ندوة افتراضية للبروفيسور إيلان بابيه (Ilan Pappe) بعنوان “الأسطورة والحقيقة في مسألة فلسطين بين الأمس واليوم”
فبراير 20, 2024ندوة حول قمة المستقبل المزمع عقدها في سبتمبر 2024 على هامش الجمعية العامة
فبراير 28, 2024بتاريخ 25 فبراير 2024، عقد المجلس ندوة حول “الحرب فى أوكرانيا” للوقوف على آخر تطوراتها وآفاق تسويتها، مع حلول العام الثالث على اندلاعها. وتحدث فيها كلٌ من السفير د./ عزت سعد مدير المجلس، والسفير يوسف زاده سفير مصر الأسبق لدى أوكرانيا وعضو المجلس، واللواء أ.ح دكتور/ صلاح الدين عبد الكريم الجمسى المستشار الأكاديمى لمدير الأكاديمية العسكرية المصرية وعضو المجلس. هذا فيما شارك فيه كلٌ من السفراء/ عبد المنعم عمر، فاروق مبروك، نبيل العرابى، أحمد زين، أحمد فاضل يعقوب، ود./ حازم عطية الله، ود./ حسن الحيوان.
وقد تناول اللقاء ما يلى بصفة خاصة:
- أشار اللواء/ الجمسى إلى أن ما يجرى فى أوكرانيا هو بالفعل “عملية عسكرية خاصة” وفقًا للمفهوم العسكرى، ووفقًا للمراحل التى مرَّت بها، وليست حربًا شاملة أو محدودة؛ فالأولى تعنى تسخير كافة موارد طرف وقطاعاته لمجابهة طرف آخر، مثل الحربين العالميتين الأولى والثانية، فيما تعنى الثانية مناوشات وتوترات مسلحة على جبهة معينة، مثل ما يحدث بين إسرائيل وحزب الله فى جنوب لبنان. فقد مرَّت العملية العسكرية فى أوكرانيا بمرحلة “النصر السريع”، حيث حاولت روسيا تحقيق نصر خاطف على أوكرانيا، ولم تنجح فيه، تلتها مرحلة “الهجوم المضاد” من قِبَل أوكرانيا، وهو ما تجلَّى فشله كذلك، حيث لم تستطع كييف استعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، كما أن لم يستطع بوتين إجبار زيلينسكى على الجلوس إلى مائدة المفاوضات وإخضاعه لشروطه، ثم جاءت مرحلة “الدفاع النَشِط”، وهى مرحلة يتم فيها استخدام الطائرات المسيرة بشكلٍ كبير، لشن هجمات مكثفة على العدو، لاسيما فى ظل عدم وجود قوات جوية كافية للقيام بمهام مماثلة. ومن ثمَّ، قامت كندا برصد أكثر من 800 طائرة مسيرة لتقديمها لأوكرانيا، كما قام الرئيس الأوكراني مؤخرًا بتعيين قائد القوات البرية أولكسندر سيرسكي قائدًا جديدًا للجيش خلفًا لفاليري زالوجني، متوقعًا منه تحقيق انتصارات فى مسرح العمليات، هذا فيما تعمل روسيا على تحديث آلياتها الهجومية، استعدادًا لكل ما تستوجبه المعركة.
- من جانبه، وإيضاحًا لما يمكن أن يصل إليه الدعم الغربى لكييف، وما إذا كانت ستؤثر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة على هذا الدعم، أشار السفير/ يوسف زاده إلى أن الغرب قد حرص دومًا على استمالة أوكرانيا، وتأليبها ضد روسيا، حتى أن الثورتين اللتين شهدتهما أوكرانيا فى عامَى 2004 و2014 كانتا لدعم حلفاء الغرب فى أوكرانيا ضد حلفاء روسيا. فى المقابل، تعتبر روسيا أوكرانيا جزءًا منها، فالأخيرة كانت من أهم وأكبر الجمهوريات السوفييتية السابقة. ومع ذلك، فيُعتقَد أنه مع تغيير الإدارة الأمريكية الحالية، وفوز ترامب المرجَّح، فإن الحرب فى أوكرانيا سيطويها النسيان، مقابل التركيز على قضايا أخرى أهم، خاصة وأن ترامب شخص يصعب التنبؤ به، ولديه رؤية مشككة فى حلف الناتو. ولا شك أن هذا سيكون له أثر سلبى كبير على الدعم الغربى عمومًا لأوكرانيا، مقابل تعزيز الوضع الروسى، لا سيما وأن واشنطن تشكل قوة حفز رئيسية فى تقديم هذا الدعم. وفى هذا السياق، يمكن تفسير مبادرات دول صغرى غربية مثل لاتفيا لتشكيل تحالف لتزويد أوكرانيا بالمزيد من الطائرات المسيرة، كبديل للدول الكبرى مثل فرنسا وألمانيا التى تشهد مظاهرات شعبية ونقابية ضخمة، تعبيرًا لرفض الدعم السخى المُقدَّم لأوكرانيا والمؤثر على الأسواق والأسعار فى تلك الدول.
- أشار السفير/ نبيل العرابى إلى أن هناك العديد من المؤشرات المساهمة فى تهاوى الاهتمام العالمى بأوكرانيا، خاصة فى أوروبا، من بين ذلك الفشل المتكرر للهجوم الأوكرانى على الجبهة، والفساد الكبير داخل أوكرانيا، فى ظل التكلفة العالية للمساعدات الغربية المُقدَّمة لها، وكذا تحويل واشنطن لمساعدات ضخمة كانت فى طريقها إلى أوكرانيا إلى إسرائيل، ووجود دول أوروبية أضحت تنادى بضرورة إنهاء الحرب والتسوية، مثل المجر. كل ذلك بجانب سيطرة روسيا المحكمة على شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم وميناء سيفاستوبول، وعدم معاناة روسيا بالشكل الذى كان يرجوه الغرب من العقوبات التى فرضها عليها، وساعدها فى ذلك روابطها بالصين والتكتلات الدولية مثل البريكس وغيرها، كما أن الميزانية العسكرية الأمريكية تأثرت بكثرة المساعدات لأوكرانيا، وكان ذلك سببًا فى تململ الكونجرس فى إعطاء المزيد من المساعدات لها. ومن المرجح فى ظل هذه المعطيات أن يلجأ الأطراف إلى مائدة المفاوضات لتسوية الصراع المسلح.
- من جانبه، أشار السفير/ عزت سعد إلى أن العالم بصدد صراع عميق الجذور وطويل الأمد، وقد تعزَّز إيمان النخبة السياسية الروسية تمامًا بأن الغرب ليس طرفًا يمكن الثقة فيه على الإطلاق. وبالتالى سعى بوتين إلى إعادة التأكيد على الهوية الروسية السلافية الأرثوذكسية والعادات والتقاليد ذات الصلة، كما أكدت استراتيجية السياسة الروسية الصادرة فى مارس 2023 على هذا المنحى، بجعل الولايات المتحدة والغرب (الدول غير الصديقة) فى الدائرة الأخيرة من دوائر اهتمامها. من جهةٍ أخرى، قد يرجع استخدام بوتين لمصطلح “عملية عسكرية خاصة” لمحاولة توجيه رسالة للرأى العام الروسى بأن موسكو لن تنخرط فى حرب بالمعنى المعروف، ولعدم بث القلق فى نفوس الروس الذين شهدوا حالة من الرفاهية والازدهار بعد الخروج من حروبٍ طويلة سابقة ومنهِكة.
- فيما يتعلق بالموقف الروسي من الحرب، أشار السفير/ عزت سعد إلى ثبات هذا الموقف، حيث أكد الرئيس بوتين مرارًا أن المكاسب التى تحققت لن يتم التخلى عنها. ويأمل الروس أن يؤدى التغيير فى القيادة الأمريكية، مع عودة ترامب، إلى إحداث تحول فى السياسة الأمريكية تجاه الصراع. وترجع بعض التحليلات الأمريكية ما يبدو من تشدد الآن فى الموقف الروسى ارتباطًا بالحرب، إلى العودة المحتملة لترامب، ويضاف إلى ذلك تقديرات عديدة تقول أن العالم لم يعد يهتم بأوكرانيا، وأن تركيزه تحول إلى الحرب فى غزة، التى استحوذت على اهتمام وسائل الإعلام وزعماء العالم.
- وتشير التقديرات الغربية فى مجملها إلى أن عام 2023 لم يكن عامًا مريحًا للغرب، حيث شهد العديد من الانتكاسات بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا على مسرح السياسة الدولية. ومن بين هذه الانتكاسات مسار الحرب فى أوكرانيا. فقد فشل هجوم أوكرانيا المضاد فى خريف العام الماضى. وطوال الوقت الذى كانت فيه القوات الأوكرانية تتلقى تدريبها فى بريطانيا وأماكن اخرى خلال النصف الأول من عام 2023، وبينما كان يتم شحن الدبابات الغربية شرقًا إلى الجبهة، كانت روسيا تبنى أكبر وأوسع خطوط التحصينات الدفاعية فى التاريخ الحديث. وفضلاً عن ذلك، وضعت موسكو اقتصادها على أساس الحرب، حيث خصصت ثلث ميزانيتها الوطنية للدفاع، في حين ألقت الآلاف من الرجال والآلاف من قذائف المدفعية على الخطوط الأمامية في أوكرانيا. وكان من المفترض ان تؤدى جولة تلو الأخرى من العقوبات الغربية إلى انهيار الاقتصاد الروسى، وإجبار القيادة الروسية على التراجع، إلا أن ما حدث هو أن روسيا أثبتت قدراتها على الصمود فى مواجهة العقوبات.
- وفيما يتعلق بتأثير العدوان فى غزة على التطورات فى أوكرانيا، ذكر السفير/ سعد أن روسيا هى أحد المستفيدين من العدوان على غزة، بالمعنى السياسي والمفاهيمي، بجانب كلٍ من الصين وإيران؛ حيث عمدت روسيا إلى إبراز فكرة ازدواجية المعايير الغربية ارتباطًا بالصراعات المختلفة، وفقًا لمصالح الدول الغربية، كما كشفت المدى الكبير الذى بلغته عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية، حيث يظهر أنه ليس لدى الولايات المتحدة أى حل دبلوماسى للأزمات الدولية، سواء فيما يتعلق بأوكرانيا أو غزة، ما يكشف بالتالى عن عجزها عن توفير الحلول السياسية الملائمة بها كقوة عظمى لها هيبتها.
- ارتباطًا بما تقدم، تشير تقديرات عديدة إلى أن ابتعاد العديد من دول الجنوب عن دعم السياسة الغربية تجاه روسيا، بما فيها ديموقراطيات بارزة مثل البرازيل والهند وإندونيسيا وجنوب أفريقيا، يرجع بالأساس إلى الغضب من انتاج الغرب المعايير المزدوجة فى معالجة القضايا، والإحباط جراء تعثر محاولات إصلاح النظام الدولى. وينظر معظم دول الجنوب باستياء شديد إلى الحرب فى أوكرانيا والتنافس الغربى مع الصين، وترى فى الأمرين نوعًا من الإلهاء عن القضايا العالمية الملحة بالنسبة لهذه الدول مثل أزمات الديون والتغير المناخى وآثار الجائحة.
- ارتباطًا بالعلاقات المصرية مع القوى الكبرى، أوصى الحضور بضرورة تبنِّى ما يسمى باستراتيجية “الواجهة والخلفية”؛ ففى ظل ما لا يخفى على أحد من أن أى تحالفات استراتيجية مع الولايات المتحدة تنتهى بنوع من الهشاشة الاستراتيجية، نتيجة سعى واشنطن البراجماتى لتحقيق مصالحها الخاصة، فينبغى أن تعزز مصر علاقتها مع واشنطن فى الواجهة، فيما تقوم فى الخلفية بتعزيز علاقاتها مع قوى أخرى مثل روسيا والصين والهند، والتى لها مردود إيجابى كبير على وضعية مصر ومصالحها على الساحة الدولية. هذا بالتوازى مع مواصلة العمل على تعزيز البنى التحتية المصرية العسكرية والاقتصادية والاجتماعية، بما يساعد على تعظيم القوة الشاملة للدولة.