محاضرة الأستاذ/ هاني توفيق حول ” الإصلاح الإقتصادي في مصر”
فبراير 9, 2020ندوة حول “خطة ترامب للسلام”
فبراير 11, 2020
استضاف المجلس المصري للشئون الخارجية، الاثنين 10 فبراير 2020، ندوة ألقاها الكاتب الصحفي/ عاطف الغمرى، مدير مكتب الأهرام الأسبق بالولايات المتحدة الأمريكية، حول كتابه “عملاء وجواسيس: لعبة المخابرات الأجنبية”. وقد افتتح الندوة السفير د./ منير زهران، رئيس المجلس، وحضرها عدد من السفراء وصحفيو الأهرام.
أشار السيد/ الغمرى إلى أن هناك كتباً أخرى قد خطها مثل المؤامرة الكبرى واختطاف الثورة ووثائق البيت الأبيض تتحدث، ولكن ما دفعه إلى صياغة كتابه الذى تدور حوله الندوة هو ملاحظة أن ما يحدث فى الساحة العربية تكمن ورائه المخابرات باختلاف مستوياتها، لاسيما المخابرات الامريكية؛ حيث كانت المخابرات المركزية الأمريكية أداة رئيسية فيما يحدث فى مصر وباقى الدول العربية.
والحق أن هذا الادعاء ليس بجديد؛ إذ إن هناك رئيسين أمريكيين اعترفا بأن ما يحدث فى العالم جزء من مخططات الإدارة المركزية ومؤامراتها؛ الاول كان جيرالد فورد الذى أفصح عن تفاصيل المخططات وانها تقوم على الاغتيالات والحروب بالوكالة واستخدام تنظيمات إرهابية لتحقيق المآرب والانقلابات وإشعال الحروب الأهلية والإقليمية، بل والدولية. الأمر الذى دفع فورد إلى إصدار بيان رئاسي يقضى بضرورة وقف المؤامرة فى السياسة الخارجية الأمريكية. والثاني كان هو الرئيس رونالد ريجان الذي وجَّه بتشكيل لجنة تابعة للكونجرس الأمريكي لبحث تفاصيل المؤامرة وأصدر بياناً كذلك بوقفها.
وبالفعل توقفت المؤامرة، إلى ان عادت مرة اخرى في عهد جورج بوش الابن الذي أعلن أننا في زمن حرب والحرب تستدعى اتخاذ أي وسيلة لمواجهتها، متذرعاً بالإرهاب على خلفية حادثة 11 سبتمبر 2001. وقد استمرت المؤامرة كذلك في عهد أوباما الذي مهَّدت إدارته للثورة المصرية فى يناير 2011، واستهدفت تمكين الإخوان، ما كان دافعاً لإصدار الغمرى لكتابه “اختطاف الثورة”. وتجدر الإشارة إلى أنه وفقاً لاستطلاع للرأي في الولايات المتحدة حول الإيمان بقضية المؤامرة في السياسة الخارجية الأمريكية تبين أن 52 % ممن شملهم الاستطلاع يؤمنون بوجود هذه المؤامرة مقابل 48 % رافضين لذلك، ما يعنى أن الأغلبية مؤمنة بذلك، حتى وإن نفاها البعض.
ولقد أشار الغمرى إلى أن العالم العربي كان، ومازال، يشكل مجالاً لتعاون مخابراتي مشترك بين الأجهزة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية. وكانت مصر هدفاً لعمليات هذه الأجهزة، أبرز أنشطتها مؤامرة حرب 1967، التي لعبت فيها أدواراً تآمرية منسقة لكسر مشروع عبد الناصر لصناعة طائرة نفاثة وصاروخ مصريين، وكذا خطة محاولة اغتيال عبدالناصر بميدان المنشية عام 1954، باعتراف الوثائق السرية للمخابرات البريطانية، بعد الإفراج عنها، يضاف الى ذلك العلاقات السرية بين الإخوان والحكومة البريطانية ثم الأمريكية، بهدف تحقيق مآرب خاصة فى مصر والمنطقة.
فلقد نقل مارتن كوكس من الأرشيف البريطاني ما يثبت وجود علاقات غير معلنة بين الإخوان والحكومة البريطانية، كما أشار روبرت ديفوس في أحد مؤلفاته أن حسن البنا كان عميلاً لبريطانيا في منطقة قناة السويس وفى أرجاء مصر تالياً، وأن البريطانيين دعموه وموَّلوه لأداء مهامه. ولعل هذا المعروف القديم كان السبب وراء الارتباط الحديث بين الإخوان والمؤسسات الغربية ساعة قيام الثورات العربية للحصول على دعمهم.
من جهةٍ أخرى، قدمت الولايات المتحدة دعمها هى الأخرى للإخوان؛ فلقد دعا برنارد لويس في أحد مقالاته القديمة إلى الاستفادة من المنظمات والجماعات الإسلامية من قِبل الولايات المتحدة، تلك الفكرة التي أعجبت جون فوستر دالاس الذى قام بعرضها على الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور، والذى أبدى إعجابه الشديد بها. وبالفعل، عُقد اجتماع مع عدد من قيادات الاخوان مثل سعيد رمضان، زوج بنت حسن البنا، للتشاور حول ذلك الأمر. وجاءت بعد ذلك محاولات اغتيال عبد الناصر، والتي تمت بالتعاون بين جهاز المخابرات البريطاني MI6 والمخابرات الأمريكية والإخوان فى مصر، وذلك وفقاً لوثائق رسمية أُفرج عنها لاحقاً.
هذا ولم يكن الإسرائيليون بعيدون عن الساحة، حيث يُذكر أنه في عام 1970 كانت نسبة 50 % من عمليات الموساد موجهة لمصر والباقي لمختلف دول العالم الاخرى. وتجدر الاشارة إلى ان جواسيس الموساد ليسوا هواة، وإنما محترفين يتحدثون اللغة العربية بطلاقة وينخرطون في المجتمعات العربية بسهولة، ولعل سبب ذلك هو اعتماد الموساد أكثر فى تجنيده لجواسيسه في الدول العربية على اليهود الذين كانوا يعيشون في هذه الدول وعادوا لإسرائيل، ومن بينهم نجد رجال الاعمال والسياح واصحاب المهن المختلفة. ويذكر الغمرى أنه قد التقى في إحدى الاجتماعات بالولايات المتحدة فى عام 1996 بامرأة تُدعَى توبى، وكانت وقتها مديرة العلاقات العامة في الآيباك، وذُهِل حينما علم منها انها كانت خريجة كلية الآداب بجامعة القاهرة، ودخلت مصر بجنسية أمريكية. ولا ريب فى ان هذا يدل على أننا مخترقين إلى حدٍ كبير، وإلى المدى الذى تشكله التهديدات المختلفة للأمن القومي المصري.
فى سياق متصل، تحدث روجر هاوارد فى كتاب له عن الجواسيس فى مصر، وذكر أن شخصاً يُدعى كوهين كان قد تخرج في جامعة الإسكندرية ثم ذهب إلى اسرائيل وعمل بها ضابطاً، ثم انتقل الى سوريا تحت رعاية الموساد، ووصل فيها إلى منصب نائب وزير الدفاع فى سوريا فى حرب عام 1967. وفى كتاب The Bomb، يتحدث المؤلف عن أزمة حادة وقعت بين أول رئيس وزراء لإسرائيل ديفيد بن جوريون والرئيس الأمريكي الأسبق جون كينيدى، على خلفية وصول معلومات للأخير بأن إسرائيل تسعى للحصول على القنبلة النووية، ما دفع كينيدي للإصرار على إرسال علماء امريكان لإسرائيل لكشف حقيقة ذلك الامر، لاسيما وأن كينيدى قد رفض مطلقاً مسألة حصول إسرائيل على هذه القنبلة. ومع ذلك، أصر بن جوريون على أن امتلاك القنبلة النووية من قِبل اسرائيل امر وجودي بالنسبة لها، ثم قدم استقالته ليحدث ازمة بين البلدين. وهناك العديدين الذين يفهمون اغتيال كينيدى في هذا الإطار.
وفى الختام، اشار الغمرى إلى أننا نتعامل مع دول أجنبية ذات واجهات حكومية، ولكن أجهزة المخابرات فى هذه الدول هي التي تدير الأمور، فهي الباب الخلفي الذى يحرك الاحداث، وليس أدل على ذلك من وجود وحدة مثل وحدة العمليات القذرة فى السياسة الخارجية الأمريكية، وذلك باعتراف مسئولين أمريكيين انفسهم. ولقد تم إنشاء مركز التحقيقات الفيدرالي فى الولايات المتحدة للسيطرة داخلياً على الشعب الأمريكي، وفى ذات الوقت يتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية التي تركز على الشئون الخارجية.
من جهة أخرى، أشار الغمرى إلى أن للجاسوسية دور حيوي في إدارة شئون الدول وعلاقاتها الخارجية، نظراً لطبيعة العالم الذي نعيش فيه من كون التنافسية أحد أبرز سماته، حتى ولو كانت خطوط المواجهة بين الدول فى حالة صدام، أو كانت تشهد تعاوناً وتهدئة. وإذا كان عالم التجسس قد تغير بدخول العالم عصر ثورة المعلومات، التى تستعمل فيها مختلف وسائل التكنولوجيا الحديثة، مثل الطائرات بدون طيار، والهجمات عبر الفضاء السيبرانى، واستخلاص معلومات منتقاة من وسائل التواصل الاجتماعى، وإخضاعها للدراسة والتمحيص – إلا أن ذلك لم يغير من استمرارية وجود العنصر البشرى فيها، فهو القادر على استكشاف نوايا مَن يستهدفهم بنشاطه، وهو ما لا تقدر عليه الأجهزة الإلكترونية.
المناقشة:
السفير/ د. منير زهران:
أشار إلى عددٍ من الأمور التى أفصحت عنها قراءته لكتاب المؤلف، منها:
-
الاندهاش من وصف عالم المخابرات بالحكومة الخفية، وخطورة ذلك على السياسات الدولية. وفى هذا السياق، أشار إلى أنه يبدو أن ترامب قد أتى ببومبيو وزيراً للخارجية بعدما كان رئيساً لوكالة الاستخبارات الأمريكية لكى يُحكِم قبضته على نحوٍ ما على هذا الجهاز.
-
أن هناك الكثير من الوثائق التى تؤكد تورط جماعة الإخوان كعملاء للبريطانيين، حيث حصلوا على دعمهم اللامحدود، ولعل شركة قناة السويس لعبت دوراً مهماً فى هذا الصدد، ذلك لأنها ساعدت حسن البنا فى إنشاء مكتبه بمدينة الإسماعيلية. فلقد تم استخدام الإخوان بغرض عرقلة القومية العربية، ويدل على ذلك أن سعيد رمضان قد التقى بأيزنهاور، ليصبح عميلاً للمخابرات الأمريكية، ثم جاء يوسف ندا وأنشأ بالأموال التى كان يديرها سعيد رمضان قبل موته، بنك التقوى فى مدينة لوجانو السويسرية.
السفير/د. رفعت الأنصاري:
أشار إلى أنه فى حربَي عامَي 67 و73 كانت القيادة الإسرائيلية حريصة على عدم وضع أي إسرائيلى أو يهودى ذي أصل مصري على خط المواجهة مع القوات المصرية تحسباً من أن تقودهم عواطفهم نحو مصر، إدراكاً منهم بأن اليهود ذوي الأصول المصرية مختلفين تمام الاختلاف عن غيرهم من يهود المنطقة. من جهةٍ أخرى، أشار إلى أحد أمثلة التجسس، بمحاولات الموساد الإسرائيلي التلصص على مكالمات إيرانيين فى سويسرا فى ثمانينيات القرن الماضى.
السفير/ فاروق مبروك:
تساءل عن نسبة العامل الخارجى فى ثورة يناير 2011، وهل هى فعلاً مؤامرة أم ماذا؟
أ./ عاطف الغمرى:
استعرض فى حديثه واقعة مونيكا لوينسكي وكيف أنها أثرت على اتخاذ قرارات هامة فى السياسة الأمريكية بضغطٍ من اليهود. حيث أشار إلى أنه فى عام 1999، تلقفت الأنباء خبراً يقول بأن الرئيس الأمريكى كلينتون سيعلن عن خطة أمريكية لحل النزاع الإسرائيلى – الفلسطينى، وذلك بالتزامن مع اجتماع يضم كلاً من كلينتون وياسر عرفات وبنيامين نتنياهو. وفى وسط التصريحات الصحفية التى جمعت الشخصيات الثلاثة، قام أحد الحضور من اليهود وسأل كلينتون عن علاقته بمونيكا لوينسكى، وكانت هذه المرة الأولى التى يُسمَع فيها هذا الاسم للعامة. فما كان من الرئيس كلينتون إلا أن تغير وجهه، ولم يعلن فى نهاية المطاف عن خطته. وبعد ذلك، قيل أن والدها كان أحد الشخصيات المتعاطفة جداً مع اللوبي اليهودي، وأنها كانت تزور إسرائيل سنوياً لتدريبها على كيفية الإيقاع بكلينتون، وذلك كله فى سياق ما عُرف عن إسرائيل من أنها قامت بزرع العديد من الكاميرات للتجسس على كلينتون داخل البيت الأبيض ذاته.
من جهةٍ أخرى، أشار إلى فكرة الفوضى الخلاقة، مشيراً إلى أن كونداليزا رايس ليست هى التى صاغتها، وإنما كان شخصاً يهودياً يُدعى مايكل لادينى، والذي كان البعض يصفه بـ”الملهم” الذي كانت الإدارة الأمريكية فى عهد جورج بوش الابن تستقى منه أفكارها ومخططاتها. ولقد أطلق “لادينى” على فكرته أول الأمر لفظ “Creative Destruction” أي التدمير الخلاق، ثم تم تحويله إلى الفوضى الخلاقة “Creative Chaos”. وبغض النظر عن المسمًى، فإن الفكرة في عمومها قائمة على العنف والتغيير باستخدام القوة والانقلابات… إلخ لتحقيق مصالح ومآرب خاصة وفقاً لظروفٍ معينة.
بالنسبة لمسألة الثورة أم المؤامرة فيما يتعلق بأحداث يناير 2011، فيمكن القول بأن كلاهما سارا مع بعضهما البعض بالتوازى. لقد سأل أوباما مستشاريه في عام 2010: هل الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط توحى بعمل تظاهرات أو ثورات؟ فكانت الإجابة نعم، ومن ثم بدأ العزمُ على ضرورة العمل على وصول موالين للأمريكان للسلطة فى بلدان المنطقة. وعلى إثر ذلك، عُقِدت قمة فى نيويورك بعنوان “قمة الشباب للتغيير السلمى” استقطبت الإدارة الأمريكية فيها عدداً من الحركات الشبابية التى ذاع صيتها فى البلدان العربية، والتى كان من بينها حركة 6 ابريل المصرية، بهدف توجيه التظاهرات الشعبية فى طريقٍ محدد، تستطيع الإدارة الأمريكية تحقيق مآربها الخاصة من ورائه.
بيد أن الأمور لم تسر وفقاً لما كان مخططاً لها؛ إذ تجاوزت الأعداد فى مصر الـ 20 ألف متظاهراً، والذين كان مخططاً إثارتهم، وبلغت مئات الآلاف. وكان لذلك صدى قوى فى الإدارة الامريكية، حيث يُذكر أن أوباما عقد نحو 38 اجتماعاً فيما بين 25 يناير وحتى 11 فبراير 2011 لمحاولة إيجاد طريقة جيدة لمعالجة الوضع الناشىء. ومن هنا، نشأت فكرة اختطاف الثورة، حيث استقر الأمريكان على ضرورة الاتصال بجماعة الإخوان، وكان أحمد عبد العاطى هو حلقة الوصل بين الجماعة والمخابرات الامريكية. وبالطبع لم يكن يعرف الكثير من الشباب المصرى شيئاً عن هذا المخطط، إلا أن الأحداث سارت كيفما يسرد التاريخ.
السفير/ محمد العشماوى:
أبدى إعجابه الشديد بكتاب الغمرى، معتبراً إياه دراسة توثيقية للمخططات الأجنبية ومؤامراتها لتفتيت العالم العربى، وأن هذه المخططات هى السبب فى تشجيع قوى إقليمية للتدخل فى شئون هذا العالم مثل تركيا وإيران وإثيوبيا وإسرائيل. من جهةٍ أخرى، شدد على ضرورة نبذ فكرة الكمون الاستراتيجى التى يروج لها بعض المفكرين المصريين، معتبراً أنها تعطى الفرصة لهذه القوى الإقليمية لتعزيز وسائل تدخلها فى الأراضى العربية.
السفير/ فخرى عثمان:
أشار إلى الجاسوسة هبة سليم – المصرية الصعيدية ، خريجة كلية الآداب قسم لغة فرنسية، من عائلة ميسورة الحال، موضحاً أن هبة تعتبر أخطر جاسوسة تم تجنيدها من قبل الموساد الإسرائيلي أثناء دراستها بالعاصمة الفرنسية باريس، مشيراً إلى أنه شارك فى القبض عليها من خلال تقديم عدد من المعلومات عنها لجهاز المخابرات المصري.
السفير/ هشام الزميتى:
أشار إلى أن الأمريكان على وجه الخصوص لا يقومون بإخفاء نواياهم؛ فقبل سنوات من ثورة يناير 2011 ذكرت كونداليزا رايس أن التغيير فى منطقة الشرق الأوسط قادم، وأن مصر ستقود هذا التغيير. ولقد قام المسئولون الامريكان بتعليم الشباب فى مؤتمرات الشباب على كيفية قيادة العصيان المدني والإضرابات لشل عمل الأجهزة الحكومية والضغط عليها. والموضوع ليس قاصر على منطقة الشرق الأوسط، بل إن هذا النهج الأمريكي قد تم استخدامه – ويتم – في دول مثل فنزويلا وبوليفيا وهونج كونج وشينجيانج فى الصين.