دبلوماسية الحرب والسلام: خمسون عاماً على حرب 1973
أكتوبر 3, 2023بيان المجلس 8-10-2023
أكتوبر 8, 2023
بتاريخ 8 أكتوبر 2023، عقد المجلس ندوة بعنوان “تطورات الأوضاع في السودان ومآلاتها المستقبلية”، أدار الندوة وشارك فيها السفيرين مروان بدر ود.صلاح حليمة، وتحدث في الندوة السيدات والسادة الآتي أسمائهم: د.أميرة الفاضل وزيرة الشئون الاجتماعية والتنمية بالسودان سابقاً، كمال حسن على الأمين العام المساعد للجامعة العربية سابقاً ووزير الاستثمار السابق، د.عادل عبد العزيز الفكي أستاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم ورئيس مجلس إدارة مركز التكامل السوداني المصري (جمعية أهلية سودانية)، عثمان ميرغني رئيس تحرير جريدة التيار السودانية، هذا بالإضافة إلى مشاركة عدد من الشخصيات المصرية والسودانية في الندوة، بالإضافة إلى تقديم السفير د.صلاح حليمة مبادرة من أجل تسوية الصراع في السودان.
وقد تناول اللقاء ما يلي بصفة خاصة:
-
لقد تم التوضيح على أهمية هذه الندوة لكونها تشمل مشاركة من المجتمع المدني المصري والسوداني، فهو أول اجتماع يضم المجتمع المدني المصري والسوداني، وتمت الإشارة إلى الأوضاع الصعبة التي تعاني منها السودان وتدهور الأوضاع الاقتصادية وتدمير 80% من المصانع، ولجوء الكثير من السودانيين إلى مصر وتشاد، وقد تم التوضيح أن مصر استقبلت 300 ألف سوداني، وقد تقديم الشكر لمصر الدولة الشقيقة التي فتحت أبوابها أمام السودانيين.
-
وفي خلال الندوة تم توضيح أن هناك تخوفات من أن تنتقل الحرب من الخرطوم إلى كافة ربوع السودان، هذا بالإضافة إلى الحديث عن أن الحرب موجهة إلى المواطنين وليس الحكومة والجيش.
-
تم التأكيد على أنه لابد من وجود حل سلمي وأن تنتصر القوات المسلحة على قوات الدعم السريع ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، حيث أن المبادرات التي تم طرحها لم تنجح إلى الآن ، ولكن مبادرة دول الجوار لها حظ أوفر وذلك لأن مصر على دراية بالوضع في السودان وحاولت جمع أطراف الصراع، وتم الإشارة إلى وجود مبادرات من سودانيين ولكن إلى جانبها لابد من إجراء حوار وطني شامل.
-
تمت الإشارة إلى وجود دور للقيادات المجتمعية وقيادات القبائل، حيث أن قوات الدعم السريع تنتمي إلى هذه القبائل والمجموعات الصوفية الأكبر في السودان وتتلقى الدعم منهم، ومن ثم فإن هذه المجموعات يمكن أن يكون لها دور في إنهاء الحرب، وبالتالي من المهم إشراك الفاعلين السودانيين وقبول الحلول التي تجمع السودانيين.
-
ارتباطاً بذلك، تم الإشارة إلى أن قوات الدعم السريع من الواضح أنها كانت تُحضر للحرب منذ فترة طويلة، وللانتهاء من مسألة الحرب لابد من وجود إرادة لوقف الحرب، لكن المعضلة هي وجود ضعف في أجهزة الدولة والأجهزة المدنية، فضلاً عن غياب الرؤية الواضحة من جانب من يديرون الصراع، كما أن الأحزاب السياسية ليس لديها رؤية، على هذا النحو لابد من وجود اتفاق على رؤية سياسية و مبادرة حقيقية حيث أن أغلب المبادرات ذات توجه سياسي، فلابد من وجود حكومة متفق حولها وليس سياسية، حيث أن الحكومة السياسية ستأتي لها معارضة ومن ثم انقسام في الدولة.
-
أما فيما يتعلق بالفترة الانتقالية، فمن الأفضل أن تطول وعدم الانتقال السريع إلى الانتخابات مباشرة للتقليل من الصراعات السياسية، وما بعد الفترة الانتقالية سواء قصرت أو طالت ، فإن هناك حاجة لحوار وطني سوداني لا يقوم بإقصاء أي طرف، أي البعد عن العزل السياسي لأي طرف.
-
وفيما يتعلق بالأوضاع في السودان، يوجد رأي آخر بأن الأوضاع الحالية في السودان ليست وليدة اللحظة فمنذ الاستقلال والسودان يعاني من أوضاع مماثلة، بخلاف فترة استقرار كانت في فترة الإدارة البريطانية، ومن ثم ذلك يدل على خلل مستمر، ومع عدم التعلم من التاريخ ستستمر الأوضاع بذات الشكل.
-
في هذا النطاق تم التوضيح أن تلك الأوضاع في السودان – والتي منذ زمن – بسبب التكوين السياسي السوداني والتكوين المؤسسي وطبيعة الربط بين المؤسسات، كما أن عدم القدرة على قراءة المستقبل وعدم وجود ثوابت في العمل السياسي لها دور بشأن الوضع في السودان، و الأساس التنظيمي والفكري الذي يعتمد على تجارب الخارج هو الأمر الذي يؤول إلى انقلابات فيما بعد.
-
كما أن النخبة السياسية لها دور في الأوضاع في السودان التي بدأت بالثورة في عام 2019، حيث أنه بعد انتهاء الثورة ودورها، كان هناك تقاعس بشأن البدء في دور الدولة واستعادة قوتها، حيث فضلت النخبة السياسية الاستمرار في الثورة ولكن ذلك آل إلى عدم استقرار، وبعد الثورة تعاظمت قوة قوات الدعم السريع التي أصبحت موازية للقوات المسلحة، وعلى هذا النحو، قوات الدعم السريع أصبحت قوة عسكرية ذات بعد سياسي واقتصادي، ومن ثم هذه القوة بأبعادها المختلفة آلت لتفاقم الأوضاع في الخامس عشر من إبريل.
-
و توجد ثلاث سيناريوهات بشأن انتهاء الحرب في السودان، السيناريو الأول، هو توقف الحرب وإجراء عملية سياسية شاملة وهو السيناريو المأمول تنفيذه، أما السيناريو الثاني هو توقف الحرب واستمرار التشرذم مع إحتمالية وجود ديكتاتورية عسكرية ذات دعم عسكري في حال عدم قدرة القوى السياسية الترويج للعملية الديمقراطية، و هو السيناريو الأرجح، أما السيناريو الثالث فهو استمرار الحرب وتخطيها عام 2023 ومن ثم ستتحول إلى حرب أهلية في عدة ولايات وبالتالي تقسيم السودان ويمكن أن تكون هناك احتمالات لانفصال شمال السودان، ويمثل هذا السيناريو السيناريو الأسوء.
-
يوجد توصية بشأن الوضع في السودان، هي أهمية وجود إعلام قومي حقيقي ومقتدر يمكن أن يدعم المشروعات التنموية، ومن ثم هناك حاجة إلى وجود منصة إعلامية قومية التوجه، وتأكيد على أن الحل المطلوب والمأمول هو إيقاف الحرب.
-
كما أن هناك توصية بشأن العلاقات المصرية السودانية، وهي أهمية حدوث تغير في شكل العلاقات عما كانت عليه قبل الحرب، ومن المهم أن تأخذ العلاقات شكلاً ذي بُعد أكبر، فضلاً عن أهمية توطيد العلاقات الإستراتيجية بين كل من مصر والسودان، في تأكيد على أهمية العمل على تفعيل الاتفاقيات السابقة التي بين كل من مصر والسودان حيث ارتقت إلى مستوى الاتفاق الاستراتيجي، كما تم الإشارة إلى أن العلاقات المصرية السودانية الحالية تشهد تطوراً وبالتالي الفرصة سانحة لتوطيد هذه العلاقات في ظل المحبة التي يكنها الشعب السوداني لمصر والعكس وفي ظل الترحيب المصري باللاجئين إليها، بالإضافة إلى توضيح الرغبة في الوصول إلى مبادرة أهلية تُنفذ وتجمع المجتمع المدني والنخبة السياسية السودانية المتواجدة في القاهرة ، و يوجد توضيح للرغبة في دعم وحيد للسودان من الجانب المصري.
-
أما على الجانب الإقتصادي للأزمة السودانية، فإنه تمت الإشارة إلى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية في السودان، وخسائر الشركات، فضلاً عن تحركات النازحين واللاجئين، بالإضافة إلى خسائر الاقتصاد الكلي من جانب الإيرادات العامة أو من خلال الناتج الإجمالي المحلي ،كما تم توضيح التبادل التجاري بين السودان ودول الجوار، ومخطط إعادة الإعمار.
-
الخسائر الاقتصادية للبينة التحتية في السودان شملت تدمير طائرات،و مطار مروي – وهو قاعدة عسكرية في شمال السودان كان بها تعاون جوي بين كل من مصر والسودان وقام الدعم السريع باحتجاز مصريين فيها – ولم يقتصر الدمار على ذلك بل لحق بالمنطقة العسكرية للقيادة العسكرية، فضلاً عن إلحاق خسائر بالمباني.
-
توجد إحصائية بأن السودانيين الذين لجأوا إلى دول أخرى نسبتهم تتمثل في 10% ، في حين الغالبية العظمى قد نزحوا إلى ولايات ومناطق آمنة في السودان، وقد وفد إلى مصر 200 ألف وافد ليس لهم صفة اللجوء لأن وضعهم المادي جيد، وتعتبر مصر هي التي استقبلت النسبة الأكبر، أما التشاد فقد استقبلت السودانيين ذوي الوضع المادي الأصعب، في حين ليبيا وإريتريا لم يشهدا لاجئين.
-
على صعيد التبادل التجاري، فهو يمثل 1.4 مليار دولار بين كل من مصر والسودان ويتضمن سلع ، أما التبادل التجاري بين السودان وليبيا فو يمثل 1.2 مليار دولار و يقوم بالأساس على البترول، فالتبادل التجاري بين السودان وكل من مصر وليبيا هو الذي يمثل النسبة الأكبر في التبادل التجاري بين السودان ودول الجوار.
-
وفيما يتعلق بإعادة الإعمار، فتم ذكر أنه حان الوقت للإعداد لإعادة الإعمار بعد مرور 6 أشهر على الحرب وتفوق القوات المسلحة السودانية في ساحة المعركة، حيث أن إعادة الإعمار تحتاج إلى إعداد مسبق من جانب المنظمات الدولية، ومن ثم حان الوقت للبدء فيها.
-
تم الإشارة إلى أن القطاع الزراعي يحتاج إلى إعادة الإعمار وأن تكون له الأولوية في ظل الأوضاع في السودان الحالية وتزايد الاحتياجات السودانية و وجود الأزمة العالمية المتعلقة بالغذاء وما لحق بمفهوم الأمن الغذائي من تغيرات.
-
ويوجد تعويل على الإطار الاستراتيجي للأمن الغذائي العربي، كمسألة أساسية لإعادة الإعمار في السودان وذلك من جانب مشروعات التوسع في استصلاح الأراضي الزراعية ومشروعات الارتقاء بالمعدلات الإنتاجية والمشروعات ذات السعات الكبيرة ومشروعات الأمن الغذائي العربي التي تم الموافقة عليها في قمة الجزائر وموريتانيا.
-
تم التوضيح أن مناطق الزراعة المطرية توجد بشكل كبير في وسط السودان، ومن ثم مطلوب من مصر التعاون مع السودان في هذا الشأن من خلال قدراتها في البحث العلمي والعنصر البشري والتقنيات الزراعية ، فضلاً عن قدرة مصر على حشد التمويل، بالإضافة إلى ما تمتلكه من أنظمة للري بالطاقة الشمسية.
-
فعلى الجانب الإقتصادي، يوجد مطالب من الجانب السوداني لمصر، تتمثل تلك المطالب في تسهيل التبادل التجاري من خلال الإجراءات بالمعابر، تسهيل التعاملات البنكية من خلال الدولار الحسابي، تأسيس منطقة حرة بأبو سمبل وتشغيل مصانع – حيث تبحث المصانع عن مواقع آمنة بعد تدمير حوالي 80% منها – والاستثمار بحجم كبير في زراعة القمح في المناطق الملائمة للسودان.
-
خلُصَ العرض الإقتصادي بأنه حوالي 40 مليون دولار يمكن أن يخفف من وضع السودان، ومن خلال استراتيجية الأمن الغذائي العربي، بالإضافة إلى التعاون مع مصر.
-
خلصت الندوة بمناقشات أكدت على على أهمية الدفاع عن الوجود والهوية، وأهمية مساندة الخرطوم العاصمة والجيش، والإجتماع على رؤية وطنية، والرجوع لمفهوم الدولة الموحدة ذات جيش موحد. كما تم توضيح الرغبة في وجود فعالية أكبر وأوسع تجمع كل الجمعيات المصرية والسودانية لاستعادة السودان، كما تم التوضيح إلى أن أحد إشكاليات النخبة السياسية في السودان أنها أمضت وقتاً تحارب مصر بدلاً من بناء علاقة تقارب واستراتيجية مع مصر، أن مصر عليها مراجعة نظرتها تجاه بعض السياسات أو الرموز في السودان، وتم التوضيح إلى أن الدعم المصري ساعد على وقف الصراع، ولكن مازال هناك حاجة لحل الصراع في السودان، وأهمية الخروج الآمن من الوضع الحالي في ظل الدعم الذي يتلقاه كل طرف في السودان، وتحقيق التوازن من خلال مبادرة.
-
تم الإشارة إلى أن مصر لم تعد الطرف الرئيسي في السودان بل توجد أطراف أخرى من خلال استثمار مالي مثل تركيا، السعودية، الإمارات، ومن ثم من المهم التوافق مع الأطراف الأخرى أيضاً، ويوجد تمني بأن تؤخذ إجراءات عملية من الندوة التي تم عقدها والإعلان عن زيارة المجتمع المدني ليكون هناك تحرك عملي على أرض الواقع.
-
و بشأن السيناريوهات المحتملة، فهناك رأي بأن السيناريو الثالث هو المرجح، لأن الدعم الغربي لا يريد دولة السودان موحدة بل يوجد سعي لتفتيت السودان، كما أن السودانيين غير مدركين للعلاقات المصرية السودانية، فهى متوترة في أغلب الأحيان منذ عام 1956، ومن ثم يوجد اعتقاد بأن الدور المصري غير مرحب به، ومن ثم الحل أن يعتمد التيار المدني على ذاته، حيث أن الاعتماد على مصر في هذه المرحلة غير مجدي مع وجود مشكلات أخرى لدى الدولة ، وأي دور مصري سيتم مواجهته إقليميا ودولياً.
-
تم طرح مشروع مبادرة مجتمعية لتسوية الأزمة السودانية من جانب السفير د.صلاح حليمه على الجانب السوداني، ذُكر أنها مبادرة بها جهد كبير، وكانت التعليقات حول المبادرة تركز على نقطة إقصاء المؤتمر الوطني، فكان الرأي السوداني بأن لا يتم إقصاء أي طرف بل يكون حوار سوداني/سوداني، منعاً لخروج معارضة لهذه المبادرة، وقد تم التوضيح بأن المؤتمر الوطني لا يتمثل في قوات الدعم السريع فقط بل ينتمي له أطياف مختلفة من السودان منها الجيش، كما تم الإشارة إلى أن له دور فاعل، ومن ثم إقصاؤه سيشكل أزمة فذلك من مشاكل النخبة السياسية، فيمكن استخدام مصطلح إحتواء أو البعد عن تسمية إقصاء طرف بعينه من أجل إجراء حوار وطني شامل.
-
و بشأن آلية الدول في آليات المبادرة، تم التوضيح بأن هناك دول تم إدراجها ليس لها علاقة قوية مع السودان، كما يظهر انسحاب للدور المصري وفتح المجال لدول أخرى، ولكن الشعب السوداني مهيأ لعلاقة استراتيجية مع مصر ولدور مصري مباشر.
-
و تم التوضيح بأنه من المهم الإشارة إلى القوات المسلحة السودانية مباشرة في المبادئ الأساسية، حيث أنها الجهة الوحيدة التي يمكن أن تمسك بالسودان بشكل مباشر. وفيما يتعلق بمبدأ تطهير الجيش فقد تم التوضيح بأنه لن يتم قبول توجيه ذلك من عناصر سياسية، وفيما يتعلق بتشكيل هياكل السلطة الانتقالية فقد تم توضيح أن فترة الستة أشهر قليلة ويمكن إطالتها إلي سنة.
-
و تم الإشارة إلى أنه من الأفضل عمل مبادرة عامة تجمع السودانيين، ويمثل ذلك فرصة تاريخية لمصر من أجل بناء علاقة جديدة، كما أنها فرصة للمؤتمر الوطني لأنه موجود في أطياف مختلفة في السودان، كما أنه تم الحث على أن تحتوي المبادرة على توصيف حقيقي للأزمة في السودان، وأن يكون في المبادرة وزن واقعي للكتل والأحزاب.