فى الحصول على أى مقعد. ولا يخفى أن الحشد الشعبى قد خسر بشدة فى تلك الانتخابات، على النقيض من النسبة التصويتية الكبيرة التى حصل عليها فى انتخابات عام 2018، ويرجع ذلك بالأساس إلى استخدامه العنف المفرط فى مظاهرات تشرين 2019، وكذا إعماله الاغتيالات والقتل والفساد، واستمرار ظهوره بأنه يتمتع بسلطة أعلى من سلطة الدولة، فضلاً عن ولائه الشديد لإيران.
كما خسر تحالف “القوى الوطنية لائتلاف الدولة”-المقرب من إيران – الذى يضم تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم و”ائتلاف النصر” بزعامة حيدر العبادى بحصوله على 4 مقاعد بالمقارنة بـــ 61 مقعداً لكليهما فى الانتخابات السابقة. هذا فيما حصلت “كتلة دولة القانون”، برئاسة نورى المالكى ،وهو من القيادات العراقية الموالية لإيران، على 33 مقعداَ. وظهرت الهزيمة الحقيقية، التى باء بها التيار المرتبط بإيران، فى خسارته الفادحة فى النجف الأشرف؛ الذى يُعد المركز الشيعى الرئيسى فى العالم.
مكاسب لمؤيدى استقلالية العراق
وعلى النقيض من ذلك، حدث تقدم واضح للقوى السياسية الداعمة لفكرة استقلال العراق وعودته إلى حاضنته العربية. فقد تصدرت “كتلة سائرون”، التى يتزعمها التيار الصدرى نتائج الانتخابات بـــ 73 مقعداً بالمقارنة بـــ 54 مقعداً فى الانتخابات السابقة. وتصدَّر مقتدى الصدر المشهد الانتخابى الحديث، بفضل موقفه المعادى بقوة لإيران ولوجودها فى العراق وانفتاحه على الدول العربية، وأيضاً لرفضه وجود القوات الأمريكية بالعراق، وتشديده على أن أرض العراق لا ينبغى أن تكون ساحة للمواجهة بين الولايات المتحدة وخصومها، مدعوماً في ذلك بشريحة لا يُستهان بها من الشباب العراقي الناقم على الدور السلبي لإيران داخل العراق منذ سقوط نظام صدام حسين، والذي انتفض فى “تظاهرات تشرين 2019” ، عندما قادت مدنٌ عديدة ذات أغلبية شيعية، مثل النجف وكربلاء والبصرة، الحراك الشعبي ضد الوجود الإيرانى في البلاد.
وفاز تحالف “تقدم الوطنى”، بزعامة محمد الحلبوسي رئيس البرلمان العراقى المنتهية ولايته”سُنى”، بـــ 37 مقعداً.
وفيما يتعلق المكون الكردى فى الانتخابات الأخيرة، فقد حصل الحزب الديموقراطى الكردستانى ؛ على 31 مقعداً مقارنة بـ 25 مقعداً فى انتخابات 2018، فيما خسر الاتحاد الوطنى الكردستانى مقعد عن عام 2018، حيث حصل تحالفه على 18 مقعداً فى انتخابات 2021، بينما تقدم حزب الجيل الجديد ،الذى يترأسه شاسوار عبد الواحد، بحصوله على 9 مقاعد مقابل 3 فى الانتخابات السابقة، كما فاز الاتحاد الإسلامى الكردستانى بـ 3 مقاعد مقابل 2 فقط سابقاً. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأحزاب جميعاً ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالزعيم المؤسس، وعُرضَة دوماً للتعرض لهوات ضخمة جداً فى حال فقدت زعيمها؛ وليس أدل على ذلك من الاتحاد الوطنى الكردستانى الذى لم يزل يعانى منذ وفاة زعيمه جلال طالبانى فى أكتوبر 2017.
وكان من التطورات الإيجابية، التى انطوت عليها العملية الانتخابية الأخيرة، تعزيز مشاركة المستقلين بعد تعديل القانون الانتخابى والعودة إلى النظام الفردى؛ وزيادة مشاركة المرأة؛ حيث حصلت على 97 مقعداً، بزيادة 14 مقعداً عن النسبة المحجوزة لها، وهى 25 %.كما شارك الشباب بقوة، وأسسوا “امتداد تشرين”؛ فضلاً عن تعزيز الشفافية، بوجود عشرات الإعلاميين والمراقبين العرب والأجانب؛ وكذا دقة عملية التصويت وفرز النتائج، مع عدم فرض حظر التجوال؛ كما كان يحدث إبَّان العمليات الانتخابية الماضية؛ بما أفضى فى نهاية المطاف إلى إيجابية تعليقات المراقبين.
محاولة إيرانية لتفريغ الانتخابات من مضمونها
وفيما يتعلق بالعلاقات العراقية / الإيرانية بعد الانتخابات الأخيرة، ذكرت الندوة أن إيران قد أدانت محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، على لسان أمين عام مجلس الأمن القومى الإيرانى. كما أفاد قائد فيلق القدس إسماعيل قآنى بضرورة قبول نتيجة الانتخابات، مع التوصية بتشكيل حكومة توافقية تشمل الفائزين والخاسرين؛ وهو ما يمكن وصفه بمحاولة إيرانية خبيثة لتفريغ نتيجة الانتخابات من مضمونها، والحفاظ على الوضع الفوضوى بالعراق.
ضغوط إيرانية على السُنًّة والأكراد لإبعادهم عن الصدر
وعلى الرغم من رفض مقتدى الصدر لذلك، إلا إنه يواجه صعوبات جمَّة تحول دون تشكيل الحكومة على النحو الصحيح؛ إذ إن هناك ضغوطاً شديدة على أحزاب السنة والأكراد لمنعهم من المَيل نحو الصدر، فى الوقت الذى لا يلقى فيه أى دعم عربى يؤيد موقفه. وبالتالى، فإذا فشل الصدر فى ذلك، فإن الموقف العراقى الواهن سيبقى على ما هو عليه، كما سيبقى الشعب العراقى خارج المعادلة السياسية، بالنظر إلى أن 25 % فقط هم مَن أدلوا بأصواتهم فى العملية الانتخابية؛ رغم أن الشعب ذاته توَّاق للتغيير، ولكن اليأس السياسى من تكرار النخب الفاسدة ذاتها، ساهم فى ضعف مشاركته.
واعتبرت الندوة أن العراق بالنسبة لإيران، هو عصب المشروع الإقليمى الإيرانى للمنطقة العربية، وهو بوابة الوصول الإيرانى لسوريا ولبنان والمشرق العربى فى عمومه، فى إطار مشروع الهلال الشيعى، وذلك بدعوى تشكيل معسكر المقاومة المناهِض لإسرائيل (عبر الوجود فى العراق وسوريا ولبنان). وتجدر الإشارة إلى أن تيار المقاومة الإيرانى موجود فعلاً فى العراق تحت مظلة الحشد الشعبى، ما يعنى أن إيران لن تتخلَّى بسهولة عن العراق؛ وبالتالى ستحاول بذل ما يمكن من جهود للإبقاء على الوضع العراقى كما هو، بما فى ذلك منع الأحزاب السُنية والكردية من الانضمام إلى الصدر؛ مُستغلةً الفساد السياسى، الذى يستشرى فى ممثلى تلك الأحزاب.
قيادات موالية لإيران تعزل العراق عن محيطه العربى
وحول العلاقات العراقية/ العربية، على ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة، ذكرت الندوة أنه رغم وجود العديد من الشيعة فى العراق، إلا أن شيعة العراق يعتزون بعروبتهم أكثر من تشيعهم، خاصة وأن هناك صراعاً مذهبياً بين مرجعية النجف الأشرف (المرجعية الصامتة) ومرجعية قُم (فى إيران). واعتبرت الندوة أن ذلك يعود فى جزءٍ منه إلى الفكر الاستعلائى الإيرانى، من أن الفرس هم أعلى من العرب، السنى منهم والشيعى. هذا ولا يخفى أن القيادات العراقية الموالية لإيران، وفى مقدمتها نور المالكى، قد استطاعت الاستحواذ على صناعة القرار فى العراق وعزله عن محيطه العربى، ومع ذلك كان للامتدادات التاريخية العراقية / العربية صدىً غير خافت؛ وبينما وجدت القوى السنية نفسها مجبرة على الانسحاب من انتخابات عام 2005، فإنها قد شاركت فى الانتخابات التالية فى عام 2010، ثم استضافت العراق مؤتمر القمة العربية فى عام 2011، وهى القمة التى زار فيها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح العراق لأول مرة، حيث دفعت بعدها العراق 13 مليار دولار لتسوية المسائل المتعلقة بالغزو العراقى السابق للكويت.
مقتدى الصدر عروبى حقيقى
وأشارت الندوة إلى أنه فى هذا الصدد، يمكن القول بأن نتائج الانتخابات الأخيرة قد أثبتت أن العراق، بطوائفه المتعددة، ليس لديه صراع هوية؛ فهويته عربية، ومقتدى الصدر عروبى حقيقى، كما استطاع العراقيون التأكيد على هذه الهوية فى مدينة النجف الأشرف “نتائج الانتخابات جاءت ضد الموالين لإيران”. ومن ثمَّ، لا بد من وجود تواصل ودعم قوى من قِبَل الدول العربية للقوى العراقية ذات التوجه العروبى، وهذه فرصة قلَّما تتكرَّر. ولعلّ وجود مصطفى الكاظمى فى منصب رئيس الحكومة العراقية يشجع على اتخاذ مثل هذه الخطوة. إذ إنه شخصية معتدلة، قام بعدة زيارات إلى عددٍ من البلدان العربية كالسعودية والإمارات والكويت، ويريد الانفتاح على العالم العربى، واستضاف القمة الثلاثية (العراقية/ المصرية/ الأردنية) فى بغداد فى يونيو 2021. ومع ذلك، فإن هذه المحاولات تقابلها جهود إيرانية مضادة لا تهدأ.
وأشارت الندوة إلى أنه بالتوازى مع ذلك، هناك أيضاً عدد من التحديات التى يجب التغلب عليها، من بينها معضلة النموذج الديموقراطى العراقى فى حد ذاته، والذى ينطوى على تعقيدات كثيرة ومؤثرة، جعلت بلداناً خليجية -على نحو الخصوص- تنظر إليه بتحفظ شديد.
الحضن العربى قَدَر العراق
ورأت الندوة إن قَدَر العراق هو عودته فى نهاية المطاف إلى الحضن العربى، وهو باستطاعته اتخاذ المزيد من الخطوات فى هذا الصدد، كما يستطيع أن يلعب دوراً مهماً كجسر تواصل فى العالم الإسلامى بين المكونَيْن السنى والشيعى فى المنطقة، بما فى ذلك ما يُثار فى البحرين واليمن. ولكن لا يزال السؤال قائماً فى المقابل: هل الدول العربية مُهيَّأة لاحتضان هذا التوجه العراقى؟ إنه لمن الواجب فى هذا الظرف التاريخى العمل على إحياء التنسيق الأمنى والسياسى والاقتصادى، ولو بالحد الأدنى، بين العواصم العربية الفاعلة؛ كالقاهرة – دمشق – بغداد – الرياض، بما يُسفِر عن تقوية المشرق العربى، ومن ثمَّ العالم العربى ككل.
دعوة الصدر إلى زيارة مصر
واشارت الندوة إلى أنه يجب على مصر، من جانبها، مواصلة بنيانها الداخلى، بالتضافر مع تنمية روح قومية وطنية عروبية من شأنها إقامة بلدان العالم العربى مرة أخرى، لا سيَّما بغداد ودمشق، هذا إلى جانب تقديم الدعم ما أمكن لرئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى، وأيضاً دعم مقتدى الصدر، بل ودعوته إلى زيارة مصر، على شاكلة السعودية والإمارات؛ هذا إلى جانب مواصلة تفعيل خطوات التقارب المصرى / العراقى فى إطار الاتفاق الثلاثى المصرى / الأردنى / العراقى، بما فى ذلك الدفع بشركات المقاولات وتعزيز الاستثمارات فى مجالات البناء والتعمير فى العراق، والتى لا يمكن لإيران محاكاتها، بما لذلك من تداعيات إيجابية ناعمة فى المجال العراقى.
تاريخان لهما تداعيات على مستقبل المشرق العربى
كما تناولت الندوة مستقبل العراق والمشرق العربى عموماً خلال الفترة المقبلة؛ حيث رأت أنه لا بد من عدم إغفال تاريخين مهمين، لهما تداعيات جمَّة على هذا المستقبل: الأول، هو موعد الانسحاب العسكرى الأمريكى رسمياً من العراق فى 31 ديسمبر 2021؛ والثانى، هو قرب انتهاء أجل معاهدة لوزان ،التى رسمت حدود العراق وسوريا وتركيا فى عام 2023، والتى ستقوم تركيا على إثرها بمحاولة ضمِّ ما هو شمال الموصل وما هو شمال حلب إلى أراضيها.