ندوة بالتعاون بين مؤسسة كيميت بطرس غالي للسلام والمعرفة والمجلس المصري للشئون الخارجية حول “الصين في عالم متغير”
مارس 21, 2023حوار مائدة مستديرة بشأن “تقييم مبادرة المبعوث الأممي الأخيرة بشأن ليبيا”
مارس 29, 2023
بتاريخ 22 مارس 2023، احتفى المجلس بالذكرى المئوية للدكتور/ أحمد عصمت عبد المجيد (1923 – 2013)، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وأمين عام جامعة الدول العربية الأسبق، تكريمًا له وعرفانًا بإسهاماته الجليلة التى قدَّمها فى خدمة وطنه العزيز، وأمته العربية. وقد شارك فى هذا التكريم نخبة من الدبلوماسيين والأكاديميين والشخصيات العامة، ممَّن جمعتهم المهام الدبلوماسية أو المواقف بالعمل عن كثب مع الوزير الراحل، من بينهم السيد/ أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية، والسيد السفير/ محمد العرابى رئيس المجلس ووزير الخارجية الأسبق، والدكتور/ مصطفى الفقى، والدكتور/ على الدين هلال، والدكتور/ مفيد شهاب، والسفراء/ عزت سعد مدير المجلس، وعبد المنعم عمر، وفاروق مبروك، وسيد شلبى، ومحمد العشماوى، ومحمد منير، ومحمد الضرغامى، وحسين حسونة، وأ./ عاطف الغمرى، وذلك فى حضور بعض أفراد أسرته.
وقد تناول المشاركون جوانب مختلفة من حياة الراحل، مشيرين إلى أنه أحد رواد الدبلوماسية المصرية الهادئة والحازمة، وأن تاريخه الدبلوماسى قد ارتبط بقضايا الوطن الكبرى فى السياسة الخارجية والدبلوماسية. فقد افتتح حياته الدبلوماسية فى التفاوض حول اتفاقية الجلاء البريطانى عن مصر عام 1954، ثم التفاوض حول عودة العلاقات الدبلوماسية بين مصر وفرنسا عام 1957 بعد أن كانت قد انقطعت عقب العدون الثلاثى على مصر عام 1956. وهذه الخبرات أهَّلته لرئاسة وفد مصر الدائم فى الأمم المتحدة فى فترة دقيقة فى حياة الدولة المصرية وسياستها الخارجية، ولمدة 12 عاماً (1972- 1983). تلك الفترة التى اختياره خلالها لإدارة ما عُرف بمفاوضات مينا هاوس لمتابعة اتفاقيات كامب ديفيد، حيث ظهر خلالها الجانب الحازم من شخصيته، بجانب دبلوماسيته الهادئة.
فلقد قام الوزير الراحل، خلال ما عُرف بمحادثات الإسماعيلية مع الوفد الإسرائيلى الذى ترأسه مناحم بيجن، وضمً كلاً من موشی دیان وزير الخارجية، وعيزرا وايزمان وزير الدفاع وآخرين، بتفنيد الدعاوى الإسرائيلية من أن قرار 242 يعطى لإسرائيل الحق فى الاحتفاظ بأجزاء من الأراضى المحتلة، حيث ردَّ د./ عبد المجيد بأن القرار نص صراحة من عدم جواز اكتساب الأراضى عن طريق القوة، وأن هذا المبدأ يعطى الدول الحق فى استرداد أراضيها كاملة غير منقوصة. كما واجه فكرة بيجن بإعطاء الفلسطينيين حكم ذاتى، مشيرًا إلى تناقض بيجن، الذى قال فى وقتٍ قريب من الاجتماع، أن تعبير “الحكم الذاتي” مرادف لتعبير “حق تقرير المصير”، ما يعني بالتالي السماح للفلسطينيين بالتمتع بهذا الحق، والحصول على دولتهم المستقلة، وهو ما كان مثار سخط شديد من قِبَل الجانب الإسرائيلي. ومن ثمَّ، أصبح د./ عبد المجيد مُقرِّر الاجتماع، بناءً على طلب الرئيس السادات، حيث أخذ يناقش مناقشة موضوعية وقانونية أثارت حفيظة بيجن ورفاقه.
بالمثل، سوف يذكر التاريخ الدبلوماسى والوطنى لمصر دور د./ عبدالمجيد فى قضية طابا، فهو صاحب تكوين اللجنة القومية للدفاع عن طابا التى اشتملت على نخبة من الخبرات القانونية، والتاريخية والجغرافية والعسكرية المصرية. هذا فضلاً عن دوره فى استعادة علاقات مصر مع الدول العربية التى كانت قد قُطعت عقب اتفاقيات كامب ديفيد، وذلك عبر جهودٍ مضنية، استخدم فيها دبلوماسيته الهادئة واحترام العرب له، حيث تمكَّنت مصر من استعادة علاقاتها ومكانتها بالجامعة العربية، وذلك بعد أن دعا العاهل المغربى الرئيس الأسبق حسنى مبارك لحضور القمة العربية فى الدار البيضاء فى مايو 1989، وتقرر فى هذا المؤتمر أن تستعيد مصر عضويتها الكاملة بالجامعة العربية وجميع منظماتها ومؤسساتها ومجالسها، ولعل هذا الدور هو الذى أهَّله تاليًا لكى يتولى لمدة عشر سنوات منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، والتى أدارها بحكمة رغم الأنواء التى مرت بها المنظمة والعلاقات العربية فى هذه الفترة.
كما تمَّت الإشارة إلى أن د./ عصمت عبدالمجيد، وأثناء توليه وزارة الخارجية المصرية، هو الذى صك تعبير دبلوماسية التنمية، فقد أراد أن يستثمر السلام الذى حققته مصر بعد عقود من الحروب لتوجيه الطاقات نحو التنمية، وطلب أن تُدعى إلى هذا المؤتمر الوزارات والأجهزة المتصلة بالتنمية، كما وجَّه سفارات مصر فى الخارج لأن تكون من مهامها بناء علاقات مصر الخارجية بالشكل الذى يخدم عملية التنمية فى مصر. والواقع أنه منذ إطلاق هذا المفهوم، وأنشطة الدبلوماسية المصرية تدور حول جعل أهداف التنمية فى مصر من تجارة، واستثمار، وتكنولوجيا، وسياحة على جدول الأعمال القومى للسفارات المصرية. ومن ثمَّ، حُقَّ لاسم د./ عصمت عبدالمجيد أن يظل شامخاً بين أعلام الدبلوماسيين المصريين، وأن تظل سيرته نموذجاً تتطلع إليه الأجيال القادمة للدبلوماسية المصرية.