ندوة حول “نتائج اجتماعات المؤتمر الوزاري لدول مجموعة بريكس وفرص توسيع عضوية المجموعة في ظل التحديات العالمية”
يونيو 7, 2023مؤتمر “الهند – غرب آسيا وشمال إفريقيا (WANA)” “إعادة ربط الجذور من أجل الرخاء المشترك” بالمجلس المصرى للشئون الخارجية
يونيو 17, 2023
بتاريخ 12 يونيو 2023، عقد المجلس ندوة بعنوان “مصر والهجرة غير الشرعية .. التحديات وآليات المواجهة”، تحدَّث فيها السيد السفير/ محمد الضرغامى عضو مجلس إدارة المجلس، ومقرر اللجنة الدائمة لشئون الهجرة والمصريين فى الخارج، وشارك فيها كلٌ من السادة السفراء/ عزت سعد مدير المجلس، على الحفنى، فاروق مبروك، ماجد رفعت، صلاح حليمة، يوسف زاده، عبد المنعم عمر، ود./ صادق عبد العال.
وقد تناول اللقاء ما يلي بصفةٍ خاصة:
-
أشار السفير/ الضرغامى إلى أن الاهتمام المحلي والإقليمي، بل والعالمي، بقضية الهجرة غير الشرعية، يتجدَّد كل عام مع حلول فصل الربيع واعتدال المناخ على نحوٍ خاص، حيث تتضاعف عمليات التسلل وتنشط عصابات مهربي البشر والمتاجرين فيهم، خاصة في منطقتي شمال أفريقيا والبحر المتوسط. ومن ناحية، قد ينجح البعض في العبور سالماً ويبدأ المعيشة، والعمل تحت التهديد بأنه مُعرَّض للقبض عليه بتهمة الدخول غير الشرعي لبلد المهجر، ومن ناحية أخرى قد يفقد البعض الآخر حياته في هذه الرحلة المحفوفة بالمخاطر. ولا ريب أن عصابات الهجرة غير الشرعية تقوم دومًا بتحديث أساليبها بصفة مستمرة، والتي من بينها الزواج بأجنبيات – تزوير تأشيرات – تمزيق وإتلاف جواز السفر وطلب اللجوء إلى دولة ترانزيت، خاصة في مطارات الدول الأوروبية، وطلب اللجوء إلى هذه الدولة، وعدم استكمال رحلته للدولة التي حصل على تأشيرتها – اللجوء السياسي – اللجوء الإنساني، وغير ذلك.
-
تعد مصر من الدول ذات الخبرة الطويلة في هذا الشأن، وكانت منذ القدم، ومازالت، معبراً رئيسياً بين الشرق والغرب بفضل موقعها الجغرافي الفريد والمتميز، لذا فهي دولة مستقبلة، ومعبر، ومُصدِّرة للهجرة، في آنٍ واحد. فمصر دولة مقصد للعديد من دول الجوار المباشر وغير المباشر، وبصفة خاصة السودان وجنوب السودان والصومال وليبيا وتشاد وأثيوبيا واليمن وسوريا والعراق وغيرها. وعلى الجانب الآخر، أصبحت مصر من الدول الرئيسية المُصدِّرة للهجرة، وأصبح الوجود المصري خارج الحدود، والذي يُقدَّر جزافياً من 10-12 مليون مصري بين مهاجر هجرة دائمة أو هجرة مؤقتة، وأصبحت له أهمية نسبية بالنسبة لمصر؛ فهو يمثل حضوراً قوياً ووجودا بشرياً مصرياً في مختلف المواقع والوظائف في دول المهجر ومواطن الاغتراب، وهو وضع قد يدعم مصالح مصر إذا ما أُحسِن تأهيله والتواصل معه واستثماره، كما أن لهذا الوجود عائداً مالياً له وزنه في ميزان المدفوعات المصري، حيث تبلغ تحويلات المصريين في الخارج أكثر من 30 مليار دولار سنوياً.
-
في سياقٍ متصل، هناك عدد لا بأس به من المهاجرين المصريين غير الشرعيين، يُقدَّر بحوالي 2 – 3 مليون فردًا. وهكذا، يمكن القول أن هناك أربع شرائح للمصريين المهاجرين: المهاجرون من الجيل الأول – المهاجرون من الجيل الثاني والثالث (جيل الشباب) – المهاجرون بطريقة غير شرعية – مدَّعو الاضطهاد الإنساني أو الديني ودعاة العنف.
-
وعلى الصعيد الداخلي، يوجد حوالي من 6-8 مليون مهاجر ولاجئ يعيش على أرض مصر، ويتمتعون بكافة الخدمات الأساسية؛ حيث يتمتع اللاجئ أو المقيم بحرية الحركة في الإقليم المصري، على ضوء تبنِّي الدولة سياسة تقوم على أساس عدم إنشاء معسكرات للاجئين. كما تغطي منظومة التأمين الصحي الأجانبَ واللاجئين، ويتمتعون أيضاً بالحملات الصحية المختلفة وعلى رأسها حملة 100 مليون صحة وغيرها. وهناك حوالي 75 ألف طالبًا يستفيدون من الخدمات التعليمية، وحق الالتحاق بالمدارس الحكومية دون تفرقة بين اللاجئين المعتمَدين من الأمم المتحدة أو المقيمين دون طلب لجوء. ومنهم النازحون من الشمال الإفريقي، وعلى رأسهم استضافة مصر هذه الأيام أكثر من مائتي ألف مواطنًا سودانيًا فارِّين من أهوال القتال الدائر في السودان، ويعيشون حالياً بين أشقائهم المصريين دون أي تفرقة.
-
فيما يتعلق بالجهود المصرية لمكافحة الهجرة غير الشرعية، فيمكن القول بأنه على مدار السنوات القليلة الماضية، انتهجت مصر سياسة حازمة نجحت إلى حدٍ كبير في تحجيم تدفقات الهجرة غير الشرعية، عن طريق السيطرة على الحدود البرية والبحرية، وتشريع القوانين التي تحد من عمليات الهجرة غير الشرعية، وتضع العقوبات على عصابات التهريب. وكانت بداية التعامل الجاد من الدول هو إطلاق أول استراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية (2016 – 2026). وإصدار القانون رقم 82 لسنة 2016 والذي حددت لائحته التنفيذية الخطوات الواجب اتخاذها، ومنها تأسيس اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
-
وفي هذا الإطار، وقعت مصر العديد من اتفاقات التعاون مع الاتحاد الأوروبي وعلي المستوى الثنائي مع الحكومات الإيطالية والألمانية واليونانية وغيرها، وتم إنشاء مراكز تدريب، منها ما تم مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي للتدريب، وربطه بسوق العمل وتأهيل المصريين بالمهن التي تحتاجها ألمانيا. كما وقعت العديد من الاتفاقات مع الحكومة الإيطالية سواء لعرض برامج لإدارة الحدود أو تنظيم برامج تدريب.
-
هذا، وفي ظل ما يشهده السودان الشقيق من تطورات دامية، وتداعيات إنسانية بالغة الصعوبة، نالت مصر كفلاً منها، فلا بد من تعزيز آليات المتابعة، والتوعية بالأدوار المختلفة الرسمية وغير الرسمية للتعامل مع هذه التداعيات، والمعاونة في تقديم الدعم المناسب للمتضرِّرين.
-
في ذات السياق، يجب التسليم بأن التعامل الأمني وحده لا يكفي للتغلب أو الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وأن الأمر يتطلب اعتماد منهج جاد متكامل يعمل على معالجة الأسباب الجذرية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي أدت إلى نمو هذه الظاهرة؛ بما يساعد على مواجهتها بشكل أنجع.