مشاركة د. يسري أبوشادي فى أعمال المنتدى الدولي لمركز بريماكوف (سانت بطرسبرج – روسيا، 28-29 سبتمبر 2023)

في الفترة من 28-29 سبتمبر 2023، شارك د. يسرى أبو شادى عضو المجلس فى أعمال المنتدى الدولي لمركز بريماكوف في سانت بطرسبرج بروسيا، والذى ركَّز على مناقشه مشاكل دول منطقه الشرق الأوسط والدور الروسي المنشود فيها وكذا مشاكل عدم الانتشار النووي وكيفية تحقيق هدف اخلاء منطقه الشرق الأوسط من الأسلحة النووية واسلحه الدمار الشامل، وذلك على مدى سبع جلسات. وقد دُعِي لهذا المؤتمر أكثر من 25 متخصص (خبراء وباحثين) في هذه الشئون من 13 دوله منها 11 دوله عربيه (الجزائر – تونس – مصر – السعودية – البحرين – الكويت – عمان – العراق – سوريا – لبنان – اليمن) بالإضافة لإيران وتركيا وكذا عدد من الخبراء والباحثين الروس.

وربما كان من اهم الجلسات هي جلسة كيفية تحقيق هدف اخلاء منطقه الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وكافه اسلحه الدمار الشامل. وقد أشار المشارك الإيراني (أستاذ في جامعه طهران) بانه لا جدوى من أي اقتراح لرفض إسرائيل لجميع المقترحات للتخلي عن أسلحتها النووية وان الحل الوحيد في رأيه ان تتملك احدي دول المنطقة الأخرى سلاح نووي، وفي تقديره ان الدولة المؤهلة لهذا هي مصر. وقد علَّق د. يسرى على هذا التقدير، لأن إيران قد تخطت العتبة النووية ويمكنها في خلال أيام تملك ماده من اليورانيوم عالي التخصيب لأكثر من أربع قنابل ذريه، وان مصر لم تخطط أو تتملك الأدوات النووية التي تملكها إيران الان وان برنامجها سلمي علي مدي تاريخها النووي.

وفي كلمته، أشار د. أبو شادى لثلاثة مقترحات قد تؤدي للهدف الأساسي وهو تخلي إسرائيل عن سلاحها النووي؛ هى:

المقترح الأول: ان يكون هناك قرار جماعي من دول المنطقة الموقعة علي معاهده منع انتشار الأسلحة النووية بالتهديد بالانسحاب من المعاهدة لان قرار مد المعاهدة اللانهائي عام 1995 كان مشروطا بإخلاء منطقه الشرق الأوسط من الأسلحة النووية وهو امر لم ينفذ حتي الان ومن ثم فإن الاستمرار في هذه المعاهدة غير قانوني.

المقترح الثاني; الاستفادة من تجربه جنوب افريقيا والتي تخلت عن أسلحتها النووية عام 1991 قبل ان تقرر حكومة البيض انهاء سياستها العنصرية ومشاركه الأغلبية الكبيرة السوداء في الحكم. والاقتراح هنا يطالب بدمج الشعب الفلسطيني (المسلم والمسيحي) في الأراضي الفلسطينية الغير منضمة لإسرائيل مع الفلسطينيين الذين مازالوا في الخيام علي الحدود الي العرب الإسرائيليين واليهود في إسرائيل لتكوين دوله واحده متنوعه الأديان علي كافه أراضي فلسطين التاريخية ويتمتع كل مواطن فيها بنفس الحقوق والواجبات.

المقترح الثالث: الاعتراف بعد عشرات السنين من القرارات الأممية المختلفة واستمرار المساندة الأمريكية والغربية بعدم امكان الضغط علي إسرائيل للتوقيع علي معاهده منع انتشار الأسلحة النووية والتفكير فى إجراءات مشتركه بين دول المنطقة، بما فى ذلك إسرائيل، للعمل على زياده الثقة بعدم استخدام ايه دوله لاي اسلحه نووية أو دمار شامل وذلك من خلال تشكيل هيئه اقليميه من كافه دول المنطقة علي غرار منظمات اقليميه مثل EURATOM   في اوروبا و ABACC   في أمريكا اللاتينية (بين البرازيل والأرجنتين) تكون من مهامها تخليق الثقة النووية في المنطقة ودعم مهام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، علي ان تعلن إسرائيل في المقابل عن برامجها النووية السلمية والتصديق علي معاهده حظر التجارب النووية والتوقيع المبدئي علي اتفاقيات منع اسلحه الدمار الشامل (نووي وكيماوي وبيولوجي) علي ان يتم التصديق علي هذه المعاهدات مع تحقيق معاهده حظر الأسلحة النووية الشامل TPNW  والتخلص الكامل من كافه الأسلحة النووية من جميع دول العالم بما فيها إسرائيل.  ويمكن أن يُطلق مبدئيا علي هذه الهيئة الإقليمية اسم   MEATOM. ويمكن خلال هذه المرحلة انشاء صناعات نووية مشتركه لدول المنطقة مثل مصانع تخصيب اليورانيوم ومصانع الوقود النووي وتخزين الوقود المستهلك وغيره.

• وخلال المناقشات في هذا الامر لم يتم تقديم أي مقترح واقعي سواء من الخبراء الروس أو العرب باستثناء المقترح الإيراني بان الحل في تحقيق توازن للقوي النووية مع إسرائيل بتملك أحد دول المنطقة الأخرى لأسلحه نووية.

• كملخص للمناقشات في بقية الجلسات عن مشاكل دول المنطقة والازمه الاقتصادية الحالية والدور الروسي المأمول لحلها كان هناك أمال كثيره معقوده علي التقارب السعودي الإيراني الاخير ودوره في حل مشاكل اليمن وسوريا والعراق ولبنان. وتحفظ البـعض علي هذا التفاؤل مثل المشاركين من البحرين والكويت. وكان هناك تفاؤل كبير في تطوير العلاقات مع روسيا من جانب المشاركين الجزائريين خاصه بعد زيارة الرئيس الجزائري الأخيرة لروسيا ومناقشه التعاون في المجال النووي وبناء محطات الطاقة النووية. واشار أحد المسئولين الروس عن الندوة الي تساؤل قطاع من الشعب الروسي عن المقابل من تعاون روسيا مع دول المنطقة ودعمها الكبير في الماضي لبعض دول المنطقة (من كلامه بدا وكأنه يعني الدعم الروسي السابق لمصر). وقد عقب د. أبو شادى علي هذا التساؤل بان التجربة المصرية من بداية الخمسينات والتعاون مع الاتحاد السوفيتي ليس فقط عسكريا ولكن أيضا اقتصاديا وبناء البنيه الصناعية وبناء السد العالي والدعم العسكري الكبير لمصر في جميع حروبها مع إسرائيل بان هذه المواقف لا ينساها الشعب المصري والذي يتعاطف بشكل كبير مع الكثير من المواقف الروسية وحديثا حربها في أوكرانيا.

• وتساءل المشارك التركي عن اهميه بناء محطات للطاقة النووية لدول غنيه بالنفط والغاز مثل السعودية والجزائر ومصر عكس تركيا. وكان رد د. أبو شادى عليه بان الولايات المتحدة الأمريكية وهي أكبر منتجي النفط في العالم هي الدولة الاولي في مفاعلات الطاقة النووية حتي الان وان دوله الامارات وهي من اكبر منتجي النفط والغاز لديها الان اربع مفاعلات نووية، أما مصر فهي دوله لا تملك هذا الاحتياطي الكبير. والافضل لدول النفط ان تستفيد من امكانياتها في النفط والغاز إما بتصديره أو في صناعه البتروكيماويات بدلا من حرقها لإنتاج الكهرباء وهو ما سيؤدي لنقص كبير في حجم الانبعاثات الكربونية الملوثة للبيئة.

• وفي مشاركه الخبيرة الكويتية ذكرت بأنه لا يمكن لروسيا والصين الاحلال مكان الولايات المتحدة، ولكن يمكنهما المشاركة في الاقتصاد وترسيم الحدود لدول الخليج خاصه بين الكويت والعراق. وأشاد المشارك من البحرين بانضمام 4 دول خليجيه (البحرين والامارات وقطر والكويت) الي مبادرة إسطنبول للحصول علي حماية الناتو. وذكر المشارك الإيراني عن وجود 30 قاعده عسكريه أمريكية في منطقه الشرق الأوسط واغلبها في دول الخليج.

• أثناء المناقشات أثيرت مسألة التقارب العربي الإسرائيلي الاخير واعتراف الامارات والبحرين بإسرائيل بالإضافة الي مصر والأردن. وقد أوضحت هنا ان وجود علاقات دبلوماسية من جانب مصر والأردن مع إسرائيل كان مقابله كبير وهو عوده الأراضي المحتلة لهم، وواقعيا وحتي الان لا يتقبل اغلب الشعب المصري التطبيع مع إسرائيل.

• وخلال المناقشة ذكر الدور الصيني المتصاعد وزياره الرئيس السوري بشار الأسد الأخيرة للصين وذكر ان الصين استخدمت حقها في الفيتو في مجلس الأمن 10 مرات لدعم سوريا، وذكر المشارك السوري بوجود اتفاقات عديده مع الصين بعضها سري لم يعلن عنها. كما تم ذكر التقدم الاقتصادي الكبير في الهند وأنها حسب المعايير الاقتصادية أصبحت الدولة ذات اعلي معدل في التطور الاقتصادي. واشاد السفير السوري بالتحسن في العلاقات السورية السعودية وتبادل السفراء بعد قطيعه طويله ساندت فيها السعودية المعارضة المناهضة لحكومة الأسد.

• وفى تعليق لمشارك روسي، شكك في انتماءات دول الشرق الأوسط، وانه بمجرد ان تنتهى العقوبات علي ايران فإنها ستتجه سياسيا واقتصاديا في اتجاه الغرب، وأشار ان روسيا لا تدعم إيران في استيلائها علي جزر الامارات الثلاث كما ان مواقف ايران وروسيا تتناقض تاريخيا في بعض الأحيان كما في خلافات ايران مع أذربيجان. وان روسيا تشعر أحيانا بان ايران قد تمثل تهديدًا محتملاً لجنوبها الجغرافي.